رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاجل.. أبناء "مانديلا" ينتفضون ضد "الأبارتيد".. "جنوب أفريقيا" تدخل التاريخ بمرافعتها ضد الاحتلال

مرافعة جنوب إفريقيا
مرافعة جنوب إفريقيا التاريخية

مرافعة تاريخية ألقاها وفد جنوب أفريقيا في دعواه ضد الكيان الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، استطاعت أن تحجز لها مقعدًا من العزّة بين تاريخ الأمم، ومكانة من الفخر والإعجاب في قلوب ملايين المناصرين للقضية الفلسطينية.

وأقامت “جنوب إفريقيا” دعوى تتهم فيها دولة الاحتلال بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، مؤكدة أن الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه قوات الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة.

وفي شكوى من 84 صفحة، رفعتها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وبأسلوب سرد تميز بالفصاحة التي شهد لها الجميع، كشفت عن شعور صادق بالجُرم  ضد الإنسانية الذي تقف ضده استطاعت جنوب إفريقيا على لسان فريق محاميها الذي سرد ووثق جرائم الاحتلال ضد الفلسطنيين.

مرافعة توثق جرائم الاحتلال 

بدأت المرافعة بحديث المحامية عديلة حسيم، عن "أعمال الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل، وركزت فيها على قتل المدنيين الفلسطينيين والأطفال، وإلحاق الأذى الجسدي الخطير بهم، وفرض ظروف لا يمكنها الحفاظ على حياتهم، وكذلك على الهجمات العسكرية على نظام الرعاية الصحية في غزة.

وتابعت: "الفلسطينيون في غزة يقتلون بالأسلحة والقنابل الإسرائيلية من الجو والبر والبحر، وهم معرضون لخطر الموت المباشر بسبب المجاعة والمرض، بسبب تدمير المدن الفلسطينية، ومحدودية المساعدات المسموح بدخولها، واستحالة توزيع المساعدات مع سقوط القنابل، مؤكدة "أن هذا يجعل الحياة مستحيلة".

ما عزّز من السرد التاريخي للمحامية الحقوقية لجرائم الاحتلال ما تضمنه من عرض لبعض لقطات الفيديو عن الظروف المأسوية التي يعيشها أهل غزة نتيجة تلك الإبادة التي مارستها ضدهم ومازالت دولة الاحتلال، بما في ذلك شاحنة مساعدات يكتظ بها المدنيون اليائسون. معلقة: "لا شيء سيوقف المعاناة إلا بأمر من هذه المحكمة”،وقالت إن "إسرائيل فرضت أيضًا عمدًا اعتبارات على غزة تهدف إلى التدمير الجسدي للشعب".

 مرافعة جنوب إفريقيا: “العنف من 76 سنة ماضية وليس من طوفان الأقصى”

عضو أخر في فريق جنوب إفريقيا للدفاع عن فلسطين وهو وزير العدل الجنوب أفريقي رونالد لامولا، استشهد في مرافعته أمام محكمة العدل بعبارة للرئيس السابق نيلسون مانديلا:"نحن جزء من إنسانية واحدة" موضحًا أن العنف والدمار في فلسطين وإسرائيل لم يبدأ في 7 أكتوبر 2023”، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى، بل أنه قد عانى الفلسطينيون من القمع والعنف الممنهجيين على مدى السنوات الـ 76 الماضية.

فوغان لوي، وهو المحامي البريطاني الذي يمثل جنوب أفريقيا في كلمته قال أيضًا أمام المحكمة في دفاعه عن فلسطين "إذا تم تنفيذ أي عملية عسكرية - بغض النظر عن مدى دقة تنفيذها - بناءً على نية تدمير شعب كليًا أو جزئيًا، فإنها تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية". "ويجب أن تتوقف."

وفي جلسة استماع بمحكمة العدل الدولية، قال المحامي الجنوب إفريقي تمبيكا نجكوكايتوبي أن المسؤولين الإسرائيليين استخدموا عمدا وبشكل منهجي تجردهم من الإنسانية لتطبيع خطاب الإبادة الجماعية.

من ناحيته، استشهد سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا بنيلسون مانديلا ومارتن لوثر كينغ في شرح دفاعه عن الفلسطينيين، قائلًا "السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك القوانين التمييزية "المؤسسية"، وفرض "الفصل العنصري" و"الإفلات من العقاب على مدى عقود" قد "شجعت" إسرائيل.

وحثّ محامون يمثلون جنوب أفريقيا محكمة العدل الدولية على إصدار أمر لإسرائيل بوقف العنف في غزة، في ختام أولى جلسات الاستماع وذلك في القضية التي وصفت بالتاريخية والتي يمكن أن تحدد مسار الصراع.


ومن المتوقع أن يصدر حكم في وقت لاحق من هذا الشهر بشأن الإجراءات العاجلة لكن المحكمة لن تصدر حكمها فيما يتعلق باتهامات الإبادة الجماعية في الوقت الراهن، إذ قد تستغرق هذه الإجراءات سنوات.

تأثير “نيلسون مانديلا” واضح

وكما يبدو نلاحظ من المرافعة التاريخية تأثير الزعيم الراحل نيلسون مانديلا في نفوس أبناء هذا البلد التي اتخذت خطوات قانونية في المطالبة بحق الفلسطينيين ووقف أعمال الإبادة التي أوجعت ومازالت قلوب الملايين حول العالم ممن مازال ينبض بين ضلوعهم ضمائر.

وهو الأمر الذي أعاد ذكرى هذا الرجل في أذهان الكثيرين، حيث نشر كثير من متابعي وسائل التواصل الاجتماعي عبارات الإعجاب والفخر بدولة جنوب إفريقيا نظرًا لموقفها المشرف في الدفاع عن الحق، وأشادوا بفريق الدفاع مطلقين عليهم "أحفاد مانديلا".
 

من هو “نيلسون مانديلا”؟

نيلسون مانديلا هو سياسي مناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وثوري شغل منصب رئيس جنوب أفريقيا في الفترة من  1994إلى1999، وكان نيلسون أول رئيس من ذوي البشرة السمراء لجنوب أفريقيا، انتخب في أول انتخابات متعددة وممثلة لكل الأعراق، وركزت حكومة “مانديلا” على تفكيك إرث نظام الفصل العنصري من خلال التصدي للعنصرية المؤسساتية والفقر وعدم المساواة وتعزيز المصالحة العرقية.

 

هزيمة حركة “الأبارتايد” 

وحاربت جنوب أفريقيا وعلى رأسها الزعيم نيلسون مانديلا نظام الأبارتايد أو المَيز العنصري، وهو الفصل العنصري الذي حكمت من خلاله الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من عام 1948 ، و حتى تم إلغاء النظام بين الأعوام 1990 - 1993 وأعقب ذلك انتخابات ديموقراطية عام 1994.

وكانت هذه الحركة تقوم بتقسيم الأفراد إلى مجموعات عرقية وهما السود، البيض، "الملونون"، والآسيوين (المكونة من هنود وباكستانيين - تم الفصل بينهم، وحسب قوانين الأبارتهايد تم فصل أجهزة التعليم، الصحة، والخدمات المختلفة، وكانت الأجهزة المخصصة للسود أسوأ وضعا بشكل عام.