رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دبلوماسيون: "قمة الرياض" تُعقَد فى توقيت خطير وستحمل رسائل عاجلة للعالم

قمة الرياض
قمة الرياض

"موقف عربي موحد حاسم"، هذا ما تتطلع إليه البلدان العربية وشعوبها من القمة الطارئة المرتقبة، غدًا السبت، بالرياض؛ لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والحرب الوحشية التي تشنها دولة الاحتلال ضد المدنيين الأبرياء العزّل بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، علاوة على محاولات تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها عبر الإبادة الجماعية ومخطط التهجير القسري.

وأجمع دبلوماسيون، في تصريحات صحفية اليوم الجمعة، على أن "قمة الرياض" تعد من أهم لقاءات القادة العرب؛ إذ تنعقد في توقيت خطير يشهد محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، قضية العرب الأولى التي طالما حاربوا لعقود طويلة من أجلها، للوصول إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. 

وحدة العرب فى وجه المخطط الإسرائيلى 

وفي هذا الإطار، يقول السفير الدكتور حسين حسونة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "قمة الرياض" هي واحدة من أهم اجتماعات جامعة الدول العربية، إذ ستوجه رسائل عاجلة إلى العالم أجمع، مفادها رفض العرب جميعًا تصفية القضية الفلسطينية، وإصرارهم على أن الصراع العربي الإسرائيلي لن يحل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف أن القمة العربية ستؤكد وحدة الموقف العربي ومجابهته للمخطط الإسرائيلي الهادف لإنهاء القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري وإبادة شعب فلسطين، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، كما ستثبت القمة أن هناك موقفا عربيا واحدا سواء للبلدان العربية أو للفصائل الفلسطينية إزاء مأساة غزة، في ظل ادعاء بعض الدول الغربية عن وجود اتجاهات أو آراء متباينة تجاه معالجة الموقف، ولذلك من المهم إثبات وحدة الصف العربي خلف الشعب الفلسطيني.

وشدد على أهمية مطالبة القمة، ليس بهدنة تنتهي بعد دقائق لتعود المذابح، بل بوقف فوري لإطلاق النار والقتال، ووصول المساعدات الإنسانية دون عرقلة، وإدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل ليس فقط في قطاع غزة ولكن أيضًا بالضفة الغربية والقدس الشريف.

وسلَّط ممثل مصر السابق في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي الضوء على أن الزعماء العرب سيطالبون العالم بالتخلي عن سلبيته وإعادة الأفق السياسي والمفاوضات من أجل حل هذا النزاع التاريخي الذي نشأ عن إقامة دولة واحدة إسرائيلية سلبت الأراضي الفلسطينية، فضلًا عن توجيه رسالة للمجتمع الدولي لمطالبته باحترام الشرعية الدولية والقوانين الدولية والتخلي عن ازدواجية المعايير التي نراها اليوم من قبل العديد من الدول الغربية.

ونوَّه السفير حسين حسونة بأن "قمة الرياض" ستحذر من أن عدم حل القضية الفلسطينية وفقًا للشرعية الدولية سيفتح الباب لجولات أخرى من العنف بالشرق الأوسط، وهو ما لا يريده أحد، خاصة أن جميع الشعوب العربية تمد أياديها بالسلام وتتطلع إلى العيش بجانب إسرائيل ولكن بسلام قائم على العدل والحق.

وذكر أنه منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945 وقد تضمن ميثاق الجامعة "ملحقا خاصا بفلسطين"؛ لكونها قضية أساسية في وجدان العالم العربي، مختتمًا بأن علاقات التطبيع أو العلاقات السياسية والاقتصادية العربية الإسرائيلية لم ولن تمنع الشعوب العربية عن التمسك والإصرار على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعيش بسلام في دولته المستقلة.

حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية

من جهته، أكد السفير عادل السالوسي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن "قمة الرياض" من القمم العربية التاريخية؛ كونها تنعقد في مرحلة فاصلة ومحورية من الصراع العربي-الإسرائيلي والفلسطيني- الإسرائيلي، وعقب تردي الأوضاع في قطاع غزة، وخشية دخول أطراف أخرى إقليمية ودولية في النزاع، الأمر الذي سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار بالمنطقة.

وأضاف أن القمة ستعمل على الخروج بموقف عربي موحد وقوي في مواجهة التعنت الإسرائيلي وقتل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس، نحو حل شامل وعادل ومستدام للقضية الفلسطينية ينهي معاناة الشعب الفلسطيني منذ "تصريح بلفور" في ٢ نوفمبر ١٩١٧، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تتمتع بعضوية كاملة بمنظمة الأمم المتحدة.

