رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حُرّاس أرض الفيروز.. «الدستور» تستعرض تضحيات ومجهودات قبائل سيناء فى مكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية

سيناء
سيناء

لا ينكر دور قبائل سيناء فى معركة مكافحة الإرهاب إلا جاهل، فهى التى قدمت التضحيات الثمينة من شهداء ومصابين وخسائر فى الممتلكات وغيرها، وهى تقف جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة فى معركة تطهير أرض الفيروز من شراذم التكفيريين.

أكثر من ١٢٠٠ شهيد من أبناء القبائل قضوا نحبهم وهم يواجهون أهل الشر بجانب ضباط وجنود الجيش والشرطة فى سيناء، دون حتى الإعلان عن حجم هذه التضحيات، لأنهم لم يقدموا تلك التضحيات إلا حبًا فى بلادهم وانتماء لترابها الطاهر. 

ودعمت القبائل بجسارة عمليتى «حق الشهيد» و«العملية الشاملة» عبر المساعدة فى الكشف عن هوية الإرهابيين المتخفين وسط الأهالى، والإرشاد عن الطرق المستخدمة فى تهريب الأسلحة المستخدمة فى العمليات الإرهابية ضد قوات إنفاذ القانون والمدنيين. عطاء من نوع آخر قدمته قبائل سيناء، يتمثل فى استكمال التنمية والإعمار بعد تطهير الأرض من الإرهاب، وشاركت القبائل فى عملية التعمير فى كل أنحاء سيناء بمشروعات زراعية وصناعية وأخرى مجتمعية.

وبذلت شركتا «أبناء سيناء» و«مصر سيناء» جهودًا جبارة فى الكثير من مشروعات التعمير، خاصة مشروعات توسعة قناة السويس، وغيرها من المشروعات التى كان قوامها عمالًا وفنيين ومشرفين من أبناء سيناء والمحافظات المجاورة كالإسماعيلية والشرقية.

فى هذا الملف تستعرض «الدستور» الدور الحقيقى لأبناء قبائل سيناء وإسهاماتهم فى عمليات اجتثاث الإرهاب والتنمية، ودورهم المحورى فى دعم الدولة المصرية على مدار التاريخ.

كما يقدم عدد من شيوخ القبائل والخبراء شهاداتهم على المجهودات المبذولة من أبناء سيناء فى دعم الدولة المصرية فى أحلك الظروف.

اللواء سمير فرج: دعمت القوات المسلحة فى حرب أكتوبر وخلال مواجهة الإرهاب

قال اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجى والخبير العسكرى، إن قبائل سيناء كان لها دور كبير فى مساعدة القوات المسلحة فى الحرب على الإرهاب فى سيناء، موضحًا أنها قدمت الكثير من التضحيات وعرضت حياتها وحياة أبنائها للخطر والاستشهاد من أجل محاربة الإرهاب.

وأضاف «فرج» أن قبائل سيناء لها دور وطنى يعود لحرب ١٩٦٧، وفى حرب الاستنزاف قدمت الكثير من الدعم للقوات المسلحة المصرية، وكانت تقدم كل المعلومات عن الجيش الإسرائيلى آنذاك أولًا بأول.

وتابع «فى حرب ١٩٧٣ قدمت نفس الدور الوطنى ونفس الجهد، لذلك نجدها فى حرب مصر على الإرهاب كانت من أكثر المتعاونين مع القوات المسلحة المصرية، خاصة مع عدم امتلاكنا العيون فى كل مكان فى كل المناطق».

وأكمل: «كان أهل سيناء هم أعين الجيش المصرى ويبلغون الجهات المختصة بأماكن وأوكار الإرهابيين الدخلاء، وكانوا على معرفة ودراية إذا ما دخل أى غرباء بين القبائل أو فى مناطقهم، لذلك نحن نقدرهم بشدة على دورهم الوطنى».

ولفت إلى أن القبائل فقدت العديد من أحبائها وأبنائها فى الحرب على الإرهاب، وقدمت العديد من الشهداء نتيجة التعاون مع الجيش فى هذه المرحلة، موضحًا أنه بفضل مجهوداتها نعتبرها جزءًا أساسيًا فى خطة مكافحة الإرهاب والقضاء عليه.

