رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيادة المصرية ومحور صلاح الدين

فى مقالى السابق تحت عنوان "للشعب الفلسطينى وحده حق تقرير المصير" أكدت رفض السيناريوهات الأمريكية الصهيونية لمستقبل قطاع غزة والشعب الفلسطينى، كما أكدت رفض تصفية القضية الفلسطينية عن طريق الإبادة الجماعية والتهجير القسرى لأهالى قطاع غزة إلى سيناء المصرية، وأهالى الضفة الغربية إلى الأردن.

وبعد الرفض الشعبى والرسمى من مصر والأردن بدأ الكيان الصهيونى "المُصِّر على إقامة دولة يهودية من النيل للفرات" فى تنفيذ ما سُمَّى بالسيناريوهات الناعمة، وهذا التعبير للصهيونى جيورا آيلاند، صاحب فكرة التهجير والتوطين، وذلك عن طريق تطبيق هدفه بالتدريج وعبر عدة خطوات.

وفى إطار ذلك طلع علينا فى يوم الأربعاء 31 يناير رئيس وزراء الكيان الصهيونى بسيناريو لليوم التالى فى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وهو ماكشفته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، ووصفت الصحيفة الخطة بـ"مناورة نتنياهو الاستراتيجية"، وهى سعى نتنياهو لتشكيل حكومة عسكرية إسرائيلية بغزة تشرف على المساعدات لفترة انتقالية، بحيث يكون لإسرائيل الحق بشن عمليات عسكرية فى غزة كما يحدث فى الضفة الغربية، وتتضمن الخطة أيضا إنشاء سلطة جديدة من دون حماس أو أنصار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبومازن، بجانب إجراء تغييرات وإصلاحات فى السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، وليس هذا فقط بل وتشكيل تحالف يضم دولا عربية لدعم تشكيل سلطة فلسطينية جديدة، بحيث إذا نجحت الخطة ضمن جدول زمنى محدد فإن إسرائيل ستعترف بدولة فلسطينية.!!!!

يا سلام علينا أن نرضخ لشروط الكيان الصهيونى المهزوم أمام صمود المقاومة الفلسطينية، والذى عجز عن تحقيق أى من أهدافه منذ عدوانه فى الثامن من أكتوبر 2023، على غزة، ردا على عملية المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى" التى فضحت زيف وكذب الكيان حول أن إسرائيل هى واحة الديمقراطية، وأنها "القوة العظمى الأقليمية" فى الشرق الأوسط، وأنها تملك جيشا لا يُقهر وأقوى جهاز استخباراتى، فلقد عجز الكيان العنصرى عن القضاء على المقاومة "كما كان يتصور".

كما عجز أيضا عن تحرير الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.
كما علينا أن نصدق أن الكيان العنصرى الاحتلالى سيعترف بقيام دولة فلسطينية.!!!!!

وها هو رئيس الموساد الإسرائيلى السابق يوسى كوهين، بعد 80 يوما من عدوان الكيان الصهيونى العنصرى على قطاع غزة، يقول: "ليسمعنى بنى وطنى، إذا استمر هذا الفريق فى قيادتنا (يقصد نتنياهو وحكومته) فنحن عائدون إلى البلدان التى جئنا منها؛ بولندا وروسيا وبريطانيا وأمريكا؛ إذا سمحوا لنا بالعودة".

كشفت مصادر سياسية وإعلامية إسرائيلية، السبت 27 يناير 2024، عن أن إسرائيل أبلغت مصر بأنها تنوي دخول منطقة رفح ومحور فيلادلفيا جنوبي غزة، لكنها لن تبقى في المنطقة بشكل دائم. ولقد أثار الأمر غضب الجانب المصري الذي واجه الطلب بمعارضة شديدة، لتبدأ محادثات بين الطرفين حاول خلالها الجانب الإسرائيلي تهدئة مصر، وتعهد بألا يقوم على الإطلاق بتهجير الفلسطينيين تجاه الأراضي المصرية، وشدد الجانب الإسرائيلي على أن القوات لن تبقى في المنطقة لوقت طويل.

وقد تم الاتفاق على لقاءات بين الطرفين للحديث عن الموضوع، حسبما ذكر محرر الشئون الإسرائيلية لـ"سكاي نيوز عربية"، ورغم المحاولات الإسرائيلية لتهدئة الوضع، فإن رئيس وزراء إسرائيل خرج، السبت، بتصريحات يمكن وصفها بالتصعيد، عندما أعلن عن أن لكل بلد مصالحه التي يسعى لتحقيقها، ضاربا بعرض الحائط الغضب المصرى.

