رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"سي إن إن": نجاح وبروز عالمي لـ بريكس ومحاولة لإعادة توازن القوى العالمية

البريكس
البريكس

تنطلق اليوم في جنوب إفريقيا اجتماعات قمة مجموعة البريكس، بمشاركة واسعة وسط توقعات بضم أعضاء جدد إلى التكتل الدولي.

وأفادت شبكة "سي إن إن" الأمريكية بأن تكتل بريكس، الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، أصبح أكثر بروزًا على الساحة العالمية بشكل أكبر من أي وقت مضى، فبالرغم من أنها تواجه تحديات، تتمثل في الخلاف الحدودي بين الهند والصين، والعلاقة الوثيقة التي تجمع الهند بالولايات المتحدة، فإنه يبدو أن هذه التحديات هي مجرد أمور هامشية لا تؤثر على قوة الكتلة الاقتصادية.

وتابعت الشبكة أن الكتلة الاقتصادية تلقت عروضًا من 20 دولة للانضمام لها تتضمن اقتصادات ناشئة قوية منها مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية.

وأضافت أنه من المتوقع أن تتصدر المناقشات حول إضافة أعضاء جدد جدول أعمال القمة التي تستمر ثلاثة أيام تنتهي غدًا الخميس، حيث يجتمع قادة البريكس شخصيًا لأول مرة منذ وباء فيروس كورونا، بينما يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاجتماع بشكل افتراضي.

فيما أعرب رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، يوم الأحد، عن دعمه لتوسيع مجموعة بريكس، قائلًا إن "هيئة أكبر ستمثل مجموعة متنوعة من الدول التي تشترك في رغبة مشتركة في الحصول على نظام عالمي أكثر توازنًا في عالم معقد وممزق بشكل متزايد". 

وأوضحت الشبكة الأمريكية أن القرارت المتعلقة بالتوسع وهوية المجموعة هي قضايا تشغل الأعضاء الخمسة، الذين يهدفون لأن يكون لهم دور أكبر في النظام الدولي الذي يفضل الغرب ودول مجموعة السبع "G7"، على الرغم من التحول الكبير في الهيمنة على الاقتصاد العالمي على مدى السنوات الخمس الماضية.

إعادة توازن القوى الاقتصادية العالمية إنهاء الهيمنة الغربية

ويقول المحللون إن الكتلة تخاطر بأن تصبح جيوسياسية أكثر وضوحًا في محاولتها لإعادة توازن القوى العالمية، خاصة أن الصين وروسيا تسعيان إلى جعلها تقف إلى جانبها في مواجهة التوترات المتزايدة مع الغرب، وهو أمر يمكن أن يسهله توسعها.

وفي حديثه في مؤتمر صحفي قبل القمة الأسبوع الماضي، قال سفير الصين لدى جنوب إفريقيا إن المزيد من الدول تأمل في الانضمام إلى البريكس "لحماية مصالحها المشروعة".

وقال السفير تشن شياو دونج: في مواجهة بعض الدول التي تستخدم "العصا الغليظة" للعقوبات الأحادية الجانب والانخراط في ولاية قضائية طويلة الذراع، تصر دول البريكس على الحوار والتشاور على قدم المساواة، مستخدمًا لغة بكين النموذجية لانتقاد ما تعتبره بمثابة سياسة الولايات المتحدة.

وأكدت الشبكة أن التوسع يُعدّ أول اختبار للرابطة خلال ما يقرب من عقد ونصف من وجودها، وفقًا لبهاسو ندزندزي، الأستاذ المشارك في السياسة والعلاقات الدولية في جامعة جوهانسبرج.

وأضاف أن إضافة أعضاء من شأنه أن يوسع الوجود العالمي للتكتل ويزيد من التأييد لأجندتها لمواجهة الهيمنة السياسية الغربية.

آثار عالمية لضم أعضاء جدد إلى بريكس

يقول المحللون إن قرار بوتين، ورئيس الصين شي جين بينج، ورئيس الهند ناريندرا مودي، ورئيس البرازيل لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، ومضيفهم رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، بإضافة المزيد إلى كتلتهم- وكيفية اختيار هؤلاء الأعضاء المحتملين- ستكون له آثار عالمية كبيرة، ومن المتوقع أن يكون التوسع هو الثاني فقط في تاريخ المجموعة التي تركز على التنمية الاقتصادية وزيادة صوت أعضائها في المحافل العالمية.

وأوضحت الشبكة الأمريكية أن المجموعة تم تأسيسها من أجل فرص الاستثمار في الأسواق الناشئة الرئيسية، متجاهلين الاختلافات العميقة في الأنظمة السياسية والاقتصادية بين أعضائها، وهو ما يفسر سر نجاح التكتل، حيث عقدت الكتلة قمتها الأولى في عام 2009 بمشاركة 4 دول فقط، ثم أضافت جنوب إفريقيا في العام التالي، كما أطلقت مجموعة البريكس بنك التنمية الجديد في عام 2015.

وتابعت أن اليوم أعربت 22 دولة رسميًا عن رغبتها في الانضمام إلى الكتلة، في حين قدم العديد منهم أيضًا استفسارات غير رسمية، حسبما قال سفير جنوب إفريقيا لدى البريكس، أنيل سوكلال، الشهر الماضي.

