رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تؤثر الحرب في غزة على المنطقة؟.. باحث سياسي لبناني يُجيب

الباحث السياسي اللبناني
الباحث السياسي اللبناني محمد الرز

قال الباحث السياسي اللبناني محمد الرز، إنه لا شك في أن تداعيات الحرب على غزة ستكون لها آثار كارثية على الأراضي الفلسطينية اولا ثم على الساحة العربية والاقليمية والدولية ، بحسب النتائج التي سوف ترسو عليها هذه الحرب.

وأضاف الرز في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن المخططات الإسرائيلية مدعومة من دول الأطلسي وعلى رأسها الولايات المتحدة تعمل لتحقيق عدة أهداف على مستوى المنطقة العربية انطلاقا من الحرب على غزة ، وأهم هذه الأهداف تصفية القضية الفلسطينية على حساب السيادة الوطنية لعدد من الدول العربية مما يتيح المجال للكيان الإسرائيلي في الاستيلاء على كل اراضي فلسطين الطبيعية،  ولعل تصريحات نتنياهو مع بداية الحرب تشير بوضوح إلى هذا الهدف حين أعلن أن إسرائيل ستعمل على أحداث متغيرات ديموغرافية في المنطقة إضافة إلى اصراره على السيطرة على غزة بعد انتهاء الحرب ورفضه اي حل آخر . 

تهجير الفلسطينيين إلى غزة 

 

وبتفسير تحليلي لهذا المخطط نجد أن الكيان الإسرائيلي يستهدف تهجير أهالي غزة إلى سيناء، وهو المشروع الذي يردده قادة إسرائيل منذ انتهاء حرب أكتوبر 1973 وحتى الآن بدءا من الحاخام مائير كهاناه واوديد بينون وبرنارد لويس ومشروع آيلاند إلى بنيامين نتنياهو عام 2020 الذي رفع على منبر الأمم المتحدة خريطة إسرائيل الخالية من الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتدعو حيثيات هذا المشروع إضافة إلى تهجير أبناء غزة إلى سيناء فوق رقعة مساحتها 750 كيلو متر مربع ، نقل أهالي الضفة الغربية إلى الأردن،  وتوطين فلسطينيي الشتات في أماكن وجودهم في لبنان وسوريا ودول الخليج والمغرب العربي . 

وتابع الرز أنه بمعنى آخر تطهير صهيوني عرقي لكل فلسطين كدولة يهودية، وزرع ألغام بشرية في الدول الغربية المستهدفة تنفجر من وقت لآخر على حساب سيادتها الوطنية وتكوينها المجتمعي، وهو ما يؤدي في ذات السياق إلى تنفيذ مخطط حلف الأطلسي ضد المنطقة العربية والمعروف باسم الشرق الأوسط الجديد بعدما فشل تنفيذ هذا المخطط خلال ما يعرف باسم الربيع العربي 2011 . 

قيادة حكيمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي 

فيما أكد الرز أنه يجدر التوقف هنا عند نقطة مهمة وهي أن إفشال هذا المشروع التدميري سابقا تحقق حصريا بثورة 30 يونيو في مصر التي كسرت العمود الفقري للأوسط الجديد ثم تابعت بقيادتها الحكيمة وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي مهمة دفن هذا المشروع عبر وسيلتين أولهما إرادة البناء والتنمية وحماية استقلال القرار الوطني والقومي وثانيهما الدفاع عن مقومات الدولة الوطنية في كل بلد عربي . الآن ومن خلال حرب غزة واساطيل وطائرات حلف الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط تتم إعادة المحاولة لإحياء المشروع التقسيمي والتخريبي ضد الدول العربية وخاصة مصر.

وتابع أن القيادة المصرية أدركت حقيقة وخلفيات هذه الحرب مبكرا وتحركت باتجاهين اولهما التصدي لعملية تهجير أهالي غزة نحو سيناء والثاني مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية بالدعوة لحل الدولتين الذي تبنته الدول العربية وقررته الأمم المتحدة ، ومن المعروف أن ما تستطيع مصر افشاله من مشاريع وخطط واحلاف أجنبية فهو حتما سيسقط في كل المنطقة العربية ولعله بعد انتهاء الحرب ستظهر الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر وبعضها غير معلن لاسقاط المخطط الاسرائيلي المدعوم اطلسيا .

تداعيات سياسة الحرب الواضحة 

وأشار الباحث السياسي اللبناني إلى أن هذه هي التداعيات السياسية الواضحة حتى الآن لحرب غزة بشكل عام وتتداخل في تفاصيلها الجبهة مع لبنان ونوعا ما مع سوريا ثم مع العراق وصنعاء ، كما انه ينبغي هنا التوقف ايضا عند احتمال توسع هذه الحرب، ففي الحروب تتداخل سيناريوهات كثيرة وأجندات إقليمية ودولية، ولذلك تتضافر الجهود عند الأطراف المعنية لمنع هذا التوسع الذي أن حصل فهو سيخلط كل الأوراق ويدفع بالأمور إلى آفاق أخرى حيث يمكن للسياسات أن تتغير بين ليلة وضحاها كما قال الرئيس السيسي في قمة الرياض العربية الإسلامية.  

أما على الجانب الاقتصادي فإن التداعيات كارثية، حيث أن الاقتصاد الإسرائيلي وصل إلى الخطوط الحمراء، لأن كل طلعة طيران حربي وكل تصد للقبة الحديدية يكلف مليون دولار وكل يوم في الحرب يكلف إسرائيل عشرات الملايين من الدولارات بما فيها مستحقات واجور الاحتياط وعناصر المرتزقة، يضاف إليها هجرة نصف مليون يهودي وانخفاض الهجرة إلى الكيان الإسرائيلي بمعدل ثمانين بالمئة ، وإذا قيل أن الولايات المتحدة ستتحمل هذه التكلفة ، فإن أصوات عديدة صدرت من الكونغرس ومن دافعي الضرائب الاميركيين تستنكر ضخ الأموال إلى تل أبيب التي طلبت مؤخرا معونة بثلاثين مليار دولار .

 واوضح الرز انه هنا يمكن الإشارة إلى انقلاب حقيقي في موقف الشارع داخل الولايات المتحدة ودول أوروبا لصالح فلسطين بشكل غير مسبوق منذ نكبة 1948 وحتى الآن،  حيث سقطت عملية التخويف من الإسلام وباتت الداعشية صفة قريبة من إسرائيل ومجازرها ضد المدنيين ، وتشير استطلاعات الرأي الأميركية إلى تدني نسبة. 

وتابع أن صمود الفلسطينيين على أرضهم وإلحاق مزيد من الخسائر بالجيش الإسرائيلي وتكثيف المساعي المصرية والعربية والدولية لاجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار سوف يجعل الآثار السلبية ترتد على إسرائيل وحكومتها العنصرية التي فشلت في تحقيق إنجاز سياسي أو ميداني بمثل ما سيفتح الباب أمام تسوية يتم بموجبها دمج حركة حماس في منظمة التحرير الفلسطينية وتحويل عناصرها إلى شرطة مدنية بعد إجراء تغيير في قيادات السلطة تتناسب مع طبيعة المرحلة المقبلة وبما يشكل اللبنة الأولى لقيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، وهذا المشروع الذي تتم دراسته حاليا تبدو مظاهر قبوله واضحة عربيا واقليميا وحتى أمريكيا .