رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتخابات صوت وصورة على الهواء

 منذ الساعات الأولى لليوم الانتخابي الأول فُتحت أبواب 6375 مركزًا للاقتراع تحتوى على 11631 لجنة فرعية، بعدد 376 لجنة عامة في عموم مصر، ريفًا وحضرًا وبادية، مستقبلة المواطنين المصريين الذين قرروا أو سمحت لهم ظروفهم بالتواجد مبكرًا في مقار اللجان للإدلاء بأصواتهم في هذا الاستحقاق الدستوري. والملاحظ بشدة في هذه الانتخابات هو الجهد المحترم الذي بذلته أجهزة الدولة المصرية لتنظيم هذه العملية بكل سلاسة ويسر. تمثل الأمر في تنسيق مبهر بين كل الأجهزة والمؤسسات المعنية بالعملية تنظيمًا وتيسيرًا وإشرافًا ومتابعة، ثم تغطية إعلامية. 
لاحظ الجميع سماح الهيئة الوطنية للانتخابات بتواجد المراسلين وأجهزة النقل الحي صوتًا وصورة، ليس فقط خارج اللجان، بل داخلها أيضًا. هذه إذن هي الجمهورية الجديدة التي نرسخ دعائمها، والركن الأول والأهم في بناء هذه الجمهورية هو الديمقراطية. إذ تكفل الجمهورية الجديدة لمواطنيها حقوقهم في ممارسة ديمقراطية حرة شفافة يحق فيها للمواطن أن يكون له رأيه الذي يُعتد به، وتكفل له كل المؤسسات ما يضمن ممارسته لهذا الحق دون خوف أو قلق أو تردد في الإفصاح عن توجهه السياسي.
 نقلت وسائل الإعلام- ولا تزال- منذ التاسعة صباح الأحد توافد كبار المسئولين وعدد من المرشحين على اللجان المقرر لهم التصويت أمامها، وقد لاحظ الجميع أن العملية الانتخابية لا تستغرق أكثر من دقائق معدودة. ويُحسب للهيئة الوطنية للانتخابات حرصها على زيادة عدد اللجان الانتخابية، بما يضمن تسهيل الإجراءات وسرعتها لمن قرر تلبية النداء الوطني والقيام بواجبه وممارسة حقه الذي كفله له الدستور، طالما ليس هناك مانع قانوني يمنعه من ممارسة هذا الحق.
انتهت فكرة التكدس المفتعل أمام اللجان، وتلك الطوابير الطويلة التي كانت تحتشد فتسلط عليها الكاميرات كدليل على كثافة المشاركة. إذ أصبحت لدينا الشجاعة أن تخرج الصورة صادقة وبسلاسة، وأن تمضي العملية بدون تكدس مخطط أو حشود مدفوعة للوقوف أمام الكاميرات. نحن إذن دولة ديمقراطية عتيدة وليست وليدة، دولة سعت لتصحيح أخطاء الممارسة، دولة لدى قياداتها وأجهزتها من الشجاعة ما يسمح لهم بانتهاج مبدأ الشفافية دون قلق من عدو أو خجل من متربص.  
أصبحنا نسمع عبر الإذاعات ونشاهد على الشاشات وعلى الهواء مباشرة مسئولًا في الهيئة الوطنية للانتخابات يتواصل صوتًا وصورة مع السادة القضاة رؤساء اللجان العامة، ليعرف منهم كيف تمضي الإجراءات؟ وإذا كان هناك ما يعطل سير العملية في المحافظة التي يشرف كل منهم على الانتخابات فيها. كما صرنا نتابع توجيه المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، للسادة القضاة بإتاحة اللجان أمام كل أجهزة الإعلام ومندوبيها المصرح لهم مسبقًا بالدخول إلى اللجان، لممارسة دورهم في نقل وقائع العملية الانتخابية للمواطنين- بل ولمن يتابع مسيرتنا الديمقراطية من كل دول العالم– بكل يسر، بل وتسهيل مأموريتهم. وفي هذا قوة، إذ ليس لدينا ما نخشاه أو نسعى لتنفيذه بعيدًا عن الأضواء.
وخلال هذه الأيام الثلاثة الهامة في عمر الوطن يكتب الشعب بإرادته وبمشيئة الله من يفوز في الانتخابات، ليقود دفة هذا الوطن لسنوات ست مقبلة. وأيًا من كان هذا الفائز، يبقى المنتصر الحقيقي هو هذا الوطن الذي تستهدفه قوى الشر، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات أن تعطل مسيرته، وأن تعرقل انطلاقته، لكننا- في المقابل- نتحرك بهدوء وإصرار نحو إنفاذ إرادتنا الوطنية دون صدام مفاجئ يعرقل تلك المسيرة، لتصل قافلة الوطن نحو مبتغاها محروسة بعناية الله، ثم بوعي المصريين.