وقال مسئولون في جنوب إفريقيا إن الدول التي تقدمت بطلبات رسمية حتى الآن هي الأرجنتين والمكسيك وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر ونيجيريا وبنجلاديش.

وأوضحت الشبكة أنه لدى البلدان مجموعة من الأسباب لتقديم الطلبات، بدءًا من الاهتمام بمبادرات اقتصادية محددة مثل التحول إلى العملات المحلية وتحدي الولايات المتحدة، وفقًا لميهيلا بابا، زميل أول في مشروع تحالفات القوى الصاعدة في جامعة تافتس في الولايات المتحدة.

وتابعت الشبكة الأمريكية أنه من الممكن أن يحفز المنضمون الجدد، الذين يتمتعون بالنفوذ الاقتصادي، قدرة المجموعة على إعادة تشكيل أو خلق بدائل لمؤسسات السلطة العالمية القائمة.

وأوضحت أنه من المرجح أن يكون لإضافة أعضاء جدد بعض التأثيرات الإيجابية على الأقل بالنسبة لأقوى أعضاء المجموعة، الصين، خاصة أن شي يحاول وضع بلاده كقائد في إصلاح النظام الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي يرى أنه يعمل على تقييد قدرات بلاده.

وقال يون سون، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون للأبحاث: "كلما اتسع نطاق أعضائها، كلما أصبح بإمكانهم المطالبة بصوت جماعي أقوى، وكلما زادت الصين باعتبارها أكبر اقتصاد عالمي".

وأكدت الشبكة الأمريكية أن الاهتمام الواسع النطاق من جانب البلدان بالانضمام إلى مجموعة البريكس يُشكل أيضًا دفعة قوية لبوتين، ويقول محللون إن ذلك يشير أيضًا إلى اتساع الفجوة بين أولويات تلك الدول التي تصطف في مجموعة البريكس والدول الغربية الغنية التي اتحدت ضد روسيا دعمًا لأوكرانيا.

وأشار المحلل مانوج كيوالراماني، المقيم في بنجالور، إلى وجهة نظر عبر العالم النامي، قائلًا: "هناك الكثير من الإحباط في الغرب من توسع المجموعة، لأنهم يعتبرون روسيا هي من أشعلت الأزمة في أوكرانيا، ولكن العالم يدرك أن حلف شمال الأطلسي الناتو والولايات المتحدة كانا سببًا من أسباب إشعال الصراع وإطالة أمده".

وقال كيوالراماني، الذي يرأس دراسات المحيطين الهندي والهادئ في مركز أبحاث معهد تاكشاشيلا، إنه عندما يتعلق الأمر بمصلحة هذه الدول فإن عزل روسيا لا يساعدهم.

وأضاف أن الدول بدلًا من ذلك تنظر إلى البريكس كوسيلة للتعامل مع تحديات مثل تغير المناخ والوصول المحدود إلى رأس المال والتكنولوجيا، وتقرر التحرك نحو ذلك حيث يبدو أن الغرب ينغلق على نفسه.

وأكدت الشبكة الأمريكية أن التكتل لن يخلو من الخلافات في وجهات النظر بشأن الدول التي ستنضم له، خصوصًا المعادية بشدة للمعسكر الغربي، حيث يقول محللون إنه بالنسبة للهند، التي لديها نزاع حدودي مع الصين وتجد نفسها منجذبة بشكل متزايد إلى الولايات المتحدة بسبب مخاوفهما المشتركة بشأن بكين الحازمة، فإن الكتلة الصارمة المناهضة للولايات المتحدة لن تكون مرغوبة من قبل الهند.

وقال كيوالراماني، الذي أشار إلى أنه يُنظر إلى نيودلهي على أنها أبطأت إدخال أعضاء جدد في العام الماضي من خلال الدعوة أولاً إلى الانضمام إلى الجماعة: "تجد الهند نفسها في موقف صعب، لأن هوية الجماعة تتغير، وهي لا تريد هذا التحول". 

وأضاف: "لكن إلى متى وإلى أي مدى وبأي تأثير (يمكن للهند أن تقود الكتلة في اتجاهات معينة)... لن يكون الأمر سهلاً، لأن الصين هي الفاعل الأكبر وهي الأكثر تحالفًا مع روسيا".

بينما يقول روبنز دوارتي، منسق لابموندو، وهو مركز أبحاث للعلاقات الدولية مقره البرازيل: "يمكن أن تكون البرازيل وجنوب إفريقيا أيضًا منفتحتين على التوسع المحتمل، لكنهما ستكونان أكثر حذرًا في الترحيب بالدول المناهضة للولايات المتحدة بشكل واضح".

وتابع: "الدول التي لديها علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وروسيا ستكون أكثر ترحيبًا، حيث يرى الجميع أن وجود المزيد من الأعضاء يمكن أن يساعد في جلب المزيد من التنوع في وجهات النظر في مناقشة القضايا العالمية".

وأضاف أنه إذا قررت البريكس التوسع ثم عززت دورها العالمي، فإن هذا قد يدفع إلى تغيير أكبر يؤثر على النفوذ الدولي لأوروبا والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه كلما زاد نشاط مجموعة البريكس، كلما فقد المعسكر الغربي الهيمنة على العالم.