رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المستشار ناجى شحاتة: تلقيت تهديدًا بتفجيرى بسيارتى فى نفق الهرم.. وضابط الحراسات غيّر خط سيرنا فى اللحظة الأخيرة

محمد الباز - ناجي
محمد الباز - ناجي شحاتة

قال إن الجماعة الإرهابية وزعت قائمة تحمل اسم «اغتيال الكفرة» خلال «عمومية القضاة»

حينما اتهم محمد مرسى قاضيًا بالتزوير خلال أحد خطاباته شعرت بأن هذا الرجل قد كتب نهايته

متهم اعترف بتخطيط التنظيم لاغتيالى بـ«آر بى جى» فضحكت وقلت: «دا هيطيرنى»

لا أخاف.. ومن يعمل فى القضاء الجنائى إذا خاف «يروح» والقاضى مثل الجراح 

عانيت من الجيوب الأنفية لـ4 سنوات بسبب رائحة الأحراز المضبوطة فى قضايا الإرهاب

أرتدى نظارة سوداء لأستطيع النظر لكل شخص فى قاعة المحكمة دون أن تظهر حركة عينى

قيادى إخوانى قال فى الإذاعة بالحرف: «إحنا نفوّر القضاة»

قال المستشار محمد ناجى شحاتة، رئيس محكمتىّ الجنايات وأمن الدولة العليا ودائرة الإرهاب السابق، إن بيان «٣ يوليو» كان بمثابة عودة هيبة الدولة بالنسبة له، لأن مصر لم تكن دولة خلال العام الذى تولت فيه جماعة «الإخوان» السلطة.

وأضاف «شحاتة»، خلال حواره مع الإعلامى الدكتور محمد الباز، عبر برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، أن جماعة «الإخوان» وضعته على قائمة الاغتيالات، بسبب أحكامه التى أصدرها ضد قياداتها المتهمين فى قضايا إرهابية، وكانت الجماعة تخطط لاغتياله عبر قصف سيارته بـ«آر بى جى».

■ بداية.. ما الفرق بين قضايا الجنايات العادية وقضايا جنايات الإرهاب؟

- الجناية خروج عن السلوك الاجتماعى السليم فى حد ذاتها، إنما قضايا الإرهاب لها سمة خاصة، وهى كثرة عدد المدافعين عن المتهم والمتهمين فى القضية الواحدة، وهى أمر يحدث عادة بحكم كثرة التيارات السياسية التى ينتمى إليها المتهمون، و«بيبقى الجو مكهرب شوية».. مثلًا قضية «خلية السيدة زينب» المعروفة إعلاميًا بقضية «أحداث مجلس الوزراء»، كان عدد المتهمين فيها ٣٢٥ متهمًا.

وتتميز قضايا الإرهاب بكثرة الدفوع من جانب المحامين لدخول الموضوع فى إطار سياسى، وإطالة أمد التقاضى، مثل قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة، التى أخذت وقتًا طويلًا وأصدرنا الحكم فى الحادية عشرة مساءً بعد سماع المتهمين.

■ ما الاختلاف بين قضايا الإرهاب عقب يناير ٢٠١١ والقضايا بعد ثورة ٣٠ يونيو؟

- من الناحية القضائية القاضى يكون منعزلًا عن السياسية، وهذا أمر أساسى فى العمل، لأن أهم سمة هى التجرد والانعزال عن الأحداث، ولكن كمواطن عادى أقول إنه مع تزايد أعمال العنف بعد ثورة ٣٠ يونيو كمحاولة من الجماعة الإرهابية لفرض الرأى على المجتمع، حدث توتر فى نظر الجلسات وتهديدات، وأصبح العمل يتم تحت وطأة التهديد فى أغلب الأحداث، وهذا أمر متعب.

