رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس والصناعة والعدوان !


نعيش أجواء الحرب بكل تفاصيلها، متابعة لحظية داخل كل بيت عربي، الغضب يسبق الحزن، الأمهات لا تكف عن الدعاء وتفاعل الشباب تجاوز التعاطف إلى الغضب، حتى أطفالنا لا سؤال لهم إلا عن الحرب وعن أقرانهم من الأطفال الذين يقتلون كل يوم.
الحرب على غزة هي النقطة  الفاصلة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وفاصلة أيضًا في تاريخ علاقاتنا مع الدول الداعمة للعدو، التي تبارك قتل الأبرياء وتحمى المعتدى، لن نكون قبل العدوان على غزة كما بعده، وإن غدًا لناظره لقريب. 
وسط هذه الأجواء تظهر شخصية القائد الحقيقي، الذي كرس وقته وجهده وطاقة بلده لدعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حق أبرياء غزة في الحماية من القتل والترويع، لم يكف الرئيس عبد الفتاح السيسي عن السعي لتخفيف آثار العدوان، اتصالات واستقبالات يومية وعلى مدار الساعة، مؤتمرات ولقاءات في القاهرة وحضور دولي وأمُمي نتج عنها أول قرار بوقف العدوان من الجمعية العامة للأمم المتحدة وقع عليه 120 دولة، وموقف مصري قوي وصلب ومُعلن منذ اللحظة الأولى للعدوان، يؤكد أننا لن نقبل بتصفية القضية الفلسطينية ولن يكون.
الموقف الصلب للدولة المصرية لم يأت من فراغ، فمواقف الدول لا تأتي بالأهواء ولا بالتعاطف ولا حتى بالاعتبارات الإنسانية، بل لا بد أن تكون قرارات ومواقف الدول مدعومة بعلاقات دولية قوية، وجيش قوى، وسند شعبي، ومعها اقتصاد  متماسك.
وسند أي اقتصاد عمومًا هو الصناعة التي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي في بؤرة اهتمامه منذ توليه المسئولية عام 2014.
وقرر الرئيس منذ البداية أن يدعم التصنيع المحلي وتوطين الصناعات التي يتميز بها المنتج المصري، فكانت خطط إحياء لصناعات الغزل والنسيج والبتروكيماويات والدواء وغيرها.
أدرك الرئيس أن التصنيع المحلي هو المحرك الأساسي لقطار التنمية وأن زيادة الإنتاج تنعكس مباشرة على زيادة الأيد العاملة بما ينعكس بدوره على التقليل من معدلات البطالة والفقر ويدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، وهو ما تحقق بالفعل خلال سنوات حكم الرئيس.
ووسط انشغاله بالعدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على المشاركة في إنعقاد الملتقى والمعرض الدولي للصناعة فى نسخته الثانية، الذي يأتي ضمن استراتيجية الدولة المصرية في  تطوير الصناعة المحلية، من خلال التنمية البشرية وبناء الإنسان، وينظمه اتحاد الصناعات المصرية. 
يحتل قطاع الصناعة أهمية كبيرة في الاقتصاد المصري بنسبة 11.7 % من الإنتاج، وتسهم الصناعة في الناتج المحلي بنسبة 21٪، و10% من الصادرات المصرية.
ويسهم  قطاع الصناعة في علاج مشكلات البطالة التي تراجعت من "13.2 % عام 2013 إلى 8.1 في 2020"  بتوفير فرص للعمل وتنوع مصادر الإنتاج والدخل.
وتقلل الصناعة المحلية من فرص تصدير المواد الخام  وتحمى الاقتصاد القومي من التقلبات الاقتصادية العالمية، كما تسهم الصناعة المحلية في توفير النقد الأجنبي وعلاج مشاكل عجز الميزان التجاري.
كل ذلك أدركه الرئيس مبكرًا، فكانت شبكات الطرق والمواصلات بتنوعاتها الجديدة، والتي لم نكن نعرفها من قبل من قطار سريع ومونوريل وشبكات طرق اختصرت المسافات بين المحافظات وقللت من معدلات الحوادث، وكلها تؤدى إلى شبكة موانئ مصرية جديدة وتحديث وتطوير للقديم في الإسكندرية ودمياط والعين السخنة والسويس وبورسعيد، وقبل كل ذلك كان مشروع ازدواج قناة السويس، الذي اختصر ساعات العبور بالقناة ومعه مشاريع لا تتوقف؛ لتطوير وتحديث ما تقدمه قناة السويس من خدمات لوجستية للسفن العابرة. 
وبالتزامن مع مشاريع الطرق ووسائل النقل والموانئ كانت خطط توفير موارد الطاقة وتعددها من محطات توليد كهرباء بالمواد البترولية وبالطاقة الشمسية والرياح. 
اهتم الرئيس، وبرز ذلك خلال مداخلاته في المؤتمر، بتسهيل إنشاء المصانع الصغيرة وتوفير الأراضي اللازمة لإنشاء مناطق صناعية جديدة تُضاف إلى 12 منطقة صناعية تم إنشاؤها مُنذ عام 2014.
ولا ننسي التذكير بما قامت به الدولة، منذ تولى الرئيس وتحقق على أرض الواقع من صناعات كانت حلما لنا في يوم من الأيام، كصناعة الدواء التي تعظمت مكانتها بإنشاء مدينة الدواء المصرية بالخانكة، أحد أهم المشروعات القومية التي سعت الدولة المصرية لتنفيذها لامتلاك القدرة التكنولوجية والصناعية الحديثة في هذا المجال الحيوي، مما يُتيح للمواطنين الحصول على علاج دوائي عالي الجودة وآمن.
كما أعيد صياغة صناعة الغزل والنسيج بتكلفة 32 مليار جنيه، بتدشين أكبر مصنع في العالم بمدينة المحلة الكبرى مع وجود خطة شاملة باستخدام أحدث الماكينات، والمتوقع أن تصل صادراتها إلى 10 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة. 
أما ملف البتروكيماويات فقد عملت مصر على استغلال ما لديها من ثروات وموارد طبيعية، من بلد مستورد للغاز الطبيعي إلى بلد مُصدر، حتى أصبحت مصر لاعبا أساسيا في سوق الغاز العالمية، ومكنت العوامل والثروات الطبيعية مصر مع العزيمة والإصرار ودعم الرئيس من المضي قدمًا في خطة تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، وبصفة خاصة صناعة البتروكيماويات التي أولتها مصر اهتمامًا كبيرًا؛ لأنها تعد الأمل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الصناعات التكميلية وتدفع عجلة الإنتاج وتُحسن من وضع الاقتصاد محليًا وخارجيًا.