رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: لماذا حرف؟.. جريدة ثقافية لاستعادة سلطة الكلمة وسطوتها

د. محمد الباز
د. محمد الباز

تعيش الصحف الورقية أزمة وجود، يبحث الجميع عن طريق للخروج بها من أزمتها دون جدوى. 

أغلب الظن أن من يفعلون ذلك إما غير مخلصين أو أنهم- وهذا الأقرب لاعتقادى- لا يعرفون على وجه التحديد موطن العلّة وموضع الخلل، ولذلك يصفون دواءً لمريض لا يعرفون عنه شيئًا إلا أنه يتوجع. 

سأترك الذين يريدون بعث الروح فى الصحف الورقية يبحثون علّهم يصلون إلى نتيجة، لكننى سأبدا صفحة جديدة، فإذا كانت المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى فرضت علينا نمطًا معينًا من القراءة، فلماذا لا نجرب هوايتنا فى صناعة الصحف- شكلًا ومضمونًا- ونستخدم هذا الوسيط الإلكترونى الهائج هيجان الثور فى حلبة مصارعة لتمرير ما نريده من كتابات وأفكار. 

لقد أرهقت ومضات ونبضات التكنولوجيا المحتوى الصحفى، وعبثت بمنظومة إنتاجه، فأحالته إلى جثة هامدة متهالكة على أجهزة التنفس الصناعى، لا يحتاج إلا إلى شد «الفيشة» ليموت ويستريح. 

عبثت التكنولوجيا فى الأشكال الصحفية وأساليب الكتابة ونوعية الأفكار التى تسعى الصحافة إلى معالجتها، فرضت علينا أنماطًا صحفية شكلية بلا روح، أضاعت منا أجيالًا كثيرة وطمست مواهب وهمّشت أصحاب كفاءات، لأنهم لم يستطيعوا مجاراة قدر الإعلام الجديد الذى صنعته التكنولوجيا وفرضته فرض المستبد الذى لا يرحم على من لا يملكون وصلًا ولا ودًا بها. 

فى «حرف» إصدار مؤسسة «الدستور» الثقافى نضع بين أيديكم «جريدة ثقافية»، تحمل من سمات الصحف الورقية كل شىء، إلا شيئًا واحدًا وهو طباعتها على الورق، الذى بدأ هو الآخر رحلة جنون فى أسعاره وتوفره والإقبال عليه. 

إننا لا نريد هنا إعادة مجد الصحافة الورقية، فالأمجاد مهما طالت إلى زوال. 

لكننا نريد أن نعيد للكتابة الصحفية بريقها ولمعانها ورونقها ومجدها، وأعتقد أننا قادرون على ذلك، فلا يزال الإبداع هو لغة الصحافة المصرية لن يغادرها أبدًا، قد يكون تاه قليلًا فى حرب الوسائط العشوائية، لكنه موجود، لا يريد أكثر من عوامل تحفيزه، وهو ما سنحاول أن نفعله هنا. 

وإذا سألتنى ولماذا تقدمون جريدة ثقافية؟ 

لماذا لا تكون جريدة عامة؟ 

سأقول لك قد تكون هذه الجريدة الثقافية بداية لإصدار جريدة إلكترونية عامة، تأخذ من الصحافة الورقية شكلها وتبويبها ورصانة الكتابة فيها، ولا تعتمد على الورق فى الوصول إلى قرائها، لكن لماذا لا نجرب أولًا فى مجال من يسعى خلفه متخصص، رغم أننا نعدكم أن نقدم محتوى ثقافيًا يستمتع به القارئ العام، ولا يتوقف عند حدود القارئ المتخصص المثقف، فعقيدتى منذ بدأت حياتى فى الصحافة أن ما أقدمه لا بد أن يكون بالجميع وللجميع. 

يعمل إلى جوارى فى هذه الجريدة أصدقاء وزملاء وأساتذة، هم فريق «حرف»، لكننى أدعو الجميع إلى أن يكونوا فريقنا، فالجريدة مفتوحة للجميع، سنكون ساحة مفتوحة للكتابة والإبداع والتجريب والشطحات، إذا جاز التعبير. 

لن أحدثكم عما لدينا.. سأترككم تتعرفون علينا مما سنقدمه لكم.. على وعد أن نكون صوت الثقافة الحقيقية وبمعناها الشامل فى مصر بعيدًا عن الموضات العشوائية والثرثرات الفارغة والتنظيرات الهائمة. 

لن نلتفت إلى الحروب الكلامية ولا إلى حروب تصفية الحسابات، فقد عرفنا العالم بالثقافة، والآن بـ«حرف» سنقول للعالم إننا لم نتراجع، قد تكون الثقافة المصرية كمنت قليلًا، لكنها لا تزال حية تعمل وتقاوم وترسم للآخرين الطريق. 

لقد جئنا لكم لنعيد للكلمة سلطانها وسلطتها وسطوتها.

وكل ما أعدكم به أننا سنفعل ذلك قدر طاقتنا بدعمكم ومساعدتكم ودعائكم لنا أن يحقق الله مقاصدنا التى لا نطلب بها إلا وجه الوطن. 

 

لقراءة العدد الأول من حرف اضغط هنا