رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"ويبقى الأثر".. أسر الشهداء لـ"الدستور": "مصر خدت بتارهم.. ومش نسيانا"

يوم الشهيد
يوم الشهيد

تحتفل مصر بـ«يوم الشهيد»، فى التاسع من مارس من كل عام، وسط اهتمام كبير من القيادة السياسية والقوات المسلحة بتخليد ذكراهم العطرة، وتقديم كل سبل الدعم لأسرهم، إيمانًا بنبل وعظمة ما قدموه لهذا الوطن، ليبقى أثرهم خالدًا على الدوام.

وأكدت القوات المسلحة، فى عدد من مقاطع الفيديو التى نشرتها للاحتفال بـ«يوم الشهيد» هذا العام، أن أرواح الشهداء تعيش فى مصر، وتسكن قلوب كل الناس فيها، باعتبارهم رجالًا حافظوا على العهد، بكل بطولة وفداء وبسالة، مشددة على أن «الوطن يعيش بشهدائه، فهم مصدر إلهام لكل المصريين، فى كل وقت». «الدستور» تبدأ الاحتفال بـ«يوم الشهيد»، عبر مجموعة من الحوارات مع أفراد أسرهم، ليبقى أثرهم، وتعرف الأجيال الحالية والمقبلة ما قدموه من بطولات كبيرة فى سبيل الوطن.

حما الرائد مظهر: «والده استشهد وهو ابن عام.. ولحق به فى 2022»

أكد عادل محروس، حما الشهيد الرائد محمد مظهر أحمد حسن، الذى استشهد فى ٢٧ يوليو ٢٠٢٢، أن البطل كرس نفسه لخدمة وطنه فى سيناء، وتحديدًا فى مدينة رفح، بالتزام وإصرار لا يتزعزع.
وقال «محروس» إن التحاق الشهيد بالقوات المسلحة كان امتدادًا لروح الفدائية التى تمتد لوالده، الذى استشهد أيضًا وهو برتبة صف ضابط بالجيش، مُشيرًا إلى أنَّ خدمته فى سيناء كانت من ضمن أمنياته لينال الشهادة على أرضها.
وأشار إلى أنَّ الشهيد كان يعمل بالقوات الخاصة، لذا لم يكن يُخبرهم عن أى شىء، سوى عن فرحته التى كانت تسبق ملامحه بعد نجاح كل عملية تتصدّى لها القوات المسلحة فى سيناء، مضيفًا: «كان لما يعلنوا فى التليفزيون عن تطهير المكان الفلانى من الإرهاب، كنَّا بنشوف فرحة فى عينه مش عادية، ولما ينزل إجازة بيبقى عايز يرجع علطول لشغله».
وأضاف: «البطل كان يطلب الشهادة دائمًا فى سيناء، ولم يتردد أبدًا حين طُلبَ منه أن يخدم فى سيناء، لمواجهة الإرهاب وتطهير أراضيها من المجرمين، واتخذ القرار الصعب بعدم إبلاغ والدته بخدمته فى سيناء، خوفًا من أن يؤثر ذلك سلبًا على صحتها، خاصة أن والده كان ملتحقًا أيضًا بالقوات المسلحة برتبة صف ضابط، واستشهد قبل أن يبلغ محمد عامه الأول».
وواصل: «كان الشهيد دايمًا بيقول لمَّا أقعد فى بيتى مين اللى هيدافع عن البلد دى، لو كل أب خاف على نفسه وقعد جنب عيلته، مين اللى هيحارب الإرهاب ويطهر مصر من الإرهابيين؟». ولفت إلى أن البطل الراحل كان دائم التردد على قريته، ويشارك جميع أبنائها أفراحهم وأحزانهم، خلال الإجازات التى يحصل عليها من فترة إلى أخرى، وكان مقربًا منهم جميعًا، مشددًا على أن «مصر ستظل تسترجع حقه بالتصدى الحازم لكل أشكال الإرهاب».
وقالت الدكتورة أزهار عادل، زوجة الشهيد، إنَّ البطل كان سعيدًا حين أخبره قادته بعودته إلى سيناء، والانضمام إلى جهود التطهير الشامل التى شنتها القوات المسلحة لتمشيط وتطهير أرض سيناء من الإرهاب، مُشيرة إلى أنَّه بادر بطلب الخدمة فى سيناء، فور التحاقه بصفوف الجيش.
وأكدت زوجة البطل أنَّ الشهيد كان يُشارك كل يوم فى المُداهمات التى تشنها القوات المسلحة للقضاء على الإرهابيين، وكان يقص عليهم فى كل إجازة تفاصيل المداهمات التى يشنها مع زملائه على أوكار الإرهابيين.
وأضافت: «كان نعم الزوج، شديد الاهتمام بأسرته وزملائه بالجيش، وحريصًا على معاملة الجنود بود واحترام وأخوة»، مشيرة إلى أنه حين أبلغه قادته بنقله إلى سيناء قال لها: «أنا اخترتك لأننى موقن من أننى سأترك زين ابنى فى يد أمينة».
وواصلت: «قلت له: يعنى إيه هتسيب زين لىّ؟ رد علىّ وقال لى: يعنى ادعى لى إنى أنول الشهادة اللى أنا عايزها»، مؤكدة أن «البطل كان يرغب فى الاستشهاد على أرض سيناء».
واختتمت بقولها: «كان حاسس بالشهادة من وقت ما اتنقل إلى سيناء، وكل إجازة كان بيودعنا وداع مختلف، وكأنه بيقول لنا إنه خلاص ماشى».