■ ما سبب ارتدائك نظارة سوداء خلال الجلسات؟

- كانت تضايق المتهمين، ونُفذت أفلام على «يوتيوب» لشخص يرتدى نظارة سوداء للتهكم علىّ، ولكننى أرتدى نظارة سوداء حتى أستطيع النظر لكل شخص أمامى، وأرى ما يحدث فى الجلسة دون أن تظهر حركة عينى، بالإضافة إلى وجود ضعف فى نظرى، لأنه ليس من مصلحة المتهم معرفة رد فعلى.

■ هل خفت من نوعية هذه القضايا؟

- من عاداتى ألا أخاف، ومن يعمل فى القضاء الجنائى إذا خاف «يروح»، فالقاضى الجنائى يشبه الجراح الذى يأخذ قرارًا خطيرًا بأنه سيفتح ويستخدم المشرط، وهذا أعلى حساسية فى العمل.

■ أحداث مجلس الوزراء.. ماذا تتذكر عنها؟

- أحداث مجلس الوزراء، كانت تتسم بكثرة عدد المتظاهرين الذين وصلوا إلى ٣٢٥ متهمًا، ودائمًا «جرائم الجمع» صعبة، ولكى تتوصل للفاعل فيهم فهو موضوع ليس سهلًا، وقسمنا الأدوار بينى وبين زملائى. الصعوبة فى القضية تمثلت فى أنه كان بها شباب صغير تحت سن ٢٠ عامًا، وكان مغررًا بهم تحت شعار الثورة «عيش حرية عدالة اجتماعية»، ولم يكونوا يعرفون، ويرون أنهم يفعلون «الصح».

وحرق المجمع العلمى والاعتداء على مؤسسات الدولة يعكسان قلة وعى الشباب بتاريخ بلدهم، لأنهم لا يعرفون أن المجمع يحتوى على وثائق وخرائط تمس أمن وتاريخ البلد.

فوجئت أن هناك فرحًا كبيرًا من الشباب باشتعال النيران فى المجمع العلمى، وقذف رجال الشرطة بقنابل مولوتوف التى كانوا يصنعونها ماشككنى أن هؤلاء الشباب فيهم شىء غير مظبوط ويتعاطون مواد منشطة، إنهم فى عز الشتاء كانوا يقفون بأجساد نصف عارية فى الشارع، وهذا يعطى انطباعًا أن الأمر غير طبيعى، فهؤلاء الشباب كانوا يعتقدون أنهم يقدمون الشىء الصحيح، كيف وهم يهدون تاريخ البلد، وما علاقتهم بالشرطة، ولو سألت أى شاب منهم: أنت دخلت قسم؟.. يقول لا، فما سر عداوتك معهم؟ فلا بد أن يكون هناك يد أعلى من يده توجهه.

■ ماذا قالوا فى أوراق القضية؟

- أقوالهم كانت تدور حول الظلم والرغبة فى التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، وشعارات مطاطة لا يعرفون معناها، وأنهم وجدوا متنفسًا لهم بالوقوف فى ميدان التحرير والتخريب.

■ هل واجهت ضغوطًا خلال نظرك القضية؟

- واجهت موقفًا فى هذه القضية، عندما جاءنى طلب من الملحق العسكرى الأمريكى ووفد من السفارة الأمريكية، وطلبوا حضور المحاكمة، ودخل لى أحد اللواءات وأخبرنى أنه يوجد وفد من السفارة يريد أن يحضر المحاكمة. وغِيرة على القضاء رفضت، وقلت له «القاضى لا يُراقب فى عمله، ومن يحضر هو الجمهور طبقًا لقاعدة علانية الجلسات»، ولم أكن أعرف من يقصدون فى المتهمين، ولكنى عرفت بعدها أنهم يبحثون عن أحد المتهمين الرئيسيين المشاركين فى الأحداث، وحاولوا الوقوف إلى جانبه تحت شعار حقوق الإنسان، وكان هذا المتهم هو أحمد دومة، وقالوا إنهم وصلتهم استغاثة بأن حقوق الإنسان مهدرة.

■ هل كان هناك انفلات فى سلوك المتهمين فى هذه القضية؟

- الانضباط فى الجلسات درس تعلمناه من أساتذتنا السابقين، وسبق وحبست ضابطًا لقيامه بإشعال سيجارة خلال الجلسة.

المتهمون كانوا يُعقبون على قرارات المحكمة بطريقة غير لائقة، وباستغلال كل الوسائل المتاحة فى أيديهم. وكان لى حديث سابق مع الإعلامية إيمان الحصرى، وسألتنى عن الشباب المتهمين، فقلت لها إن القاضى ليس له إلا الأوراق أمامه، وأنه بعيد كل البعد عن السياسة ومواقف المتهمين، وليس لى سوى الورق أمامى، وما يمليه على ضميرى، فاجتزأوا الحوار، وقالوا إننى أفشيت سر المداولة، وقدموا طلب رد ضدى وتم رفضه، وعادت القضية أمامى، والقضية كان بها أناس كثيرون متورطون.

فى بعض الأحيان التجاوز كان يصل للخروج عن المألوف، وحينما أقول «تأجيل القضية» يصفق المتهمون كنوع من الاستهزاء والسخرية، وهى جريمة للإخلال بالنظام والنيل من هيبة المحكمة، ويجيز فيها القانون إقامة الدعوة العمومية، وتحكم على المتهم فى وقتها، وسبق وحُكم على أحمد دومة وتم حبسه سنة، ومرة ٣ سنوات بتهمة التعدى على القاضى.

■ كيف تلقيت بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ بصفتك مواطنًا مصريًا وبصفتك القاضى؟ 

- ينبغى أن نسبق الحديث عن بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ بمرحلة أخرى، عندما جاء الرئيس المنتخب محمد مرسى، وقال إن هناك قاضيًا مزورًا أثناء كلمته فى خطاب ٢٦ يونيو، عندما سمعت خطاب محمد مرسى، قلت وقتها بشعور المواطن العادى وليس بشعور القاضى، إن هذا الرجل قد كتب نهايته، فكيف له أن يتهم قاضيًا بتزوير الانتخابات علانية، وبالاسم، ومحمد مرسى بهذه الفعلة يكون قد دق أول مسمار فى نعشه. إن بيان ٣ يوليو ٢٠١٣ يمكن أن أسميه بداية عودة هيبة الدولة، شعرت بعد سماعى له أن الدولة المصرية استردت كبرياءها، وبأن الدولة المصرية ستبدأ فى العيش بمرحلة الدولة المنظمة، لأننا خلال حكم الإخوان مررنا بعام لم تكن به دولة.

إن حالة الاعتداء الواضح من الإخوان على القضاء، من خلال ما شهدته من أحداث متمثلة فى حصار المحكمة الدستورية، وعزل النائب العام، ومحاولتهم تغيير القانون لإحالة قضاة بعينهم إلى التقاعد متمثلين فى ٤ آلاف قاضٍ، تنم عن جهل، المسألة وصلت لأن أسمع أحد مسئولى جماعة الإخوان يقول فى الإذاعة بنفس اللفظ «إحنا نفوّر القضاة».

إن حصار المحكمة الدستورية، ومحاولة تغيير القوانين، ومحاولة إصدار إعلان دستورى يحصّن القرارات الخاطئة التى كانت تصدر فى هذا الوقت، كانت تمثل عدوانًا على القضاء، لذلك كانت فرحتى كمواطن ببيان ٣ يوليو لا تعادلها فرحة، لأننى شعرت بأن الدولة استردت جزءًا من هيبتها.

■ فى لحظة بيان ٣ يوليو.. هل توقعت كل العنف الذى سيمارسه الإخوان بعد ذلك؟ 

- طبعًا، لأننى عملت بقضايا الإرهاب، وفتحت الكثير من الأحراز أثناء نظر القضايا، وشاهدت كمية الإجرام التى كانت تتسم بها تلك الأحراز المضبوطة، من قطع حديدية مدورة تطير أثناء الانفجار، وتوزع أكبر عدد من الشظايا لإصابة الكثير من الضحايا، وأُصبت بالجيوب الأنفية، واستمرت معاناتى منها أربع سنوات، بسبب رائحة الأحراز المضبوطة فى قضايا الإرهاب «بَودر غريب الشكل، ومسامير حجمها غريب جدًا موضوعة كشظايا»، وبالتالى كنت متوقعًا بالتأكيد أعمال العنف من جماعة الإخوان بعد بيان ٣ يوليو.

■ ما تفاصيل قضية حريق كنيسة كفر حكيم؟

- قضية حريق كنيسة كفر حكيم، كان بها نحو ٤٠ متهمًا، والقضية تتسم بالإجرام، لأن حرق كنيسة فى ذلك التوقيت كان جريمة مروعة ومؤسفة لا يقبلها العقل؛ لأنها تضرب باستقرار البلد وتحدث فتنة.

■ ما كواليس واقعة توزيع قوائم اغتيال فى ٢٠١٣ قبل ثورة ٣٠ يونيو؟

- عبدالمجيد محمود رجل من رجال القضاة المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، وفوجئنا بقرار غير مسبوق بعزله، ومنصب النائب العام غير قابل للعزل، فكان من الطبيعى أن تنعقد جمعية عمومية للقضاة فى دار القضاء العالى، التى دعا إليها المستشار أحمد الزند، والغريب أن هذه الجمعية لم يتخلف عنها أحد، وكان القضاة على قلب رجل واحد، لأنه لم تكن إعادة النائب العام هى المقصودة، ولكن المقصود رد الهجمة عن القضاة، لأن السلطة القضائية إذا حدث لها اهتزاز، أو تعرضت لمناوشة من سلطة أخرى، سيكون المجتمع فى خطر.

وأذكر أن رئيس وزراء بريطانيا «تشرشل» فى الحرب العالمية الثانية، أول شىء سأل عليه هو مقر المحكمة العليا فى لندن هل تم ضربه أم لا، فطبيعى أن يكون اجتماع الجمعية العمومية لتحقيق سمو السلطة القضائية ومقاومتها لأى عدوان عليها، وهذا العدوان الذى حدث عليها مبعثه جهل بطبيعة السلطة القضائية، وكان لتصفية مواقف مع النائب العام الذى أحال عددًا كبيرًا من الإرهابيين إلى المحكمة الجنائية عن حق، فاعتبر هذا عدوانًا على الجماعة، واعتبرته تصفية حسابات بعزل النائب العام.

وصدمنا أثناء انعقاد الجمعية العمومية بأشخاص كعمال البوفية، يوزعون قائمة تحت اسم «اغتيال الكفرة»، وكنت من ضمن قائمة الاغتيال التى حددتها جماعة الإخوان الإرهابية.

■ لماذا كان اسمك ضمن قائمة الاغتيال وما سبب عداء الإخوان لك؟

- فى عام ١٩٩٨ عندما توليت محكمة جنايات أسيوط، حكمت على مسئول التنظيم العسكرى للجماعة الإرهابية ولم أكن أعلمه، ومثل هذا «تار قديم» معهم، لأن هذه الجماعة من سماتها أنها لا تنسى من وقف فى طريقها، وكانت القضية شروعًا فى قتل ضابط بجهاز أمن الدولة سابقًا.

وبعدها أرسلت الجماعة خطابات لى فى استراحة العمل فى أسيوط بأنهم سيفجرون القطار، وغيره من التهديدات فى المنزل أيضًا، وكان ثانى صدام فى قضية اتهام ضباط الداخلية بقتل متظاهرين أمام قسمى شرطة إمبابة وكرداسة عقب أحداث ثورة يناير، وكانت القضية ذات ظروف صعبة، وكانت الجماعة تريد النيل من هيبة الدولة، وكان هناك جو من الهرج والمرج وعدم التنظيم داخل الجلسات، وكنا نخرج تحت حماية الشرطة العسكرية من المحكمة.

وفى أول جلسة لمحاكمة ٣٨ ضابطًا متهمًا فى القضية، وكان المتهمون المقدمون للمحاكمة مفرجًا عنهم، ولم يكن من المنطقى أن تحبسهم على ذمة القضية، ولم يستجد جديد بحبس الضباط، والقرار كان التأجيل، وكانت الجماعة تريد حبس الضباط على ذمة القضية، وكانت هناك أسباب داخلية لعداء الجماعة مع الشرطة. وكنا فى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية القديمة، وحاولت الجماعة اقتحام غرفة المداولة علينا أثناء نظر الجلسة، وفى هذا اليوم خرجت فى حماية الشرطة العسكرية، وحكمت فى هذه القضية بحيادية، وكانت هناك اتهامات هلامية للضباط بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وهى جريمة كبيرة عقوبتها الإعدام، وعملت مسودات لكل ضابط من الـ٣٨؛ ليتبين لى موقف كل ضابط على حدة، وظهرت مواقف غريبة فى القضايا، مثلًا أحد المجنى عليهم قال إن أحد ضباط إمبابة قتل ابنه، فى يوم ٢٨ يناير، وكانت هناك شهادة من بعضهم أنهم شاهدوا مأمور القسم يحمل بندقية آلية فى يده اليمنى و«خرطوش» فى اليد الأخرى، وبسؤال شاهد آخر أنكر أنه شاهد المأمور، لأن الشرطة كانت تطلق القنابل المسيلة للدموع، والمفيد أنه كانت هناك وقائع هلامية دون أى إثبات. وخلال عرض فيديو لأحد أحراز قضية اتهام الضباط بقتل المتظاهرين، وعند ظهور أحد الضباط فوجئت بالناس تقول «القاتل أهوه اقتلوه».

واللواء أحمد جمال وزير الداخلية الأسبق استدعيته للشهادة، وهو رجل محترم، وحضر، وخلال شهادته فوجئت بأحد المحامين يسأله ما تعليقك على أن قسم إمبابة لم يتم حرقه ضمن الأقسام؟ فقال له «هذا يرجع لكفاءة الضباط الموجودين فيه»، فقال له المحامى «لا بد أن يحاسبوا جميعًا، لأنهم لم يتركوا الناس تحرق القسم، لأنها ثورة والناس لابد أن تعبر عن غضبها».

■ أعرف أن القاضى متماسك ومحايد.. فما واقع هذه الشهادات عليك؟

- كل ما يحدث فى الجلسة لا بد أن تستوعبه الذاكرة، لأن اليقين يتكون من الأشياء الصغيرة، وكل ما يصدر فى الجلسة يسجله سكرتير الجلسة، وقبل إصدار الحكم لا بد أن يقرأ القاضى محضر الجلسة، ويرى أقوال الشهود، وهى مهمة صعبة.

■ كيف وصلتك معلومة استهدافك من الإخوان؟ 

- معلومة استهدافى من جماعة الإخوان ووضعى على قائمة الاغتيال، جاءتنى من أحد الزملاء الذى كان يعمل فى أيام غير التى كنت أعمل بها، وهو المستشار معتز خفاجى.

المستشار معتز خفاجى كلمنى، وقال لى: «خلى بالك فى متهم عندى قال إنهم مستهدفون القضاة ومستهدفينك أنت بالذات، وهيضربوا عليك بالآر بى جى»، أنا خدت المسألة بضحك، وقولت له «ده الآر بى جى هيطيرنى، آر بى جى مرة واحدة يا معتز»، قال: «والله المتهم المحبوس قصادى قال كده»، سألته «هيعملوها فين»، قال لى: «فى اليوتيرن وإنت راجع». وفى ذلك التوقيت كان الرئيس السيسى قد أمر بأن نقيم فى فندق القوات المسلحة «تيبا روز»، وكنا نجلس نتحدث فى هذه المواضيع طيلة الوقت.

واتصلت وقتها بالمستشار أحمد الزند، وزير العدل، وقلت له ما حدث، فأصدر قرارًا فى اليوم الثانى بنقل عملى من محكمة الكيلو عشرة ونصف إلى العمل فى مقر المحكمة بأكاديمية الشرطة، فشكرته على موقفه وانتهى الأمر.

