رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس مكتب «الأونروا» بالقاهرة: مصر تلعب دورًا سياسيًا ودبلوماسيًا مهمًا فى حشد الدعم للاجئين الفلسطينيين

سحر الجبورى
سحر الجبورى

حذرت سحر الجبورى، رئيس مكتب ممثل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فى القاهرة، من العجز الشديد فى التمويل الذى تتلقاه المنظمة ليتسنى لها تقديم خدماتها، ودفع رواتب موظفيها. 

وقالت «الجبورى»، لـ«الدستور»، إن مصر طرف أساسى فى الشأن الفلسطينى، وهى دولة مؤسسة للوكالة وتلعب دورًا رئيسًا فى دعم اللاجئين الفلسطينيين وحشد الدعم للأونروا، مستشهدة بالبيان الختامى لقمة العلمين الجديدة الثلاثية بين مصر وفلسطين والأردن، الذى نص على أهمية تقديم الدعم للمنظمة.

■ ما تقييمك للدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية بشكل عام؟

- لطالما كانت مصر طرفًا أساسيًا فى الشأن الفلسطينى، وهى دولة مؤسسة للوكالة وتلعب دورًا سياسيًا ودبلوماسيًا مهمًا فى دعم اللاجئين الفلسطينيين وحشد الدعم للأونروا. 

ويتجلى هذا الدعم فى العديد من المنتديات المتعددة الأطراف رفيعة المستوى، وآخرها فى البيان الختامى لقمة العلمين الثلاثية، بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وملك الأردن والرئيس الفلسطينى، الذى تم التأكيد فيه على أهمية استمرار المجتمع الدولى فى دعم الأونروا، ومساندتها فى أزمتها المالية الراهنة.

كما أن الوكالة ممتنة للغاية لمصر على موافقتها على بناء مدرستين للوكالة فى قطاع غزة مستقبلًا، ضمن جهودها لإعادة إعمار القطاع.

■ ما الخدمات التى تقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين فى مناطق عملها الخمس؟ وما أبرز مصادر تمويلها؟

- تعمل الأونروا فى الأردن وسوريا ولبنان وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وتقدم خدمات التنمية البشرية والخدمات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، بما فى ذلك التعليم الأساسى المجانى لأكثر من نصف مليون طالب فى ٧٠٦ مدارس تابعة للوكالة، والرعاية الصحية الأولية فى ١٤٠ عيادة تابعة لها، والخدمات الاجتماعية والغوثية لأكثر من ٣٠٠ ألف لاجئ فلسطينى، وتحسين البنية التحتية فى ٥٨ مخيمًا من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وقروض التمويل الصغيرة، وتقديم المساعدات الغذائية والنقدية للأكثر احتياجًا، وتقديم المساعدات فى حالات الطوارئ.

ورغم كل تلك الخدمات الشبيهة بالخدمات الحكومية، ورغم كونها الجهة الأممية الوحيدة التى تقدم خدمات مباشرة للمستفيدين منها، فإنها لا تمتلك ميزانية عادية وتحصل على تمويلها من التبرعات الطوعية.

■ ما أبرز المعوقات التى تواجه عمل الأونروا؟

- لعل طول النزاع الفلسطينى الإسرائيلى دون حل فى الأفق، وما نتج عنه من إنهاك المانحين، وفقدان القضية مكانتها على رأس الأولويات وتغير الديناميات والأولويات الجيوسياسية- أثر كثيرًا على اللاجئين الفلسطينيين، وصرف الانتباه عنهم وعن محنتهم.

أنشئت الوكالة مؤقتًا عام ١٩٤٩، وما زالت مؤقتة، ويجدد تفويضها كل ثلاث سنوات فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

واليوم تتعدد الأزمات فى المنطقة، بل وفى خارجها. فلا تخفى عليكم تداعيات جائحة كورونا ومن بعدها الأزمة الأوكرانية على العالم بأسره من ارتفاع فى تكلفة المواد والعمليات وحتى الأزمة الغذائية الراهنة. كل هذا كان له شديد الأثر على أوضاع اللاجئين وتفاقم الفقر فى أوساطهم. 

وعلى سبيل المثال، فى قطاع غزة، يعيش ٨١٪ من سكان القطاع، ومعظمهم لاجئون، تحت خط الفقر، وترتفع معدلات البطالة لتصل بين الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين ١٩ و٢٩ عامًا إلى ٦٨٪، وبين النساء إلى ٦٦٪.

أما فى لبنان، فقد وصلت نسبة اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى ٨٠٪.

وأكبر دليل على حالة اليأس التى يعيشها اللاجئ الفلسطينى هى تلقى الوكالة ما لا يقل عن ٣٧ ألف طلب حين فتحت ١٣ وظيفة شاغرة لعمال صرف صحى فى لبنان! بمن فيهم من حملة الشهادات الجامعية. والحال ليس بأفضل منه فى سوريا التى يصل الفقر فيها إلى ٩١٪.

