رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة حواس عن لويز جلوك: واحدة من أبرز الشاعرات.. وفقدان الشهية العصبي كان طريقها لنوبل

لويز جلوك
لويز جلوك

رحلت عن عالمنا أمس الشاعرة الأمريكية لويز جلوك وهي التي توجت بجائزة نوبل في الأدب عام ٢٠٢٠، وفي هذا الصدد نستعرض اهم ما كتب عنها بالإضافة لترجمة ثلاث قصائد قامت بترجمتهم الدكتورة سارة حامد حواس 
مدرس بكلية الاداب قسم اللغة الانجليزية بجامعة المنصورة..
 


تقول الدكتورة سارة حامد حواس:" ولدت الشاعرة الأمريكية لويز جلوك في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٤٣. 

دكتورة سارة حامد حواس مدرس الأدب بقسم اللغة الإنجليزية كلية الآداب جامعة المنصورة


وقد ظهرت الملكة الشعرية عندها منذ طفولتها وقد عانت من مرض فقدان الشهية العصبي عندما كانت في المدرسة الثانوية لكنها تغلبت عليهلاحقًا، وبعد ذلك عملت على صقل موهبتها الشعرية بالاشتراك في ورش عمل شعرية بالإضافة إلى عملها كأستاذ جامعي في جامعة ييلالأمريكية الشهيرة. 


وظلت جلوك تصقل موهبتها الشعرية حتى نشرت مجموعتها الشعرية '' الولادة الشعرية '' عام ١٩٦٨.


وتضيف: تعتبر  "جلوك" واحدةً من أبرز الشعراء الأمريكيين في العصر الحديث، حيث حصدت العديد من الجوائز العالمية الكبرى مثل وسام العلوم الإنسانيةالوطنية، وجائزة بوليتزر، وجائزة الكتاب الوطنية وجائزة بولينجن وأخيرا جائزة نوبل في الآداب  عام ٢٠٢٠، وأيضًا تقلدت منصب '' شاعرة أمريكا المُتوَّجة'' ويُعتبر هذا المنصب من أكبر المناصب التي تُمنح لكبار الشُّعراء في أمريكا، كما أنها تُعرف بشاعرة ''السيرةالذاتية '' حيث تهتم بتصوير الطبيعة والخُرافة ونقل الحياة الشخصية والتأمُّل في تجارب الحياة المختلفة.

و من أهم أعمال لويز جلوك: ديوان الولادة الأولى First Born 1968، مجموعة الشكل التنازلي Descending Figure 1980، انتصار أخيل The Triumph of  Achilles 1985، إيريس البرية The Wild Iris 1992، فيتا نوفا Vita Nova 1999، العصور السبعة The Seven Ages 2001، أفيرنو Averno 2006، حياة القرية A Village Life 2009، ليلة المؤمنين والفضيلة Faithful and Virtuous Night 2014،

ويمتاز شعر جلوك بالوضوح والصراحة في التعبير عن الحزن والصدمات التي تتلقاها في حياتها الشخصية وتتنوع ثيمات قصائدهاأيضًا بين الحديث عن الموت والحياة الأسرية ومشكلاتها المختلفة والطفولة  و في الفترة الأخيرة بدأت تتجه إلى الحديث عن الإنسان وعلاقته بذاته وكل ذلك يأتي في لغة شعرية بسيطة وصريحة  لكنها عبقرية وعميقة، فللوهلة الأولى تعتقد أنك تقرأ سطورًا شعرية بسيطةسطحية لكن سرعان ما يتبدد ذلك الشعور عندما تغوص في المعاني الخفية التي تحملها تلك السطور الشعرية المبهرة في بساطتها وعمقها، وفي هذا الصدد قال أندرس أولسون، رئيس لجنة جائزة نوبل في الآداب  إن صوت جلوك كان '' صريحًا لا هوادة فيه''.

