رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيمن الرقب: الاحتلال كان يخطط لتقسيم غزة إلى 7 مناطق قبل هجوم 7 أكتوبر

الدكتور أيمن الرقب
الدكتور أيمن الرقب

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والكاتب والمحلل السياسى، إن إعادة إعمار غزة ستستغرق نحو ٣٠ عامًا بحد أدنى، بتكلفة قد تصل إلى ٩٠ مليار دولار، مؤكدًا أن ما يحدث هو دمار كامل، والأمور تزداد صعوبة. 

وخلال حواره مع الإعلامى محمد الباز، فى برنامج «الشاهد» المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، رأى «الرقب» أن تنفيذ عملية «طوفان الأقصى» كان أشبه بـالانتحار، لافتًا إلى أن الاحتلال كان يخطط لفصل غزة بشكل تدريجى إلى ٧ مناطق قبل هجوم ٧ أكتوبر.

■ بداية.. كيف ترى الصورة الآن فى غزة بعد مرور شهور على الحرب؟

- نحن نتحدث عن دمار كامل حل بقطاع غزة؛ فالبنية التحتية دُمرت كليًا، وأغلب المنازل أصابها ضرر كلى وبعضها ضرر جزئى.

الاحتلال الإسرائيلى أراد أن تصبح غزة غير قابلة للحياة، والأمور أصبحت صعبة بشكل كبير جدًا، وسقط ٣٥ ألف شهيد؛ غير الإصابات التى تتوالى وتحتاج لعلاجات ومستشفيات.

هناك تقرير دولى يقول إن إعادة إعمار غزة وعودتها إلى ما كانت عليه ستحتاج بين ٢٠ و٣٠ عامًا بحد أدنى، ورفع الركام فى غزة ينشئ مدينة فى البحر، ويحتاج سنوات.

لدينا تجربة فى حرب مايو ٢٠٢١، وحينها حدث دمار بسيط فى القطاع، وحتى الآن لم نتمكن من إعادة الإعمار، رغم إرسال مصر وحدات لرفع الأطلال والبناء، واستمر العمل ٣ أعوام ولم نستطع رفع كل الكمية.

الآن، نحتاج أن يرسل العالم بأكمله معدات لرفع هذا الركام، إذا وضعت الحرب أوزارها قريبًا.

إعادة بناء غزة لن تكون سهلة، والتكلفة المالية تقدر فى تقارير اقتصادية مختلفة، بما يتراوح بين ٥٠ و٩٠ مليار دولار، وهذا رقم مهول فى المتوسط، وبالتالى نجد أن الفلسطينيين خاسرون بكل المقاييس فى هذه الحرب.

ونعتقد أن أحداث ٧ أكتوبر وعملية طوفان الأقصى أشبه بـ«الانتحار»، لأن الأمور تقاس بنتائجها، رغم أن كل ما حدث من انهيار لدولة نووية بها تسليح ضخم، أمام فصائل فلسطينية، يدعو للفخر، لكن النتائج صعبة ووخيمة ولا يعلم أحد متى سينتهى الأمر.

واستطاعت المقاومة أن تعطل كل أجهزة الإنذار المبكر، وتدخل غلاف غزة بأسلحة بدائية وطائرات شراعية.. كل هذا يدل على تخطيط عالٍ جدًا، والدليل هو الوصول لمركز تحكم فرقة غزة وسرقة محتوياته من الحاسبات الآلية. هذا يترك علامات استفهام كبيرة جدًا، فهذا ليس هدفًا عشوائيًا.. وطائرات الدرون الفلسطينية كانت تدخل وتصور ما يدور داخل غلاف غزة، فإذا كان بمقدور المقاومة أن تجتاز وتفعل كل هذا، لماذا لم تنقل المعركة لتل أبيب، ليكتب التاريخ أن تنظيمًا فلسطينيًا انتقل من غزة لـ٨٠ كيلو ونفذ عملية هناك؟!.. هذا لا يوجد له تفسير، ولا بد من إجابة واضحة من المقاومة حول هذا السؤال.

