ليست المرة الأولى.. كيف تتم مواجهة عبوات "برونشيكم" المغشوشة؟
تعد الأدوية المغشوشة آفة تنتشر في مصر بشكل كبير، ففي حين يعتقد المرضى أنهم يشترون الدواء الذي سيعيدهم إلى الصحة، يكتشفون فيما بعد أنهم تعرضوا لخدعة الغش في المنتج الدوائي، وتتم عمليات التلاعب في المكونات والجرعات بمهارة عالية، بحيث يصعب على الأفراد تحديد ما إذا كانت الأدوية حقيقية أم مغشوشة.
لذا يتطلب مكافحة هذه الظاهرة تعاونًا بين الحكومة والسلطات المعنية والمؤسسات الصحية والمجتمع المدني، حيث يجب تشديد الرقابة وتعزيز العقوبات على المتورطين في غش الأدوية، بالإضافة إلى تعزيز التوعية وتثقيف الجمهور حول خطورة الأدوية المغشوشة وكيفية تجنبها.
وكان آخر تلك العقاقير المغشوشة هو دواء "برونشيكم"، وهو مكمل غذائي يستخدم لعلاج أمراض الجهاز التنفسي مثل الكحة المصحوبة ببلغم أو الجافة للكبار والصغار، وتركيبته تحتوي على أعشاب طبيعية والتي لها خصائص موسعة للشعب الهوائية، ومذيبة للبلغم، ومضادة للالتهابات والميكروبات.
وعنه، قال النائب محمد عبدالله زين الدين، عضو مجلس النواب، إن تحذير هيئة الدواء المصرية من مستحضر "برونشيكم" الدوائي، لا يكفي، مؤكدًا أنه لا بد أن تقوم الأجهزة المختصة وفي مقدمتها وزارة الصحة والسكان بدورها في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد صحة المواطنين بالخطر.
وتسرد "الدستور" في السطور التالية آلية التفرقة بين المنتج الأصلي والمغشوش، وذلك لتجنب انتشار المنتج المغشوش، وذلك يوضحه عدد من الخبراء والمتخصصين في المجال الصيدلي، أيضًا اكتشفنا أن هذه التحذيرات من هذا النوع من الدواء ليست المرة الأولى له.
بداية، قمنا بجولة داخل الصفحة الرسمية لـ"بررونشيكم"، وقامت بتعريفه على أنه دواء يصرف بدون وصفة طبية لعلاج الكحة المصحوبة ببلغم، وأن هذه المادة حاصلة على موافقة هيئة الدواء المصرية برقم، HMF0253OA1166/092023، مطالبين بضرورة تاريخ الانتهاء 26/06/2024 إبلاغ الإدارة العامة لتنظيم مواد التسويق والإعلان عن أي مواد دعائية أو تعليمية أو توعوية مخالفة لا تحتوي على هذه البيانات من خلال خدمة الإبلاغ عن مواد دعائية دوائية غير ملائمة.
صيدلي: "حمض الفبنوليك" كلمة السر في العبوات المغشوشة
ثم تواصلنا مع الدكتور أحمد صقر، صيدلي، الذي أوضح أن دواء "برونشيكم" توجد منه عبوات مغشوشة كثيرة، مفرقًا بين العبوتين؛ بأن الأصلي مكتوب اسم المادة الفعالة الصحيحة وهي (حمض الفينوليك) أما المغشوش مكتوب عليها اسم المادة الفعالة (حمض الفبنوليك) وهو خطأ، أيضًا شكل طباعة العلبة بألوانها بها فروقات يمكن اكتشافها بسهولة.
بحسب أحدث الإحصائيات في مارس من العام الجاري، لا يوجد إحصاء رسمي حول انتشار ظاهرة العقاقير المغشوشة أو المقلدة أو منتهية الصلاحية، لكن أرقامًا غير رسمية تشير إلى أن هذه الأدوية تمثل نحو 10% من السوق المصري.
خبير صيدلي: تم استبدال المادة الفعالة في ورش غير مرخصة
وتحدث الدكتور خالد علي، الخبير الصيدلي، أنه حدثت حالات غش في الدواء المعروف بـ "برونشيكم" مؤخرًا، حيث تبين أن المادة الفعالة فيه تم استبدالها بمادة أخرى في ورش غير مرخصة، تهدف لبيع المنتجات المغشوشة لشركات معروفة لتحقيق أرباح أكثر.
وأوضح "علي"، في حديثه، أن أبسط ما يترتب على تناول تلك الأدوية المغشوشة هو عدم شفاء المرض بسبب عدم تناول الدواء الصحيح الموصوف لهم، لكن في الحالات الأكثر خطورة، قد يتسبب ذلك في الوفاة أو حدوث مضاعفات صحية مثل الكبد والكلى.
وأكد الخبير الصيدلي أنه من الصعب السيطرة على عمليات الغش في الأدوية، مؤكدًا أنه بالرغم من انتشار حالات الغش في مصر، إلا أنها تتفوق على العديد من الدول الأخرى في مكافحة هذه الظاهرة، حيث يرفض معظم الصيادلة شراء الأدوية غير المسجلة.
وحماية للمرضى، طالب بتعزيز الرقابة وتمكين الجهات المعنية، فيجب منح الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية سلطة أوسع لضمان سلامة الأدوية في السوق، أيضًا تشديد العقوبات على المخالفين وتكثيف الحملات التفتيشية على الورش والشركات المشبوهة، كما يجب توعية المرضى بشراء الأدوية من مصادر موثوقة ومسجلة رسميًا، والحصول على الأدوية وفقًا لتوصيات الأطباء.
بحسب أحدث إحصائيات منظمة الصحة العالمية في ديسمبر 2022م، فالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تنفق أكثر من 30 مليار دولار أمريكي سنويًا على الأدوية دون المستوى المطلوب والمغشوشة.
شعبة أصحاب الصيدليات: سحب الدواء من الأسواق لانتهاكه المواصفات الفنية
وفي تصريحات سابقة، قال الدكتور عادل عبد المقصود، عضو شعبة أصحاب الصيدليات ورئيس الشعبة سابقًا، إن رجال التفتيش الصيدلي عادةً يقومون بتفتيش جميع الأماكن التي يتم فيها توزيع الأدوية، وذلك لجمع عينات تُحلل لاحقًا، وإذا تبين أن العينات غير مطابقة للمواصفات، يتم إبلاغ هيئة الدواء بذلك، وتقوم الهيئة بإصدار منشور يتم توزيعه، وبناء عليه يتم سحب الدواء من الأسواق نظرًا لانتهاكه للمواصفات الفنية المطلوبة، وقد يكون هذا بسبب عدم وجود تحذيرات في النشرة الداخلية للدواء.
وأكد "عبدالمقصود"، أنه بمجرد تلقي نشرة التشغيلة، يتم مراجعة جميع أصناف الأدوية، وإذا تم تحديد أن الأدوية تتوافق مع التشغيلة، يتم إعادتها إلى شركة التوزيع، وأن المنشور الخاص بدواء «Bronchicum S Elixir» يوزع داخل الوحدات الصحية والصيدليات وشركات التوزيع، ليتم تجنيبه وتحريزه.
ليست المرة الأولى
وبالبحث، وجدنا أنه تلك التحذيرات من دواء "برونشيكم" المغشوش، ليست المرة الأولى، وهو ما سنوضحه من خلال استخدام أداة "تايم لاين"، والتي توضح أن القصة بدأت منذ عام 2017م:
