رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صحفيون تحت القصف (1).. محمد ضاهر: مشاهد النكبة تُعاد من جديد فى غزة

محمد ضاهر
محمد ضاهر

وقف "محمد ضاهر" متألمًا وهو يُشاهد ما التقطته عدسته في اليوم السابع من العدوان على غزة.. مشاهد النازحين من ديارهم إلى جنوب القطاع كانت الأصعب من بين الأحداث الحزينة التي شاهدها منذ بدء الحرب على بني وطنه في القطاع المُحاصر من الجانب الإسرائيلي.. "كأن مشاهد نكبة 1948 تُعاد من جديد" ـ يقول الصحفي الفلسطيني.

في السابع من أكتوبر الماضي؛ كان الصحفي محمد بسام ضاهر، صاحب الـ34 عامًا، على موعد مع تغطية صحفية لحرب جديدة على غزة.. لم تكن المهمة الأولى للشاب الذي بدأ عمله في الصحافة منذ عام 2012، عمل فيها للعديد من الوكالات ووسائل الإعلام العالمية.. في عامه الأول في الصحافة، كانت مهمته للتغطية الصحفية لحرب 2012، ثم مهمة ثانية في العام 2014، وحرب 2021، ثم حرب 2022، وأخيرًا حرب 2023.. لم يكن هذا كل شيء؛ فالكثير من التصعيدات عاشها الشاب وتابعها بعدسة الكاميرا ـ كما يروي لـ"الدستور".

كل المهام الصحفية التي خاضها تحت نيران الحرب لم تكن مثل هذه المرة.. يرويها محمد ضاهر.. "لم نرَ تصعيدا كهذا، من ناحية الهمجية في القصف، والجرأة في اغتيال المدنيين بشكل مباشر ومتعمّد.. نعم كان موجودًا في السابق، لكن هذه المرة بكثّرة.. عائلات كاملة تُشطب من السجل المدني.. يتم اغتيال الأُسر بأكملها، وقصفهم وهم في منازلهم آمنين.. أطفال ونساء يتم قصفهم بشكل مباشر".

يواصل "محمد" حديثة: هذه الحرب أكثر حرب صعوبة، حتى نحن كصحفيين تنقلاتنا صعبة للغاية، نتحرك فقط للمطلوب جدًا والمهم جدًا، والقريب علينا.. حتى الآن اُستشهد 46 صحفي في الميدان.. شهداء اليوم الواحد في هذه الحرب يُعادل حصيلة حرب كاملة من الحروب السابقة، وهذا يدل على همجية القصف.. القصف هذه المرة على مستوى محافظات غزة.. الشمال والجنوب (بيت لاهيا، بيت حانون، جباليا، دير البلح، المغازي، البريج، النصيرات، خان يونس، ورفح).

مشهد مؤلم.. النكبة تُعاد من جديد

«في اليوم السابع من الحرب جرى إبلاغنا بمغادرة غزة، وأن نتوجه إلى المحافظات الجنوبية، فكان هذا القرار صعبا للغاية.. أنا كصحفي في حيرة.. هل أنقل الحدث!، أم أترك الميدان!، أم أذهب لأُخبئ أهلي وأذهب بهم  إلى منطقة آمنة!.. كان اليوم الأصعب في أيام العدوان».. يحكي محمد مضيفًا أن «المشهد كان قاسيًا حينما رأينا الناس وهي تُغادر غزة.. كانت الصور صعبة.. الناس كانوا مكسورين وكأنه مشهد عام 1948.. كأن مشهد النكبة والنكسة يتجدد.. لم أتوقع يومًا في حياتي أن أُغطي هجرة شعب فلسطين إلى المحافظات الجنوبية.. للأسف هذا الشىء صعب.. أنا كنت أُغطي وكانت عائلتي معي حتى وصلت بهم للمحافظات الجنوبية».

الشهداء هم مفاتيح الجنة.. وسوف ننتظر 

ترك محمد أسرته في الجنوب، ثم تابع مهمته لتوثيق ما يرتكبه الاحتلال في حق أبناء شعبه: نُمارس عملنا حاليًا.. منذ ذلك اليوم (السابع من العدوان) لم أرَ بناتي حتى الآن.. هنّ في محافظة، وأنا في محافظة أخرى بحكم أنني متواجد في الميدان أُتابع التغطية.. يكفيني رسالة نصية فقط بيني وبينهم في المساء.. أو مكالمة صوتية مُشوّش عليها بسبب التشويش على الاتصالات.. نادر جدًا أن أتواصل معهم.. هذه حقيقة الوضع هُنا.. الأمور صعبة في غزة، ونحن كصحفيين نُعاني.. حينما نغطي الأحداث نتوقع في أي لحظة أن يكون أهالينا في الغارة القادمة.. نتوقع أن يأتوا لنا بهم على المستشفى شهداء أو جرحى.. لكن الحمد لله على كل حال.. صبرنا وإيماننا بالله قوي، وفي يوم من الأيام سوف ننتصر على اليهود، ونذهب إلى بلادنا مُحررين فاتحين لها إن شاء الله.. وآلاف الشهداء الذين تشاهدونهم هم مفاتيح جنة بالنسبة لنا.