رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا لا يتم إسناد مشروعات للشركات المصرية؟


«نحيط سيادتكم علماً بأن العاملين بالشركة لا يتقاضون رواتبهم الشهرية منذ عشرة شهور اعتباراً من يوليو 2014....... أكثر من 19 وقفة احتجاجية بموافقة الجهات الأمنية تمت وآخرهم 14/4/2015.... نحن وأولادنا مشردون، فهل هذه هى العدالة؟...القائمون على الشركة القابضة لا يعيرون أى اهتمام بمشكلاتنا، نحن المنتشرين فى أكثر من 20 محافظة، ولا ذنب لهم ولا لأسرهم فيما يجرى من تجويع متعمد بسبب عدم إسناد مشروعات للشركة»

هذه المقتطفات من استغاثة 1700 عامل وعاملة بالشركة العقارية لاستصلاح الأراضى، والتى تم تأسيسها عام 1889 برئاسة طلعت حرب باشا، وهى إحدى الشركات الست التابعة للشركة القابضة لاستصلاح الأراضى وأبحاث المياه الجوفية التابعة لوزارة الزراعة.. عشرة شهور دون مرتبات، مما أدى إلى 48 حالة طلاق، و82 حالة طرد من السكن لعدم دفع الإيجار.... وحيث إن المعلن إليه لم يلتزم بشروط القرض وامتنع عن السداد منذ شهر 8/ 2014، وحيث إن البنك طالب المعلن إليه بسرعة سداد المبالغ المستحقة مراراً وتكراراً، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل الأمر الذى حدا بالبنك المدعى إلى توجيه إنذار رسمى على يد محضر ومعلن فى 11 فبراير 2015.. ينتهى الإنذار بانتقال المحضر لإعلان المذكور بجلسة أمام المحكمة الاقتصادية بالمنصورة يوم الاثنين 20 إبريل 2015». هذا بعض ما تضمنه نص الإنذار المرسل مثله إلى أكثر من 500 من العاملين بالشركة العقارية، وموجه إليهم من البنك الأهلى المصرى الذى اقترض منه العاملون بضمان المرتب مقابل تحويله للبنك لخصم ربعه. يعنى موت وخراب ديار.

يا ترى يا هل ترى ياحكومة ماذا تنتظرين؟ بيوت وعائلات لم يدخلها جنيه واحد منذ عشرة شهور للعمال المعينين بالشركة. وما تم فى تلك الشركة يتم مع شركة مساهمة البحيرة لاستصلاح الأراضى التابعة لنفس الشركة القابضة، والذين لم يتسلموا مرتباتهم من ثمانية أشهر. يدورون، يتوسلون، يتسولون، يقترضون، يصرخون بصوت عال لعل صوتهم يصل إلى المسئولين.

يعد المسئولون بحل المشكلة، ولا حل وفى 14 أبريل 2015 توجه العاملون بالشركة العقارية إلى مقر الشركة القابضة لاستصلاح الأراضى وأبحاث المياه الجوفية بشارع العريش بحى الهرم، يطالبون بمطالب ثلاثة: صرف كامل مرتباتهم، وإقالة رئيس الشركة القابضة لاستصلاح الأراضى، وإسناد مشروعات لتشغيل الشركة التى تملك من العمالة والخبرات والمعدات، مما يمكنها من المشاركة فى مشروعات استصلاح الأراضى، ومنها مشروع المليون فدان ومشروعات حفر وتوسيع قناة السويس، والتى قال العاملون بشركتى العقارية ومساهمة البحيرة إنهم لم يأخذوا أى جزء من هذه المشروعات الكبرى، وتم إعطاء كل المشروعات للشركات الخاصة الكبرى. مع العلم بأن حجم الحفر الجاف ونقل الردم فى مشروع قناة السويس الجديدة 35 مليار جنيه، لم يتم إعطاؤهم ولو جزءاً بسيطاً كما يقولون. لقد قالوا «لو أعطونا جزءاً ولو بنصف مليار جنيه لتم تشغيل الشركة وتم توفير فرص للعمل وتوفير المرتبات، بل والأرباح».

