رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توتر في واشنطن.. "الإنقسامات الإسرائيلية" تعرقل جهود إنهاء الحرب في غزة

الإنقسامات الإسرائيلية
الإنقسامات الإسرائيلية

أفادت مجلة بولتيكو الأمريكية بأنه “ليس من المستغرب” أن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر لإقناع إسرائيل بإنهاء حملتها العسكرية في غزة فشلت، بسبب الانقسامات الكبرى التي تضرب حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والهدف الذي يمكن أن تحققه هذه الحرب.

وتابعت أن وزراء نتنياهو يخوضون نزاعات حادة حول ما إذا كان ينبغي لإسرائيل أن توافق على وقف دائم لإطلاق النار وإعطاء الأولوية لعودة 136 محتجزًا لدى حركة حماس أو المضي قدمًا في هدف القضاء على حماس، وهو ما يظن البعض أنه لا يمكن تحقيقه بالكامل.

اجتماعات عاصفة وانقسامات تعرقل الجهود المصرية القطرية لإنهاء الحرب

أضافت أن سلسلة من الاجتماعات العاصفة الإسرائيلية عقدت خلال الأيام الأخيرة فشلت في تصحيح “رأب الصدع”، حيث عارض نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت قبول الصفقة التي تحاول مصر وقطر التوسط فيها والتي من شأنها أن تشهد وقفا دائمًا لإطلاق النار.

ووفقًا لتقارير إعلام إسرائيلية، التي أكدها مسؤول إسرائيلي كبير تحدث إلى “بوليتيكو” فإن بيني جانتس وجادي آيزنكوت، السياسيين المعارضين الوسطيين الذين انضموا إلى حكومة الحرب في عرض للوحدة الوطنية، يتجادلون حول المحتجزين.

وأوضحت الصحيفة أن الوسطاء القطريون والمصريون يكافحون منذ أسابيع من أجل وضع اللمسات الأخيرة على صفقة المحتجزين، مع إصرار حماس على ضرورة موافقة إسرائيل على وقف دائم للحملة العسكرية، إن وقف إطلاق النار المؤقت، الذي تستأنف إسرائيل بعده الحرب، ليس مقبولاً.

ورفضت إسرائيل الشرط الذي طالبت به حماس، لكن جانتس وآيزنكوت شككوا في هذا النهج، وقال آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق وعضو حزب الوحدة الوطنية الذي يقوده جانتس، في اجتماع لمجلس الوزراء نهاية الأسبوع إن على إسرائيل أن تتوقف عن خداع نفسها بشأن قدرتها على القضاء على حماس.

وقال في الاجتماع، بحسب ما أوردته القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية وصحيفة يديعوت أحرونوت:"علينا أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا، وإظهار الشجاعة، والتوصل إلى صفقة كبيرة من شأنها إعادة المحتجزين إلى الوطن".

وأوضحت المجلة أن كلمات آيزنكوت تحمل وزنًا إضافيًا، لأنه يحظى بالاحترام عبر الطيف السياسي وكان أحد واضعي ما يسمى بعقيدة الضاحية، وهي استراتيجية عسكرية تدعو إسرائيل إلى استخدام القوة غير المتناسبة ضد الأعداء، بما في ذلك تدمير البنية التحتية المدنية،وقد حكم هذا المبدأ الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة ردًا على عملية طوفان الأقصى، كما يحظى آيزنكوت بتعاطف واسع النطاق لأن ابنه وابن أخيه قُتلا أثناء القتال في غزة.

يشعر جانتس بالقلق إزاء حياة الإسرائيليين الذين ما زالوا في أيدي حماس، ويظهر باعتباره السياسي الإسرائيلي الأكثر احتمالا أن ينهي مسيرة نتنياهو السياسية الطويلة، وحضر هو وأيزنكوت مسيرة  الأحد في تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين بعد 100 يوم من الأسر.

