رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فسيخ عيد الفطر .."البوتكس القاتل في سمكة"

الفسيخ
الفسيخ

مجرد أن انتهى شهر رمضان المعظم حتى اتجه المصريين إلى تناول الوجبة الأشهر والتي جرى تناولها في عيد الفطر بمصر عادة، وهي الفسيخ، وذلك على الرغم من حدوث العديد من حالات التسمم بسببه باعتباره من أكثر الوجبات احتمالية لتعرضه للسّمية والفساد ليصاب متناوله بما يعرف بالتسمم الممباري.

ما هو “التسمم الممباري”

حسب وزارة الصحة فإن التسمم الممباري هو بكتيريا خطيرة تنمو في أنسجة الأسماك المملحة مثل الفسيخ والرنجة، وذلك نتيجة لسوء التخزين، الذي يعرضها للتعفن، موضحة أن هذه البكتيريا تهاجم الجهاز العصبي المركزي فور وصولها جسم الإنسان.

مهاجمة هذه البكتيريا للأعصاب حسب الوزارة تؤدي إلى ظهور عدد من الأعراض منها: صعوبة في التنفس، ازدواج في الرؤية، صعوبة في البلع، جفاف الحلق والحنجرة ومن ثم صعوبة بالنطق، الدوار، ضعف بالعضلات، وضيق في التنفس.

السرّ في مادة “البوتيولينم توكسين”

ولعل أحد الأسباب التي تجعل التسمم بالفسيخ من أكثر أنواع التسمم خطورة هو وجود مكونًا خطيرًا فيه ألا وهو مادة البوتيولينم توكسين، وهي مادة شديدة الخطورة حسب مركز السموم الإكلينيكي بمستشفيات جامعة عين شمس، وهي تتكون نتيجة طريقة تصنيع الفسيخ بوضع السمك في صفائح أو صناديق محكمة الغلق تحتوي على كمية كبيرة من الملح فهذه البيئة هي بيئة لاهوائية تسمح بنمو نوع من البكتيريا اللاهوائية التي تقوم بإفراز تلك المادة الخطيرة.

لذا يعتبر البوتيولينم توكسين هو أقوى وأخطر السموم التي عرفها الإنسان على مر التاريخ، وذلك وفقًا لمركز السموم الإكلينيكي، و يرجع هذا ﻷنّ الكمية التي تسبب وفاة الإنسان هي كمية ضئيلة جدًا تقدر بالنانو جرام.

 إلا أنه وفي الوقت نفسه وعلى الرغم من هذه الخطورة الشديدة إلا أنّ تلك السموم يمكن القضاء عليها بالحرارة ولكن عند 100 درجة مئوية لفترات قد تصل إلى 30 دقيقة وهو ما لا يحدث مع الفسيخ.

علاقة مادة “البوتيولينم توكسين” بالبوتكس

وربما يجهل الكثيرون أن التسمم بالفسيخ ينتج مادة " البوتكس" الشهيرة، و المعروفة بعلاج تجاعيد الوجه بدون جراحة وهي تعتبر المادة الأكثر سّمية للإنسان في حال استخدمت بعشوائية، لاحتوائها على كمية من العفن والبكتيريا اللاهوائية التى يمكن أن تصيب الجهاز التنفسى بالشلل الذى يؤدى بدوره للوفاة.

 إذ أشار مركز "فادك" للمعلومات الدوائية العربية في تقرير له أن بكتيريا "البوتيولينم توكسين" السّامة الموجودة فى الفسيخ يصنع منها مادة “البوتكس” التى تستخدم لعلاج تجاعيد الوجه بدون جراحة، والتى يؤدى الإسراف فى استخدامها إلى شلل فى بعض العضلات.

وقد نشأت "البوتكس" من السّموم التي تنتج بواسطة أنوع من البكتريا المُسببة للتسمم الغذائي الذي يحدث عند تناول للطعام المنزلى المحفوظ فى العلب، أو بعض مشتقات اللحوم، أو تناول بعض الأسماك المحفوظة بطريقة خاطئة مثل الفسيخ.

وقد أجازت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) استخدام البوتكس فى الأغراض الطبية، وعلاج الكثير من الأمراض الأخرى، مثل تقلصات العصب الوجهى السابع عند الأولاد من سن 12 سنة، أو البالغين، وكذلك لعلاج التقلصات الشديدة فى عضلات الرقبة، باستعمال البوتكس من النوع (B)، وأيضا للأغراض التجميلية أو التكميلية، وذلك بمعايير خاصة ومحددة تحديدًا دقيقًا.

دور الطب الوقائي

ومن جانبه، أشار الدكتور عمرو قنديل، مساعد وزير الصحة والسكان لشئون الطب الوقائي، إلى أن قطاع الطب الوقائي ينفذ حملات رقابية دورية على المنشآت الغذائية للتأكد من اتباع كافة الاشتراطات الصحية، ومتابعة الشهادات الصحية للعاملين، وذلك بالإضافة إلى الفحص الظاهري للمنتجات، وأيضًا سحب عينات لفحصها معمليًا والتأكد من سلامتها قبل تقديمها للمواطنين، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه المخالفين.

كما نصح "قنديل" المواطنين بتوخي الحذر الشديد عند تناول الأسماك المملحة والمدخنة، والتأكد من شرائها من المحال المعروفة والخاضعة للإشراف والرقابة الصحية، كما وجه بعدم الإسراف في تناول هذه الأسماك، نظرَا لارتفاع نسبة ملوحتها التي قد تزيد عن 17% من وزن السمكة، وهو الأمر الذي يتسبب في أضرار جسيمة لمرضى الضغط والقلب والكلى والحوامل والأطفال، وتجنب تناول رأس وعظام وأحشاء الأسماك المملحة، نظرًا لتركيز السموم في هذه المناطق.

إجراءات الحماية

كما وجه "قنديل" نداءًا إلى أصحاب المنشآت الغذائية المتخصصة في تجارة الأسماك المملحة، بضرورة اتباع الإجراءات الوقائية والاحترازية، والتي تشمل "نظافة البيئة المحيطة بالمنشأة، وجود ترخيص للمنشأة، عدم انبعاث الروائح الكريهة، خلو المنشأة من الحشرات الطائرة والزاحفة، وجود سلات للقمامة، توافر حوض لغسيل الأيدي به صابون ومطهرات، براميل التمليح خشبية ونظيفة ومدون عليها تاريخ بداية التمليح، خلو المنشأة من أي مصادر تسبب التلوث".

ومن جهتها نوهت "الصحة" مؤخرًا في منشور لها عبر "فيسبوك"، أن مصل التسمم الممباري متوفر بالمجان في جميع المنشآت الطبية التابعة لوزارة الصحة والسكان ومراكز السموم التابعة للمستشفيات الجامعية، كما حددت "الصحة" أرقام يمكن التواصل من خلالها في حالات الطوارئ، وهي "16474 – 137".