رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضريبة العدوان.. انقسامات سياسية وتمرد عسكرى وانهيار اقتصادى فى دولة الاحتلال

جيش الاحتلال
جيش الاحتلال

أكدت تقارير عبرية وغربية ارتفاع حدة الغضب داخل المجتمع الإسرائيلى، وتزايد الفوضى داخل صفوف جيش الاحتلال، مع تراجع الروح المعنوية للجنود، وسط تصاعد الرفض لاستمرار الحرب على قطاع غزة بعد أكثر من ١٠٠ يوم على اندلاعها، واستمرار الفشل فى تحقيق أهدافها المعلنة، بالإضافة إلى الخلافات الحادة بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية حول عجز الموازنة وتخفيض ميزانيات الوزارات المختلفة، لدفع تكاليف الحرب والتسليح.

يأتى ذلك، وسط تصاعد التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، بسبب إحباط إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الرافض أى جهود لتسوية الأزمة، مع استمرار الخلافات معه حول سيناريو «اليوم التالى» للحرب، الأمر الذى دفع واشنطن للبحث جديًا عن بديل له، لقيادة المرحلة المقبلة.

إسرائيل المتضرر الأكبر من هجمات الحوثيين فى باب المندب.. وتأثيرها كبير على الاقتصاد العالمى

أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الإسرائيلية، أن العالم بأكمله يدفع ثمن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعدما أصبحت التكلفة الاقتصادية للحرب محسوسة عالميًا، مع التحذير من أن إطالة أمدها ستكون لها عواقب كارثية على الاقتصاد العالمى، خصوصًا مع استمرار استهداف الحوثيين سفن الشحن فى البحر الأحمر.

وأوضحت الصحيفة أنه بالنظر إلى الإحصائيات والأرقام، فإن إسرائيل هى الخاسر الأكبر من الحرب والتصعيد فى باب المندب، الذى لم يؤثر على حركة المرور فى قناة السويس إلا قليلًا.

وأشارت الصحيفة إلى أن استمرار استهداف سفن الشحن المتجهة إلى إسرائيل فى البحر الأحمر يهدد استقرار أهم طرق الشحن الدولية، وأدى إلى إقحام كثير من الدول فى الصراع، الذى تصاعدت حدته بعد قصف التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، مواقع الحوثيين العسكرية فى اليمن.

وأضافت «رغم ذلك، يبدو أن الحوثيين يواصلون أنشطتهم فى الوقت الحالى ويستمرون فى تحمل المسئولية عن سلسلة من الهجمات ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل». 

ولفتت إلى أنه نظرًا للتهديدات الأمنية فى المنطقة، فقد قام العديد من السفن برحلة بديلة أطول، بالالتفاف حول القارة الإفريقية بأكملها، ما يطيل الرحلة لعدة أيام ويزيد التكاليف الإجمالية المتكبدة خلالها. 

وأكدت الصحيفة أن هدف الحوثيين تحقق، وكبدوا الاقتصاد الإسرائيلى خسائر كبرى، رغم أن التأثير على باب المندب امتد ليشمل دولًا أخرى، منوهة بأن كثيرًا من السفن التى تمر عبر المضيق تواصل طريقها، حتى الآن، إلى قناة السويس بكل أمان وسهولة، باستثناء السفن المتجهة لإسرائيل أو التابعة للتحالف الأمريكى.

إحباط لدى إدارة «بايدن».. لقاءات أمريكية فردية مع زعماء المعارضة لاستبدال نتنياهو

خارجيًا، كشف تقرير لشبكة «إن بى سى» الأمريكية عن أن الخلافات تزداد بين كل من الرئيس الأمريكى جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بشكل ملحوظ للغاية، إذ لم يتواصل المسئولان بشكل مباشر مع بعضهما البعض فى الأسابيع الأخيرة.

وقالت الشبكة فى تقريرها: «تصاعدت حدة الإحباط بين بايدن ونتنياهو، بينما يضع مسئولو إدارة بايدن الأساس مع القادة الإسرائيليين الآخرين تحسبًا لتشكيل حكومة ما بعد نتنياهو».

