رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأطفال أداة تلاعب عاطفي للتسول.. جريمة بشعة تتطلب وقفة جادة

التسول
التسول

أصبح التسول من الظواهر الاجتماعية المنتشرة في الآونة الأخيرة، وخاصة في زمن أصبح فيه المال هو المعيار الأساسي في الحياة، ومن أكثر الظواهر المؤسفة والخطيرة هي استخدام الأطفال في التسول في الشوارع والأسواق من قبل أهلهم أو عصابات التسول، حيث يتم اجبارهم على ذلك من خلال ضربهم أو تعذيبهم إذا لم يحققوا مبالغ مالية معينة، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى الكي أو الحرق أو القتل. 

أثار رواد مواقع التواصل الاجتماعي، جدلا واسعا بنشر فيديو على منصة "تيك توك" لطفل متسول في أحد شوارع الإسكندرية، وهو يرتدي ملابس خفيفة وممزقة ويقف وسط المطر ويطلب الصدقة، وحاول أحد المارة إعطائه جاكيت ليحميه من البرد، لكنه رفضه وطلب منه مالا بدلا من ذلك، وبسؤال الطفل عن السبب، أشار إلى أن والده حذره من ارتداء الملابس الثقيلة، حتى يستعطف الناس ويحصل على المزيد من المال.

وأشار رواد التواصل الاجتماعي إلى أن الأطفال يتم استخدامهم كأداة للتلاعب العاطفي، وذلك من خلال استعطاف شفقة الناس ورغبتهم في مساعدة الأطفال، بالإضافة إلى أن المساعدة المباشرة لهؤلاء الأطفال قد تكون دورا في تعزيز هذه الظاهرة وتعزيز الفقر والاستغلال. 

وتشير البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية المصرية إلى زيادة قضايا التسول حيث تم ضبط 11295 قضية تسول في شهر ديسمبر 2023 بينما شهر نوفمبر 2023 قد سجل 1109 قضية تسول، أما شهر أكتوبر لنفس العام سجل 8826 قضية تسول.

و ترصد “الدستور” عدد من الجرائم المرتكبة: 

مصر القديمة

أدلى عاطل متهم بالتسول بالأطفال في مصر القديمة، أمام النيابة العامة بجنوب القاهرة، باعترافات تفصيلية، قائلا: "استغليت الأطفال في أعمال التسول بدائرة القسم علشان أكسب من وراهم فلوس"، مشيرا إلى أنه يقوم بتدريبهم على أعمال التسول وكيفية استعطاف المواطنين.

قصر النيل

تم تداول مقطع فيديو عبر أحد مواقع التواصل الإجتماعى، متضمن تعدي أحد الأشخاص على طفلة بدائرة قسم شرطة قصر النيل بالقاهرة، وبالتحقيق تبين انه والدها وبمواجهته اعترف انه يجبر نجلته على القيام بأعمال التسول.

شمال القاهرة 

قررت النيابة بشمال القاهرة حبس متهمين أدلوا باعترافات تفيد تكوينهما تشكيل عصابي تخصص نشاطه في استغلال الأطفال وإجبارهم على التسول مؤكدين على تحقيق أرباح مالية كبيرة من خلال استغلالهم. 

المنصورة

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على أستاذة جامعية ارتكبت جريمة بشعة في حق نجلها من خلال تعذيبه وكيه بالنار لإجباره على التسول، وقد استغاث الطفل بالأهالي؛ لإنقاذه من أمه، التي تعمل معيدة بأحد الكليات الجامعية.

"الدستور" في هذا التقرير تحدثت إلى اجتماعيين وقانونيين وخبراء نفسييين لوضع نقاط استرشادية لمكافحة تلك الظاهرة.

وبدوره، اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة مصر اليابان في القاهرة الدكتور سعيد صادق  أن التسول مهنة من لا مهنة له، وإن تلك الظاهرة تعتمد على ثقافة الشعب الدينية والزكاة والصدقة والتعاطف مع المحتاج واصحاب الاحتياجات الخاصة، موضحا أن بسبب الانفجار السكاني وعدم وجود إجراءات رادعة ضد المجرمين الذين يستغلون أطفالهم كأدوات لجمع النقود، سوف تستمر تلك الظاهرة وقد تنتج مجرمين في المستقبل. 

وأشار صادق لـ"الدستور" إلى أن حل تلك الأزمة يكمن في تمكين المجلس القومي للأمومة والطفولة ماديا وقانونيا للتعامل مع مثل تلك الحالات وأيضا منظمات المجتمع المدني، موضحا أن الإعلام لابد أن يلعب دورا مهما في التوعية. 

وقانونيا، قال الباحث بدراسات القانون العام الجنائي ومجلس الدولة الدكتور هاني سامح أن قانون العقوبات في المادة 291 نص على حظر كل مساس بحق الطفل في الحماية من الإتجار به أو الاستغلال الجنسي أو التجاري أو الاقتصادي، أو استخدامه في الأبحاث والتجارب العلمية وعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تتجاوز 200 ألف جنيه.

وشرح سامح لـ"الدستور" أن جرائم استخدام الأطفال في التسول تندرج تحت تجريم قانون مكافحة الإتجار بالبشر وتنص العقوبة على السجن المؤبد مع غرامة نصف مليون جنيه، حيث تنص مواده على أنه  يعد مرتكبا لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة فى شخص طبيعى بما فى ذلك الاستخدام في التسول. 

وفي سياق متصل، أوضح استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز أن الضغوط الإقتصادية أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة التسول، لافتا لـ"الدستور" إلى أن استغلال بعض الأشخاص للأطفال في التسول يدل على وجود إضطرابات شخصية لديهم بالإضافة إلى انهم أشخاص سيكوباتية مضادة للمجتمع، حيث أن لديهم سلبية مرتفعة، ولا يدركون نتائج تصرفاتهم.