وتتزامن هذه العوامل مع ازدياد أعداد اللاجئين الفلسطينيين وتدهور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية فى مناطق العمليات الخمس، وتزايد الأزمات التى يتطلب من الوكالة الاستجابة لها، بما فيها الزلزال فى سوريا والانهيار المالى والاقتصادى فى لبنان، وتزايد التوتر والعنف فى الضفة الغربية كالهجوم مؤخرًا على مخيم جنين، والعنف المسلح فى مخيم عين الحلوة، والنزاعات المتكررة على غزة، والتى زادت جميعها من احتياجات اللاجئين الفلسطينيين واعتمادهم على الوكالة للحصول على المساعدات الإنسانية والطارئة.

■ كيف أثرت الأزمات الاقتصادية العالمية على عمل وموارد المنظمة؟

- أدت الأزمات إلى تغير أولويات المانحين، وصرف الانتباه عن اللاجئين الفلسطينيين ومحنتهم، كما أن تزايد الأزمات الإنسانية فى السودان واليمن وليبيا فى المنطقة العربية، وفى أوكرانيا على المستوى العالمى، أدى إلى التزاحم على تبرعات الدول المانحة وتسييس المساعدات الإنسانية.

ورغم احتياجاتنا للمزيد من الأموال للاستجابة للمتطلبات المتزايدة، أعلمنا بعض مانحينا الأشد التزامًا بنيّتهم تقليل تبرعاتهم هذا العام والأعوام المقبلة، مما يزيد من التحديات بوجه الوكالة.

■ من وجهة نظرك كيف يمكن زيادة مصادر تمويل عمليات الأونروا ودعم اللاجئين؟

- تقدر الميزانية الكلية للأونروا لهذا العام بـ١٫٧ مليار دولار، وتشمل ميزانية البرامج التى تعد العمود الفقرى للوكالة، ومنها تصرف رواتب جميع العاملين وتكفل استمرار الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة.

وعلى مدار الأعوام تعاملت الوكالة مع الأزمات المالية المتكررة بإجراء إصلاحات داخلية وإعادة هيكلة، وزيادة الاعتماد على العمالة اليومية، وزيادة عدد الطلاب فى الصفوف وغيرها، لكنها لم تعد قادرة على الضلوع بالمزيد من الإصلاحات.

وفى عامنا هذا، تمكنت الوكالة بفضل اتخاذ مجموعة من التدابير الإدارية المالية الداخلية والصرف المبكر لتبرعات الدول المانحة من تغطية احتياجات موازنتها البرامجية حتى أغسطس.

إلا أنه دون الحصول على المزيد من التمويل لميزانية البرامج، تتوقع الوكالة أنها ستحتاج من نهاية شهر سبتمبر وحتى آخر العام إلى نحو ١٧٥ مليون دولار لتتمكن من دفع رواتب موظفيها، واستمرار تقديم خدماتها الحيوية دون انقطاع، ولدخول العام الجديد دون ديون مستحقة.

وإضافة إلى المتطلبات المالية لميزانية البرامج، تحتاج الوكالة إلى ٧٥ مليون دولار لضمان تفادى انقطاع المساعدات الغذائية فى غزة، والتى يعتمد ٦٠٪ من سكانها عليها.

كما تحتاج إلى ٣٠ مليون دولار بشكل عاجل فى أكتوبر المقبل لمواصلة تقديم المساعدات النقدية إلى ٦٠٠ ألف لاجئ فلسطينى فى لبنان وسوريا والأردن، و٣٥ مليون دولار لتغطية الاحتياجات المالية الأساسية فى سبتمبر وأكتوبر.

هذا بالإضافة إلى ٧٫٧ مليون دولار لإعادة ترميم منشآت الأونروا فى مخيم جنين، وتوزيع المساعدات النقدية لدعم الإيجار للأسر المتضررة، ودعم الإصلاحات الرئيسية والطفيفة لمنازلهم، و٥٫٥ مليون دولار لترميم بيوت اللاجئين الفلسطينيين، والتى تضررت جراء الزلزال فى سوريا ولبنان، و١١ منشأة من منشآت الأونروا، ولتلبية الاحتياجات الصحية والنفسية للاجئين المتضررين.

ولا يدّخر المفوض العام ونائبته والإدارة العليا للأونروا أى جهد لحشد التمويل الإضافى على وجه السرعة لتغطية احتياجات الوكالة حتى نهاية العام. والحل الوحيد فى الوقت الراهن لتفادى وقف خدمات الوكالة هو المزيد من التمويل من الدول المانحة، خصوصًا دول المنطقة المقتدرة.

وفى هذا الصدد، نثمّن التمويل الذى تلقته الوكالة من دولة الإمارات العربية المتحدة ومن دولة قطر ودولة الكويت، ونحث باقى دول المنطقة التى لم تسهم بعد على المساهمة العاجلة ليتسنى للوكالة تلبية الاحتياجات الحيوية للاجئين الفلسطينيين، ومواصلة تقديم الخدمات المنقذة للحياة وتفادى إيقافها. كما نرجو من الدول التى أسهمت بالفعل زيادة مساهماتها لضمان استمرارية إحدى أطول قصص التنمية البشرية الناجحة فى المنطقة، وأخيرًا ندعو الدول التى أعلنت عن تعهدات إلى سرعة تسديدها وإلى صرفها مبكرًا.

الأونروا وُجدت لصون حقوق اللاجئين الفلسطينيين أطفالًا ونساءً ورجالًا، حتى التوصل إلى حل سياسى عادل لمحنتهم، ولا بد من استمراريتها لمواصلة الحفاظ على حقوقهم.