رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حشد التوافق ومواصلة التعاون فى بناء طريقى الحرير الأخضر والرقمى

اليوم، قد أصبح تعزيز التنمية الخضراء وبناء الاقتصاد الرقمى توافقًا واسع النطاق فى العالم. إن التعاون فى بناء «طريق الحرير الأخضر» و«طريق الحرير الرقمى»، كجزء مهم للتنمية العالية الجودة فى إطار بناء «الحزام والطريق»، لا يعكس فقط مسئولية الصين كدولة كبيرة، بل يعتبر تجربة حيوية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، سوف تفيد نتائجه كل شعوب العالم، وتعود مفاهيمه بالخير على الأجيال القادمة. أغتنم هذه الفرصة لأقدم للأصدقاء المصريين بإيجاز الدلالة والأهمية لبناء طريقى «الحرير الأخضر» و«الرقمى»، ونستعرض سويًا التقدم المهم الذى حققته الصين ومصر فى التعاون فى مجال التنمية الخضراء والتحول الرقمى.

تعد التنمية الخضراء أمرًا لا بد منه لمواجهة تغير المناخ. إن القضية المناخية والبيئية موجودة طوال تطور الحضارة البشرية. فى هذا السياق، تم تحديد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام ٢٠٣٠، وتم التوقيع على «اتفاق باريس» بشأن تغير المناخ، الأمر الذى يعكس بجلاء أن العالم قد بدأ المسيرة الجديدة لمواجهة تحديات تغير المناخ والسعى للتنمية المستدامة. يجب على جميع البلدان الإسراع فى إيجاد الطرق الخضراء للتنمية والحياة، والعمل معًا على بناء أرض نظيفة وجميلة، يحتاج المجتمع الدولى إلى تعميق التعاون بين بلدان الجنوب وبلدان الشمال والجنوب، حتى يمكّن البلدان النامية من التمتع بثمار التنمية الخضراء. وتحرص الصين، بصفتها داعية للتنمية الخضراء على العمل مع كل الدول لبناء «طريق الحرير الأخضر»، الذى لا يضخ قوة كبيرة فى الانتعاش الاقتصادى العالمى فحسب، بل يتوافق مع الاتجاه الدولى العام القائم على التنمية الخضراء وانخفاض الكربون والتنمية الدائرية والمستدامة.

ويعد التحول الأخضر الحل الصينى لتسوية قضية التنمية المستدامة فى العالم. وفى السنوات الأخيرة، نفذت الصين «اتفاق باريس» بشكل فعال، ففى عام ٢٠٢١، انخفضت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلى الإجمالى فى الصين بنسبة ٣.٨٪ بالمقارنة مع عام ٢٠٢٠، وشكلت الطاقة غير الأحفورية ١٦.٦٪ من استهلاك الطاقة الأولية، وانخفض استهلاك الفحم لكل وحدة من الناتج المحلى الإجمالى بشكل كبير، وحققت تغطية الغابات واحتياطى الغابات «نموًا مزدوجًا» لمدة ٣٠ عامًا متتالية. وفى مجال طاقة الهيدروجين، وأصبحت الصين أكبر دولة منتجة للهيدروجين فى العالم، وأتقنت التقنيات الرئيسية وعمليات الإنتاج فى هذا المجال، مثل إعداد طاقة الهيدروجين وتخزينها ونقلها والهدرجة وصناعة خلايا الوقود واستخدامها، وقامت بالاستخدام التجريبى والمحدود لمركبات خلايا الوقود فى بعض المناطق، ويحتل عدد مركبات خلايا وقود الهيدروجين المرتبة الثالثة فى العالم. تم تشغيل أكبر محطة للطاقة المائية الشمسية فى العالم، التى تتمكن من توفير أكثر من ٦٠٠ ألف طن من الفحم القياسى وتقليل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بأكثر من ١.٦ مليون طن سنويًا. ساهمت هذه الإنجازات فى تسريع عملية التنمية المستدامة فى الصين، وقدمت خبرات مهمة لبلدان العالم لاستكشاف نماذج جديدة للحوكمة والتنمية.

