رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«دراما بنكهة غير رمضانية»


اعتدت ككل عام ان أتابع دراما رمضان التى تشاهدها الأسر المصرية طوال الشهر الكريم، ولأن مسلسلات الشهر الكريم هى تسلية المشاهدين الأولى، فإننى أحرص على متابعتها وكتابة نقد لها، واختيار بعضها لكتابة وجهة نظرى حولها، إن هذا العام ليس كأى عام آخر شهدته مصر، إنه عام بناء دولة حديثة عقب ثلاثة أعوام ونصف العام تم فيها تغيير شامل فى مصر، ولابد أن نضع فى اعتبارنا أن مصر بعدمرور عام على ثورة ٣٠ يونيو لابد أنها سترى دراما جديدة ومختلفة مع اتساع مساحة الحرية ورحيل حكم الإخوان الفاشى، والذى هدد كل شىء فى مصر وكان فى مقدمة المطلوب تدميره الإبداع والفنون والثقافة المصرية ونشر الترويع والظلام والتخلف .

إن المواطن المصرى المنهك كان فى حاجة إلى دراما رمضانية تجمع بين المتعة والفكر، دراما جديدة تمزج بين الرسالة الهادفة والقدرة على الترفيه، دراما تنسيه همومه لكنها تسهم فى بناء عقله، دراما تنشر فكر التنوير دون مباشرة وتكشف الحقائق دون توجيه أو افتعال، ولكن المشهد الدرامى الرمضانى جاء بوجبة دسمة وثقيلة، وتعكس حالة من ضياع البوصلة، فمعظم المسلسلات المعروضة الآن على الشاشة وفى القنوات الفضائية بمختلف انتماءاتها لم تضع فى اعتبارها أن الأسرة تتجمع حول التليفزيون فى الشهر الفضيل لمشاهدته، خاصة مع ارتفاع حرارة الجو والزحام الشديد فى الشوارع وغلاء الأسعار فى أى مكان تذهب اليه الأسر للترفيه، إن كثيرا من المسلسلات تحتوى على ألفاظ خارجة، ومشاهد فجة وسلوكيات منحرفة ومستجدة على مجتمعنا، إن أقل ما يمكن أن تقوم به هذه المسلسلات هو أن تكتب فى مقدمتها وبشكل واضح للكبار فقط وخاصة تلك التى تقدم مشاهد خارجة أو لا يصح أن يشاهدها الصغار. و أبدأ بمشهد غريب غير عادى يحتوى على قدر كبير من الفجاجة فى مسلسل السيدة الأولى الذى تقوم ببطولته الممثلة غادة عبد الرازق، ففى ثانى حلقاته نجد أم غادة التى هربت منها ابنتها لتأتى إلى المدينة لتحقيق طموحاتها الجارفة فى حياة رغدة فيها الثراء والنفوذ والأضواء تنهر أمها التى تقوم بدورها الممثلة فادية عبد الغنى وتلكمها فى كتفها بينما الأم تنهر الابنة التى تتحدث مع أمها بقدر كبير من الفجاجة وبأبشع أسلوب يمكن أن تخاطب به ابنة أمها وأمام الجميع، حوار يعكس رسالة واضحة مفادها احتقار الأم، وإباحة إهانتها، والحقيقة أن هذه العبارات الخادشة للأم والسلوكيات المعيبة لم يعقبها أى تعليق سلبى عليها يخفف من وطأتها على أطفال الأسر التى تجلس أمام الشاشة دون سابق إنذار بأن المسلسل للكبار فقط.إن أبسط حقوق المشاهد الذى يجلس فى بيته أن يشاهد دراما هادفة، و بها رسائل إيجابية وتصلح لأن يشاهدها كل أفراد الأسرة، هذا مع تقديرى لحرية الإبداع والتعبير.كما أننى أعتقد أن من حق المبدع أن يكون له كل الحرية فى طرح آرائه ووجهات نظره فى العمل الدرامى، فأنا أقف مع الحرية لكننى فى نفس الوقت أطالب بأن من حق المشاهد أن يعرف إذا كان العمل يصلح لمشاهدة أفراد أسرته أم لا، حتى يقرر رؤيته أو تغيير القناة، وأن هناك أعمالا تصلح للسينما وأعمالا تصلح للدراما التى تقتحم بيوتنا.

و للحديث بقية...