رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الضربة القاضية.. قرارات «المركزى» تكتب شهادة وفاة «السوق السوداء للدولار»

جريدة الدستور

بمجموعة من القرارات الحازمة، نجحت الدولة المصرية، على مدار الأيام الماضية، فى توجيه ضربة قاضية للسوق السوداء للدولار، بعد إقرار سعر عادل للصرف، وتوفير سيولة دولارية كبيرة فى البنوك، لتلبية احتياجات المصنعين والمستوردين، وفتح حدود السحب من البطاقات الائتمانية، مع تغليظ العقوبة على تجار العملة، والضرب بيد من حديد على كل المتلاعبين بالأسواق.

وكثفت أجهزة الدولة، وعلى رأسها وزارة الداخلية والجهات الرقابية المختصة، حملاتها الأمنية لضبط تجار العملة والسماسرة والمضاربين فى الدولار، بهدف إسقاط شبكات المال الحرام، التى تعمل فى الخفاء لصالح أعداء الوطن، وتحاول التربح والقيام بغسل الأموال والعمليات المشبوهة لضرب اقتصاد ومقدرات الوطن.

إلحاق خسائر كبيرة بتجار العملة وإنهاء «الدولرة» مع توافر السيولة

أشادت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، بنجاح الدولة فى إدارة أكبر خطة للقضاء على السوق السوداء للعملة، وإنهاء زمن تجار العملة وسماسرة المال الحرام بلا عودة، بعد إقرار سعر عادل للصرف، والسماح للبنوك بتلبية احتياجات المصنعين والمستوردين، على إثر التعزيزات الدولارية الكبيرة، عقب صفقة «رأس الحكمة»، والاتفاق مع صندوق النقد الدولى، ما أدى لتوافر سيولة دولارية كبيرة، تفى بكامل احتياجات الدولة.

وقالت الخبيرة المصرفية إن المشهد الحالى يؤكد نجاح سياسات البنك المركزى، ويمثل إعلان شهادة وفاة السوق السوداء للدولار، بعد أن أصبح سعر صرفه فى البنوك يعادل سعره فى السوق الموازية، أو يرتفع عنه، ما أربك حسابات جميع تجار العملة والمضاربين، وعرضهم لخسائر كبيرة، وأنهى عمليات «الدولرة»، بعد امتصاص البنوك كامل السيولة الدولارية فى السوق. وأضافت الخبيرة: «لا شك أن جملة القرارات التى تم اتخاذها تصب فى مصلحة المواطنين، وتخلق فرصًا جيدة لتوافر السلع بأسعارها الحقيقية، بعد فترة من الزيادات غير المبررة»، متوقعة أن يستقر سعر صرف الدولار فى الفترة الحالية بين ٤٠ و٤٥ جنيهًا، ما يؤدى إلى تراجع أسعار السلع الغذائية وغيرها من المنتجات الأساسية، خاصة بعدما تم تسعير بعضها فى الفترة الماضية عند ٧١ جنيهًا للدولار.

سد الفجوة التمويلية.. وإعادة دوران عجلة الاقتصاد مرة أخرى

شدد هانى أبوالفتوح، الخبير المصرفى، على نجاح الدولة فى سد الفجوة التمويلية، التى كانت تقدر بنحو ١٥ مليار دولار خلال عام ٢٠٢٤، وأصبح لديها فائض دولارى جيد يمنح القطاع المصرفى أفضلية فى التعاملات خلال الفترة المقبلة. وقال «أبوالفتوح»: «دخول نحو ٤٠ مليار دولار إلى مصر، خلال أيام قليلة، كعوائد من الاتفاقات الاستثمارية، بالإضافة إلى موافقة الشركاء الدوليين وصندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبى وبنوك أخرى على قروض بنحو ٢٠ مليار دولار، أنهى أزمة الدولار وزمن تجار وسماسرة العملة فى السوق السوداء، وهو أمر سيستمر ما دام توافرت سيولة دولارية فى البنوك لتلبية طلبات المصنعين والمنتجين والمستوردين».

وأضاف الخبير المصرفى: «من المتوقع أن يتذبذب سعر الدولار لفترة وجيزة، بعدها سيبقى مستقرًا عند قيمة تعبر عن سعره الحقيقى، ومن المرجح أن يتم القضاء على السوق السوداء نهائيًا حال توافر النقد الأجنبى لمن يحتاجه لمدة ٣ أشهر، ما يسمح بعودة عجلة الاقتصاد إلى طبيعتها، وبالتالى توفير عملات أجنبية كبيرة من عوائد السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج والاستثمارات الأجنبية المباشرة والصادرات، بالتزامن مع عودة إيرادات قناة السويس لطبيعتها، بعد انتهاء التوترات الجيوسياسية فى المنطقة». وواصل: «القضاء على السوق السوداء كان أمرًا ضروريًا، لإعادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى الجهاز المصرفى، لكونها رافدًا مهمًا من روافد الدولار، وسجلت نحو ٣١ مليار دولار بنهاية ٢٠٢٢».

