رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بتعتيم إعلامي لإخماد المعارضة..

الحوثيون يردون على "عاصفة الحزم"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

انتفضت جماعة أنصار الله الحوثيين للرد على هجمات "عاصفة الحزم"؛ تنفيذًا لتعليمات قائدها عبد الملك الحوثي فأغلقت عدة مواقع إخبارية إليكترونية وهاجمت قناتي "سهيل" و"السعيدة" الفضائيتين اليمنيتين، ومكتب قناة "الجزيرة " في صنعاء؛ بهدف إخماد الأصوات التي تنتقدهم وذلك بعد يوم واحد من التهديدات التي أطلقنها وزارة الإعلام اليمنية لوسائل الإعلام التي تقوم بالتحريض ضد مؤسسات الدولة.

وتأتي هذه الهجمة بعد أن سيطرت الجماعة على وسائل الإعلام الرسمية التي لم تنشر أي شيء عن الغارات التي تشهدها العاصمة إلا بيانات الإدانة التي تصدر من الحوثيين وتعليقات الدول الخارجية عن الأوضاع في اليمن، خاصة التي تدعو إلى وقف القتال والعودة إلى المباحثات مثلما هو الحال مع موقف روسيا وإيران.

والمتبع لسير الأحداث في الفترة الأخيرة، يجد أن الجماعة قد سوقت للشعب استحالة حدوث أي تدخل خارجي في اليمن، وأنها "ستمضي في ثورتها التي تحمل الخير لليمن"، ومضت في طريق تحالفها مع إيران، واستمدت من هذا التحالف الدعم المادي والمعنوي.

وجاءت الاتفاقيات التي وقعتها مع إيران لتبشر بالخير لليمنيين، وأنه إذا توقف الدعم السعودي؛ فأن دولًا أخرى قادرة على توفير دعم أكثر منه، وزاد مسئولو الجماعة من هجومهم على السعودية بمناسبة وغير مناسبة.

وجاءت تطورات الأحداث عقب استيلائهم على دار الرئاسة وإجبار الرئيس والحكومة على الاستقالة، فحاولوا إخضاع الأحزاب اليمنية لتوقيع اتفاق لتشكيل مجلس رئاسة وبرلمان وحكومة جدد يهيمنون عليهم، وكادوا أن ينجحوا في ذلك لولا هروب الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن وإعلانه أنه الرئيس الشرعي، فتوقف تنفيذ الإعلان الدستوري الذي أصدروه في 6 فبراير الماضي.

ومضى اليمن في طريق شرعيتين متنازعتين ومفاوضات عقيمة تحت رعاية الأمم المتحدة لم تؤد إلى شيء.

ولجأت القوى المؤيدة لـ"هادي" إلى "تكتيك" التعطيل، ليتمكن من بسط شرعيته، فحذر الحوثيون من مغبة ذلك وحددوا سقفًا زمنيًا للوصول إلى حل وإلا سيتم المضي في تنفيذ بنود الإعلان.

ورفض المجتمع الدولي ذلك، وحذر مجلس الأمن من إجراءات أحادية، حتى ظن الجميع أن الأمور ستظل على حالها، ولم يدر أحد ماذا يدور في كواليس السياسة.

وحدث يوم الجمعة الماضي تطور مأساوي على الساحة اليمنية بتفجيرين انتحاريين في مسجدين تابعين لجماعة "أنصار الله"؛ أسفرا عن مقتل 142 من المصلين الأبرياء.

واستغلت الجماعة هذا الحادث الإجرامي، خاصة بعد إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه، فحملت الرئيس عبد ربه منصور هادى المسؤولية عن ذلك واتهمته أنه يقدم الدعم للجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش، وقررت اجتياح محافظات الجنوب تحت ذريعة استئصال الإرهاب.

وفعلًا نقلت قوات من الجيش والأمن الوطني إلى "تعز"، ومنها انطلقت إلى محافظات الجنوب واجتاحت "لحج" حتى أصبحت على مشارف عدن وظن الجميع أن مرحلة الرئيس هادي قد انتهت، ولكن جاءت حملة "عاصفة الحزم" لتقلب الأوضاع وتجعل من هادي الطرف الأقوى، وتزيد من التناقضات والخلافات بين الحليفين الحوثيين والمؤتمر والتي من المؤكد ستزداد كلما استمرت ضربات طائرات دول التحالف العربي.

ولم يحدث أي رد فعل سواء من جانب الحوثيين أو حزب المؤتمر وعلى عبد الله صالح سوى أن الأخير أيقن أنه خسر السعودية ودول الخليج بعد الاصطفاف العربى الذي أيد الرئيس هادي فحاول الخروج بأقل الخسائر ونفض يديه من الحوثيين ودعاهم إلى الانسحاب وعدم دخول عدن ووقف القتال والعودة إلى المفاوضات؛ للتوصل إلى حل فى إطار المبادرة الخليجية، مؤكدًا أنه لا صلة بالمؤتمر لهذه العمليات ولكنه على ما يبدو قد فات آوان ذلك.

واستمرت الغارات على صنعاء بصورة أكبر في اليوم الثاني، واستهدفت مواقع ومراكز سيطرة للحرس الجمهوري وتمركز الحوثيين ومواقعهم في المحافظات التي يدور فيها قتال بينهم وبين القبائل في مأرب والبيضاء والضالع - وسط اليمن - بينهم واللجان الشعبية الجنوبية في "لحج، وأبين، وعدن"؛ لإضعافهم حتى إذا جاءت المفاوضات لحل الأزمة لا تكون تحت سيطرة الطرف القوى الذى ظهر منذ ستة أشهر وهم الحوثيون وحليفهم علي عبد الله صالح.

أما الحوثيون فقد بدا زعيمهم في موقف ضعيف في خطابه أمس، خاصة وأن الغارات وصلت إلى "صعدة" معقله التي لم تشهد مثلها منذ نهاية الحروب الستة التي شنها عليه على عبد الله صالح عام 2010، ولم يقدم أي خطة لمقاومة "عاصفة الحزم" ودعا إلى وقف القتال وإلا فإن جميع الخيارات مفتوحة أمام اليمنيين بدون تحديد أي خيار يمكن أن يؤدي إلى وقفها لينتظر اليمنيون ما ستؤول إليه هذه التطورات التي تحمل في طياتها مخاطر كثيرة لليمن والمنطقة.

أما المواطنون اليمنيون المغلوبون على أمرهم في كل المحافظات اليمنية فليس أمامهم سوى الدعاء لأن يهدي الله القوى السياسية وتدرك حجم الأخطار المحدقة بالبلاد والمؤامرات التي زجت بهم في حرب لم يسعوا إليها ولا يعرفوا نهايتها، وليس أمامهم سوى التفكير في الأيام القادمة وكيف سيدبرون حياتهم، فقاموا بتخزين المواد الغذائية وسحب مدخراتهم من البنوك؛ خوفًا من استمرار الأوضاع الحالية.

كما شهدت صنعاء نزوحًا من المواطنين من المناطق التي استهدفتها الغارات؛ مما يزيد عليهم أعباء توفير مسكن جديد وغالبيتهم لا يملكون أكثر من قوت يومهم.