ولا أعتقد أن يكون ما حدث فخًا من الجانب الإسرائيلى، لأن نتنياهو انتهى سياسيًا بعد أحداث ٧ أكتوبر، فبعد نجاح فصيل فلسطينى فى هز قوة نووية سيتجرأ عليها آخرون.

هذا الحدث سيجعل هذا الكيان عرضة لضربات من حزب الله فى الشمال، وهذا له دلالة لأن قواعد الاشتباك ستتغير بين إسرائيل وحزب الله، ويتضح ذلك فى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى، عندما قال إن الصيف المقبل سيكون حارقًا فى لبنان.. أى أن هناك ترتيبات لمعركة طويلة.

قبل الحرب، قال مركز دراسات إسرائيلى، إن قوة الردع لإسرائيل تآكلت، وعلى إسرائيل أن تقود حربًا فى عدة جبهات، وأن على نتنياهو- لكى يخرج من أزمته السياسية- أن يحرك الحرب للخارج ويبحث عن عدو خارج حدود دولة الاحتلال، فكانوا يتحدثون عن الحرب فى غزة أو جنوب لبنان، وكانوا يفضلون الحرب فى جنوب لبنان، لأنه حسب التجارب من حرب ٢٠٠٦ الضرر سيكون أقل، واستنفار إيران من الممكن أن يدفع لاستنفار دول عظمى من الناتو.

الحرب خارج إسرائيل هدفها إخراج نتنياهو من أزمته وتوحيد الجبهة الداخلية، والأمر الثانى تطوير قدرات الردع التى تآكلت فى السنوات الماضية.

هذا الجيش ليس هو من أنشأ دولة الاحتلال، لكنه جيش التيك توك والإنستجرام والفيسبوك، وهناك حالة اهتراء وتآكل فى الجيش الاسرائيلى. إسرائيل مكونة من جيش نظامى قوامه ١٧٤ ألفًا، وجيش احتياطى ضعف هذا الرقم، وهذا الجيش الاحتياطى مشغول فى البيزنس والأموال، والجيش النظامى لا يستطيع أن يواجه كل المنظومة العالمية.

وفى مايو ٢٠٢١، حدثت الحرب المفاجئة على غزة، واستمرت ١١ يومًا، ولأول مرة استخدم الاحتلال الصواريخ الذكية وضرب مواقع وأنفاقًا فى عمق غزة، ومواقع لوكالة «أونروا»، وفى هذا الوقت طلب من حماس تفكيك السلاح مقابل إنعاش غزة وتنميتها اقتصاديًا، وجرى رفض هذا الاقتراح من الجناح العسكرى لحركة حماس.

ومنذ مايو ٢٠٢١ بدأ الجناح العسكرى فى التخطيط للهجوم على غلاف غزة ولعملية طوفان الأقصى، وجرى رصد وحدات محاكاة ومراكز لتدريب الفلسطينيين، من قِبل أجهزة إسرائيلية ووحدات سيبرانية إسرائيلية نشيطة فى عملية المراقبة، وهى تابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلى، وجرى اكتشاف عملية محاكاة كاملة لطوفان الأقصى على حدود غلاف غزة، قبل العملية بأيام، وجرى إبلاغ الجهات السيادية بهذه الأحداث، وهذه أسئلة معلقة ومشروعة نريد إجابات عنها.

و«حماس» تستخدم نوعين من الاتصالات، أحدهما عام والآخر خاص، ولم تتمكن إسرائيل من اختراق هذه الاتصالات، وفى عالم التكنولوجيا الحالية الاحتلال يستطيع أن يصل لأى شخص ببصمة الصوت فى غزة، وغزة مراقبة بكل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وترددت أنباء أنه جرى إبلاغ الأجهزة الإسرائيلية بعد التجسس على حركة حماس قبل عملية «طوفان الأقصى» بأيام، وهذا سؤال مشروع.

وأود أن أشير إلى اجتماع شرم الشيخ الذى شاركت فيه السلطة الفلسطينية وإسرائيل والأردن وأمريكا، وحذرت مصر فى هذا الاجتماع من خطورة الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية، ومن أن هذا الضغط سيسبب انفجارًا قريبًا، وأن إضعاف السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية إهانة للشعب الفلسطينى وسيفجر الأوضاع، ولا بد من الضغط على الاحتلال للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطينى.