■ ما تفاصيل تهديدات الإخوان لك بتفجير سيارتك فى الهرم؟

- تلقيت تهديدات من الإخوان بتفجيرى بسيارتى فى نفق الهرم، وكان معى ضابط الحراسات، وقال لى أثناء سيرنا فى الطريق بالسيارة: إننا سنغير الطريق، وسندخل من ناحية فيصل، فسألته عن السبب، قال لى، أنا واخد معلومة حالًا إن الجماعة الإرهابية واضعة قنبلة فى مدخل نفق الهرم، عند مسجد سيدى نصر الدين، فقلت له تمام، لأن من عادتى عدم التدخل فى شغل الحراسات، وما يقولونه ألتزم به، لأنهم «شايفين شغلهم وعارفينه أكتر منى». 

■ هناك الكثير من القضاة لم يقبلوا النظر فى قضايا الإرهاب، لكنك وافقت على العمل فيها.. هل سبب موافقتك أنك نظرت قضايا إرهاب سابقة؟ أم أنك كنت ترى أن المرحلة تستدعى ذلك؟ 

- رأيت أن المرحلة تستدعى ذلك، لأنه لو جميعنا- نحن القضاة- قلنا لا للنظر فى قضايا الإرهاب، سيكون الوضع غير جيد.

من عادتى الجرأة، ولا أهتز لهذه الأشياء، فقد أصدرت حكم مذبحة كرداسة الساعة الحادية عشرة والنصف ليلًا، وكان معى عربية نجدة واحدة، وخرجت من قلب معهد الأمناء، وكان من الممكن أن يتم استهدافى وقتها، لكنى لم أبالِ.

■ ما موقف عائلتك من التهديدات التى كنت تتلقاها؟

- عندما كانت توجه تهديدات لى، خاصة بالكتابة على جدران السلم، ورسائل بالتهديد تصل إلى منزلى، كانت أسرتى فى بعض الأوقات تبلغ الأمن الوطنى فى الجيزة، فكانوا يطمئنونهم، لأن من يريد فعل شىء لن يقول عنه، وكانوا يطالبون أسرتى بعدم القلق، كنت فى بعض الأوقات أسمع كلمات من عائلتى بأن لدى أبناء ويكفى ذلك، كان على أسرتى عبء نفسى كبير، لكن أنا «ما بتفرقش معايا». 

تربطك علاقة إنسانية بالمستشار عبدالمجيد محمود والمستشار هشام بركات.. إلى أى مدى أثرت على عملك؟

- إن المستشار عبدالمجيد محمود رجل فى غاية الجرأة، كنت فى بعض الأوقات أقابله فى محكمة استئناف القاهرة، وكنت أقابله فى غرفة المتابعة، حيث كنا نجلس ونتحدث فى الكثير من الأمور، مثل التهديدات التى تلقيتها وغيرها، فكان يقول لى: «هو إنت بيهمك!.. إنت ولا بيهمك». أما المستشار هشام بركات، رحمه الله، فكانت تجمعنى به علاقة شخصية وإنسانية، حيث كنت دائم الزيارة له فى مكتبه، وأشرب معه قهوتى، كان رجلًا محترمًا، رحمة الله عليه. ولم يكن يوجد أى تدخل أو نقاش سواء من المستشار عبدالمجيد محمود أو المستشار هشام بركات- رحمه الله- فى أى قضية من القضايا التى أنظرها، لأن هؤلاء الرجال كانوا يعلمون جيدًا أصول التقاليد القضائية أكثر من أى أحد، عمر ما واحد فيهم اتكلم وقال «القضية دى فيها كذا».. ويوم توزيع قضية «خلية الماريوت» استدعانى المستشار هشام بركات، وقال لى إن رئيس الاستئناف وزعها عليك، والنائب العام أخذها وأعطاها لى، ثم قال لى تفضل الملف معك.. لكن عمر ما أحد تدخل فى تفاصيل عملى أبدًا.