وفي ذلك التجمع، قال زعيم المعارضة يائير لابيد إنه على الرغم من أن هزيمة حماس وإعادة للمحتجزين هدفان على نفس القدر من الأهمية، إلا أنهما ليسا بنفس القدر من الإلحاح. 

وقال "تحطمت قلوبنا في 7 أكتوبر، طالما أن هناك محتجز إسرائيلي واحد في أنفاق حماس، ستبقى قلوبنا مكسورة،  وشدد على أن إعادة المحتجزين إلى الوطن يجب أن تأتي أولًا.

أوضحت المجلة أن نتنياهو، الذي يبدو أن بقائه السياسي مرتبط بحرب أطول، متمسك بالحاجة إلى مزيد من القتال للقضاء على حماس، وكرر هذا الموقف يوم الأحد قائلا إن "أحد الأمور التي أصبحت واضحة بما لا يدع مجالا للشك هو أننا يجب أن نستمر في هذه الحرب، وستستغرق عدة أشهر"، ويقول هو وجالانت إن أهداف الحرب الأصلية المتمثلة في تدمير حماس وتأمين إطلاق سراح المحتجزين لا تتعارض مع بعضها البعض، بل هي في الواقع مرتبطة ببعضها البعض، ويقولون إن الضغط العسكري المستمر على الجماعة المتشددة هو وحده الذي سيضمن حرية الأسرى.

وقال الوزير إيهود أولمرت، وهو من أشد منتقدي نتنياهو، لصحيفة بوليتيكو إن إسرائيل تقف على مفترق طرق، وأنه يشعر أن الضغط الشعبي يتزايد لإعطاء الأولوية للمحتجزين، مضيفًا: "ثمة شكوك كبرى بشأن ما إذا كان هدف العملية في المقام الأول (إبادة حماس) كان واقعيا، ومن ناحية أخرى الخوف من احتمال فقدان المحتجزين".

ويعتقد أولمرت أن إسرائيل قد انتصرت بالفعل من خلال إلحاق أضرار جسيمة بحماس، وأن هدف القضاء على الجماعة الفلسطينية كان دائما مبالغا فيه وهو الموقف الذي اتخذه في بداية الحرب، ولكن هذا "أصبح الآن واضحا للآخرين". 

ويشعر البعض في حزب الوحدة الوطنية الذي يتزعمه جانتس بالإحباط ويعتقدون أنه يجب عليه هو وآيزنكوت الانسحاب من حكومة الحرب، التي يتمتع فيها جانتس بعضوية كاملة ويتمتع آيزنكوت بوضع مراقب لكنه يشارك في المداولات، وقال أحد أعضاء الكنيست: "نحن بين المطرقة والسندان، لكن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا النحو".

وفي الوقت الذي يناقش فيه نتنياهو الخطوات التالية، تم تقليص حجم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة مع تقليص القوات للسماح لجنود الاحتياط بالعودة إلى وظائفهم وتمكين إعادة الانتشار لتعزيز شمال إسرائيل، حسبما قال مايكل ميلشتاين، الرئيس السابق للشؤون الفلسطينية في وكالة الاستخبارات الإسرائيلية.

وتابع "إسرائيل عند مفترق طرق، كفى كل الشعارات وكل الأفكار القائلة بأن لدينا مرحلة ثالثة أكثر لطفًا من الحرب، هناك خياران: التفاوض بشأن المحتجزين أو السيطرة الكاملة على غزة".

وأكدت المجلة أن صفقة المحتجزين ليس وحدها سبب اشتعال الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية، بل إنهم منقسمون، أيضًا، حول ما يجب فعله بشأن حزب الله اللبناني وما إذا كانت هناك حاجة إلى رد عسكري بعيد المدى في الشمال، فالافتقار إلى الوضوح في التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي يزيد من صعوبة قيام عاموس هوشستين، المفاوض الذي اختاره الرئيس جو بايدن، بالتوسط في صفقة لتهدئة المناوشات عبر الحدود الشمالية لإسرائيل.