وأكد مصدر مصرى رفيع المستوى لـ"القاهرة الإخبارية"، فى يوم الأربعاء الموافق 30 من يناير 2024، أنه لم تتم أى ترتيبات مع الجانب الإسرائيلى بشأن محور صلاح الدين "فيلادلفيا"، وغير مقبول أى تحركات من جانب تل أبيب.

ويخطط الكيان الاستيطانى المحتل لعملية عسكرية داخل غزة على طول الحدود مع مصر، وتردد أن هذه العملية تشمل إبعاد الفلسطينيين وتمركز قوات إسرائيلية على امتداد الزاوية الجنوبية الشرقية لغزة المتاخمة لكل من الكيان ومصر باتجاه البحر المتوسط، على بعد 12 كيلومترا إلى الشمال الغربى.

محور صلاح الدين، "محور فيلادلفيا بالعبرى"، شريط حدودى ضيق داخل أراضى قطاع غزة، يمتد بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر من البحر المتوسط وحتى معبر كرم أبوسالم، وهو محور ثلاثى الاتجاهات، بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، مع تفكيك أبراج المراقبة المحاذية وإعادة بنائها غربًا داخل الأراضى المصرية.

ووفقًا لأحكام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية "كامب ديفيد" عام 1979، اشترطت إسرائيل للانسحاب من شبه جزيرة سيناء أن تكون الحدود كما كانت أيام الانتداب البريطانى على فلسطين، ويكون منفذ الحدود فى مدينة رفح، وتكون المنطقة القريبة من الحدود (ج) منطقة منزوعة السلاح، فيها فقط أسلحة خفيفة مع قوات من الشرطة. وكان الغرض من المحور هو منع التهريب للمواد غير المشروعة (الأسلحة والذخائر والمخدرات) ومنع الهجرة غير الشرعية عن طريق منع التسلل عبر الحدود.

بعد اتفاقية أوسلو (2) عام 1995 وافقت إسرائيل على الإبقاء على المحور بطول الحدود كشريط آمن لمنع التهريب.

وبعد انسحاب قوات الاحتلال من غزة تم نقل سلطة محور صلاح الدين إلى السلطة الفلسطينية، وتم فتح معبر رفح فى نوفمبر 2005، ووضعه تحت السلطة الفلسطينية ومصر ومراقبين من الاتحاد الأوروبى.
بعدما سيطرت حركة حماس على السلطة فى غزة 2007، سيطرت بالكامل على محور صلاح الدين، ومنذ ذلك الحين يفكر الكيان الصهيونى فى استعادة السيطرة على المحور من أجل منع حماس من إعادة التسليح.

إن ما تعلنه الآن إسرائيل وتهدد به من إعادة تمركز قوات إسرائيلية على طول محور صلاح الدين ينتقص من قطاع غزة مساحة 65 كيلومترا مربعا، ويعتبر خرقا لكل الاتفاقيات التى أُبرِمت بين مصر والكيان الصهيونى، ويهدد الأمن القومى المصرى.

لذا، إننا نرفض الاعتداء على السيادة المصرية، ونرفض ما تقوم به الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة من إبادة جماعية ومن تهجير قسرى للشعب الفلسطينى من شمال غزة إلى جنوبها، وحصارهم وتجويعهم لدفعهم للتوطين فى سيناء، وأيضا التهجير القسرى لأهالى الضفة الغربية إلى الأردن، لأن ذلك معناه تصفية القضية الفلسطينية وإقامة "الدولة اليهودية".

ونضم صوتنا إلى أصوات الشعوب العربية وشعوب العالم الحرة الأبية التى خرجت فى كل أنحاء العالم بالآلاف والملايين من أجل دعم الشعب الفلسطينى ومساندته، والمطالبة بالوقف الفورى للعدوان الصهيونى، ووقف الإبادة الجماعية، ومحاكمة مجرمى الحرب الصهاينة على جرائمهم العنصرية وجرائم الحرب ضد الإنسانية التى يرتكبونها يوميًا فى حق الشعب الفلسطينى.

المجد والخلود للشهداء، والشفاء للجرحى والمصابين، والحرية للأسرى، والنصر للمقاومة، والبقاء للشعوب، والزوال للاحتلال.