رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحفريات فى مصر تُغيّر نظريات العلماء.. سر الحوت الأسطورى توتسيتوس رياننسيس

الحوت الأسطوري
الحوت الأسطوري

سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير لها اليوم الإثنين، الضوء على اكتشاف علماء الحفريات في مصر الحوت الأسطوري توتسيتوس رياننسيس، وهو حيوان لوياثان أي وحش بحري يبلغ طوله 8 أقدام وعاش قبل 41 مليون سنة.

وأشار التقرير، إلى أن التسمية  للحوث، جاءت تيمنًا باسم الملك توت عنخ آمون أشهر فراعنة مصر القدماء، احتفالاً بالذكرى المئوية الأولى لاكشتاف مقبرته وقبل أشهر قليلة من افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث يتحدى الاكتشاف بعض النظريات والمعتقدات التقليدية عن الحيتان.

سر الحوت الأسطوري في مصر

ولفت إلى أنه في شهر أغسطس الماضي أعلن فريق من علماء الحفريات عن اكتشاف مخلوق استثنائي انقرض من العالم، فقبل 11 عامًا وأثناء العمل في منخفض الفيوم بالصحراء الغربية في مصر، قام الفريق بالتنقيب عن حفرية لما اعتقدوا في البداية أنه كائن برمائي صغير، لكن الفحص الدقيق كشف عن أن العظام تنتمي إلى نوع غير معروف سابقًا من الحيتان المصغرة التي كانت موجودة خلال أواخر العصر الأيوسيني الأوسط، في فترة تسمى العصر البارتوني، والتي استمرت من حوالي 48 مليون إلى 38 مليون سنة مضت.

وكانت هذه الأنواع، الموصوفة في ورقة بحثية نشرت في مجلة Communications Biology، تسكن بحر تيثيس، وهو البحر الاستوائي السابق للبحر الأبيض المتوسط، والذي يغطي حوالي ثلث ما يعرف الآن بشمال إفريقيا.

واستنتج الباحثون، أن الحيوان ما هو إلا حوت صغير يعود تاريخه إلى حوالي 41 مليون سنة، كان طوله حوالي ثمانية أقدام ووزنه حوالي 400 رطل، ما يجعله أصغر عضو معروف في الحيتان عائلة الباسيلوصوريات.

وتنحدر جميع الحيتان من حيوانات برية غامرت بالدخول إلى البحر، بينما تطورت بعض الحيتان المبكرة إلى أشكال غامرت بالعودة إلى الأرض؛ ويُعتقد أن الباسيلوصوريات هي أول مجموعة منتشرة على نطاق واسع في الحياة البحرية، وكانوا أيضًا آخر من امتلك أطرافًا خلفية لا يزال من الممكن التعرف عليها كأرجل، والتي ربما كانت تستخدم بشكل أقل للحركة.

وأوضح التقرير، أن العلماء في مصر أطلقوا على الحيوان النادر اسم توتسيتوس رياننسيس، والذي يجمع بين توت إشارة إلى الفرعون توت عنخ آمون وسيتوس وهي كلمة يونانية تعني الحوت، حيث يتزامن اكتشاف الحفرية مع الذكرى المئوية الأولى لاكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، والافتتاح الوشيك للمتحف المصري الكبير في الجيزة والجزء الثاني من الاسم مشتق من اسم وادي الريان وهي محمية طبيعية شهيرة في مصر غني بالحفريات القديمة التي تعود للحيتان وأطلق على منطقة قريبة منها اسم وادي الحيتان.

ونوه بأن العلماء شعروا أن الحوت تشبه قصته الملك توت عنخ آمون الذي مات ودفن في وادي الملوك عن عمر يناهز 18 عامًا تقريبًا، ويعتقد أن الحوت نفق وهو صغير أيضًا، حيث استخدم فريق البحث التصوير المقطعي لتحليل أسنان وعظام توتسيتوس، وإعادة بناء أنماط نموه، وقد اندمجت عظام الجمجمة، وكذلك أجزاء من الفقرات الأولى، وبينما ظهرت بعض الأسنان، كان بعضها لا يزال في مرحلة انتقالية.

وقال هشام سلام، عالم الحفريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ورئيس المشروع، إن التطور السريع للأسنان وحجم العظام الصغير للحوت يشير إلى حياة قصيرة وسريعة مقارنة بالباسيلوصورات الأكبر حجما والأحدث.

وذهب الباحثون، إلى أن الحوت ربما كان قادرا على إطعام نفسه والتحرك بشكل مستقل منذ ولادته تقريبا، حيث تشير المينا الناعمة وشكل أسنانه إلى أنه كان من آكلات اللحوم مع نظام غذائي للحيوانات المائية.

ولفت التقرير، إلى أن هذا الاكتشاف يتحدى بعض الافتراضات التقليدية حول تاريخ حياة الحيتان البدائية، وقال نيكولاس بينسون، أمين الثدييات البحرية الأحفورية في متحف سميثسونيان الوطني: "إن العصر الجيولوجي لحيتان توتسيتوس أقدم قليلاً من الحفريات الأخرى ذات الصلة الوثيقة بالحيتان، ما يشير إلى أن بعض التغيرات التطورية في تشريح الحيتان حدثت في وقت أبكر قليلاً ما كنا نعتقد".

وتابع "الحفرية تدفع إلى الوراء توقيت كيفية تغير الحيتان الأولى من الحركة المدفوعة بالقدم إلى الحركة الدافعة في الماء".

وأوضح أن الحيتان لها ماض غير متوقع، فمن الناحية الوراثية، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالثدييات ذات الحوافر، والتي تسمى ذوات الحوافر، وضمن هذه المجموعة فهي أكثر تشابهًا مع ذوات الأصابع، مثل الجمال والخنازير والزرافات وأفراس النهر، وجميعها لها عدد زوجي من أصابع القدم، كان أحد أشهر أسلاف الحيتان المبكرة هو حيوان رباعي الأرجل يبلغ من العمر 50 مليون عام يُدعى باكيسيتوس، وكان يعيش في مصبات الأنهار في جنوب آسيا، ويأكل اللحوم، وبحسب بعض الروايات، ربما كان يشبه قطًا منزليًا كبيرًا له شكل حافر.

وقال محمد عنتر، عالم الحفريات بجامعة المنصورة الذي اكتشف أحفورة توتسيتوس وكان المؤلف الأول للورقة الجديدة، إن المناخ والموقع ربما جعلا منخفض الفيوم يجذب الباسيلوصوريات، مضيفًا: "تهاجر الحيتان الحديثة إلى المياه الضحلة الدافئة للتكاثر والتكاثر، ما يعكس الظروف التي كانت موجودة في مصر قبل 41 مليون سنة".