ذكروا في" الحشاشين".. البصاصون وسر علاقتهم بـ"الحيطان ليها ودان"
تناولت كثير من الأعمال التاريخية وأخرهم مسلسل الحشاشين مهنة البصاصين، فهم أصل خراب كل دولة ، وإن كثرت أسباب سقوط الدول، فهم كانوا مثل السم الذي يُسقى بالبطيء، يظل يتخلل الجسم ويضعفه ويمرضه، حتى يصل به إلى الهلاك والموت، وكذلك الدول، ولمعرفة من هم البصاصون، الذين ذكرهم مسلسل الحشاشين التابع للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، خلال أحداثه، إليك السطورالتالية، تكشف عن كل هذه التساؤلات.
ماهية مهنة البصاصين
"البصاص" هو جاسوس الحاكم في الماضي، ولن تصدق أن صاحب هذه المهنة كان شخصا منبوذا من شعبه، فالعامة كانت تكرهه والسلطان رغم كان يحتقره رغم استفادته، وجعله يتصنت على الناس ليعرف أخبارهم وينقلها له، ومن هنا كانت الناس تَحذر منه وأطلقوا حينها مقولة "الحيطان ليها ودان".
وكان عند انتشار البصاصين في الدول وعلم الشعب بأمرهم، تكون بداية سقوط الدولة، لأنه بانتشارهم يبتزون الأغنياء، ويذهبون بتقاريرهم عن الشعب إلى الحاكم والسلطان، والمخيف أن الرعية لا تعرفهم كأشخاص بعينهم، ولكنهم يتأكدون من وجودهم عندما يجدون الأخبار والشائعات تنتشر في كل أرجاء الدولة، مما يجعل الشعب مقيد ولا يتحدث بحرية ولا يمشي بأمان، والخوف يتسلل إلى قلوب الجميع في الدولة، فيخاف الأب أن يقول ما يجول في خاطره لأولاده، خوفا أن يتحدث الأبناء أمام أحد البصاصين، والجميع يتحدث بهمس وهو في عقر داره.
اقرأ ايضا
الحشاشين.. طرق استيلاء أنصار حسن الصباحي على قلعة ألموت
وبحسب رواية البصاصون لـ "عباس خلف"، فهذه الفئة خطيرة على المجتمع، حيث إن قوتها دليل على ضعف الدول وقرب سقوطها، مفتتي المجتمعات، فالتجسس على عورات الناس مهنتهم، وشريفهم هو أكثرهم لؤما وأحطهم طبعا، الوشاية عندهم من مكارم الأخلاق ومما يمدحون الرجل به منهم، الصداقة والشفقة عندهم من معطلات العمل، لأنها قد تنمي بداخل البصاص أخلاق مذمومة عندهم مثل الوفاء وحفظ السر.
أنواع البصاصين
ومثل كل مهنة، وما لها من طبقات وأسرار، فالبصاصين أنواع، منهم "المحترف المتفرغ" الذي لا يعرف غير البصاصة عملا، وهو يلف ويدور طوال النهار، يمشي في الأسواق ويجلس على المقاهي، ولا هم له إلا سقطوط الأخبار ومعرفة ما يدرو في ذهن العامة، وهو بالطبع بارع جدا في فتح مجالات الحوار مع أي شخص فهو كما وصفة جمال الغيطاني في رائعته "الزيني بركات " فالبصاص عطارا نابغا في العطارة عند التحدث إلى العطارين، ساخطا عند استماعه إلى الساخطين، مستغفرا تائبا عندما يسجد مع التائبين" وعندما ينجح في كسب ثقة من يحدثه يبدأ على الفور في نصب الحبائل له في طيات حديثه، حتى يبوح المتحدث المسكين بمكنونات ضميره، وإذا وصل المغفل إلى هذا الحد، فإن البصاص يكون قد نجح في مهمته على أتم وجه، وما عليه الان إلا الإبلاغ عن هذا المواطن الشكاء.
كما يوجد نوع آخر من البصاصين وهو "البصاص غير المتفرغ"، وهذا الشخص يستطيع أن يمتهن أي مهنة يتخيلها العقل، سواء تنتمي لأعلى السلم الاجتماعي أو أسفله، وتكون مهمته الأصلية التجسس على أبناء مهنته ومجتمعه، وكتابة التقارير الوافية عن كل شخص حوله، وقد يستخدم لغرض آخر وهو بث الإشاعات التي يراد لها أن تنتشر بين أفراد الشعب، وهذا النوع من البصاصين يعتبر أحطهم على الإطلاق، لأنه هنا يشي باقرب الناس له، والذين قد يعتبرونه أخلص الناس وأحبهم إلى قلوبهم، وهو في الأصل خلية سرطانية لا هم لها إلا القضاء على الجسم الذي تنتمي إليه.
الفرق بين العساسة والبصاصة
وكان يزيد نجاح البصاصين في الدول قديما، كلما زاد توغلهم في المجتمع بكل أطيافه، ويكون هذا الوقت هو قرب زوال حكم السلطان أو الملك حينها، وهذا كان بسبب أن نظام السلطنة وقتها يرى الشعب مصدرا للتهديد يجب على الحاكم أن يحمي نفسه منه، على عكس ما كان يحدث من الفاروق عمربن الخطاب، الذي كان “يعس” بالمدينة ليلا خشية أن تكون مهام وظيفته قد شغلته عن أحد هؤلاء الرعايا، وهذا الفرق بين العساسة والبصاصة، فالحاكم والنظام قديما الذي كان يعس ويطلق العساسين، كان هدفه أن يصلح دولته، وليتمكن من هذا كان يتفقد شعبه ورعيته ليعرف ما يدور بين الشعب، ليحل مشكلاتهم وهذا أسلوب كان مقبولا ولابد منه، لأنه يصلح ولا يفسد.