وتعد التقنيات الرقمية دعامة مهمة للتحول الصناعى والارتقاء به. فى عالم اليوم، زاد التحول الصناعى عمقًا، وأصبح التحول الرقمى للصناعات التقليدية، مثل الزراعة والطاقة والتصنيع والنقل ساحة المعركة الرئيسية لتطوير التقنيات الجديدة والأعمال الجديدة. فمن الضرورة تسريع التطبيق المتعمق للتقنيات الرقمية، وإجراء التحويل الجذرى والشامل الأبعاد والكامل العملية فى كل حلقات السلسلة، ودفع الشركات لتقليل استهلاك الطاقة فى الإنتاج ورفع الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات والخدمات. كالمزيج العضوى للبنية التحتية الرقمية والتقنيات الرقمية ومبادرة «الحزام والطريق»، إن «طريق الحرير الرقمى» إجراء مهم طرحته الصين لتعزيز التنمية العالمية المشتركة فى عصر الثورة التكنولوجية والتحول الصناعى، الأمر الذى لا يسهم فقط فى تسريع التحول والارتقاء للصناعات التقليدية وتشجيع الابتكار، بل يأتى بفرص جديدة للدول المطلة على طول «الحزام والطريق» لتعزيز تأثيرها الدولى وقدرتها التنافسية.

يعد الاقتصاد الرقمى الاتجاه المستقبلى للاقتصاد العالمى. حاليًا، تسارعت وتيرة الاندماج للإنترنت وغيره من التقنيات الرقمية فى مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما فى حقبة ما بعد الجائحة، حيث تعانى اقتصادات دول كثيرة من التباطؤ، ويعتبر الاقتصاد الرقمى رافعة جديدة لدفع الاقتصاد العالمى وأصبح قوة رائدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. يظهر «الكتاب الأبيض للاقتصاد الرقمى العالمى (٢٠٢٢)» الصادر عن الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أنه فى عام ٢٠٢١، بلغ حجم الاقتصاد الرقمى لـ٤٧ اقتصادًا رئيسيًا فى العالم ٣٨.١ تريليون دولار أمريكى، ما يمثل ٤٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى؛ تتضح معالم استراتيجيات تنمية الاقتصاد الرقمى يومًا بعد يوم، وتعمل الاقتصادات الناشئة، مثل الاقتصادات المتقدمة، على تسريع التخطيط الاستراتيجى فى هذا المجال. إن الصين دولة كبيرة فى الاقتصاد الرقمى، فإن بناء «طريق الحرير الرقمى» سيسهم فى فتح الأسواق الإقليمية وتحسين التخطيط الصناعى الإقليمى ومشاركة فرص التنمية الناجمة عن الاقتصاد الرقمى مع الدول المطلة، ودفع هذه الدول لبناء مجتمع أوثق للمستقبل المشترك.

أيها الأصدقاء

إن مصر أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقة الدبلوماسية مع الصين الجديدة، كما أنها من أوائل الدول التى انضمت إلى مبادرة «الحزام والطريق». فى السنوات الأخيرة، بإرشاد وتخطيط رئيسى البلدين، شهد البلدان المواءمة العميقة بين بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية و«رؤية مصر ٢٠٣٠»، ونتائج مثمرة للتعاون فى التنمية الخضراء والتحول الرقمى وغيرهما من المجالات، الأمر الذى ضخ حيوية جديدة وطاقة جديدة للارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.