وذكر أن قبائل سيناء لها تاريخ طويل من الوطنية والشرف، فأهلها كانوا يرشدون قوات الجيش إلى الطرق التى توصلهم إلى قناة السويس فى حرب ١٩٦٧، وكان أهالى سيناء هم من يصلون قواتنا إلى المناطق الآمنة. وكشف عن أنه فى ذلك الوقت تم تأسيس «منظمة سيناء العربية»، وهى منظمة فدائية من المدنيين الذين اتحدوا معًا للوقوف بجانب الجيش المصرى فى حربه ضد إسرائيل، مواصلًا: «كانوا مواطنين شرفاء من بدو سيناء ومن محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس».

أحمد عياد: قصاصو الأثر سهَّلوا مداهمات التكفيريين

قال الشيخ أحمد عياد، أحد مشايخ قبائل قرية الروضة، إن أهالى سيناء بكل قبائلها بذلوا مجهودًا كبيرًا بجانب الدولة فى القضاء على الإرهاب الذى كان مستفحلًا فى أرض الفيروز.

وأضاف: «ضباط القوات المسلحة كانوا يستعينون بالبدو فى معرفة تضاريس الأرض فى سيناء، فالمواطن السيناوى يعلم الأرض الوعرة من الممهدة، بالتالى سهل السيناويون على قوات الجيش التنقل فى أرجاء المدن بالاستعانة بقصاصى الأثر».

وتابع: «هذا التعاون كان يتم من خلال مشاركة شبابنا طواعية مع رجال القوات المسلحة والتعاون معهم فى مهماتهم الخطيرة، وكانوا يلتحمون معًا ليدخلوا الأراضى الوعرة التى من المحتمل اختباء العناصر التكفيرية بها، لكى تتم مداهمتها».

وقال: «فى المقابل كان يتم تدريب الشباب على التعامل والاشتباك المسلح مع العناصر الإرهابية، فى حال حدثت أى مناوشات أو مقاومة من جهة العناصر الإرهابية ضد رجال القوات المسلحة وأهالى سيناء المتعاونين مع الجيش».

عماد السواركى: المرأة السيناوية ذكية جدًا ورادار فعال لرصد الأعداء

فى حديث سابق، لـ«الدستور»، قال الشيخ عماد أبوعيد السواركى، رئيس الاتحاد الوطنى للقبائل المصرية، إنه خلال الفترة الماضية كانت هناك سياسة متبعة بمحاولة طمس بطولات السيناوى، إلا أن هذا الفكر تغير بعد مجىء الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى لم نشعر فى عهده إلا بالوطنية والبطولات.

ووصف ما شهدته سيناء بأن المواطنين كانوا كأنهم فى سجن ضيق وجاء من أطلق سراحهم، ومساندة للرئيس فى الحرب على الإرهاب وافق المواطنون طواعية فى ترك بيوتهم وأملاكهم مؤقتًا للمساهمة فى خلع الإرهاب من سيناء، ومنهم من شارك فى الحرب جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة والشرطة.

ولم يغفل «السواركى» دور المرأة السيناوية صاحبة الذكاء الفطرى التى كانت بمثابة رادار فعال يرصد كل تحركات أعداء الوطن وتنقلها إلى الأجهزة الأمنية، من خلال سيرها فى الطرقات لرعاية الغنم، فسيدات البوادى نظرًا للمناخ الذى تربين فيه تعلمن جيدًا كيفية الحفاظ على أرضهن وعرضهن، لذا فإن بطولات السيدات لا تقل قيمة عن بطولات الرجال.

إبراهيم المقلوظ: شبابنا يشاركون فى بناء المدارس والمنشآت الخدمية 

قال الشيخ إبراهيم سليم المقلوظ، من مشايخ قبائل الشيخ زويد، إنهم يعتبرون أنفسهم فى خندق واحد مع الدولة المصرية مهما حاول الأعداء التشكيك فى وطنيتهم. وتابع أن المتعاونين مع القوات المسلحة تعرضوا لتهديدات التكفيريين، لكن ذلك لم يثنهم عن عملهم؛ لأنهم يستكملون مسيرة أسلافهم العظام فى الحروب السابقة، لافتًا إلى أن قصاصى الأثر من شباب سيناء كانوا يسهلون على القوات المسلحة اكتشاف أوكار الإرهابيين. وأضاف أن أبناء قبائل الشيخ زويد أعادوا زراعة أراضيهم، ومنهم من حصل على تعويضات عن منازلهم المتضررة، ليعيدوا تشييدها من جديد بعد المعارك الضارية مع الإرهابيين. ولفت إلى أنهم يشاركون فى عمليات التنمية بطريقتهم الخاصة؛ بالعمل فى مزارعهم وجنى الثمار لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المنتجات المصرية، كما أن كثيرًا من الشباب يعملون فى شركات المقاولات التى تبنى المنشآت ومحطات المياه والمدارس، وغيرها من الأماكن الخدمية.

