رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«معلق الغلابة».. الصوت الذي هزَّ الضمائر في الدفاع عن غزة بـ«دوري المظاليم»

مصطفى رمضان
مصطفى رمضان

في زمن تتسابق فيه القنوات الرياضية على انتقاء أفضل المعلقين الصوتيين للمباريات الكروية، وتتنافس فيه الأصوات الشهيرة على الظهور والتألق في الساحة الإعلامية، يوجد صوت آخر ينبع من قلب الشارع المصري، يعلق على مباريات الدوريات الهامشية، وينقل للمشاهدين أجواء اللعبة بحماسة وعفوية، ويستغل كل فرصة للتعبير عن قضية فلسطين والمجازر التي تتعرض لها غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي.

إنه مصطفى رمضان، الشاب الثلاثيني، الذي حلم بأن يكون معلقَا رياضيًا منذ طفولته، وسعى لتحقيق حلمه بكل جد واجتهاد، ولم ييأس من الظروف الصعبة التي واجهته في مشواره، ولم ينتظر الفرصة من أحد، بل خلقها بنفسه، واستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لعرض موهبته وجذب الانتباه إليه.

المعلق الرياضي «مصطفى رمضان»

تخرج «رمضان» بالمعهد النموذجي للدراسات التكنولوجية المتطورة، وهو أحد قاطني محافظة الجيزة، اختار العمل في مجال التعليق الصوتي على مباريات كرة القدم في الدرجات المختلفة من دوري الدرجة الثانية والثالثة والرابعة المصري، والتي يطلق عليها «دوري المظاليم»، لأنها تفتقر إلى الدعم والاهتمام والتغطية الإعلامية.

يحكي «رمضان» في حديثه لـ«الدستور»، عن قدوته في المجال وهو المعلق الشهير علي محمد علي، معلق قنوات بي إن سبورت، وكيف تأثر بأسلوبه وطريقته في التعليق، معبرًا عن أمله في الوصول يومًا ما إلى مستواه، وأن يكون معلقًا رياضيًا في إحدى القنوات الرياضية الكبرى.

المعلق الرياضي «مصطفى رمضان»

صوت الشارع

لكن ما جعل «رمضان» ينال شهرة واسعة ويحظى بإعجاب الكثير في الأيام الماضية، هو مقطع فيديو انتشر له على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يقدم إحدى مباريات الجولة الحادية عشرة من دوري الدرجة الثانية المصري في محافظة الغربية، والتي تجمع بين نادي القزازين الدمياطي (صاحب الصدارة) وفريق مالي في كفر الزيات، حين بدأ بمقدمة مؤثرة عن الأحداث الدائرة في غزة، ليظهر تضامنه الكامل كمواطن مصري مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الإسرائيلي.

في هذا المقطع، استعان «رمضان» بالكلمات التي كتبها الشاعر السعودي مهذل بن مهدي الصقور، وأنشدها المنشد العراقي علي الحسيناوي، والتي تقول: «أتظن أنك عندما أحـــرقتني، ورقصت كالشيطان فوق رفاتي، وتركتنـــي للذاريات تـذرني، كحلًا لعين الشمس في الفلـوات، أتظـن أنك قـد طــمست هويتي، ومحوت تاريخي ومعتقداتي، عبثًا تحاول.. لا فناء لثائر، أنا كالقيامة ذات يوم آت».

هذه الكلمات التي نطق بها المعلق بصوت مرتفع ومليء بالحزن والغضب، أثرت في قلوب المشاهدين، وأبكت الكثيرين، وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وتداولها النشطاء والإعلاميون والرياضيون، وأشادوا بشجاعته ووطنيته وإنسانيته، وأطلقوا عليه لقب "معلق الغلابة"؛ لأنه ينتمي إلى الطبقة الفقيرة والمهمشة، ويتحدث بلغة الشعب وينقل مشاعره وآلامه.

