رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانتخابات الرئاسية والحرب!

صرفتنا الحرب على غزة عن ما عداها؛ فنسينا ما كان يجب ألا ننساه، ومن ذلك الانتخابات الرئاسية التي آن أوانها، آن في وقت عصيب، وربما كان الامتحان هكذا أكبر والتحدي أبلغ، لا أصف الجميع بالنسيان طبعًا، ولا أقول إنه جرى على كل الأشياء، غير أن معظمنا تسمروا أمام شاشات التلفاز ينتظرون جديد الحرب؛ كأن العالم كله صار حربًا، وكأن البلاد برمتها خلت من الأحداث الفارقة والمسئوليات الجسيمة فصارت متابعة للحرب بكل قواها، وليس من عمل آخر تعمله أيًا كان موقعها مما يدور، على الهامش أو في المتون!
نعم نتابع المعركة الكبرى التي لا يدري أحد متى تنتهي ولا كيف، نتابعها لأننا جزء منها في جميع الأحوال، نحن الأشقاء والجيران، ونحن قد نكون الهدف البعيد من وراء الوقائع المؤسفة أصلا، نساعد الفلسطينيين كما نساعد أنفسنا، ونبكي الشهداء، ونداوي الجرحى، ونتحرك، بصدق وجدية، نحو التهدئة التي نأمل أن تتلوها أخرى حتى تفتر همم التدمير والتخريب والقتل، ونفكر، في كل دقيقة، فيما يمكن أن يكون حلًا نهائيًا لصراع السنين الطوال، صراع إسرائيل وفلسطين على العاصمة والمقدسات والأرض والناس والشرعية والحكم جميعًا.. أعني نقف خلف دولتنا المصرية العزيزة التي لا تتخلى عن الحق الفلسطيني في السلام العادل الشامل، وتفعل ما بوسعها وما يفوق هذا الوسع من أجل الوصول إلى محطة أخيرة للنزال المستمر، تبدأ بعدها منطقتنا بداية جديدة مختلفة، يجللها الصلح والأمان، وإن وقفتنا هذه كوقفة الدولة نفسها معنا، الدولة التي تجنبنا الويلات باتزانها السديد، وفي ظهورنا وظهرها ظلال جيش وطني قوي قادر على حمايتنا لو قصد قاصد الشر تهديدنا وزعزعة استقرارنا.. وليتنا نفهم أن استحقاقنا الدستوري، كمصريين حريصين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، بالداخل والخارج، هو من صلب اهتمامنا بالقضايا المحيطة الملحة؛ فالأمور متصلة لا منفصلة، والإقبال على صناديق الاقتراع مع إعلان الرأي يفيدان كوننا نؤمن بفاعلية أصواتنا ونمارس الديمقراطية ونتعود نظامها الحر، بل يحددان درجة وعينا المبنية على طبيعة اختيارنا في اللحظة الحاسمة الراهنة.
على كافة المصريين بالخارج أن يتوجهوا إلى مقار البعثات الدبلوماسية بالدول (121 دولة حول العالم) ويدلوا بدلوهم في الانتخابات الرئاسية.. لدينا مرشحون أربعة.. السيد الرئيس الحالي (رمزه النجمة)، والسيد فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي (رمزه الشمس)، والسيد حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري (رمزه السلم)، والسيد عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد (رمزه النخلة).. تجري الانتخابات على مدار أربعة أيام، تبدأ الجمعة وتنتهي الأحد، في 137 لجنة فرعية موزعة بمقر البعثات الدبلوماسية، يشترط الحضور الشخصي بجواز سفر سار أو بطاقة هوية قومية ولو لم تكن سارية.
قد يقول قائل حسن النية: ما شأن الحزبيين بالشئون العسكرية، والمنطقة في أجواء حرب لاهبة؟ لماذا لم ينسحبوا ويتركوا الأمر لأهله؟
وأقول له ببساطة: إن الدولة نفسها كانت تتمنى أن يكون عدد المرشحين أكبر؛ فليست تزن المسائل الحساسة بهذا الميزان المضطرب، الدولة التي تساند المواطن الفلسطيني في إقامة دولته التي توازي كفاحه وترضي طموحه؛ تساند مواطنيها، ابتداء، في قيامه بالدور الذي يفضي إلى مؤسسة حاكمة ينشدها، ويجد فيها خلاصه من الأزمات، لا تتدخل إلا لصالحه، الدولة العريقة لا زالت عريقة، وستظل، على رغم أنف الكيادين والفشلة وأبناء الإحباط الفادح والخفة المهينة والكذب والتآمر والارتياب، لا زالت مصر في خير وماضية إلى خير أعظم، كذلك آمال المنتمين المحبين، ولا زالت في حفظ الله إلى القيامة "والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين".. عاش البلد العظيم الكريم ومات أعداؤه الضئيلون بأحقاد القلوب الطافحة على الوجوه!