لقد فوجيء عدد كبير من القراء بفور لويز جلوك بجائزة نوبل في الآداب خصوصا في الأوساط الأدبية والثقافية  في المجتمعات العربية وذلك لعدم اطلاعهم على الثقافة الغربية  بخاصة الشعر الغربي وليس لعدم كفاءتها الشعرية كما اعتقد الكثير منهم وقد تُرجمت العديد منقصائدها إلى العربية، فقد ترجم الشاعر والمُترجم الفلسطيني سامر أبو هواش العديد من قصائدها إلى العربية في كتابٍ شعريٍّ  حملعنوان '' عجلة مشتعلة تمر فوقنا ''، وهذا العنوان ترجمة لسطر شعري أخير لقصيدة لجلوك بعنوان '' سعادة'' '' Happiness’’.
‏‘’And the burning wheel passes gently over us’’
و ترجم أيضا الدكتور غانم السامرائي الأستاذ  في الأدب الإنجليزي بجامعة الشارقة  بعض قصائدها إلى العربية في كتاب شعري بعنوان'' لويز جلوك صوت الذات الشفيف''.

وتكمل:" ولأن جلوك تسعى دائمًا إلى العالمية، فهي تستلهم بعض قصائدها من الأساطير والآداب  الكلاسيكية كأصوات ديدو، وبيرسيفوني، ويوربيدس وأمثلة كثيرة أخرى.
جلوك ليست شاعرة تعبر عن مشاعر الحزن والألم فقط بل هي شاعرة الأمل والتغيير الجذري والولادة الجديدة بعد كل كبوة فبرغم ظروفمرضها الصعبة  فإنها استطاعت أن تتجاوز كل هذا الألم وما يصاحبه من ألم نفسي أيضا واستطاعت أن تعبر بروحها الوثابة إلىمرافىء النجاح والعالمية بكل ثقةٍ.فعلى سبيل المثال نجد قصيدة 'Snowdrops’’ في مجموعتها الشعرية الأكثر شهرة '' The Wild Iris’’ والتي حصدت على إثرها حائزة البوليتزر عام ١٩٩٢، دعوة إلى التفاؤل بوصفها عودة الحياة بعد الشتاء:

''لم أكن أتوقع النجاة، 
الأرض تقمعني.
لم أكن أتوقع
للاستيقاظ مرة أخرى''.

وتواصل:" أرى أن جلوك تُشبه الشاعرة الأمريكية كارول فورشيه في كتابة الشعر السرديِّ والروائي الذي يسترجع الذكريات والأسفار، فكلتاهماامتازت بهذا النوع من الشعر وتفوقت فيه بشكل ملحوظ، فقد شاهدتا وعاصرتا العديد من الظروف  السياسية القمعية والذي أثر بشكلملحوظ في شعرهما ونمط شعرهما السردي والروائي، فعندما تقرأ قصائدهما تشعر كأنك تقرأ قصة أو رواية شائقة ومثيرة بلغة شعريةمتفردة لا يجيدها الكثير من الشعراء الآخرين.

ترجمة إلى الفرنسية

من ناحية أخرى، ترجمت ماري أوليفييه قصائدها إلى  الفرنسية وقالت إن جلوك تنتمي إلى '' الشعراء الموضوعيين''، ومنهم تشارلزريزينكوف وجورج أوبن وكارل راكوزي.و قد ترى النزعة الأنثوية في قصائدها والتي تواجه بعض الاتجاهات المضادة لها باعتبارها نزعة نسوية وليست أنثوية لكنها في الحقيقة أنثوية لأنها تحتفي بالمرأة كإنسانة تفيض بمشاعر الحب العطاء اللامحدود، وقد تجد أنها تعبر في قصائدها عن نفسها كامرأة من منظور شخصي وليس جماعي ومن هذا المنطلق لا يمكننا أن نقول إن النزعة النسوية مسيطرة على قصائده بل النزعة الأنثوية المعبرة عن الذات الإنسانية كامرأة.

تجلت جلوك في قصيدة '' سعادة'' Happiness في  وصف السعادة والنعيم الذي يعيشان فيه رجل وامرأة حيث وصفت تفاصيل هذا الحب بنعومة ورقة  :
كَأنَّهُ ينطِقُ  اسمَها بصَمْتٍ 
و بِعُمقٍ في فَمِها  
as though to speak her name 
but silently، deep in her mouth.

أفتحُ عيْنَيَّ، أراكِ تتأملينني 
في غُرفتنا  
حيثُ تنسابُ الشَّمسُ

I open my eyes; you are watching me. 
Almost over this room
the sun is gliding.