وتابع أن القادة العرب سيبحثون ضرورة وقف سياسات إسرائيل كقوة احتلال منذ عام ١٩٦٧ واستمرارها في الخروج عن القانون وفي انتهاج سياسة القتل والدمار وترويع المدنيين والضغط عليهم عن طريق حرمانهم من المياه والكهرباء والوقود؛ لدفعهم للخروج طوعيًا من أراضيهم، وفرض سياسة الأمر الواقع، وإجبارهم على التوجه جنوبًا انتهاكًا لحدود دول أخرى ذات سيادة.

وأشار عضو المجلس المصري للشئون الخارجية إلى أهمية وقف سياسات التهجير القسري والعقاب الجماعي والإبادة الجماعية باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، وانتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي العام والإنساني ومواثيق حقوق الإنسان ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. 

وشدد على أهمية توثيق جرائم إسرائيل ضد المدنيين العزّل ضحايا قصف المنازل والمدارس ودور العبادة وسيارات الإسعاف والمستشفيات ومخيمات منظمة الأونروا للاجئين وأيضًا استهداف الصحفيين، الأمر الذي يتوجب معه إحالة قادة إسرائيل وكل من يساندها في سياسات العقاب الجماعي والإبادة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا لـ"نظام روما ١٩٩٨ للقضاء الجنائي الدولي"، واعتبار تلك الأعمال مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة عام ١٩٤٩ الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب.

وأوضح أن الشعوب العربية تتطلع إلى إحلال السلام والأمن والاستقرار في تلك المنطقة التي تعتبر قلب العالم القديم، ومهبط الديانات السماوية والإيمان والتوحيد والتاريخ والحضارة، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتمثلة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٨١ في ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧ والذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية عربية وأخرى إسرائيلية وهو ما قامت إسرائيل بتحقيقه في ١٤ مايو ١٩٤٨ بتأسيس دولة واحدة إسرائيلية.

وذكّر بقرارات الشرعية الدولية بعد حرب ١٩٦٧ المتمثلة في القرار ٢٤٢ الذي يقضي بعدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة، وأيضًا القرار ٣٣٨ بعد حرب ١٩٧٣، ومخرجات القمة العربية في بيروت عام ٢٠٠٢ حول إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧.

واختتم السفير عادل السالوسي بالتأكيد على أهمية الأخذ في الاعتبار أن قطاع غزة بما له من إطلالة تزيد على ٤٢ كيلومترًا على ساحل شرق البحر المتوسط يتمتع بمزايا القانون الدولي للبحار في أن يكون له بحر إقليمي ومنطقة متاخمة ومنطقة اقتصادية خالصة تمتد لمسافة ٢٠٠ ميل بحري، تمكنه من استغلال الثروات الحية وغير الحية والثروات المعدنية مثل البترول والغاز الطبيعي في قاع البحر وباطن الأرض.

الشعوب العربية تنتظر من "قمة الرياض" نصرة القضية الفلسطينية

من جهته، أوضح السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن قمة الرياض لها أهمية استثنائية؛ إذ تنعقد في وقت يشهد فيه شعب عربي مخطط إبادة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومن سيتبقى منه سيتم تهجيره لخارج وطنه، وذلك على مرأى ومسمع العالم، مضيفًا أن القادة العرب مجتمعون هذه المرة لبحث قضية مصيرية ومأساة إنسانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، يعيشها شعب فلسطين، ووسط إنذارات بمحاولات لإنهاء القضية.

وقال إن الشعوب العربية تنتظر من الزعماء المجتمعين بالرياض كل السبل الممكنة لوقف الحرب اللا إنسانية ضد المدنيين الأبرياء العزّل بقطاع غزة، ورفع الحصار عنهم ووصول المساعدات الإغاثية إليهم، فضلًا عن نصرة القضية الفلسطينية والتأكيد على التمسك بتحقيق الحلم العربي في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف السفير بيومي أن القمة العربية المرتقبة من شأنها تنسيق المواقف والخروج بموقف موحد يظهر ويثبت التضامن العربي ووحدة الصف، ويؤكد كذلك أننا جميعًا لن نتنازل عن حل عادل للقضية الفلسطينية، وأنه لا أحد سيتخذ موقفا مختلفا، بل إن العرب جميعًا متحدون شعوبًا وحكومات لمواجهة العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين واغتصابه الأراضي العربية.