والد السيد المهدى: «طول عمره بيتمنى الشهادة»

قال والد المجند السيد المهدى، الذى استشهد فى سيناء يوم ٧ مايو ٢٠٢٢، إنَّ نجله كان ملتزمًا بتعليمات القوات المسلحة طوال خدمته العسكرية، ليأتى استشهاده ويكون مسك الختام الذى كان يتمناه لحياته، منذُ أن التحق بالجيش.

وأضاف والد الشهيد: «ابنى كان بيحب خدمته فى الجيش، وكان محبوبًا جدًا بين زملائه وقادته، واستشهاده خير من ألف تكريم»، مشيرًا إلى أنه كان يتبقّى ٢٠ يومًا فقط، وينتهى نجله من أداء الخدمة العسكرية، إلا أنَّه استشهد فى هذه الفترة، نتيجة اشتباكات مع عناصر إرهابية مسلحة.

وواصل: «قبل أن يغادر البيت فى آخر إجازة، طلب التصوير معى، وكأنَّه كان يشعر بالشهادة قبل أيام من حدوثها، قال لى أنا نفسى أتصور معاك يابا، وأنا قولتله يا سيد ليه بتقول كدا؟ ويا دوب سافر ومفيش ٣ أيام تلقينا خبر استشهاده».

وكشف عن أن نجله كُلف فى آخر أيامه بحراسة محطة رفع مياه شرقى قناة السويس، والتى تعرضت لهجوم مسلح من إرهابيين، أسفر عن استشهاد ضابط و١٠ مجندين، وإصابة ٥ آخرين، كان هو من بينهم.

وأكد أن ابنه كان فخورًا بانتمائه للقوات المسلحة، وحريصًا دائمًا على تأدية واجبه وخدمته لوطنه، متابعًا: «فى يوم حكالنا عن اللى بيحصل فى سيناء، وإزاى الجيش بيطهر الأراضى من الإرهابيين، وهو بيحكى لنا عن بطولات الجيش المصرى، تقول إنه مولود فى الجيش، مش فى بيتنا هنا، كان بيحب بلده، وقدم روحه فداء لها ولشعبها».

وأشار إلى أنَّ آلاف المواطنين شيّعوا جثمان نجله، فى مشهد لم ير مثله قط، واصفًا ذلك بقوله: «عمرى ما شُفت مشهد زى مشهد ابنى السيد، رجالة وستات وشباب من قريتنا وكل القرى اللى حوالينا، مشهد كان عظيم جدًا»، مضيفًا: «ما بعرفش أنام غير وصورة السيد قدام عينى، كل ما بفتكره ببكى وأفضل أدعيله، لكنى راضى بقضاء ربنا، وفرحان إنه نال الشهادة».

ووجه رسالة إلى أفراد الجيش والشرطة، قائلًا: «ربنا يقويهم ويكفيهم شر الإرهاب، وبقول لكل واحد منهم: لو وقع تحت إيدك أى إرهابى لا تتردد لحظة، واقتله بالنار فى قلبه، علشان تهون الوجع فى قلوبنا»، موجهًا الشُكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى على تذكره الدائم للشهداء وتلبية كل احتياجات أسرهم.

