رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة مطلوبة فى أوراق قديمة «2 -2»


تحدثنا فى الجزء الأول من هذا المقال عن استمرار الجماعة الإرهابية المسماة بالإخوان المسلمين فى عملياتها الإرهابية، بغية استرداد شرعيةٍ وهميةٍ تراها تستند إلى ما اصطنعته وأطلقت عليه ثورة يناير، حتى إن أحد أقطابها دعا إلى ثورة مسلحة يوم 28 نوفمبر الجارى

ورغم أن أحداث يناير 2011، قد قُتلت نقاشاً وتباينت بشأنها الآراء والتوصيفات، فإن ما يشهده الواقع المصرى من استمرار أعمال الجماعة الإرهابية، دعانى لإعادة طرح وجهة نظرى فى الموضوع وأتمنى أن يتلقاها الآخرون بقدر من الهدوء والتجرد والموضوعية، حتى تظل أقدامنا ثابتة على أرض الواقع وقادرة على المضى بنا نحو المستقبل المنشود. ولقد تناولنا فى الأسبوع الماضى ثلاث نقاط الأولى عن تعريف الثورة من المنظور السياسى والتاريخى، والثانية عن مدى توافق أحداث يناير مع هذا التعريف، والثالثة عن الإقرار بثورية ووطنية أغلبية المشاركين فى التظاهر يوم 25 يناير 2011.واليوم نستكمل حديثنا، حيث أعتقد أنه قدأصبح ثابتاً الآن أن تلك الجماعة الإرهابية هى من خططت ونفذت بالاشتراك والتآمر مع قوى أجنبية، كل جرائم التخريب والقتل والترويع التى عمت ربوع الوطن بدءاً من يوم 28 يناير، ولأنها كانت تعلم على وجه القطع واليقين أن تلك الجرائم الآثمة كانت السبب المباشر فى سقوط النظام آنذاك، فقد ظلت حريصةً كل الحرص على وصف تلك الأحداث بالثورة حتى يظل وجودها مشروعاً وبخلفية مقبولة، كما كان إصرارها على التمكين لنفسها والاستئثار بكل مقاليد السلطة، اعتقاداً منطقياً منها وشعوراً واقعياً بأنها صاحبة تلك الثورة المزعومة. ومن هنا كان ومازال استمرارها فى عملياتها الإرهابية لاسترداد شرعية وهمية تستند لثورة مزعومة غزلت خيوطها بنواياها الخبيثة، وللأسف فقد ساعدها البعض بحسن نية فى نسجها بإطلاق وترديد مصطلح الثورة عليها.

ورغم أن التاريخ دائماً ما يضع فى النهاية التوصيف الصحيح لأحداثه مهما كان الضجيج الزائف حولها، وأن ما يبقى من هذا الضجيج يذهب جفاءً بعيداً عن جوهر الحدث، مثلما كان الضجيج لوصف قرار الإطاحة بمراكز القوى سنة 1971 بثورة 15 مايو، فلم يسجل التاريخ وصفاً لهذا الحدث أكثر من حقيقته كونه قراراً سياسياً لدواعى الحالة وقتئذٍ، ولم يبق من ذلك الضجيج الذى أحاط به سوى تسمية أحد الكبارى بهذا الاسم، إلا أن ما يقلقنى الآن أن الضجيج بالتوصيف الخاطئ لأحداث يناير 2011 يُبقى لنا جماعةً إرهابية بكل شرورها ومخاطرها، ويهيئ لها مرجعية تستند إليها لاستمرار وجودها. خلاصة القول الذى لا أعتقد أن أحداً يختلف عليه أن كل الشرفاء بمختلف أطيافهم وتصنيفاتهم الذين احتشدوا بالميدان يوم 25 يناير 2011 استجابةً لدعواتٍ مجهولةٍ سبق بثها عبر شبكات التواصل الاجتماعى، كانوا مدفوعين بنواياهم الوطنية الطيبة للمطالبة فقط بإصلاحات سياسية، ولم يدرْ بخلدهم مفهوم أو تعبير الثورة أو حتى مجرد إسقاط النظام. ولقد انتهى ذلك اليوم سلمياً وكاد أن يسفر عن استجابة النظام لمطالب الإصلاح، إلا أنَّ جماعة الإخوان ومن شايعهم ووفقاً لمخطط التآمر على الوطن، كان لهم فكرٌ وهدفٌ آخر، فعاثوا - بعقيدة ونهج الإرهاب - فى كل ربوع الوطن قتلاً وتدميراً وتخريباً وفتنة، إلى أن تمكنوا مما أرادوا، وأطلقوا على ما فعلوا ثورةً وأيدهم حلفاء الشر فأسموها ثورة الربيع العربى، وسايرهم كثيرٌ من النخبة والعامة إما عن غفلةٍ عن الحقيقة أو رغبةٍ فى الغنيمة وإما حفاظاً على اللُحمة الوطنية. ولكننا اليوم ونحن فى غمار حربنا المقدسة ضد جماعات الإرهاب، ألا يكون من الأفضل أنْ نجاهر بحقيقة تلك الأحداث التى تتشدق بها تلك الجماعة كسندٍ لشرعيتها المزعومة ؟ حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء ــ بالمعاش