وأضافت أن الخلافات بين إدارة «بايدن» و«نتنياهو» بشأن تعامل إسرائيل مع حربها مع غزة، ورفض الأخير النظر فى المقترحات الأمريكية لغزة ما بعد الحرب كانا أكثر وضوحًا أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن الأخيرة لإسرائيل، منوهة بأن وزير الخارجية عاد إلى واشنطن بعد أن رفض «نتنياهو» جميع طلبات الإدارة، باستثناء واحد وهو التفاهم على أن إسرائيل لن تهاجم «حزب الله» فى لبنان.

وأشارت إلى أن «نتنياهو» أخبر «بلينكن» بأنه غير مستعد للتوصل إلى اتفاق يسمح بإقامة دولة فلسطينية، مضيفة: «الآن يقول ثلاثة مسئولين أمريكيين كبار إن إدارة بايدن تتطلع إلى ما هو أبعد من «نتنياهو» لمحاولة تحقيق أهدافها فى المنطقة».

ونوهت بأن إدارة «بايدن» تحاول حاليًا وضع الأساس مع قادة إسرائيليين آخرين، تحسبًا لتشكيل حكومة «ما بعد نتنياهو» فى نهاية المطاف، لافتة إلى أن «بلينكن»، وفى محاولة للالتفاف، التقى بشكل فردى قادة إسرائيليين، من بينهم زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد، لترتيب الأوضاع.

خلافات فى الحكومة بعد تراجع رئيس الوزراء عن صفقة إطلاق سراح المحتجزين دون استشارة المجلس

فيما يتعلق بملف المحتجزين، قالت مصادر إعلامية إسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تراجع عن الخطوط العريضة المتفق عليها لإطلاق سراح المحتجزين فى قطاع غزة دون استشارة مجلس الوزراء، ما أشعل شرارة غضب جديدة داخل المجلس، خاصة بعدما عرقل «نتنياهو» صفقة مؤكدة كان يمكن أن تؤدى إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين، وذلك من أجل إطالة أمد الحرب والحفاظ على منصبه لأطول فترة ممكنة.

وأوضحت المصادر، حسب تقارير نشرتها صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أن القيادة السياسية فى إسرائيل ناقشت فى الأيام الأخيرة الظروف المحتملة لإجراء مفاوضات جديدة واستباقية، يمكن أن تؤدى فى النهاية إلى إتمام صفقة لإطلاق سراح المحتجزين، مع دفع المفاوضات إلى الأمام من خلال وسيط، لكن «نتنياهو» أجّل تلك المحادثات وزاد من المطالب التى تم الاتفاق عليها.

وحسب الصحيفة، فقد جرت مناقشات حول الشروط مع وزير الدفاع يوآف جالانت، والوزيرين بينى جانتس وجادى آيزنكوت، وأدت هذه المناقشات فى النهاية إلى التوصل إلى شروط متفق عليها من شأنها أن توجه تقدم المفاوضات، لكن بعد أيام قليلة من اختتام المناقشات، قام «نتنياهو» بزيادة المطالب دون التنسيق مع وزراء حكومة الحرب، الذين اكتشفوا الأمر لاحقًا، وواجه بعضهم رئيس الوزراء للتعبير عن غضبهم.

وقالت مصادر داخل الحكومة إن نتنياهو «يفوت فرصة للمضى قدمًا فى صفقة إطلاق سراح المحتجزين من أجل إطالة أمد الحرب».

وعلق يائير لابيد، زعيم حزب «هناك مستقبل»، على ذلك بقوله: «إن التقارير حول فصل وزير الدفاع عن القرارات الأمنية التى تؤثر على استمرار القتال وحياة المحتجزين هى دليل إضافى على أن إسرائيل لديها رئيس وزراء غير كفء، مع حكومة غير قادرة على إدارة الوضع، ما يستلزم تغييرات فورية».

ثانى أكبر عجز بعد أمريكا.. أزمة بسبب خفض ميزانية الوزارات لزيادة الإنفاق على الحرب

اقتصاديًا، أثارت ميزانية ٢٠٢٤، التى وضعتها حكومة نتنياهو مخاوف واسعة بين الإسرائيليين، بعد أن تم تخفيض ميزانية العديد من الوزارات على حساب زيادة الإنفاق على المجهود الحربى والتسليح.

وقالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن الميزانية الجديدة أثارت مخاوف كبيرة، إذ أتت على حساب زيادة الضرائب وخفض الإنفاق، الذى من شأنه أن يلحق الضرر بعدد من الطبقات الاجتماعية، مع إصرار الحكومة على زيادة الإنفاق على المجهود الحربى.

وقالت الصحيفة إنه فى نهاية الأسبوع الماضى كانت موافقة مجلس الوزراء على الميزانية المعدلة لعام ٢٠٢٤ لا تزال متعثرة بسبب الخلافات السياسية، بعدما أعرب العديد من الوزراء عن غضبهم من تخفيضات ميزانية جميع الوزارات تقريبًا، قبل أن يتمكن «نتنياهو» من الحصول على موافقتهم على ذلك، بالحديث عن الضرورة الملحة لاستمرار الحرب.

وأوضحت أن الميزانية حددت العجز عند نسبة ٦.٦٪ من الناتج المحلى لعام ٢٠٢٤، مع إيجاد مصادر لتمويل الزيادة المتضخمة فى الإنفاق بنحو ٧٠ مليار شيكل (١٩ مليار دولار)، وسط توقعات بعجز يزيد على نصف هذا الرقم، ووصول نفقات الحرب حتى ٢٠٢٥ إلى ما يزيد على ٣ أضعافه، دون حساب خسائر الإيرادات بسبب آثار الحرب.

وأشارت إلى أن النتيجة هى أن إسرائيل ستعانى من ثانى أكبر عجز فى العالم الغربى بعد الولايات المتحدة، بخمسة أضعاف المتوسط فى دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.

ونوهت بأن التدابير المالية التى وافق عليها مجلس الوزراء بشكل أساسى ستجعل الدخل المتاح للأسر أقل، مع تأثر الخدمات الاجتماعية والمدنية، الأمر الذى سيكون له تأثير ضار على أصحاب الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة العاملة.

فوضى تضرب جيش الاحتلال.. الجنود يرفضون مواصلة الحرب مع انهيار روحهم المعنوية واستمرار سقوط الضحايا بين صفوفهم

وسط الاضطرابات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية بإسرائيل، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية عن أن هناك حالة من الرفض الكبير تتنامى بين صفوف جيش الاحتلال لمواصلة الحرب على غزة، بعد أن تجاوزت ١٠٠ يوم كاملة، لا سيما مع انهيار الحالة المعنوية والنفسية للجنود.

وقالت الصحيفة إن الحرب ضد غزة لا تشبه أى شىء شهدته إسرائيل على الإطلاق، موضحة أن رسالة السياسيين الإسرائيليين حول إمكانية مواصلة القتال دون نهاية فى الأفق هى رسالة غير صحيحة وخطيرة.

وأضافت أنه بعد أكثر من مائة يوم من القتال فى غزة، هناك ظاهرة واحدة لا تحظى بالاهتمام الكافى من الرأى العام، وهى العبء الهائل المستمر الذى يتحمله الجنود المقاتلون، خاصة أنه فى بعض الوحدات القتالية يكون عدد الجنود الذين انسحبوا بسبب مشاكل عقلية أعلى من أو يساوى عدد الجنود الذين أصيبوا فى المعركة، خاصة أن المواجهة الحالية غير عادية من حيث عدد الضحايا المرتفع نسبيًا، وفى طبيعة القتال- الذى يدور فى مناطق مكتظة بالسكان أو تحت الأرض. ونوهت بأن كثيرًا من الجنود يعانون قسوة قيادات الجيش، الذين يرفضون منحهم إجازات خارج قطاع غزة، فيما أبدى أهالى الجنود فى لواء المظليين المجندين غضبهم لأن اللواء يوفر اتصالًا أقل بين الجنود وعائلاتهم مقارنة بالألوية الأخرى، وهو ما تكرر فى عدد من الكتائب، التى شكت فيها العائلات من عدم تلقى أى معلومات منتظمة عن أبنائهم، مع عدم القدرة على التواصل معهم ولو بشكل غير مباشر، من خلال وحداتهم.