الاحتلال كان يخطط لفصل «غزة» بشكل تدريجى قبل أحداث ٧ أكتوبر لسبع مناطق، وهناك عدد من الدول غيرت موقفها من الوضع بعد جرائم إسرائيل، ومصر لعبت دورًا إيجابيًا فى الأزمة التى يعيشها قطاع غزة، والاحتلال قتل أكثر من ٣٥ ألف شهيد فى القطاع، فتغير الخطاب الإعلامى بشأن جرائم إسرائيل، وهذا رصد من دولة عظمى مثل فرنسا التى تراجعت عن موقفها من إسرائيل بعد أن امتلأت الشوارع فى فرنسا بالمعارضين لنتنياهو، وإطالة الحرب فى غزة «طوق نجاة» لنتنياهو وحكومته.

■ ما رأيك فى حديث الولايات المتحدة عن تعليق إرسال الأسلحة إلى الجانب الإسرائيلى؟

- رغم تعليق صفقة إرسال القذائف الذكية للاحتلال الإسرائيلى، نشر موقع أمريكى فى الثالث من أبريل الماضى، أنه خلال فترة الحديث عن تعليق بعض دفعات القذائف جرى تنفيذ مائة صفقة سرية، بإرسال أسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاحتلال الإسرائيلى.

أقر الكونجرس الأمريكى ٢٦ مليار دولار لدعم دولة الاحتلال، من ضمنها ٩ مليارات لغزة، مَن سيتسلم تلك الأموال؟ الحديث عن وقف إرسال الأسلحة أعتقد أنه خدعة من الخدع الأمريكية، فهناك أزمة فى الولايات المتحدة الأمريكية وحراك فى الشارع الأمريكى، خاصة بين طلبة الجامعات، وانتقل ذلك إلى العالم الفنى.

بعض المغنين على سبيل المثال فى الولايات المتحدة الأمريكية، يغنون أغنيات لفلسطين، ويحققون ملايين المشاهدات، وأحيانًا نجد أن الأغنية ممكن أن تؤثر أكثر من الرصاصة.

■ قرار منح فلسطين عضوية الأمم المتحدة من الجمعية العامة.. كيف سيسهم فى حل الأزمة؟

- الجمعية العامة ليس من صلاحياتها أن تمنح عضوية، هى ترسل توصية لمجلس الأمن فقط، ولكن منح العضوية يتم عن طريق مرحلتين؛ الأولى أن مجلس الأمن يمنح أو أن تحصل على ٩ أصوات بالحد الأدنى، ثم تنتقل إلى الجمعية العامة، وإذا حصلت على تأييد ثلثى الأعضاء، تصبح عضوًا كاملًا، وهذا له امتيازات.

لكن ما حدث فى ١٩ أبريل، كان «فيتو أمريكيًا»، فذهبنا مباشرة إلى الجمعية العامة، وأعتقد أن ما حدث هو نجاح للدبلوماسية العربية، وليس الدبلوماسية الفلسطينية وحدها.

الدبلوماسية العربية أرادت أن تذهب إلى الجمعية العامة، لتقول للعالم إنه آن الأوان أن يكف المجتمع الدولى والولايات المتحدة الأمريكية، عن إدارة الصراع، ونذهب لحل الصراع، لذلك كان القرار بإعادة التوصية إلى مجلس الأمن بضرورة منح فلسطين العضوية الكاملة، لأن كل الشروط تنطبق عليها- بناء على المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة.

ما حدث استثنائى، ولا يعتبر سابقة، فقد جرى منح صلاحيات لفلسطين لا تجعلها دولة كاملة العضوية، ولا دولة مراقبة، ولكن فى المنتصف، وهذا يحدث لأول مرة، ويعتبر فى حد ذاته مكسبًا معنويًا.