ولكن الرياح لا تأتى بما تشتهى السفن، فالشركات القابضة كما أسلفنا من قبل نشأت من أجل تخسير الشركات وإجبار العاملين بها على المعاش المبكر، ولم تقم بصيانة وتجديد وتحديث الآلات، ولم تقم بتدريب وتأهيل العمالة، ولم تقم بإسناد مشروعات للشركات التابعة لها، بل تعمدت عدم توريد مواد خام مثلما أسلفنا من قبل فى شركات الغزل والنسيج والحديد والصلب وطرة للأسمنت وغيرها وغيرها. إن شركات استصلاح الأراضى، ومنها مساهمة البحيرة والعقارية، والتى يعمل بهما ما يزيد على خمسة آلاف عامل، وأسهمتا عبر عشرات السنين فى المشروعات الكبرى بتوشكى والشيخ زايد بالإسماعيلية، وترعة الشيخ جابر بسيناء، وشاركت فى إنشاء محطات المياه وعمليات تطهير قناة السويس، وإنشاء وشق الطرق والمصارف، وغيرها من مشروعات البنية التحتية، هى التى لا يسندون إليها فى الفترة الأخيرة أى مشروعات، فلماذا؟ إجابتى وإجابة العاملين بالشركات هى: أن سياسة الفساد المنحازة لكبار رجال المال والأعمال والمحتكرين من القطاع الخاص بإسناد المشروعات لهم، نفس سياسة خصخصة وبيع معظم القطاع العام، هى نفس السياسة التى مازالت قائمة بنفس القيادات التى تقوم الآن بتصفية الشركات المتبقية وتشريد العاملين بها. تلك هى السياسات التى ثار عليها الشعب فى 25 يناير.

العاملون بالشركة العقارية مازالوا معتصمين بمدخل العمارة التى تقع بها مقر الشركة القابضة بعد أن أغلق رئيس مجلس إدارتها الشركة فى وجههم. ودخل بعضهم فى الإضراب عن الطعام لرفضهم ما توصل إليه المسئولون من الموافقة على صرف أربعة أشهر فقط من المرتب المتأخر. كما أن العاملين بشركة مساهمة البحيرة مازالوا معتصمين بمقرها الرئيسى بمحافظة الإسكندرية لحين صرف كامل مرتباتهم.

ياسادة يا مسئولون يا من تتقاضون رواتبكم كاملة، ومنكم رئيس الشركة القابضة الذى يتقاضى عشرين ألف جنية شهرياً، هل يكفى مرتب أربعة أشهر للعاملين بالشركة سداد إيجار السكن المتأخر وديون البنك ومصروفات من يعولونهم من العائلة، ومصروفات الدروس الخصوصية ونحن فى موسم الامتحانات. لقد أقسم بعض العاملين أن بعض أولادهم جلسوا فى البيت ولم يذهبوا للمدارس والجامعات لعدم توافر مصاريف الدراسة والمواصلات. لقد تساءلت فى مقالى السابق، هل تتوافر إرادة سياسية لتنمية حقيقية؟ وأتساءل اليوم، هل تتوافر إرادة حقيقية لعدالة اجتماعية، لتشغيل العاطلين، لتشغيل الشركات المصرية المتبقية، والتى هى ملك للشعب؟ إننى أطالب بإلغاء القانون 203 لسنة 1991، والذى بموجبه يكون قطاع الأعمال العام والشركات القابضة التى تقوم ببيع وتصفية الشركات، وحل الشركات القابضة، وعمل وزارة للقطاع العام تضم كل المائة وثمانى وأربعين شركة المتبقية لإعادة هيكلتها وتشغيلها حتى تتقدم مصر بسواعد أبنائها