وأبرز أن "قمة الرياض" تنعقد عقب جهود ولقاءات واتصالات مكثفة ولا تنقطع بين القادة العرب والرؤساء والمسئولين بمختلف دول العالم، على رأسهم الرئيس جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأميركية الداعم الأكبر لدولة الاحتلال، فضلًا عن توجه المجموعة العربية إلى الأمم المتحدة والخروج بقرار من الجمعية العامة حظى بدعم ١٢٠ دولة يدعو إلى الوقف الفوري للعنف في غزة، ما يمثل دعمًا معنويًا هامًا يمكن البناء عليه ويؤكد وصول وجهة النظر العربية إلى الدول الأخرى.

ولفت السفير جمال بيومي إلى أن مصر هي المحرك الرئيسي للجهود العربية والإقليمية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، كما أنها لا تدخر جهدًا لمساعدة فلسطين من منطلق مسئوليتها تجاه أشقائنا الفلسطينيين، فضلًا عن كون أرض فلسطيني مرتبطة منذ بدء التاريخ بالأمن القومي المصري.

من ناحيته، قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "قمة الرياض" تكتسب أهمية بالغة في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة أو النزوح والتهجير القسري، وهو نفس الأسلوب المتبع بالضفة الغربية حيث مخططات إسرائيل لإفراغ مدن الضفة من سكانها عبر عمليات هدم المنازل أو نزع الملكية وبناء المستوطنات وممارسة سياسة الفصل العنصري والتمييز العنصري، بجانب محاولات تهويد القدس وغيرها من السياسات التي تدخل فيما يعرف بإرهاب الدولة.

وحذر من أن إسرائيل تسعى عبر هدم المنازل والتهجير القسري لتغيير الثقل الديموغرافي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية وإسقاط حل الدولتين لتكون هناك دولة إسرائيلية واحدة، وهو الأمر الذي بدا واضحًا من خلال تصريحات عديدة صدرت عن كبار المسئولين لبناء مستوطنات وإنشاء منطقة عازلة في غزة.

ووصف إعطاء الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية لإسرائيل حق الدفاع عن النفس وقتل الآلاف من الأبرياء، بـ"التواطؤ"؛ نظرًا لأنه في واقع الأمر ليس لإسرائيل أي حق في الدفاع الشرعي عن النفس طالما أنها ما زالت دولة احتلال، بل يتحتم عليها تحمل مسئوليتها تجاه المدنيين، مؤكدًا أن حركة حماس ما هي إلا حركة مقاومة مشروعة تتواجد أينما وجد الاحتلال.

وقال إننا ننتظر من "قمة الرياض" بحث ثلاث مسارات: أمنية وإنسانية وسياسية، موضحًا أنه فيما يتعلق بالمسار الأمني يجب ضرورة تأكيد الزعماء على وقف فوري لإطلاق النار بشكل كامل ومستدام وليس التوصل لهدنة إنسانية؛ لأنه عقب انتهاء مدة الهدن الإنسانية تُستأنف الحرب من جديد، ما يعني مزيدا من الإبادة والتدمير والضحايا، وهكذا نكون في دائرة مفرغة لا تنتهي.

وفيما يتعلق بالمسار الإنساني، أضاف أنه من المتوقع أن تؤكد القمة إدخال المساعدات الإنسانية وتدفقها دون قيد أو شرط، بينما يكون هناك مسار سياسي أيضًا يمكن من خلاله التوصل إلى تحقيق حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.

ولفت إلى وجود تأييد شعبي واضح على المستوى الإقليمي والدولي لهذه المسارات الثلاثة، إذ إن الرأي العام العالمي في كثير من الدول، بما فيها الدول الغربية، يدفع نحو ضرورة وقف الحرب وإدخال المساعدات وإقامة دولة فلسطينية على النحو الذي قد يدفع إلى عدول الإدارة الأمريكية عن تأييدها لدولة الاحتلال، والذي بدأ بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل حاملًا دعمًا عسكريًا وماديًا وإعلاميًا وسياسيًا، وكذلك عبر الزيارات المتعددة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، وآخرها زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز.

ورأى السفير صلاح حليمة أن كل تلك الأمور تشكل ضغطًا قويًا على مواقف الدول العربية وتدفعها لضرورة وقف الحرب ومساعدة الفلسطينيين، لافتًا إلى موقف مصر بصفة خاصة التي استطاعت وأد محاولة تصفية القضية الفلسطينية برفضها القاطع النزوح والتهجير القسري والعقاب الجماعي.