رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لا تقولوا فتاة الصفر.. قولوا مريم ملاك»


أستكمل مقالى حول قضية التلميذة «مريم ملاك» لأنها قضية رأى عام ولأنها تعكس قضايا منظومة التعليم فى مصر والذى لابد من إصلاحه وتطهيره من الخلايا النائمة وسبق أن طالبت بهذا فى مقالى الأول، وأضيف أن قضية «مريم» لابد أن تجعلنا نتحرك سريعا لإصلاح المنظومة العقيمة والمتخلفة والتى ثبت فشلها بعد ثورة ٣٠ يونيه وهو توقيت تاريخى لابد من اقتناصه لبناء أسس دولة حديثة متقدمة وقوية ومستنيرة ولى عدة ملاحظات الآن: أولها: إن هناك لجنة مشكلة من خبراء التعليم فى أسيوط وأتساءل لماذا لا يستدعى خبراء من خارج الوزارة تماماً ؟ إن استدعاء خبراء محايدين غير معينين فى الوزارة هو الحل المناسب ضمانا للحياد المطلوب فى النتيجة، وإذا كانت ورقتها قد تم تغييرها أو استبدالها بورقة أخرى فإن ورقة الإجابة لن تكون هى ورقة «مريم»، من الممكن أن يجرى لها امتحان شفوى أو اختبار استثنائى بلجنة من خارج الوزارة أيضا لضمان الحياد الواجب، لأن «مريم ملاك» الآن قد أصبحت بمفردها أمام وزارة كاملة، وأن لقاءها برئيس الوزراء المهندس «إبراهيم محلب» هو خطوة إيجابية تدل على اهتمامه بقضية تشغل الرأى العام، ولكن لابد من اصدار قرار منه بلجنة محايدة من خارج الوزارة لامتحان مريم حتى تتضح الحقيقة أيا كانت، وكلنا يعرف أن الخلايا النائمة موجودة فى كل المؤسسات حتى الآن ولم يتم التطهير الذى نطالب به. ثانيها: أطالب بألا يطلق على مريم فتاة الصفر لأنه أمر غير لائق رأفة بحالها، فهى ابنتنا التى لها شكوى أو مطلب عادل، ومن الظلم أن ندمر مستقبلها بإطلاق هذه العبارة السيئة التى يمكن أن تلتصق بها طوال حياتها فتدمرها نفسيا إلى الأبد، لا يصح أن نقول عنها هذه العبارة القاسية مهما كانت نتيجة التحقيق، لأنها مواطنة مصرية ذات كرامة ولها حق التظلم لأنها تعترض على هذه النتيجة الغريبة، فإذا كانت قد تركت الورقة خالية، فكان المفروض أن يحرر لها محضر بالواقعة لحظتها من المراقبين فى اللجنة. إن قصة مريم هى قصة كل بنت تعانى من وطأة منظومة تعليمية متخلفة تعتمد على التلقين والدروس الخصوصية والقهر، وتبلغ ذروة الضغط النفسى بالالتحاق بالثانوية العامة حيث يتعلق مصير الطالب والطالبة على امتحان نهاية العام، ولا يتعلق بالتحصيل طوال العام والحضور والامتحانات الدورية التى تقام طوال السنة الدراسية، ويمكن أن ينجح الطالب المجتهد بسبب التفوق فيها فإذا ماحدث له أى طارئ أو عارض فى امتحان نهاية العام لا يجد نفسه فى خانة الراسبين. إن التركيز على امتحان نهاية السنة الدراسية كمعيار للنجاح أو الرسوب هو أسلوب فاشل يظلم الطالب المتفوق، واذا أخذت مريم كمعيار للتفوق فلا أعتقد أنها تلميذة فاشلة، فلو كانت فاشلة لما انهارت ولما شكت هى وأسرتها ولما طالبت بإعادة تصحيح أوراقها، هذا أمر منطقى يقبله عقلى، لأنها لا يمكن أن تطالب بإعادة التصحيح لو أنها لم تجب عن اى سؤال، فلا يعقل أن تكون تركت الأوراق بيضاء تماماً لتأخذ صفرا ثم بعد ذلك تطالب بالتصحيح، إلا فى حالة واحدة أن يكون قد تم التلاعب بأوراقها وتم اخفاء الجريمة لتظهر مريم بأنها قد حصلت على صفر، إن صفر معناها أنها لم تجاوب على أى سؤال فى أى مادة، وهذا أمر مستحيل لتلميذة أثبتت تفوقها قبل ذلك. وللحديث بقية.