تقاسم الخبرات ومساعدة مصر فى دفع التنمية الخضراء والمستدامة

فى عام ٢٠١٩، تم إنشاء المختبر الصينى المصرى المشترك للطاقة المتجددة فى سوهاج، مما قدم ضمانًا فنيًا لتطوير الطاقة الجديدة والتقنيات الخضراء فى مصر، وفازت منتجات المختبر بالجائزة الذهبية لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة فى الدورة السابعة لمعرض الابتكار المنعقدة فى القاهرة فى عام ٢٠٢٣. وأقام الجانبان المختبر المشترك للرى الموفر للمياه، الذى ليس فقط صديقًا للبيئة، بل يوفر أكثر من ٣٠٪ من موارد المياه بالمقارنة مع الطريقة التقليدية، الأمر الذى يدفع بشكل فعال التنمية الزراعية المستدامة. فى عام ٢٠٢١، وقعت الصين ومصر مذكرة تفاهم بشأن المختبر المشترك للتنمية الزراعية الخضراء، للتعاون فى البحوث المشتركة وإقامة المنتديات العلمية وتكوين الكفاءات الزراعية الخضراء. كما تعاون الجانبان فى مشروع تحويل ٢٤٠ ألف حافلة صغيرة «من استخدام الوقود إلى الغاز»، مما دعم مصر بشكل كبير فى تطبيق مبادرة «التنمية الخضراء». بالإضافة إلى ذلك، شاركت الشركات الصينية فى المشاريع الكبيرة مثل مشروع طاقة الرياح بـ٥٠٠ ميجاوات فى خليج السويس ومشروع المحطة الكهروضوئية بـ٥٠٠ ميجاوات فى كوم أمبو، مما ضخ القوة الصينية فى تحسين هيكل إمداد الطاقة ودفع التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والمستدامة فى مصر.

العمل كتفًا بكتف والمشاركة النشطة فى التحول الرقمى فى مصر

يولى الرئيس عبدالفتاح السيسى أهمية كبيرة للإمكانات الكامنة الهائلة للاقتصاد الرقمى، وشدد مرارًا على بناء المدن الذكية وتعزيز التحول الرقمى الاقتصادى والاجتماعى. فى هذا السياق، تعمل شركة هواوى، باعتبارها إحدى الشركات العالمية الرائدة فى مجال اتصالات المعلومات والتقنيات الرقمية، على الاندماج إلى الشبكة المحلية للابتكار الرقمى منذ بدء أعمالها فى مصر فى عام ١٩٩٩، وأنشأت أول OpenLab فى شمال إفريقيا فى القاهرة، وأنشأت «معهد هواوى ICT»، وأطلقت مشروع «بذور المستقبل» ومسابقة مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وشاركت بنشاط فى مبادرة «بناة مصر الرقمية»، الأمر الذى ساهم فى تكوين عدد كبير من الكفاءات المصرية فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. بالإضافة إلى هواوى، تتعاون الشركات الرقمية الصينية الأخرى بنشاط مع مصر، مثل تنفيذ مشروع «الفصل الدراسى الذكى» لتحقيق التدريس الرقمى؛ إجراء البحوث المشتركة حول التعرف على الكلام العربى وتركيب الكلام والترجمة الصينية العربية، وتم إنجاز هذه المشاريع بنجاح؛ وإطلاق خدمات تأجير السيارات عبر الإنترنت فى الإسكندرية والقاهرة، مما يسهل على المسافرين ويوفر خيارات أكثر لتخفيف الازدحام المرورى.

أيها الأصدقاء

إن الصين ومصر دولتان عريقتان، ولديهما عقلية متشابهة ومصالح مترابطة، فى طريق التنمية والنهضة، يجب على البلدين توظيف مزايا التكامل، والتوظيف الكامل للإمكانات الكامنة، حتى تحقيق التنمية المشتركة. يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لطرح مبادرة «الحزام والطريق». فى العقد الماضى، تتقدم مبادرة «الحزام والطريق» بخطوات حثيثة وثابتة، وأظهرت حيوية قوية، وأصبحت أكثر منتج عام دولى ومنصة التعاون الدولى إقبالًا فى عالم اليوم. بعد فترة، ستعقد الدورة الثالثة لمنتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولى فى بكين، وتحرص الصين على العمل مع مصر وغيرها من الدول والمنظمات الدولية على بلورة التوافق والتركيز على الأولوية وتدقيق خطط التنفيذ، حتى يدفع التنمية العالية الجودة فى إطار «الحزام والطريق» لتتقدم بشكل مستمر، بما يرسم خطة دقيقة ورائعة، ويجعل مبادرة «الحزام والطريق» تفيد شعوب العالم بشكل أفضل.