رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحية لعمال مصر فى عيدهم


اللى بنى واللى بيبنى واللى هايبنى مصر سواعد أبنائها من العمال الشقيانين. واللى بنى مصانع مصر عزيمة عمالها وإرادتهم وعرقهم وجهدهم. واللى حافظ على مصر أثناء الأزمات وحرب الاستنزاف وحرب استعادة كرامتنا فى 1973 هم أولادها وعمالها وفلاحوها، والذى وفى باحتياجاتها فى السلم والحرب هو القطاع العام. واللى شق الطرق واستصلح الأراضى وحفر الترع هم عمال مصر.. والدولة التى تريد تنمية حقيقية وعدالة اجتماعية تبدأ من الاعتماد على نفسها أولاً وتحقيق الاكتفاء الذاتى.

من الآخر عايز كرامة واستقلال الإرادة والقرار، يعنى تزرع وتأكل من قمحك، وتصنع وتلبس من غزل ونسيج قطنك، يعنى وضع خطة للتنمية الشاملة تعتمد على القطاع العام والقطاع التعاونى والقطاع الخاص.. وهذا يتفق مع مواد الدستور المصرى: المادتان الثامنة والثالثة عشرة، اللتان تنصان على: «تلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعى بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين... تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات متوازنة بين طرفى العملية الإنتاجية....وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوفر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية ويحظر فصلهم تعسفيا».

الدولة التى تريد تنمية حقيقية تسن قوانين لحماية العمال وصغار الفلاحين والعمال الزراعيين، وتعمل على توفير مستلزمات الإنتاج، وتسويق المنتجات بسعر يحقق هامش ربح يمكّن الفلاح من سداد ديونه وحياة كريمة.. الدولة التى تريد تنمية حقيقية وعدالة اجتماعية تهتم بزيادة مواردها من الضرائب بإقرار الضرائب التصاعدية وزيادة مواردها من المدخرات بالحد من الاستهلاك الترفى السفيه للطبقات القادرة. وزيادة الموارد بتنفيذ الحد الأقصى للأجور لجميع العاملين بالدولة بشكل حقيقى دون استثناء عن طريق ربط أى مستحقات لكبار الموظفين بالرقم القومى.

الدولة التى تريد تنمية حقيقية وعدالة اجتماعية عليها أن تبدأ فى إعادة هيكلة مصانعها بضخ أموال لصيانة الآلات وتحديثها، وتوفير المواد الخام من أجل دوران المكن وزيادة الإنتاج، وتوفير المرتبات.

التنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية يعنيان الشفافية ومحاربة الفساد والسياسات التى مازالت يتم تطبيقها منذ عهد مبارك وحتى الآن. سياسات الشركات القابضة التى تعمل على تخسير تصفية الشركات التابعة لها كما أفضنا من قبل.. التنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية تعنى تدريب وتأهيل العمال لزيادة كفاءتهم ومهارتهم بدلاً من إجبارهم على الخروج إلى المعاش المبكر مما يؤدى إلى فقد العمالة ذات الخبرات الثمينة وزيادة البطالة.

التنمية الحقيقية تعنى مشروعات إنتاجية فى كل ربوع مصر ومناطقها خاصة المحافظات الحدودية والفقيرة مع توفيرر فرص عمل لأبناء تلك المحافظات لحل مشكلة البطالة المزمنة والتى تتزايد كل يوم نتيجة لتشريد العمال وفصلهم، مثلما حدث فى الفترة الأخيرة لعدد كبير من العمال الذين يدافعون عن حقوقهم المشروعة، وتحويلهم للتحقيق وإدانتهم بأنهم يقومون بتعطيل العمل رغم أن الدستور ينص فى المادة 15 على حق الإضراب السلمى، وينص فى المادة 73 على حق المواطنين فى تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية غير حاملين سلاحاً من أى نوع.

وبدلاً من الالتزام بالحقوق والحريات التى يكفلها الدستور المصرى وتكفلها جميع المواثيق الدولية التى وقعت عليها الدولة والخاصة بحقوق العمال، نجد الدولة فى قانون العمل الجديد تنص على عدم إلزام صاحب العمل برجوع العامل الذى تم فصله تعسفياً فى حالة حكم المحكمة برجوعه. وهناك أمثلة حدثت فى الفترة الأخيرة منها ما حدث مع القائد العمالى كمال الفيومى فى شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، والذى تم فصله من العمل باعتباره أحد قيادات الإضراب بشركته دفاعاً عن حقوق العمال، وللمطالبة بتشغيل الشركة وخطوط إنتاجها بكامل طاقتها.. وأشير أيضاً إلى أنه يتم نقل عدد كبير من العاملين بالدولة نقلاً تعسفياً من أماكن عملهم نتيجة لتصديهم لكشف الفساد والمخالفات المالية والإدارية فى إدارتهم، مما يعنى تكميم أفواه العاملين، ويساعد على استمرار سياسات الفساد التى تعطل أى مسيرة للتنمية. مثال ذلك شكاوى لوزير التربية والتعليم بالنقل التعسفى خاص بمديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، وذلك بعد كشف العديد من المخالفات الإدارية والفنية. وذلك على الرغم من المادة 76، والتى تنص على حق إنشاء النقابات والاتحادات لتمارس نشاطها بحرية والدفاع عن حقوق أعضائها وحماية مصالحهم.

التنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية تعنى أن صاحب العمل سواء كان الدولة أو مستثمراً محلياً أو أجنبياً عليه أن يلتزم بحماية العمال وحقوقهم المشروعة فى المرتبات والأرباح وعليه أن يلتزم بسداد الضرائب والتأمينات مثلما يحدث فى كل دول العالم المحترمة. ولكن للأسف الشديد، نجد أنه فى قانون تطوير منظومة الاستثمار الذى صدر مؤخراً، يعطى المستثمر حوافز وتسهيلات وامتيازات منها تحميل الدولة لحصة العامل وصاحب العمل فى التأمينات، أو جزء منها، ولمدة محددة. كذلك تحميل الدولة لجزء من تكلفة التدريب الفنى للعاملين. بالإضافة إلى إعفاء المستثمر من الخضوع لنظام التقاضى فيما يتعلق بحقوق العمال، اكتفاءً بلجان فض المنازعات. هل يعقل ذلك ياسادة؟ إن أى مستثمر فى أى بلد يخضع لقوانين هذا البلد الخاصة بالضرائب والتأمينات والأجور والعمل.

وللحديث بقية