رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى ميلاده.. كيف كشف خالد محيى الدين الجماعة الإرهابية مبكرًا؟

خالد محيي الدين
خالد محيي الدين

خالد محيي الدين، واحد من المؤسسين لتنظيم الضباط الأحرار، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1922، وهو مفكر سياسي، ورئيس حزب التجمع الأسبق.

في مذكراته الشخصية المعنونة بـ "والآن أتكلم"، والصادرة عن مشروع مكتبة الأسرة ــ الهيئة المصرية العامة للكتاب، يذكر محيي الدين محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لضمه إلى صفوفها من خلال زميله عبدالمنعم عبدالرؤوف، والصاغ محمود لبيب، مشيرا إلى: ذهبت في لقائي الأول ومعي عثمان فوزي، وبدأ محمود لبيب يتكلم ويتطرق إلى موضوع الدين دون تعجل، كان يعرف أن محركنا الأساسي هو القضية الوطنية، فظل يتحدث عن هذ الموضوع ولكن بنكهة إسلامية، وكنت ألح في استخراج إجابات محددة عن أسئلة شغلت بالي كثيرا، الوطن وكيف سنحرره وبأي وسيلة؟ وما هو الموقف من المفاوضات؟ وكان يجيب في حذر وذكاء، لم يكن يريد أن يخسرني بإلقاء الإجابات التقليدية للإخوان، كان يقول: مصر سيحررها رجالها، وشباب القوات المسلحة هم قوتها الضاربة.. وكلام من هذا القبيل.

ويلفت محيي الدين إلى أنه: واشتم عثمان فوزي رائحة الإخوان من الحديث، وقال لي ونحن عائدان من مقابلتنا: هذه جماعة خطرة وضارة، لكنني كنت سعيدا بالمقابلة، وقلت إن الوطن بحاجة إلي تضحية، والاتجاه الإسلامي يمكنه أن يبث في الشباب روح التضحية.

رأي خالد محيي الدين في حسن البنا

ويمضي خالد محيي الدين في حديثه عن محاولة ضمه لجماعة الإخوان الإرهابية: وبدأت ألح على محمود لبيب في اجتماعاتنا بالأسئلة: ما هو برنامج الجماعة؟ فيجيب: الشريعة، كنت أقول: كلنا مسلمون، وكلنا نؤمن بالشريعة لكن ماذا تحديدا سنفعل لتحرير الوطن، هل سنخوض كفاحا مسلحا أم نقبل بالتفاوض؟ وماذا سنقدم للشعب في مختلف المجالات؟ في التعليم والإسكان والزراعة وغيرها من القضايا الاجتماعية، وكان محمود لبيب يزوغ من الإجابة وأنا أطارده وانتهى الأمر بأن أحضر لنا الأستاذ حسن البنا المرشد عام للإخوان.

وللحقيقة كان حسن البنا يمتلك مقدرة فذة على الإقناع وعلى التسلل إلى نفوس مستمعيه، وكان قوي الحجة واسع الاطلاع، وفي اللقاء الأول معه بدأنا نحن بالحديث وطرحنا أنا وعبدالناصر آراءنا، وعندما تكلم البنا أفهمنا بهدوء وذكاء أن الجماعة تعاملنا معاملة خاصة، ولا تطلب منا نفس الولاء الكامل الذي تطلبه من العضو العادي.

وتتالت مقابلاتنا مع حسن البنا، وقد كان يمتلك حججًا كثيرة لكنها لم تكن كافية ولا مقنعة بالنسبة لأكثرنا، وظل عبدالناصر مستريبا في أن الجماعة تريد أن تستخدمنا كمجموعة ضباط لتحقيق أهدافها الخاصة، وظللت أنا أوالي قراءة ما يزودني به عثمان فوزي من كتب، وازداد إلحاحا في مناقشاتي على ضرورة وضع برنامج للجماعة يحدد أهدافها الوطنية وموقفها من مطالب الفئات المختلفة، وبدأت في هذه المناقشات أنحو منحى يساريا، وأصبحت نشازا في مجموعة من المفترض أنها تابعة للإخوان المسلمين.

خالد محيي الدين يكتشف الوجه الحقيقي للإخوان

ويشدد خالد محيي الدين في مذكراته "والآن أتكلم"، على أن الأحداث في سنة 1946 تسارعت ملتهبة، وكشفت جماعة الإخوان عن وجهها السياسي، وتصرفت كجماعة سياسية وتخلت عن دعاوى النقد الديني، ولما كانت بحاجة إلى صحيفة يومية وورق صحف في ظل أزمة شديدة في الورق تقاربت من إسماعيل صدقي، وحصلت في مقابل تقاربها هذا على ما أرادت من دعم.

كذلك وقفت الجماعة ضد اللجنة الوطنية للطلبة والعمال، وحاولت أن تشكل جماعة أخرى بالتعاون مع إسماعيل صدقي، وبدأنا نحس إنهم مثل أي سياسيين آخرين يفضلون مصلحتهم ومصلحة جماعتهم على ما ينادون به من مبادئ، وعلى مصلحة الوطن، وتحادثت طويلا مع جمال عبدالناصر حول علاقتنا بالجماعة، وأفضى لي جمال بمخاوفه من أن الجماعة تستخدمنا كضباط لمصالحها الذاتية وليس لمصلحة الوطن، وأفضت إليه بمشاعري واتفقنا أننا تورطنا أكثر مما يجب مع هذه الجماعة، وأنه يجب أن ننسحب منها، وبدأنا نتباعد عن الجماعة أنا وجمال، وربما بدأت الجماعة هي أيضا تستشعر أننا لا نمتلك الولاء الكافي فبدأت تتباعد عنا.