رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور

فخامة الرئيس السيسى

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

وقفت بنا الحياة على سفح جبل المقطم ونقم نظرنا هنا وهناك.. فإذا بمدينة غريبة الشكل كئيبة، تجثم على صدرها بعض المساجد التي تحوم حولها الأرواح التي أقامتها باليقين وهدمتها بالشك ونكران الذات، ومدارس مهجورة الأفكار سرقتها لصوص الجهل والظلام، وأبراج اتصال أقامتها باسم التجارة وهدمتها باسم التسول في كل مكان، ونوادٍ رياضية وشباب أنارها العقل وأظلمها الجهل والفتن، وخيام، خيام، خيام.. وليل قاتم أخفى جمال الحياة وكائنات هائلة هبّت من مرابضها وقاتلت الإنسان الشريف الضعيف ونثرت ما جمعه بالتأني.. زلزال عنيف حبلت به صغائر نفوسهم فتمخضت الخراب والدمار.
كل ذلك يجري فى القاهرة ونقم والنفس حزينة ناظرة من بعيد بين التأمل والتألم، تأمل كيف تحد من شراهة القوى غير العاقلة، وتتألم من الأمهات الباكيات والأطفال العابرين.
تتأمل طيش الآخر واستهتاره، وتتألم على الذين رقدوا مستأمنين في منازلهم فأصبحوا اليوم واقفين عن بعد يرثون مدينتهم والحيرة تقتلهم.
أليس هؤلاء هم من منحناهم الجزء الأكبر من لقمتنا باسم المدنية والحداثة والمستقبل الأفضل.. تنازلنا لهم عن مكانتنا في القمة، وعند أول إضاءة حمراء لمصالحهم يسحقون ويسحقون.
وفي قمة انهماكنا في إعادة الثقة بيننا وبينهم يحكمون علينا بالإعدام، وينفذون أبشع صور الإعدام عقاباً لنا لأننا اتخذنا منك وطناً وليس «قداسة، وتبعية» كما يريدون.. اتخذنا منك وطناً نذهب ونجيء نتنفس ونفكر ونتكلم ونعترض ونشجب ونغير.
لذا قرروا أن يطعمونا مرارة الغربة حين تغيب، إيماناً منهم بأن طول غيابك سيخلق فينا الرعب الذي فقدت شعاراتهم أن تصيبنا، مراهنين على ضعاف النفوس والفاسدين من حولك أن يقضوا على ما تبقى لنا من وطن كما كانوا يحلمون.
فخامة الرئيس لا أنكر بأنهم مارسوا علينا جريمة الأحلام بأبشع صورها، ونحن يقيناً واجهنهم بإيمان بأن وعودهم لن تصدق أبداً.
بثّينا الدفء في أرواحنا وقبّلنا قلوبنا، وجباهنا، اعتذرنا لأنفسنا عن كل تصرف لم يكن لائقاً لا بها ولا بوطننا بألم لا يعادله ألم سوى ألم الانسلاخ من الجلد الملتصق بلحومنا.
فمنذ أن رأتك أعيننا ونحن نراك ومازلت تصفح بلا حدود.. ونحن نثق بلا حدود.. وأنت تصفح بلا حدود.. ونحن نصدق بلا حدود.. وأنت تصفح بلا حدود.. ونحن نترفع بلا حدود.. وأنت تصفح بلا حدود.. ونحن نحتمل ما لا يحتمل بلا حدود..
ونوافذنا مفتوحة لرياح خذلانهم، وأبوابنا مفتوحة لهم ولغرسهم الفاسد من حولك.
فما من شخص منهم أثبت لنا أنه يستحق، وما من شخص ترك لنا ذكرى طيبة تجعلنا نتذكره ونتبسم، وما من شخص جعلنا حين ننظر إلى الوراء نتجنب الندم منهم.

فخامة الرئيس : لقد آن الأوان أن تزيل غبارهم عن أجسادنا، وأن نمنحهم أحجامهم الحقيقية بعد أن سكبناهم في قوالب لا تتناسب مع حقيقة أحجامهم.
آن الأوان أن نرتب كل المساحات.. آن الأوان أن نعد جنازة بكل تفاصيلهم التي لم نعد نرغب في الاحتفاظ بها.
آن الأوان أن نقول لكل فاسد حولك أورثتونا الوهن والتعب، فلا تستحقوا أن تستمروا معنا.
فمسلسل الغباء لابد أن ينتهي.
ومسلسل عض اليد لابد أن ينتهي.
ومسلسل طعن الظهر لابد أن ينتهي.
وخاصة بعد أن صنعت يافخامة الرئيس من حروف قلمك وأنت توقع على تسلم السلطة جيشاً من الوفاء لشعبك الذي حوصر ما بين الفاسدين والمتآمرين، وبنيت من كلمتك درساً ذابت أمامه كل الكتب التي درسناها في الجامعات التي بنيت في الزمن الذي أنت تعلمت فيه على مقعد الحياة.. فأهديتنا كتاباً معمداً بالدم فيه صك الحكمة والعقل.
وفوق ذلك تطلب منا أن نفتح لهم الأبواب من جديد..
وأن نحسن استقبالهم من جديد..
وأن نبتهج لعودتهم من جديد..
وأن ننسى كل العذاب الذي عايشناه معك وكل الدموع التي سفكناها عند غيابك، بعد أن لقنتهم درساً بأن وجودنا لم يعد بحاجة إلى وجودهم، وأن قلوبنا لم تعد تتسع لهم، وأن نصفنا الآخر لم يعد يشبههم، وأن صلاحيتهم قد انتهت.
وأنت توقع بقلمك صك تخبطهم ليعودوا ويتخبطوا كما تخبطنا، ويطرقون أبواب الفاسدين المحاصرين اليوم كما حاصرونا بالأمس ظناً منهم بأننا لن نصل إليك وأنك لن تصل إلينا.. فقد علّمتهم أن ثمن الاحتفاظ بك هو نفس ثمن الاحتفاظ بنا وهو باهظ جداً.
وعلّمتهم بأن الضربة التي لا تقتل تشد الظهر.. وعلّمتهم أن الطير بأجنحة الريش أمنية لا تتحقق لخائن مخدوع.
فخامة الرئيس
دقّ الجرس.. وانتهى الدرس.. وحان وقت العمل..