■ ما المكاسب التى تنتظر فلسطين فى حالة حصولها على عضوية كاملة؟

- فى حال جرى منح فلسطين عضوية كاملة من مجلس الأمن، سيكون بمقدورنا أن نفعل الكثير، لأن دولة الاحتلال شُرعت بناء على قرار ١/٨/١٩٤٧، وهى دولة على حدود ٥٢٪ من الأرض الفلسطينية، مقابل ٤٦٪، والحصول على العضوية الكاملة يرجعنا إلى تنفيذ هذا القرار، فنحن نريد أن نعيش بأمان فى هذه المنطقة، وأن يكف الاحتلال يده عن احتلال أرضنا ونحقق بعض مصالح من عودة اللاجئين أو التعويض، وأن ينسحب الاحتلال من القدس الشرقية، وتكون عاصمة الدولة الفلسطينية.

لكن هذا الأمر من الخيال الآن، لأن من يحكم داخل دولة الاحتلال هو اليمين المتطرف، وحتى اليسار أو المعارضة، لن يطرح عملية سلام مع الفلسطينيين.

■ كيف ترى الموقف المصرى فى التعامل مع الأزمة الفلسطينية؟

- لأول مرة تستخدم مصر الدبلوماسية الخشنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقالت لها: «لن نسمح لرعاياكم بمغادرة غزة حتى يجرى إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع»، وهو رد فعل يجب أن يقابل بالاحترام والتحية.

لم يخرج الرهائن إلا بعد أن دخلت المساعدات، إضافة إلى إخراج المصابين للعلاج فى مصر، وهم أكثر من ٢٠ ألف جريح وصلوا المستشفيات المصرية لتلقى العلاج.. هذا الأمر يقاس به مدى قدرة مصر فى الحفاظ على القضية الفلسطينية.

وحتى اللحظة الأخيرة، مصر ظلت مستمرة فى دعمها القضية الفلسطينية، حيث أصدرت ثلاثة بيانات تتحدث فيها عن منع الاحتلال الإسرائيلى إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

إن شهادة مصر أمام محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلى تعتبر شهادة تاريخية، إذ تعتبر وثيقة ويجب أن يقال عنها إنها وثيقة تاريخية.

مندوب الاحتلال الإسرائيلى قال إن مصر هى التى تغلق المعبر، وهى التى تحدد كمية الغذاء التى تدخل غزة، وهذه أكاذيب.

الأمور واضحة، فهناك بيانات خرجت من وزارة الخارجية المصرية تدين سلوك وتصرفات إسرائيل فيما يتعلق بالمساعدات، وهنا يظهر الذين يريدون الصيد فى المياه العكرة، إذ إنهم يأخذون بتصريح الإسرائيليين ولا يأخذون بتصريحات وزارة الخارجية التى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويجب أن تكون هى المرجعية الأساسية، ومن ثم يجرى الحديث عن ذلك فى الإعلام بأن مصر هى التى تغلق معبر رفح.. هنا كان التضليل الخطير، وانساق بعض الأعداء لأمتنا العربية وراءه. 

إن أحداث ٧ أكتوبر أجبرت كل من لا يتابع القضية الفلسطينية على متابعتها، وبرغم كل التعتيم ومنع الإعلام أن يصل إلى العالم، فإن الإعلام المصرى لعب دورًا مهمًا جدًا، فكل منصات الإعلام المصرى المرئية والمسموعة حتى الرقمية، كانت مفتوحة لنقل الرواية الفلسطينية، ومن ثم جرى نقلها إلى كل العالم.

إن تغيير الموقف الفرنسى كان نتيجة للجهود المصرية، وقبل عدة أيام تحدث وزير الخارجية المصرى، سامح شكرى، بأن الأحداث التى وقعت حتى اللحظة لم تكن بسبب ٧ أكتوبر، فالاحتلال الإسرائيلى يعتدى على الشعب الفلسطينى قبل ٧ أكتوبر، والشعب الفلسطينى يعانى من الاحتلال قبل ٧ أكتوبر، وقد آن الأوان للعالم أن يقول كفى احتلالًا، وآن الأوان للعالم أن يفيق من عملية الدعم المطلق للاحتلال الإسرائيلى.

