رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحكومة الفلسطينية.. إقالة المرحلة المقبلة لصالح اللعبة الأمريكية

فى التوقعات، أولًا، أن يتم اختيار رئيس صندوق الاستثمار الفلسطينى، رئيسًا للوزراء المقبل، محمد مصطفى، خبير اقتصادى تلقى تعليمه فى الولايات المتحدة وشغل مناصب رفيعة فى البنك الدولى ومناصب عليا فى السلطة الفلسطينية، والكلام السرى أنه يرتبط بعلاقات متينة مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس، تحديدًا مع أفراد العائلة، وتلك العلاقات لها جذورها السياسية فى تنظيمات السلطة وحركة فتح، وأيضًا المقاومة الإسلامية فى فلسطين، الداخل والخارج. 
ورئيس الوزراء المقبل، لديه علاقة ثقة وارتباط سياسى/ اقتصادى، أمنى مع الإدارة الأمريكية.

* حكومة فلسطينية.. ليس من نتاج المقاومة فى غزة
تسربت، صباح اليوم معلومات أن الحرب على قطاع غزة، الإبادة الجماعية، والتدمير، لم تمنع الحراك السياسى بين حركة حماس، والرئيس محمد أشتية، والرئيس الذى سيشكل الحكومة الفلسطينية، د. محمد مصطفى، غالبًا، مع بداية الأسبوع المقبل، والتسريبات أن حماس، ليست، محليًا، مع هذة الخطوة، وأيضًا فصائل ومنظمات أخرى، بدأت تتململ.
فى الداخل الفلسطينى، الرسالة تقول حرفيًا: لا أعتقد أن الحكومة الجديدة المنتظرة، تستطيع أن تخرج الشارع الفلسطينى من أزماته الاقتصادية والتعليمية والصحية ولا حتى فك قيود المدن والقرى والمخيمات من حواجز الاحتلال، المنتشرة بكل موقع ومربع، من غزة إلى كل الضفة الغربية والقدس، التى جعلت المواطن يعيش بجيتو ومعزل لا يستطيع الخروج منه.
محمد مصطفى بالطبع لا يستطيع تجاوز الرسالة، وإن كان على صلة وقدر كبير من العمل الذى يرافق ملف القضية الفلسطينية، ما قبل وما بعد السابع من أكتوبر٢٠٢٣، التوقعات، أن خلط الأوراق، والتنافر السياسى بين غزة ورام الله، وعمليات الشد السياسى فى الخارج، هى نتاج تشدد قيادات حماس، وانتباهها لما يحيط باكل، «مقترح للسلام، المزعوم، الذى تروج له الإدارة الأمريكية، مسارات خطرة وملغومة لتصفية القضية الفلسطينية ولفلفة وضع غزة، ليكون درسًا لحركات المقاومة فى المنطقة والعالم. 
بالتأكيد هناك نوايا ورغبات، وهناك عمل، تعمل الولايات المتحدة مع ما باتوا يسمون بالشركاء من دول المنطقة، البلاد العربية والإسلامية، وبالتأكيد إسرائيل، والأمم المتحدة والمنظمات والقوى المختلفة فى التكتلات والأحلاف الدولية والقارية. 

*نقطة أساس لكنها شكلية
قبل ثلاثة أشهر من الآن، كانت الحرب على غزة قد دخلت مرحلة صعبة، تكشفت خلالها حرب الإبادة الجماعية ونوايا السفاح نتنياهو وحكومة الحرب الإسرائيلية النازية، الكابنيت، فى اعتماد سياسة التهجير وتصفية القضية الفلسطينية. 
فى ذلك اليوم التاسع من أكتوبر 2023، كان رئيس الوزراء الفلسطينى؛ المستقيل، محمد أشتية يتحدث خلال اجتماع مع مسئولين من الدول الغربية والعربية والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية فى قصر الإليزيه فى باريس، وهو مضطرب، مشتت الفكر، وبقى يوم الخميس 9، نوفمبر 2023، عالقًا فى ذاكرة «أشتية» الذى قال يومها إن حكومته ستستقيل، فى خطوة قد تفتح الباب أمام إصلاحات تدعمها الولايات المتحدة فى السلطة الفلسطينية، الأمر شكل نقطة أساس الحراك، الهدف منه وضع زوايا انحراف فى بوصلة الرأى العام العربى والإسلامى والدولى، لكنها شكلية.