عوض أبوجبال: زراعة أكثر من 100 ألف شجرة زيتون

ليست الناحية التجميلية فقط التى عادت إلى سيناء، إنما الزراعة أيضًا، حيث عمل المزارعون على تكثيف زراعة شجر اللوز، وزراعة نحو ٥٠٠ فدان جديدة من الشعير بقرية الظهير، والتوسع فى زراعات اللوز والزيتون. وكشف عوض أبوجبال، أحد أكبر تجار الزيتون بالشيخ زويد، لـ«الدستور»، عن أنه جرت زراعة أكثر من ١٠٠ ألف شجرة زيتون، وأن مزارع قرى الشيخ زويد فقط أنتجت ١٥٠٠ طن، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يتضاعف هذا الإنتاج ليصل إلى نحو ٣ آلاف طن، وهو الإنتاج الذى سيتحول إلى زيت، فى ظل وجود ٦ معاصر لإنتاج الزيت فى المنطقة.

عماد البلك: رفعنا 200 ألف متر رمال من العريش

قال المهندس عماد البلك، من شركة «درغام» للمقاولات، التى تطوعت للمشاركة فى مبادرة تجميل مدن شمال سيناء، إنه يعمل هو وفريقه بمعدات عملاقة على امتداد الشارع الساحلى بالعريش.

وأضاف أنه ومن معه نجحوا فى إزالة ورفع أكثر من ٢٠٠ ألف متر مكعب من الرمال والحجارة والركام، التى كانت تعرقل المارة والسيارات خلال الفترة الماضية.

ولفت «البلك» إلى أنهم يعملون إلى جانب ٦ شركات سيناوية متطوعة فى إعادة تأهيل وتجميل وطلاء مدن شمال سيناء، لافتًا إلى أنهم أوشكوا على الانتهاء ولن يتوقفوا إلا بالوصول لآخر منزل فى آخر شارع بمدن سيناء لتعود كما كانت فى السابق.

وأكد أن المبادرة تشمل أعمال النظافة والتجميل ورفع تراكمات الرمال من على مسارات الكبارى والطرقات، ودهان الأرصفة وأعمدة الإنارة، وتجميل المدينة، وبالتزامن مع هذه الأعمال تجرى صيانة أعمدة الإنارة بالشوارع الرئيسية والداخلية.

كذلك تولى فريق من شباب مدينة الشيخ زويد تنظيف الطرقات، وشارك فريق آخر بدهان الأرصفة بالقرب من مكتب البريد وأمام مبنى خدمة الجماهير ومبنى الضرائب، وشاركت فى الحملة فرق من مراكز شباب الشيخ زويد والكوثر ومصر.

وتنقسم المبادرة إلى شقين، أولهما مؤقت ويشمل ترميم البلدورات والأرصفة وإعادة طلائها بالألوان، حتى يشعر المواطن بأن آثار الدمار والتخريب ذهبت بلا رجعة، والشق الآخر هو إعادة تخطيط ميادين العريش بشكل حضارى مغاير عما هو عليه حاليًا، ما يعنى تجميل الميادين وتوسعة الشوارع وإعادة تنظيم الأرصفة وطرق مرور السيارات والدراجات وتخصيص ممشى لكبار السن والأطفال، إضافة إلى تنظيم الممرات بين الشاليهات وتوسعة الشوارع الداخلية.

أحمد شحاتة: المشروعات توفر فرص عمل للأهالى وتسهيل الحركة لسكان المنطقة

قال المهندس أحمد شحاتة، مدير مشروعات بشركة «البعلى» للمقاولات العامة والعاملة فى مشروع التجلى الأعظم بسانت كاترين، إن هناك العديد من المشروعات التى تمت فى منطقة سيناء خلال الآونة الأخيرة.

وأضاف: «منها مشروعات الطرق، مثل رفع كفاءة طريق الكورنيش فى رأس سدر وإحلال الطريق ووضع طبقة سن الزلط الأبيض المستخدم فى الرصف ووضع أسفلت من طبقتين».

وتابع: «هناك تعاون من الأهالى لأبعد حد؛ من توفير معدات ناقصة وتأجير المعدات من البدو وتوفير العمالة وحراسة للمعدات، مكملًا: «حاليًا يتم رفع كفاءة الطريق الواصل بين الطريق الدولى لشرم الشيخ ورأس سدر بطول ١٠٠ كم».