وقال شقيق البطل إن شقيقه الراحل تواصل معه قبل استشهاده بساعات، وأخبره بأنه فى محطة رفع مياه شرقى قناة السويس، ومعه زملاؤه، لكنَّه لم يكن يتخيل أن وجود أخيه بالمحطة، فى منطقة بعيدة مثل رفح، سيودى بحياته، مستشهدًا فى سبيل الوطن.

وأضاف شقيق «السيد»: «علمنا أن الحادث وقع غدرًا، وأن وراءه الإرهابيين والخائنين، الذين يحاولون الانتقام من مصر والمصريين»، مشيرًا إلى أنه وأسرته كانوا يحلمون باليوم الذى سيأخذ فيه رجال الجيش والشرطة بثأر شقيقه، ولم ينتظروا طويلًا، ونجح أبطال مصر بالفعل فى القضاء على الإرهابيين داخل سيناء ومصر كافة، ما أعاد حق الشهيد إليهم.

شقيق محمد جمال: كان يظن أن تأخر استشهاده «علامة على غضب الله»

عبر عمر جمال عن اعتزازه باستشهاد شقيقه الجندى مقاتل محمد جمال حسن، يوم ١١ يوليو ٢٠٢٢، فى سيناء، بعد مهاجمة الإرهابيين كمينًا يحرسه.

وقال «جمال»: «شقيقى راح فداءً للوطن ومات مرفوع الرأس، وألبسنا جميعًا تاج الشرف والكرامة، ونحتسبه من الشهداء، وربنا يحفظ مصر وشعبها وكل جنودها».

وتذكر تفاصيل استشهاد شقيقه، بعد اشتباكه مع العناصر الإرهابية أثناء هجومهم على نقطة خدمته، قائلًا: «كان يخدم فى قوات حرس حدود الساحل، ويوم استشهاده كان فى راحة، لكن لما سمع ضرب النار بادر وتوجه لزملائه لمساندتهم ضد العناصر الإرهابية».

وتابع: «العناصر الإرهابية ركزت ضربها تجاه أبراج الحراسة وسور النقطة المحصنة ليتمكنوا من دخول الوحدة وتصفية كل من فيها، لكن محمد شقيقى وزملاءه تمكنوا من مواجهة الإرهابيين ومنعهم من دخول الوحدة».

وكشف عن أن «الشهيد كتب اسمه على سريره فى آخر إجازة ليه، واتصل بأصحابه كلهم وسلم عليهم قبل ما يمشى، وقال لصاحبه: أنا الدور الجاى مش هنزل إجازة، أنا هنزل شهيد، وربنا هيرضى علىّ ويكتب لى الشهادة اللى نفسى فيها». وواصل: «البطل كلمنى قبل استشهاده بساعتين، وقال لى: ربنا شكله مش راضى علىّ، علشان كده منولتش الشهادة زى أصحابى، وبعدها استشهد وبقى بطل من أبطال مصر اللى التاريخ مش هينسى تضحياتهم وبطولاتهم مهما حصل»، مؤكدًا شهامة شقيقه فى مواجهة الإرهابيين ومنعهم من دخول نقطة الارتكاز، بشهادة أصدقائه.

وأوضح أن زملاءه قالوا إن الإرهابيين كانوا قريبين من اقتحام الوحدة العسكرية من الفتحة التى أحدثوها فى السور، لكن «محمد» تمكن من التصدى لهم ومنعهم من الاقتحام، ولولا تضحيته لتمكن الإرهابيون من دخول الوحدة وتصفية كل من فيها.

وأفاد بأن «وزير الدفاع تواصل معى هاتفيًا، وقال لى: ونعم ما أنجبت الحاجة من رجالة، قلت له: سيادتك إحنا ما ينفعش نتخلى عن بلدنا وتكون زى البلاد اللى تشرد أهلها، ولما قالى نفسك فى إيه، قلت له الشباب دى تتقدر بكام؟ قال لى ولا مال الدنيا، قلت له بس خلاص إحنا كلنا فداء للبلد دى».

وتابع: «مصر أصبحت بخير وفى تقدم بفضل تضحية أشقائنا وأولادنا ودمائهم الطاهرة، فتضحية أبنائنا من الجيش والشرطة جعلت المصريين يعيشون فى أمن وأمان وسلام واطمئنان».

واختتم بقوله: «قيادات الجيش شاركوا فى تشييع جنازة شقيقى، وتكريم الرئيس السيسى لنا كان تقديرًا لتضحيات الشهيد البطل، وكلنا تحت أمر مصر، وهنفضل نحبها لآخر نفس فينا، علمًا بأنها مش ناسية أسر الشهداء نهائيًا».