رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أميتاب باتشان.. والدكتوراه الفخرية


المبدعون الحقيقيون - غالبًا - لا يعنيهم التكريم المادى سواء بالدولار أو اليورو، قدر ما يسعدهم التكريم المعنوى، وفى هذا التكريم يشعر المبدع بقيمة إبداعاته التى تركت علامة فارقة فى نفوس محبيه؛ ويشعر بأنه لم يعش عمره يحرث فى البحر، بل قمة سعادته أن يعرف أن إبداعه استطاع أن يحقق التأثير المطلوب الذى بدأ به عمليته الإبداعية، ويستوى فى هذا كل صنوف الإبداع من أدب وفن ومسرح وموسيقى وشعر وغناء وسينما.
ويدفعنى إلى هذا الحديث اليوم عن التكريمات.. هو الحدث الذى عشنا فعالياته مؤخراً بقيام «أكاديمية الفنون» بمنح درجة الدكتوراه الفخرية للفنان الهندى «أميتاب باتشان» بحضور وزير الثقافة والسفير الهندى وبطبيعة الحال بحضور رئيس الأكاديمية أ. د. أحلام يونس ولفيف من الأساتذة وكبار الفنانين، فهو بحق نجم نجوم السينما الهندية الذى يحظى بشعبية جارفة لدى المصريين، وقد قام بجولة لتشجيع السياحة فى مصر، فجاءت تلك اللفتة لتكريمه إعزازً وتقديرًا من الأكاديمية لإسهامات هذا الفنان الذى يعشق مصر عشقًا صادقًا عبر عنه فى كلمات الشكر التى أعقبت منحه شهادة الدكتوراه الفخرية.
وتعد درجة الدكتوراه الفخرية نوعًا من التقدير، وتمنح كدرجة علمية أو كدرجة مهنية Degree professional، أما مصطلح الدكتوراه فيأتى من كلمة Docere اللاتينية ويعنى «To teach يُ - علِّ - م»، وبعض الجامعات المانحة تسمح لحامل اللقب بالتدريس فى بعض تخصصه أو على الأقل تعتبره «محاضرًا» عن الفرع الذى منح من أجله هذه الدرجة.
ودعونى أستعرض بإيجاز تاريخ منح الدكتوراه الفخرية فى جامعة القاهرة التى أشرُف بانتمائى إليها حتى نيلى درجة الدكتوراه، فلقد منحت الجامعة منذ العام 1910 وحتى العام 2010 الدكتوراه الفخرية لعدد 87 شخصية سياسية وأدبية بداية من الرئيس الأمريكى «تيودور روزفلت»، ثم قامت بعد ذلك بالتكريم لشخصيات بارزة فى مجال الأدب نذكر منهم على سبيل المثال: «الدكتور أحمد لطفى السيد - رئيس جامعة القاهرة السابق - الدكتور محمد كامل مرسى - رئيس جامعة القاهرة السابق - الأديب نجيب محفوظ - أديب مصر الكبير» هذا بخلاف عدد من رؤساء الدول منهم الرئيس «محمد جعفر نميرى» فى الحقوق، والجنرال عبده ضيوف - رئيس السنغال الأسبق فى العلوم السياسية - ومن أشهر الممنوحين لهذه الدكتوراه وعن استحقاق وجدارة «نلسون مانديللا» المناضل الأفريقى ورئيس جنوب أفريقيا الأسبق.
وجميل أن يأتى تكريم الفنان الهندى أميتاب باتشان فى هذا التوقيت الذى تبدأ فيه مصر فتح ذراعيها لاستقبال الملايين من السائحين الذين سيكون لهم أكبر الأثر فى تنشيط حركة الاقتصاد المتطلع الى الكمال، لنهيب بكل الصروح العلمية الكبرى للبحث والتنقيب عمن أسهموا إسهامات إيجابية فعالة لصالح الارتقاء بالحالة المجتمعية لأبناء الوطن؛ لمنحهم التقدير الواجب واللازم فى شتى المجالات السياسية والاجتماعية والأدبية والفنية، بل وندعو إلى الاختيارات لكل البارعين فى مجالاتهم ممن لم تسلط عليهم أضواء الشهرة والمعرفة، فبهذا نكون قد وفينا لكل المخلصين بحقوقهم المشروعة فى التكريم.
ولا ننسى فى هذا المجال التأكيد على أن الجامعات والأكاديميات فقط هى الجهات الوحيدة المنوط بها منح هذه الدكتوراه دون غيرها فى مصر، وختاماً نقدم التهنئة على هذه الخطوات الرائدة لإعلاء قيمة ومكانة «أكاديمية الفنون» بريادتها التى فتحت الأبواب لظهور الكثيرين ممن لا يدخرون وسعا فى تقديم مشاركات فعالة وإيجابية فى المجتمع المصرى من داخل مصر أو من خارجها.. وفى انتظار الإضاءة على المزيد من المبدعين الذين سيتركون بصمتهم الواضحة على تاريخنا المعاصر فى جميع المجالات لنحقق وثبتنا المرجوة نحو المستقبل الأفضل لبلدنا المحروسة بإذن الله!

أستاذ الدراسات اللغوية - أكاديمية الفنون