رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دورنا فى وقت الأزمة

لا يخفى على أحد ما تمر به البيوت المصرية هذه الأيام من ظرف اقتصادي خانق فرضته علينا أوضاع داخلية وخارجية، لا مدعاة لاستعادتها الآن. ولكن، أيا كانت الأسباب فإن على الجميع أن يطلع بدور في العلاج، سواء كان هذا الدور المفترض والواجب محدودًا أو ضخمًا، وذلك لتجنب أي تداعيات تُحدث هزة في كيانات أسرية تأثرت بمضاعفة الأسعار بشكل غير مسبوق لمرات عديدة في فترة زمنية محدودة.
وبالفعل اضطلعت الدولة بمسئوليتها رغم الأزمات واستشعر السيد الرئيس أنّات مواطنيه، فتدخل بقرارات تسعى لتخفيف أعباء وتداعيات الأزمة الاقتصادية، وقبل يومين أصدرت الدولة حزمة من القرارات التي تسعى من خلال تطبيقها العاجل إلى توفير حماية اجتماعية حقيقية لمواطنيها. قرارات نتمنى أن تكون كفيلة بتوفير الحياة الكريمة للمواطنين في مواجهة غلاء فاحش للأسعار وجشع أطراف كثيرة بين تاجر احتكر وزايد ورفع في الأسعار، وحرفي بالغ في تقدير قيمة الخدمة التي يقدمها، مبررًا جشعه ومغالاته بارتفاع الأسعار وتراجع أعداد الزبائن.
   جاءت حزمة القرارات الاجتماعية للسيد الرئيس، فكانت بالنسبة للمواطن كالماء البارد على الظمأ. وهذا هو الدور الاجتماعي للحكومة، الذي وجّه سيادته بضرورة القيام به، رغم ما ستتكبده ميزانية الدولة من أعباء إضافية قدّرها الخبراء بما قيمته 180 مليار جنيه سنويًا. أدخلت قرارات الرئيس السيسي السرور على بيوت المصريين، إذ لا يخفى على أحد ما يمكن أن تُحدثه تلك الجنيهات التي تقرر زيادتها في المرتبات من طمأنة لكيانات اجتماعية وأسر كانت قد أوشكت على التفسخ أمام عوز أربابها وعدم قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية لرعيتهم. 
 غير أن منطقية الأمور تجعلنا نؤكد على وجوب قيام الجميع بأدوار تكمل ما قامت به الدولة لنتجاوز جميعًا تلك الأزمة الطارئة، فدورنا كأفراد يستوجب التخلي عن الرفاهيات التي يمكن أن تستقيم الحياة بدونها، خاصة إذا كانت مستوردة يستلزم توفيرها في الأسواق تدبير عملة صعبة، ومبلغ علمي أن قطاعات كبيرة من المواطنين قد فطنت لتلك المسألة وتخلت طوعًا عن عادات غذائية أو استهلاكية لم يعد هناك متسع لها الآن. 
   كما يلزم على الأجهزة الرقابية القيام بجهد أكبر لضبط الأسواق والقبض على المحتكرين والمبالغين في تقدير أسعار السلع أو الخدمات التي يوفرونها. يتبع الأمر سرعة في إجراءات التقاضي والمحاسبة لكل من تسول له نفسه التلاعب بأقوات مواطنيه، ففي أحوال كتلك التي نعيشها يمكن بكل أريحية تصنيف الاحتكار والمضاربة في الأسعار بأنه نوع من الخيانة الوطنية. 
   ومع قرب حلول شهر رمضان وجبت مخاطبة أهل الخير من الأثرياء ورجال الأعمال- حتى ولو كانوا يعانون من تراجع أحوالهم المالية ككل أفراد وفئات المجتمع- إذ نخاطبهم بضرورة التدخل بتقديم الدعم للجمعيات الأهلية، سواء تلك المنضوية تحت لواء التحالف الوطني للعمل الأهلي أو غيرها من الجمعيات التي يديرها من اختبروا أمانتهم وتأكدوا بالتجربة من قيامهم بدور فاعل في حماية مجتمعهم، أو ليكن العطاء مباشرًا لمن تعففوا عن مد أيديهم طالما عرفوا عنهم ضيق ذات اليد وتأكدوا من عوزهم للمعونة، سواء كانوا أقارب أو معارف أو أصدقاء. 
   لست في حاجة إلى القول إن خيرًا ولو قليلًا سيبذله الموثر من فضل ماله سيعوضه الله عنه خيرًا ويُبدله بما سيبذل خيرًا كثيرًا في الدنيا قبل الآخرة. اسألوا أهل الخير لتعرفوا أنني لا أبالغ فيما أقول، فكم من بلاء دفعه الله عن عباده جزاء ما بذلوا وقدموا، وكم من خير ساقه الله إليهم عوضًا عما قدموا، وليكن تعافينا من تلك الأوضاع الاقتصادية بأيادينا نحن وبتكافلنا الاجتماعي الذي وجهتنا إليه الشرائع وحثتنا عليه أعرافنا، وحينئذ، يكون طبيعيا أن نستبشر بفرج الله علينا جميعًا وبالخير الذي سيأتينا غدًا، مرددين قول الشاعر: سيُنزل لُطفه يُسرًا ونُورًا، سيُؤتينا الكريم كما نحبُّ!