هناك موقف مصرى واضح، ففى كل المناسبات يقول إن أردنا أن ننهى هذا الصراع علينا إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

والآن فإن المبادرة التى سوف تُطرح فى القمة العربية هى «دولة منزوعة السلاح»، وتعديل حدودها بما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلى الأمنية، ورغم كل ذلك، أقول بشكل واضح، إن الاحتلال الإسرائيلى لن يستجيب لهذه المبادرة. أمريكا تحاول الآن إقناع الاحتلال الإسرائيلى بهذه المبادرة، وما أستغربه الآن هو تصريح مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان، قبل عدة أيام، عندما قيل له إن هناك محاولات بتوقيع اتفاق دفاع مشترك بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، فقال: «على السعودية أن تطبع أولًا مع الاحتلال الإسرائيلى قبل أن توقع»، ما يمثل حالة السياسة الحقيقية للولايات المتحدة الأمريكية، فهم يريدون أن يقدموا خدمات للاحتلال الإسرائيلى دون إلزامهم بحل الدولتين.

حتى بايدن الذى وعد فى حملته الانتخابية طوال أربع سنوات بحل القضية، ها هو يغادر المشهد ولم يتمكن من عقد مؤتمر دولى للسلام، أو يعقد جلسة بين الإسرائيليين والفلسطينيين كما فعل أوباما فى أبريل عام ٢٠١٤.

أوباما حاول عقد لقاءات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ووضع خطوطًا لهذا الأمر وخارطة طريق وأفسدها نتنياهو، وظل ينتظر حتى يأتى ترامب، والآن أيضًا ينتظر حتى يأتى ترامب، فكل خطة نتنياهو أن يأتى ترامب عسى أن يغير ترامب فى الخريطة، رغم أن لقاء ترامب مع الإسرائيليين قبل قرابة أسبوعين، قال خلاله: «سوف أطلب من نتنياهو وقف الحرب لأنه أدارها بشكل سيئ، فقد كان بإمكانه أن يقتل ويدمر دون أن ينشر ذلك».. لكن من ينشر الفيديوهات هم الإسرائيليون أنفسهم. 

■ ماذا استفادت القضية الفلسطينية من ٧ أكتوبر؟

- استفدنا من ٧ أكتوبر أنها أعادت اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية، والأجيال الجديدة أصبحت تدرك الحقيقة التى حاول الاحتلال والعالم الحديث طمسها.

حجم الحضور الفلسطينى فى الوطن العربى أصبح كبيرًا، خاصة أن الوطن العربى ملزم بذلك باعتبارنا جزءًا منه، من حيث ثقافتنا ومستقبلنا، كما أن الحضور الفلسطينى فى كل أوروبا وأمريكا، واستطلاعات رأى بين الشبان الأمريكان ٥٢٪ مع أن الشعب الفلسطينى يأخذ حقوقه ويُقيم دولته وكل هذا تغيرات مهمة جدًا.

فى المقابل، كانت الخسائر كبيرة جدًا، دفعنا من دمائنا وأبنائنا وأحبتنا، أنا خلال هذه الحرب فقدت الكثير من أحبتى.. أصدقاء وإخوة وأقارب ومعارف، الألم كبير بسبب تدمير غزة، ورغم كل ذلك لا نفقد الأمل فى أننا سنعيد بناءها. الاحتلال خلال هذه الحرب حاول تهجير الفلسطينيين قسريًا، لكن ما حدث أن الفلسطينيين بدأوا فى العودة من الخارج إلى فلسطين.. قبل الحرب ٣٠٠ فلسطينى غادروا غزة طوعًا واتجهوا إلى أوروبا، أما الآن فأنا رأيت بأم عينى عائدين من أوروبا إلى غزة. أعتقد أن الكثيرين ممن غادروا وعاشوا فى أوروبا سنوات طويلة يعشقون غزة رغم الوضع الصعب، واليوم رغم كل ما يفعله الاحتلال، غادر البعض غزة لتلقى العلاج، وغادرت بعض رءوس الأموال لا تتجاوز ٨٠ ألفًا، فى حين أن ما بقى فى غزة أكثر من مليونين و٤٠٠ ألف مواطن، ودائمًا ما نقول «لم يبق فى الوادى إلا الحجارة»، وحجارة غزة بأهلها وما زالوا فى غزة مصرين ومتمسكين بها. الفلسطينيون لن يخرجوا من أرضهم، وسكان غزة ٧٠٪ من أصلهم من اللاجئين الذين هاجروا منذ ١٩٤٨، وبالتالى فإن هذه التركيبة السكانية فى غزة لا تريد أن تعيد مشهد أجدادها بالخروج من غزة بشكل أو بآخر، حتى عندما قرروا الانتقال، فقد قرروا الانتقال من غزة إلى رفح هربًا من الموت، ورغم أنه لا يوجد ما يفصل بين الفلسطينيين والسلك المصرى إلا سنتيمتر، إلا أننا لم نر هجومًا من الفلسطينيين على الحدود المصرية كما كان يتوقع البعض، كما طلب نتنياهو فى بداية الحرب من الناس أن يذهبوا باتجاه الحدود المصرية، لكنهم تمسكوا بأرضهم، وغادر أكثر من ١٥٠ ألفًا إلى ٢٠٠ ألف فلسطينى موجودين بجوار مصر إلى منطق نزوح جديدة.

