رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب السودان تترك ندوبًا عميقة في الجنينة عاصمة غرب دارفور

غرب دارفور
غرب دارفور

سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، اليوم الخميس، الضوء على مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور في السودان، التي شهدت جرائم مروعة على يد قوات الدعم السريع المتمردة والميليشيات المتحالفة معها، مشيرة إلى أن أثار الحرب تركت ندوبًا عميقة في المدينة التي أصبحت مدينتين في آن واحد؛ حيث المقابر الجماعية والأسواق المزدحمة في آن واحد.

وقالت "الجارديان" في تقرير لها، إن "الجنينة تبدو وكأنها مدينتان في مدينة واحدة؛ فهناك مقابر جماعية، ومركبات مدرعة مهجورة، وأطفال بلا مأوى، ولكن هناك أيضا مطاعم افتتحت حديثا، وأسواق مزدحمة، وسيارات تويوتا حديثة الصنع، يطلق عليها اسم كينجانجيا ــ وتعني المسروقة باللهجة المحلية ــ بسبب افتقارها إلى لوحات التسجيل".

وأوضحت أنه منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع المتمردة في أبريل من العام الماضي، شهدت المدينة مجزرتين كبيرتين، مبينة أنه في المجزرتين "بقت الجثث المتحللة في الشوارع لمدة تصل إلى 10 أيام تأكلها الكلاب والدجاج، ولا تزال بقايا جثث الموتى قائمة حتى الآن، يدوسها الناس أثناء قيامهم بأعمالهم اليومية".

وأضافت: "وقد أصبحت بعض المناطق في وسط المدينة، حيث كان النازحون بسبب الصراع في أماكن أخرى من دارفور يتجمعون في المباني الحكومية، شبه مهجورة وتحمل المباني علامات الحروق وثقوب الرصاص على جدرانها نتيجة القتال".

ولفتت إلى أنه لمدة شهرين من منتصف أبريل ثم مرة أخرى لمدة أسبوع في أوائل نوفمبر، عانت الجنينة من القتال الذي تطور بسرعة على طول الخطوط القبلية، مما أدى إلى تأليب المساليت وغيرهم من السكان غير العرب لدعم الجيش ضد قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها، مبينة أن أكثر من 10 آلاف شخص لقوا حتفهم في المدينة، معظمهم من سكان المساليت، وفر آلاف آخرون غرباً عبر الحدود إلى تشاد.

 

 

وفرضت الميليشيات العربية المتحالفة مع قوات الدعم السريع حصارًا على المدينة في مايو. 

وفي 15 يونيو، أدى تعذيب وقتل حاكم ولاية المساليت، خميس أبكر، على أيدي حلفاء قوات الدعم السريع، إلى نزوح آلاف الأشخاص إلى تشاد. 

ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع على المدنية في 22 نوفمبر، بدأت تفاصيل الانتهاكات المروعة التي ارتكبتها المليشيا المتمردة وحلفائها في المدينة بالظهور؛ حيث كشف تحقيق للأمم المتحدة في 13  يوليو مقبرة جماعية لعشرات المدنيين المساليت بالقرب من الجنينة، ويُزعم أنهم قُتلوا جميعًا على يد قوات الدعم السريع في الفترة ما بين 13 و21 يونيو.

واختار بعض المساليت التوجه نحو ما اعتبروه الأمان النسبي لحامية الجيش بالقرب من أرداماتا بدلاً من تشاد. ووصفوا تعرضهم لإطلاق النار بينما كانوا على الطريق المؤدي إلى أرداماتا في 13 يونيو. 

في هذا السياق، أشارت "الجارديان" إلى أن المدنيون العرب الذين قتلوا في أعمال العنف  بالمدينة، قد يكونوا بالآلاف في أعمال العنف، ناقلة عن عامل في الهلال الأحمر السوداني – ليس عربيًا قوله: "إن عدد الضحايا غير معروف لأن المجتمعات العربية لديها نظامها الخاص لجمع الموتى"، بينما قال الأمير مسار أصيل، وهو زعيم عربي تقليدي متهم بارتكاب جرائم ضد شعب المساليت، إن "عدد القتلى وصل إلى الآلاف".

وذكرت: "كما قُتل المئات من المساليت في مجزرة أرداماتا في 5 نوفمبر، عقب انسحاب الجيش بشكل كامل من منطقة الجنينة. وقال شهود إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها تجولت من منزل إلى منزل بحثاً عن المساليت".

وقالت: "ولاية غرب دارفور تحكمها الآن إدارة قريبة من قوات الدعم السريع، ويحاول المحافظ الجديد التيجاني كرشوم استرضاء السكان. وقد دعا أولئك الذين فروا عبر حدود تشاد إلى العودة، ووفر لهم الكهرباء والمياه الجارية بشكل ثابت، ونفذ حظر تجول صارم ليلاً من الساعة 7 مساءً حتى 7 صباحًا.

وأضافت أنه على الرغم من عودة الحياة الطبيعية غير المستقرة الآن إلى المدينة؛ حيث استؤنفت حفلات الزفاف في عطلات نهاية الأسبوع، ويتم بناء المنازل في الأحياء العربية، إلا أن وجود الأطفال المشردين يعد بمثابة تذكير بالفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع.

وقال موظف سابق في وحدة حماية الطفل التابعة لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور: "إن معظمهم إما أيتام فقدوا آباءهم العام الماضي أو أطفال عائلات فرت عبر تشاد لكنهم عادوا دون آبائهم بسبب الوضع "المروع" في مخيمات اللاجئين في تشاد".

وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي: "إن طرفي الحرب الأهلية في السودان ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب بما في ذلك الهجمات العشوائية على مواقع مدنية مثل المستشفيات والأسواق ومخيمات النازحين".

وقد قررت الولايات المتحدة رسميًا أن الأطراف المتحاربة ارتكبت جرائم حرب، وقالت: "إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها متورطة في التطهير العرقي في غرب دارفور".

وقال طرفي الحرب: "إنهما سيحققان في التقارير المتعلقة بعمليات القتل والانتهاكات وسيحاكمان أي مقاتلين يثبت تورطهم".

التهديد الأكبر للمدنية يعيق وصول المساعدات الإنسانية

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الحالي، يأتي التهديد الأكبر في الجنينة من الجو، موضحة أنه في الوقت الذي يكافح فيه لوقف تقدم قوات الدعم السريع، يشن الجيش حملات قصف على الأراضي التي تسيطر عليها المليشيا المتمردة، مما أدى إلى نزوح جماعي جديد للسكان المدنيين.

وقالت ليني كريستيان، من برنامج الأغذية العالمي: "إنها تمنع في الوقت نفسه وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع".

وأضافت: أن "الوضع في السودان اليوم لا يقل عن كونه كارثياً"، "لقد تأثر ملايين الأشخاص بالنزاع ويكافحون من أجل إطعام أسرهم، إننا نتلقى بالفعل تقارير عن أشخاص يموتون جوعا، ولكن تحديات الوصول تجعل من الصعب للغاية الوصول إلى المناطق التي يحتاج فيها الناس إلى مساعدتنا العاجلة.