واختتم بقوله: «الفترة المقبلة ستسمح باستكمال تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، ما يدر عوائد دولارية جديدة خلال عدة أشهر، تؤدى لمزيد من تحريك عجلة الاقتصاد».

تلبية طلبات المستوردين والمُصنعين من الدولار

أكد بعض المتعاملين مع السوق السوداء للعملة أن القرارات الأخيرة للبنك المركزى قضت تمامًا عليها، خاصة بعد قرار سعر الصرف، ما أدى إلى عزوف كامل عن التعامل مع تجار وسماسرة العملة.

وقال «المتعاملون» مع السوق السوداء، الذين طلبوا عدم نشر اسمهم، إن البنوك تدبر جميع طلبات المستوردين والمصنعين من الدولار بشكل قانونى، بعيدًا عن شبكات المال الحرام من المضاربين وسماسرة العملة، فلماذا يلجأون إلى غيرها؟

وأضاف «المتعاملون» أن الفترة المقبلة ستشهد اتجاه المواطنين والتجار لبيع الدولار إلى البنوك، فى ظل وجود سعر عادل، وهذا ينهى ظاهرة السوق السوداء تمامًا، خاصة فى ظل العقوبات المشددة للمتعاملين مع هؤلاء المضاربين والسماسرة، وتكثيف الحملات الأمنية لضبط سوق الصرف.

متعاملون: «زمن السماسرة انتهى»

رأى الدكتور أحمد معطى، الخبير الاقتصادى، أن القرارات الأخيرة للبنك المركزى، التى أصدرها الأربعاء الماضى، وكان أبرزها إقرار سعر صرف عادل، وتداول العملة وفق آليات السوق- بمثابة إعلان رسمى بـ«وفاة السوق السوداء للدولار»، بما يسهم فى انخفاض معدلات التضخم وتراجع أسعار السلع بمختلف أنواعها.

وقال «معطى»: «البنوك الآن تلبى طلبات المستوردين والمصنعين من الدولار، وهذا أدى إلى عزوف الجميع عن التعامل مع السوق السوداء، ما يعتبر ضربة قاضية لكل المستفيدين من وجود سعرين للدولار، فقد أصبح سعر الدولار فى البنوك مثل السعر فى السوق السوداء، وهذا أدى إلى إحجام التجار عن التعامل مع سماسرة العملة والمضاربين».

وتوقع استقرار أسعار الدولار فى السوق خلال فترة قصيرة، ومن ثم انخفاض أسعار السلع الغذائية، خاصة بعد دخول البضائع المفرج عنها إلى الأسواق، مشددًا على أن «الدولة تعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين، وإتاحة جميع السلع بأسعار مناسبة، خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك».

هبوط «الأخضر» قريبًا مع إقرار سعر عادل للجنيه

قال الدكتور محمد سعد الدين، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن الدولة ستقضى على السوق السوداء للدولار بشكل كامل، بعد قرار البنك المركزى بإقرار سعر عادل للصرف، معتبرًا أن هذه السوق ستذهب بلا رجعة، وتُكتب شهادة وفاتها.

وأضاف «سعد الدين»: «الأزمة انتهت، وأصبحت لدى البنك المركزى سيولة دولارية كبيرة تقارب ٣٥ مليار دولار حاليًا، إضافة إلى قدوم ٢٠ مليار دولار أخرى فى غضون الفترة المقبلة، فى حين أن الفجوة التمويلية المطوبة تصل إلى ١٥ مليار دولار، ما يجعل من المستحيل العودة إلى الخلف مرة أخرى»، متوقعًا انهيار سعر الدولار إلى ٣٨ جنيهًا خلال الفترة المقبلة، نتيجة تطبيق سياسة العرض والطلب.

وشدد رئيس جمعية مستثمرى الغاز المسال على أن «تكثيف الحملات الأمنية، والضرب بيد من حديد على تجار العملة، سيؤدى إلى اختفاء كامل لهذه السوق العشوائية التى تضر بالاقتصاد المصرى والمصريين».

وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة جذب استثمارات عالمية كبيرة، وخلق فرص عمل، وعودة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج إلى طبيعتها، وصولًا إلى تحقيق نمو اقتصادى خلال العام المقبل.