* لماذا الاستقالة وهى فى الحقيقة إقالة؟! 
بين رام الله، والقدس، وغزة، عواصم المنطقة والإقليم، عدا الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، بما فى ذلك روسيا وإيران، ظهر سؤال المرحلة السياسية من وقائع تنبيهات وإشارات حال السلطة الوطنية الفلسطينية، بما فى ذلك مؤسسة رئاسة الوزراء، وقد لا تنفعل أمام سؤال مشتت بين السياسى والأمنى والإعلامى:
- لماذا الاستقالة، وهى فى الحقيقة إقالة؟! 
التمهيد لإقالة رئيس الوزراء الفلسطينى، وجدت مناخها فى الملفات التى كانت محورًا مفصليًا فى جولات وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن المكوكية إلى المنطقة، دولة الاحتلال، والسلطة الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر، عدا تركيا وإيران. 
السائد، أن استقالة «أشتية» هى حاضنة خطة سياسية أمنية، عدا عن اقتصادية. 
فقد قال أشتية، منذ أقل من أسبوع، إن قطاع غزة بحاجة إلى خطة «مارشال» تشمل الإغاثة والإعمار والإنعاش الاقتصادى. 
.. حتمًا، إن قطاع غزة يواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب العدوان الإسرائيلى، وحرب الإبادة الجماعية، ومشاريع التصفية والتهجير. 
غزة، وكل فلسطين المحتلة، هى بحاجة إلى خطة مارشال تشمل الإغاثة وإعادة الإعمار والصحة والإنعاش الإقتصادى، إذا ما استطاعت الملفات وقف العدوان.
إذا ما تم تكليف الدكتور محمد مصطفى، فقد يقف، بيده رسائل «الشركاء الدوليين» ومنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط تور وينسلاند، وإلى جانبه ممثل الاتحاد الأوروبى لدى فلسطين ألكسندر ستوتزمان، وممثل البنك الدولى لدى فلسطين ستيفان إمبلاد.. كلكل هذه الجوقة، تنظر عبر عدسة ما بات تحديًا إنسانيًا، سياسيًا وأمنيًا فى قطاع غزة، قد يكون هو الأخطر والأكبر فى مسارات القضية الفلسطينية، فكيف نفسر صمت السلطة، عن اليوم التالى عقب العدوان، عقب المذبحة والإبادة، سلطة وحكومة تتسول الحلول، والمسئولية عن آلاف من أسر الشهداء، والأطفال الأيتام والجرحى، ومشاريع متعددة الجنسيات للإعمار، وإعادة البنى التحتية، ولم شمل العائلات، واستقرارها، وإن كان «دون مأوى»، فى ظل محدودية الموارد والحصار المالي، عدا عن الفساد والبطالة فى نسيج السلطة.

* الحكومة الجديدة.. تزويق للطروحات المتباينة 
لا تقنوقراط واقتصاد وأمنية، إنما هى حكومة تزويق، لإعادة تدوير الأحداث والوقوف أمام المجتمع الدولى للتسول، وغالبًا، الحرب على غزة، مع استمرار واستقرار حكومة السفاح نتنياهو، لا تمهد أى طريق لإجراء التغييرات، أو الآفاق التى تزيد من استقرار فى السلطة الفلسطينية، هذا إذا ما نشبت معارك توجهات انفصالى بين الحركات والقوى الفلسطينية، بحجة المقاومة والحرب على الفساد، وإعمار غزة، وبالتالى، هى كيكة إسفنجية، تطرح حملها، ربما قبل تشكيلها والتى، فى منطق الولايات المتحدة وأوروبا، وبعض دول المنطقة، فى أمل أن تتولى حكومة محمد مصطفى، إذا تمت، دورًا فى غزة ما بعد الحرب، قد تفرز الأحداث، إعادة الرهان على بقاء حال الحرب على غزة خيارات للعقوبة الجماعية، لكل المنطقة والإقليم، الرأى العام العالمى، يعانى سطوة الإعلام الصهيونى والدرس الأمريكى.

