رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"نجيب محفوظ".. لم يفارق "الشريف" في مشواره السينمائي

جريدة الدستور

احتل الفنان نور الشريف، المرتبة الأولى من بين الفنانين العاشقين للأدب والكتابات الروائية، فقد وقع منذ أن كان طالبا في المدرسة في غرام أدب نجيب محفوظ، ووجد نفسه مفتونا بفلسفته ومكوناتها وأفكاره وشخصياته الدرامية.

وكان دائما ما يحلم نور الشريف، بتجسيد شخصية نجيب محفوظ، في أحد أفلامه، وخلال سنوات استطاع نور أن يحقق أحد أحلامه كممثل ليصبح صاحب أكبر عدد من الأفلام المأخوذة عن روايات محفوظ.

وانطلقت أفلام نور التي تدين لأدب نجيب محفوظ بتميزها وثرائها، وفى عام 1970 قدم المخرج أنور الشناوي ، فيلم "السراب" التي اقتبسها من رواية نفسية، بطلها شاب عاجز وفاشل نتيجة تعلق أمه به منذ طفولته فينشأ خجولا، معزولا، ويخفق في دراسته، ويعجز في علاقته بزوجته، فيلجأ إلى طبيب نفسي بحثا عن علاج.

ولفت نور نظر النقاد بأدائه المبهر لشخصية كامل بطل السراب وهو ما يرصده الناقد الكبير كمال رمزي في دراسة له نشرها مهرجان أبوظبى ضمن كتاب أصدره بمناسبة مئوية ميلاد أديب نوبل حيث يقول رمزي: "نور الشريف من أكثر الممثلين الذين جسدوا المهزومين والخاسرين في أدب نجيب محفوظ، إنه بطل السراب المتلاشي في قوة شخصية والدته، المنطوي على نفسه، الفاشل في تعليمه وعمله وزواجه، فهو الذي سرق مرتبات الموظفين من أجل حبيبته كي يقضى معها أياما جميلة على الشاطئ ويكتشف أنها خائنة، مخادعة، وتبدأ رحلة جنونه حين يقبض عليه".

وفى عام 1973 يعود نور للثلاثية في "السكرية" بعد عشر سنوات من فيلمه الأول "قصر الشوق" وقد تمرس على الأداء وصار أكثر خبرة وتجربة.

ثم يلتقي عام 1975 مجددا مع أدب محفوظ في فيلم "الكرنك" الذي لعب بطولته أمام كمال الشناوي وسعاد حسنى ومحمد صبحي، وكتب له السيناريو والحوار ممدوح الليثى وأخرجه على بدرخان، وكان من أوائل الأفلام التي هاجمت فترة حكم عبد الناصر التي رآها محفوظ انتهجت سياسة البطش وأهملت الأوضاع الداخلية، حيث سيطرة مراكز القوى.

ويشهد عام 1981 تجربتين هامتين في علاقة نور الشريف بأدب الروائي العالمي من خلال فيلمي " أهل القمة" و"الشيطان يعظ "، ويرصد الأول تأثير الانفتاح الاقتصادى على المجتمع ويجسد نور شخصية زعتر الذي يعمل في تهريب البضائع ويسعى للزواج بشقيقة الضابط المتمسك بقيمه وأخلاقياته ويتصدى لهذه الزيجة وهو الفيلم الذي شارك في بطولته عزت العلايلى وسعاد حسنى وأخرجه على بدرخان.

وفى "الشيطان يعظ" الذي كتب له السيناريو والحوار أحمد صالح وأخرجه يحى العلمي يجسد نور شخصية شطا الحالم بأن يصبح مثل الدينارى الكبير "فريد شوقي" الذي يطلب منه أن يراقب وداد ليتأكد من أخلاقها لكنه يقع في حبها ويهرب معها.

وتبقى شهادة نجيب محفوظ نفسه عن تجسيد نور الشريف لشخصيات رواياته وهو ما تحدث عنه للكاتبة الصحفية نعم الباز في حوار نشر بمجلة آخر ساعة "ديسمبر 1980"، أكد فيه محفوظ أن نور أدهشه بأدائه لأدوار بعض أبطاله قائلا "إن نور الشريف حينما يمثل لا يكون ذاته وإنما يكون الشخصية التي رسمتها، والحقيقة أنه مثل لي روايات عديدة ودخل في نسيج العديد من رواياتي مثل قصر الشوق والسكرية والسراب والكرنك وأهل القمة والشيطان يعظ وغيرها لكن إذا بحثت عن شخصيته الأصلية لاتجدينها.

وحين رشحه المخرج حسن الإمام لشخصية كمال عبد الجواد كان أهم ما يعنينى أن يجسد الخيال كما صورته تماما وفعلا جسده أجمل تجسيد وأحسست بالتوحد، فهو يتجسد لي في كل شخصية بقدرة كبيرة، لكنني تعجبت جدا حينما رأيته يجسد شخصيات أبعد ما تكون عن شخصية كمال عبد الجواد مثل دور زعتر النورى في "أهل القمة" و"الشيطان يعظ" وحينما أخبروني أنه سيمثل أهل القمة فرحت وقلقت، فرحت لكونه نجما وفنانا كبيرا، وقلقت لأن الدور بعيد عن مكوناته، لكنه نجح نجاحا دل على مرونة فنية، ولذلك أكون سعيدا جدا حينما أعلم أنه سيمثل رواية لي".