رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن القومى المصرى وتحديات الجوار

حسب تعريف مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية لفكرة الأمن القوي "حدود قدرة الدولة على تحقيق أمنها، بحيث لا تضطر إلى التضحية بمصالحها المشروعة لتفادي الحرب، والقدرة على حماية تلك المصالح، إذا ما اضطرت الى دخول الحرب".
وعلى ذلك فالأمن القومي ظاهرة مركبة، متعددة الأبعاد تربط في دراستها بين علوم الاجتماع والاقتصاد والعلاقات الدولية ونظم الحكم وغيرها، كما تتطلب الاستفادة من المناهج المختلفة وقدرًا أكبر من التكامل المنهجي. وقد انتقل الاهتمام بظاهرة الأمن القومي من الغرب إلى دول العالم. ويذكر الباحثون عدة أسباب لزيادة الاهتمام بدراسة الأمن القومي في مختلف دول العالم، بما يمكن اعتباره ظاهرة.
يواجه الأمن القومي المصري مجموعة من التحديات عبر ثلاثة دوائر متشابكة هي: الدائرة الداخلية والدائرة الإقليمية والدائرة الدولية. 
مع الوضع في الاعتبار أن هذه التحديات تختلف من جهة إلى أخرى. 
على سبيل المثال فإن اندلاع ثورات تطالب بالحرية في إحدى دول الجوار الإقليمي، قد ينظر له البعض باعتباره أمرًا إيجابيًا وحراكًا شعبيًا محمودًا، بينما قد ينظر له آخرون باعتباره يمثل تهديدًا للاستقرار وزعزعةً للأمن الإقليمي. 
وكان أهم تهديد للأمن القومي المصري هو ظهور إسرائيل عام  1948، وازداد هذا التهديد بعد العدوان الثلاثي عام 1956، وعدوان  1967الذي تم فيه احتلال الأراضي العربية.
كما أن هناك قوى إقليمية غير عربية، بتدخلاتها المستمرة في شئون المنطقة، مثل تدخل إيران في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، وتركيا في سوريا وليبيا، ورغبتها في فرض مشاريعها للهيمنة الإقليمية.
كما ظهر نوع آخر من تهديد الأمن القومي المصري عبر بعض النظريات والأهداف الدولية في تقسيم الدول العربية، وهو المشروع المعروف بمشروع الشرق الأوسط الكبير. وما زاد هذا الموضوع خطورة هو دخول إسرائيل في تلك المعادلة.
وتوالت الأزمات التي هددت منظومة الأمن القومي العربي، لاسيما مع الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، ثم الأزمات اللاحقة لمشروعات الاستقطاب بين القوى الدولية تجاه المنطقة، سواء محور الولايات المتحدة والدول الأوروبية، في مواجهة محور الصين وروسيا. 
كما أن عدم الاستقرار في محيط مصر الإقليمي غربًا في ليبيا، وجنوبًا في السودان، وشرقًا في غزة، كانت لكل تلك المواقع المشتعلة حول الإقليم المصري لها تأثيرات سلبية على الأمن القومي المصري.
وقدرة ظهرت قدرة الدولة المصرية على تحقيق أمنها القومي في كل تلك المجالات، وهو الأمر الذي يعد من النقاط المهمة في ظل التحديات الإقليمية والعالمية المحيطة بالدولة، الأهم من ذلك هو قدرة مصر على تحقيق الأمن القومي المصري تحت مختلف الظروف والمحافظة على بقاء الدولة متماسكة. 
كما ذكر أنه لأول مرة تجرى محاولة التأثير في كيانات الدولة من الداخل عبر ضرب شرائح السكان مع بعضها، مضيفًا وأوضح أن مصر استطاعت بفضل الله -سبحانه وتعالى- وجهود أبنائها وقيادتها المخلصين أن تصمد وسط كل تلك التحديات، وتحقق مشروعات التنمية التي كانت تطمح لإنجازها، وتحافظ على مقومات بقاء الدولة رغم التحديات وكل الظروف المحيطة.
يأتي الأمن القومي المصري في المقام الأول، في تفكير الرئيس السيسي، والقيادة السياسة والحكومة.
ارتكزت رؤية الأمن القومي المصري ف الفترة الأولى لرئاسة السيسـي على ضرورة عودة الدولة هيبتها ومؤسساتها ومنع حدودها من الاختراق، ومنع أية محاولة لزعزعة الاستقرار السياسـي، خاصة تلك التـي تقوم هبا جماعات الإسلام السياسـي وعلى رأسها الإخوان المسلمون، والدول التـي تدعمها في المنطقة وعلى رأسها قطر وتركيا. صدرت هـذه الرؤية عن اعتقاد داخل مؤسسات النظام مفاده أن ثورة يناير ٢٠١١ وما تلاها من تحولات سياسية وتراجع اقتصادي حاد، لم تكن إلا محاولات متعمدة لإضعاف الدولة المصرية، وهو ما تم فعليا على مستويات عدة، وصارت مهمة النظام الرئيسة هي دحر الجماعات السياسية الخارجة عن القانون والمنفذة للمخططات الإرهابية، وإعادة السيطرة على المجال السياسـي، وتامين المجال العام.
وحيث إن إسرائيل تسعى بكل الطرق لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأمن القومي المصري، ويرجع ذلك إلى التلاصق وتداخل الحدود بين مصر وغزة، ومساعي إسرائيل في تهجير الفلسطينيين إلى أرض سيناء، من خلال إجبار الفلسطينيين تحت تهديد قصف الدبابات والصواريخ، واتباع سياسة العقاب الجماعي لهم، والضغط عليهم للهروب إلى سيناء. وذلك عبر وسائل أعلاهم إسرائيل.
سكان قطاع غزة يبلغ عددهم ٢.٣ مليون فلسطيني، تسعى إسرائيل إلى تهجيرهم في اتجاه دول الجوار مثل مصر ولبنان والأردن وسوريا؛ وذلك للقضاء على القضية الفلسطينية، من خلال تنازل الفلسطينيين عن حق العودة التي كفلته لهم منظمة الأمم المتحدة. وإسدال الستار نهائيًا عن القضية الفلسطينية.
لم تقف مصر مكتوفة الأيدي إزاي المخاطر التي يتعرض لها أمنها القومي، فمن خلال تصريحات الرئيس، واتصالاته، ونشاط وزارة الخارجية المصرية، وتأهب القوات المسلحة من خلال تفتيش الحرب بمعرفة قائد القوات المسلحة بنفسه، فضلا عن الاتصالاتٍ المكثفة من جانب مصر مع المؤسسات والمنظمات الدولية لدخول المساعدات لقطاع غزة، مع تنبيه الرئيس لسكان غزة إلى أن المهم لهم إعمار أراضيهم وبناؤها وعدم تركها تحت أي ظرف.
وقد أحبط الرئيس السيسي مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة، ومحاولات توطينهم في سيناء، وما كان سيتبعه من تصفية كاملة للقضية الفلسطينية، بل واتساع دائرة الحرب، وتداعيات ذلك على الأمن القومي المصري والعربي، ووقف أمام دعوات الاحتلال الإسرائيلي وأجبره على التراجع عن تناول الفكرة، بل وأجبرت القوى الدولية على تبنى وجهة النظر المصرية.