هناك خسائر كبيرة جدًا فى الأرواح فى الأرض والممتلكات، ونحن نقول إن باب الحرية مخضب بالدماء، فالثمن كبير جدًا، لكننى أرى رغم كل هذه المشاهد الدموية، فأمامنا مستقبل رغم أنف الاحتلال بأننا سنقيم دولة بهذه الدماء.. الثمن غالٍ جدًا ودماؤنا أغلى ما نمتلكه، لكننا نقول رغم ما يقوم به الاحتلال فإنه لن يستطيع أن يشطب القضية الفلسطينية، ولن يستطيع أن يتهرب من التزام يعلم به ويتحدث عنه كل العالم ويطالب به الفلسطينيون. الأمر لا يتعلق بحماس، فحتى عندما تحدث الاحتلال فى بداية الحرب قالوا «السيناريو ما بعد الحرب.. السيناريو ما بعد حماس»، حماس هى جزء من الشعب الفلسطينى، فإذا قرر الشعب الفلسطينى أن ينتخب حماس فهو حر فى ذلك، لكن لن يُفرض علينا، ونحن نقول من يحكم غزة هو الشعب الفلسطينى.

وإذا قرر أن تأتى قوة عربية أمنية لإعادة ترتيب غزة، فلا مانع من ذلك، ولكن نحن سنختار من يمثلنا، فإذا أراد الشعب الفلسطينى رغم كل هذه المعاناة أن يختار حماس، فهذا حق الشعب الفلسطينى، وإذا أراد أن يختار هوية أخرى وأحزابًا أخرى فهذا حق الشعب الفلسطينى، لكن الاحتلال لن يفرض علينا. وافقت حماس على دولة على حدود عام ١٩٦٧، ودولة الاحتلال الآن ترفض الاعتراف بالعرب وليس فقط بالفلسطينيين، ويريدون قتل العرب كلهم، وفى ذاكرتى أكثر من ٦٠ منظمة يهودية متطرفة تريد أن تقضى على كل العرب، ولا تريد أن تكون هناك حقوق للفلسطينيين فى الأراضى الفلسطينية، وبالتالى على العالم أن يدير الصراع معهم، لكننا نحن الفلسطينيين ندفع الثمن كبيرًا جدًا، ونعلم أن إعادة بناء غزة أمر صعب جدًا.

■ كيف ترى الدور الأمريكى فى الحرب على غزة؟

- أرى أن هناك علاقة وطيدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ولا يمكن أن نقول إن إسرائيل تقود هذه الحرب وحدها دون دفع أمريكى واضح للجميع، وهذا ليس بجديد، والدليل على ذلك أن من أعلن عن اغتيال نائب القائد العام لكتائب القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس، مروان عيسى، فى غارة إسرائيلية- كان منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الأمن القومى الأمريكى جون كيربى، منذ شهرين. وقال «كيربى»: «نحن اغتلنا مروان عيسى»، وذلك كان قبل أن يعلن الجانب الإسرائيلى، وأضاف: «نحن اغتلنا»، ولم يقل الإسرائيليين، وبالتالى أمريكا جزء من العملية. وقبل أيام، قالت الخارجية الأمريكية: «نحن على اتصال دائم مع الإسرائيليين ونرتب معهم جميع التفاصيل».