تقولين لي: انظر إلى وجهي 
تدنين مني لترَيْ نفسَكِ فيَّ
فأنا مرآتُك 
Look at your face، you say،
holding your own close to me
to make a mirror.
اختارت جلوك تعبيرات رقيقة حالمة تعبر عن مشاعرها المرهفة التي تمتاز بها و'' تنساب الشمس'' جاءت لتعبر عن جو البهجة والدفء والتدفق التي تمنحه الشمس عندما تتخلل الغرفة وانعكاس ذلك على شعور الرجل والمرأة، وعندما أنهت قصيدتها ب '' العجلة المشتعلة تمرفوقنا برقة '' ؛ أرادت أن تثبت أن هذا النعيم الذي يعيشان فيه الرجل والمرأة هو الحامي لهما من ضغوط الحياة وآلامها حيث مهما مرعليهما من ظروف صعبة فأنهما يتجاوزونها برقة وعذوبة وسلاسة ولعلنا ندرك  أن إدراك النعيم نعمة كبيرة في حد ذاتها تجعلك تعرف قيمة النعم التي يمنحك الله إياها.

جلوك شاعرة '' العمق والبساطة '' معا تستطيع نحت القصيدة على مقاس قلبها وعقلها وروحها الوثابة  بسلاسة وعذوبة تنقلك من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان بسلاسة متفردة من دون الخروج عن النص.

ثلاث قصائد  للويز جلوك''سعادة'' و'' الحديقة '' و'' الثلج"   ومقال عن الشاعرة

سعادة

رجلٌ وامرأةٌ يَسترِيحانِ على سريرٍ أبيضَ  
أظُنُّ أنَّهُ الصَّباحُ
و على الفورِ  سيستيقظُانَ
زُهورُ الزَّنبقِ في مزهَريةٍ بجانبِ السَّريرِ  
أراهُ يُقْبِل عليها 
كَأنَّهُ ينطِقُ  اسمَها بصَمْتٍ 
و بِعُمقٍ في فَمِها  
على حافَّةِ النَافذةِ  يُغَنِّي الطَّيرُ
مرةً أو مرتيْن  
فَترتَعِشُ   
و يَمتلئُ جَسَدُها بِأنفاسهِ 
أفتحُ عيْنَيَّ، أراكِ تتأملينني 
في غُرفتنا  
حيثُ تنسابُ الشَّمسُ
تقولين لي: انظر إلى وجهي 
تدنين مني لترَيْ نفسَكِ فيَّ
فأنا مرآتُك 
كم أنتَ هادىءٌ، 
و العجَلةُ المُشتعلةُ تمُرُّ فوقَنا بِرِقَّةٍ.

‏‎الحديقةُ

‏‎الحديقةُ مُعجبةٌ بِكِ 
‏‎فمن أجَلِكِ لونتُ نفسها بالأخَضَرِ ؛ 
‏‎و الوُردُ الأحَمرُ المُبهِجُ 
‏‎  التي سَتَأتين إليها مع عُشَّاقِكِ.

‏‎انظري كيف شَكَّلتْ  أشجَارُ الصفصاف خِيامُ الصَّمتِ الخَضراءِ؛ 
‏‎و مع كُل ذلك هناك شيءٌ مَفقودٌ وما زلتِ  تَحتاجُينهُ 
‏‎فجَسَدُك ناعمٌ جدًّا وبَاذِخٌ جدًّا بين هذه
‏‎الحيواناتِ الحَجَرِيَّة.

‏‎اعترفي أنَّهُ أمرٌ مُخِيفٌ أن تُصبحي مثلها ؛ 
بِمنأى عن الأذى.


‎الثلج


‎في دِيسَمبِر المَاضي  كُنَّا  أنا ووالدِي
‎ذَاهبيْن إلى السِّيركِ في نيويورك


‎كان يحملني على كتفيهِ في الرِّيحِ القَاسِيةِ  
‎و كانت قُصاصاتٌ من الورقِ الأَبيضِ تتناثرُ
‎على قُضبانِ السِّكةِ الحَدِيدِيةِ  


‎كان أَبِي يُحبُّ أنْ يَقفَ هكذا  
‎يَحتَضنُني حتَّى لا يراني


‎أَتَذَكَّرُ عندما كُنتُ أُحَدِّقُ إلى الأمامِ مُباشرةً 
‎إلى العَالمِ الذي كان يَراهُ أَبي  
‎كُنتُ أتعلَّمُ أنْ أمتصَّ فَراغَهُ 
‎و الثَلجُ الكَثيفُ كان لا يتساقطُ 
‎فقط يَدورُ حولنا.
 

1000036740
1000036740
1000036743
1000036743
1000036731
1000036731
1000036737
1000036737
1000036734
1000036734