* هل كان تحذير أشتية مقبولًا؟ 
استقالة أشتية حملت تحذيرات، أن المرحلة القادمة تتطلب «ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد» فى قطاع غزة و«محادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطينى فلسطينى مستند إلى أساس وطنى، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين»، وأعتقد، أن ما يحذر منه بات فى دائرة النار، أو كما جاء نصًا:
ظروف معقدة، ومعارك فرضت عليها، بدءًا من معركة القرصنة الإسرائيلية لأموال المقاصة وعائدات الضرائب، بسبب التزامنا بواجباتنا تجاه أسر الشهداء، والأسرى، والجرحى، ثم معركة «صفقة القرن»، التى أرادت إنهاء قضيتنا، و«تنافس الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فى الاستعمار، والقتل، والتنكيل بشعبنا، وحاليًا الإبادة الجماعية التى ترتكب فى غزة، والتصعيد المتواصل فى القدس، والضفة، وجميع أنحاء الأراضى الفلسطينية.
* وثيقة سربتها الحكومة الفلسطينية 
« د. محمد عبد الله محمد مصطفى المرشح الأبرز لتشكيل حكومة التكنوقراط الفلسطينية،
سياسى واقتصادى فلسطينى، 
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، 
نائب رئيس الوزراء الفلسطينى، يشغل منصب رئيس صندوق الاستثمار الفلسطينى، 
.. أنه صاحب موقف، يحمل صفات إنسانية شخصية إيجابية رفيع الأخلاق صادق يتحمل المسئولية أينما عمل يتميز بروح قيادية متواضعة تاريخه العملى مشرف فى جميع المجالات التى شغلها، 
وطنى له شعبية عند كل من عرفه، حاصل على درسات عليا بالاقتصاد مثقف وسياسى أثبت حضورًا كواحد من أبرز الشخصيات الفلسطينية فى المجال الاقتصادى والسياسى، شهدت له العديد من المؤسسات الدولية بالكفاءة والشفافية العالية التى عمل بها فى رئاسة صندوق الاستثمار الفلسطينى وقبل ذلك فى البنك الدولى فى واشنطن وفى حكومة دولة الكويت مستشارًا للإصلاح الاقتصادى والخصخصة، ومستشارًا لدى صندوق الاستثمارات العامة فى المملكة العربية السعودية، وأستاذًا فى جامعة جورج واشنطن.
يقول العارفون به إنه يحمل رؤية لبناء اقتصاد فلسطينى حر أقل اعتمادًا على المعونة من المانحين.
وشغل مصطفى أيضًا منصب نائب رئيس حكومة التوافق الوطنى الفلسطينية التى شكّلها رامى الحمدلله فى يوليو من العام 2014. 
مع تسريب وثيقة المعلومات عن د. محمد مصطفى، الذى قد يصبح رئيسًا الوزراء حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية، هناك تخوف من اجتماعات، تبدأ غدًا فى العاصمة الروسية موسكو، وكانت حكومة أشتية، قبل استقالتها، بحثت طبيعة الوفد الذى سيتوجه إلى موسكو ضمن اجتماع للفصائل الفلسطينية بعد أن كانت روسيا أعلنت عن أنها دعت قادة حماس والجهاد الإسلامى وفتح وتنظيمات أخرى لمحادثات فى موسكو يوم 29 فبراير الحالى حول الحرب فى غزة، استنادًا إلى أن نائب وزير الخارجية الروسى ميخائيل بوغدانوف صرح لوكالة «تاس» الروسية عن دعوة جميع القوى السياسية وهى من 12 إلى 14 منظمة، وقال إن هدف موسكو هو مساعدة القوى الفلسطينية المختلفة على الاتفاق على توحيد صفوفها سياسيًا.
ما ينتج فى موسكو، يعيد تشكيل حال السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن لن يوقف تصعيد الإبادة واستمرار الحرب، والمجاعة التى تهدد القطاع المنكوب. 
فى المستقبل، الحكومة الفلسطينية.. إقالة للمرحلة المقبلة.. لصالح اللعبة الأمريكية، بمعنى إعادة الضغط الأمريكى للشكل الذى سيبقى فى غزة بعد الإبادة والمجاعة.. وتحديات للتدخل الروسى فى الشأن الفلسطينى.