المعلق الرياضي «مصطفى رمضان»

يقول «رمضان» إنه لم يتوقع أن يحدث كل هذا الصدى لمقطعه الذي نشره على صفحته الشخصية عبر «فيسبوك»، وأنه كان يتحدث عن القضية الفلسطينية في المباريات التي يعلق عليها بشكل عام، ولكن هذا المقطع خاصة هو الذي انتشر وتداولته المواقع الإلكترونية بشكل واسع.

ويعبر عن ذلك: «فوجئت بالتفاعل الكبير مع الفيديو، وتلقيت العديد من التعليقات والرسائل والاتصالات من أشخاص مختلفين، يشيدون بموقفي ويشجعونني على الاستمرار في تقديم محتوى مميز ومؤثر، ويقدمون لي بعض النصائح لتطوير أسلوبي ومهاراتي في التعليق الرياضي».

لم يتوقع «رمضان» أن يصل إلى هذا المستوى من الشهرة والتكريم، ولم يكن يبحث عن ذلك، بل كان يعبر عن مشاعره الصادقة ومبادئه الثابتة، وكان يحاول أن يكون صوتًا للحق والعدل والسلام، فهو يؤمن بأن الحلم مهما بعد يمكن أن يتحقق بالإرادة والعزيمة والجهد.

منفذ الشباب

واجه «رمضان» صعوبات كبيرة في تحقيق هذا حلمه؛ بسبب الوساطة والمحسوبية والمقابل المادي الذي يطلب منه في بعض الأمور المتعلقة بالعمل كمعلق كروي، لذلك، اتجه إلى منصات السوشيال ميديا لتسويق عمله وإظهار موهبته في التعليق الصوتي على مباريات كرة القدم في الدرجات المختلفة من الدوري المصري.

ويستكمل حديثه: «بوابة السوشيال ميديا تعتبر في الوقت الحالي منفذًا للجميع ونافذة للاكتشاف والظهور؛ لأنه من الصعب للغاية التقديم في قنوات رسمية، واستطعت من خلالها كسب ثقة العديد من المتابعين الذين أجمعوا على أننا نقدم محتوى مميزًا ويليق بظهورنا في هذه القنوات، لكن حتى الآن لم أتلقى أي عرض رسمي للعمل في القنوات الرياضية المعروفة».

ويكشف «رمضان» عن محاولاته السابقة للتقديم في القنوات الرسمية، قائلًا: «شاركت في مناسبتين سابقتين، حين أعلنت قناة «أون سبورت» عن مسابقة لمواهب التعليق الكروي، وكان تم اختياري من ضمن 60 معلقًا من أصل 3 آلاف معلق تقدموا للمسابقة، ولكن للأسف حين ذهبت إلى القناة لإجراء الاختبار كان التصويت بمقابل مادي حينها، ولم أستطع استكمال المسابقة بسبب ضائقة مالية تعرضت لها».

مشاركة «رمضان» في مسابقة التعليق الصوتي

ويتابع: «المسابقة الثانية كانت من خلال مركز الشباب ضمن مهرجان مركز إبداع التابع لوزارة الشباب الرياضة، وتم تصنيفي حينها ضمن أفضل 5 معلقين على مستوى جمهورية مصر، ولكن ذلك أيضًا لم يؤهلني للعمل بشكل رسمي، وكان عبارة عن فوز بمركز فقط لا غير، ولم تتوفر فرصة من خلالهم للالتحاق بقناة رياضية».

ويختتم «رمضان» حديثه، بالإشارة إلى خططه المستقبلية: «أخطط للسفر خارج مصر في الفترة المقبلة؛ لأن فرصة التواجد في قناة رياضية مصرية صعبة للغاية، وكان لي بالفعل تجارب سابقة في التعليق الكروي في سلطنة عمان، ومع المنتخبات اليمنية أيضًا، وهناك قبول كبير بموهبتي في الدول العربية، لذا سأحاول استغلال ذلك جيدًا».

تكريم «رمضان» في اليمن