رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القناة الجديدة.. وحدوتة الجبهة الداخلية «1»


بعد أحداث يونيه 1967، كان قرارإعادة بناء الجبهة الداخلية، والعودة لتحقيق أهداف ثورة يوليو 1952 والتى منها بناء جيش قوى، وكمان السعى مباشرة لإقامة حياة ديمقراطية سليمة بعد اكتشاف أهمية توفير مناخ لوجود حريات لكل أنواع الفساد والأفكار الرجعية المتخلفة... فكانت انتفاضة الشعب بمثابة «عودة الروح» لجسد الوطن المثخن بالجراح والألم لاحتلال جزء عزيز من أرض الوطن.. لقدأيقنت القيادة السياسية حقيقة مهمة وجوهرية أنه لا انتصارات ولا بناء ولا تقدم لدولة أو لنظام يعيش فى عزلة عن شعبه، ولأول مرة يتم تداول مصطلح «الجبهة الداخلية» وإعادة ضمها من جديد كقوة داعمة رئيسية لفكرة الشراكة الوطنية، عبر شحذ الهمم والتأهيل وتوزيع الأدوار..

ورغم ما أشيع من أفكار على ألسنة أهل التدين المغشوش أنئذ حول أسباب الهزيمة أنها تتلخض فى أن شعبنا كان على موعد مع الانكسار لبعد الناس عن الدين واتباع تعاليمه، وكمان وعلى جانب آخر كانت «نخبة الخيبة والندامة» تملأ الدنيا عويلاً كمعارضة تكتفى بممارسة هوايتها فى الولوله العبيطة غير المنتجة.. أقول رغم تلك الممارسات كان الخروج العظيم للشعب الأصيل الواعى فى 9 يونيه رافضاً كل فكر انهزامى محبط أو الذهاب لمرحلة توهان خرافى ساذج.. نعم، ونحن نعيش ذكرى رحيل الكاتب العظيم توفيق الحكيم صاحب الرواية الأشهر له «عودة الروح»، لنا أن نتذكر أنها الرواية الملهمة لثوار يوليو، وهى رواية لاتعبر عن حياة وتفاعلات درامية لمجموعة شخوص، وإنما كانت حكاية انضمام جزء من الشعب لكل الشعب ليكون الكل فى واحد..

وكما عادت الروح لجسد الوطن بعد أيام من أحداث يونيه بالتفاف الشعب من جديد ليسجل بأحرف من نور معجزات حرب الاستنزاف وملاحمها العبقرية وصولاً لتحقيق العبور العظيم وانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، فقد كانت 30 يونيه أيضاً عودة للروح لجسد سكنه لمدة عام شياطين الإنس والجن «إن صح التشبيه»، وكان قرار إنشاء قناة السويس الجديدة بحق أهم دلالات أننا بتنا على درب الوصول إلى محطة تعافى الوطن للأسباب التالية: لأننا من جديد أدركنا قيادة وجماهير أننا نمتلك الإرادة، فكان القرار المصرى المستقل الحر بمثابة الإعلان الرائع عن بداية عهد الشراكة الوطنية الفاعلة والأهداف القومية... إدارة مصرية معاصرة، وأموال خرجت من بوابات بيوتنا بشكل عاجل وسلس، وبأرقام تفوق أى تصور مسبق حتى لمتخذ القرار.. كتائب من العمالة المصرية الرائعة المتحمسة المناضلة تصل إلى مواقع العمل.. قرار حفر القناة كان بمثابة إعلان تجاوز أزمنة التفكير التقليدى البليد بدعوى أنه لا ينبغى المساس بحالة الاستقرار عبر اتخاذ قرارات قد تغضب أو لا تروق للبعض فى الخارج أو الداخل لأنها قد تحمل دلالات سياسية بتوجهات جديدة لم يعتادوها