وأكد أن تلك المشروعات تفيد المواطنين وتسهل الحركة وتوفر فرص عمل لأعداد كبيرة من سكان المنطقة.

أحمد حسين: مشروع التجمعات التنموية فى ١٨ موقعًا يمنح كل مواطن 5 أفدنة وبيتًا

قال أحمد حسين، محاسب فى شركة مقاولات، وأحد أهالى شمال سيناء، إن سيناء شهدت فى الفترة الأخيرة تنمية كبيرة بعد قضاء الدولة على مظاهر الإرهاب فى المنطقة.

وأضاف: «من هذه المشروعات، مشروع التجمعات التنموية فى وسط سيناء، ويضم نموذج قرية بدوية بمدرسة ومسجد ووحدة صحية، ويمنح كل مواطن بيتًا و٥ أفدنة، ويتم ذلك فى ١٨ موقعًا، وجار الآن العمل فى المرحلة الثانية من المنازل».

وتابع: «يتم إنشاء مستشفى نخل الذى يقع وسط مدينة نخل شمال سيناء، ويقدم خدماته للأهالى فى مركزى الحسنة ونخل والمسافرين على الطريق الدولى».

شركتا «أبناء سيناء» و«مصر سيناء»: نموذج مشرف لدور رأس المال الوطنى فى التنمية

بالتوازى مع محاربة الإرهاب، لعبت قبائل سيناء دورًا أساسيًا فى عملية التنمية من خلال شركتى «أبناء سيناء» و«مصر سيناء»، والشركتان أسهمتا فى مشروعات صناعية وزراعية وبنية تحتية، كما أسهمتا فى توسعة قناة السويس، إضافة لأدوار إنسانية واجتماعية فى إطار التنمية المستدامة.

تلك المشروعات التى نفذتها شركة «أبناء سيناء»- حسبما اطلعنا على موقعها الرسمى- أدت دورًا مؤثرًا وفعالًا فى عملية التنمية الاقتصادية بمحافظة شمال سيناء من خلال إنشاء الصوب الزراعية واستصلاح الأراضى فى المناطق المحيطة بالعريش والشيخ زويد.

كما استصلحت ٤ آلاف فدان فى منطقة بلبيس و٣ آلاف فدان فى منطقة السددات على طريق الإسكندرية، وفى مشروعات الصيانة عملت الشركة على صيانة خط رفح الحدودى لزيادة الكفاءة وتحسين الجودة وتزويد شركة الحجر الجيرى لمشروع محور ٣٠ يونيو.

ليس هذا فحسب، فقد تعاقدت مع شركات أخرى عاملة فى سيناء لتوريد ونقل المواد الخام الأولية، مثل «الجبس الخام، والرمل الزجاجى، والكاولين، والرمل الأبيض، وأكسيد الحديد»؛ لنقلها من المحاجر برأس سدر إلى المصانع بمنطقة شمال سيناء، إضافة إلى إدارة المحاجر الموجودة بوسط سيناء لإنتاج السن والديلوميت المستخدمين فى أعمال التشييد والبناء، عن طريق التعاقد مع إدارة المحاجر بمحافظة شمال سيناء والجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء ومحجر جبل عتاقة بمحافظة السويس، وأيضًا استغلال المحجر الخاص بالشركة بمنطقة «وادى أم ثميلة والمغارة» بجبل الحلال بشمال سيناء.

كما تستأجر الشركة مساحات تخزينية ولوجستية وصالة بالميناء البرى برفح، ومكتبًا داخل الصالة بالمنفذ القديم من الهيئة العامة للموانئ البرية والجافة؛ لضمان حسن أداء المهام المطلوبة على أكمل وجه.

وشملت المشروعات التنموية التى شاركت فيها الشركة، الأعمال المتكاملة لتطوير وتوسعة صالات السفر والوصول والمكاتب الإدارية وأعمال الترميم بميناء رفح البرى، وأعمال إنشاءات مصنع الرخام بمنطقة الجفجافة بسيناء لصالح الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، وأعمال توريد وتركيب رخام لصالح الشركة المصرية للإدارة والخدمات والصيانة.

أما شركة «مصر سيناء» فكان لها دور بارز فى التنمية الشاملة بشمال سيناء، وتفخر بدورها الوطنى الذى يساعد فى النهوض بالاقتصاد وزيادة حجم الإنتاج المحلى؛ لذلك استصلحت ١٥٠٠ فدان فى مدينة بلبيس، إضافة إلى ٥٠٠ فدان بمدينة السادات «وادى النطرون».