آمنة المؤمنة .. أم محمد .. صل الله عليه وعلى آله وسلم
بعد أكثر من أربعين عاما زار النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم قبر أمه المحجبة آمنة .. وبفضل زيارتها جاء التصريح من المولى عز وجل للأمة بزيارة قبور موتاها .
.. فعليها السلام كانت تحملته من مكة إلى المدينة لزيارة قبر أبيه عبد الله عند أخواله في المدينة ..وفي عامه الخامس أثناء عودتها به صل الله عليه وعلى آله وسلم من المدينة إلى مكة مرضت في منطقة الابواء على بعد مائة وثمانين كيلو متر من المدينة في عمق الصحراء .
علمت عليها السلام بموتها وهي في سن اثنان وعشرون عاما .. فنظرت إلي النبي تتلمسه وهو واقف أمامها في سن الخمس سنوات وهي تودعه بكلماتها الأخيرة التي ذكرها أبو نعيم في دلائل النبوة .. الأم تفارق صغيرها وهو ينظر إلى وجهها في لحظاتها الأخيرة قائلة له : ( بارك الله فيك من غــــلام .. يا ابن الذي من حومه الحمــام .. نجا بعون الملك المنعــــام .. فودي غداة الضرب بالسهــــم ..بمائة من إبل ســــــــــوام .. إن صح ما أبصرت في المنام .. فأنت مبعوث إلى الأنـــــام .. من عند ذي الجلال والإكرام .. تبعث في الحل وفى الحرم ..تبعث بالتحقيق والإســـــــلام .. دين أبيك البر إبراهيـــــــم .. فالله أنهاك عن الأصنــــــــام .. أن لا يتولاها مع الأقـــــــوام .. كل حي ميت ، وكل جديد بال وكل كثير يفنى .. وأنا ميتة وذكرى باق وقد تركت خيرا وولدت طهرا )
ثم فارفته وهو بين زراعيها .. فأخذته أم أيمن باكيا ليرى قبرها وهو يحفر حتى وضعت فيه ..ليعود باكيا إلى مكة بلا أم .
لم يري الصحابة النبي باكيا كما رأوه وهو واقف أمام قبرها الشريف .. استعاد النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم لحظات وفاتها واستشعر قربه منها ففاضت عيناه بالدمع .. و بكى بكاء شديدا في مشهد وصفه لنا ابن بريدة عن أبيه قائلا كما في مستدرك الحاكم : ( زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه في ألف مقنع فلم ير باكيا أكثر من يومئذ ... كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا من ألف راكب فنزل بنا وصلى بنا ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان فقام إليه عمر ففداه بالأب والأم... )
بعد أربعين عاما عاد النبي إلى أمه في الابواء مع قرابة ألف صحابي ليزور قبرها الشريف .. بعد أربعين عاما وقف النبي إماما يصلى بالصحابة ركعتين عند قبر آمنة المؤمنة .. أم محمد .. صل الله عليه وعلى آله وسلم .
باحث إسلامي ـ علاء أبو حقه
