رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة البحث عن ملاذ.. لاجئون في فخاخ المتربحين من الإقامة (تحقيق)

الإقامة في مصر
الإقامة في مصر

أيام قليلة كانت تفصل علاء سير، سوري الجنسية مقيم في مصر، عن موعد تجديد إقامته داخل الأراضي المصرية ولم يجد أمامه سوى أن يسأل على إجراءات تجديد الإقامة حتى لا يتم ترحيله خارج البلاد أو توقيع عقوبة عليه.

بدأ علاء يسأل هنا وهناك عن كيفية تجديد تصاريح الإقامة، إلى أن عرف أنه لابد من عقد إيجار موثق بالشهر العقاري من طرفي الاتفاق بالإضافة إلى إيصال كهرباء حديث، وهنا كانت الأزمة لدى علاء لأنه ليس له مسكن ثابت يقطن فيه.

"تدهورت أوضاعنا في سوريا ولم يكن أحد يتخيل أن تصبح الأوضاع بهذا السوء"، هكذا يسترجع علاء ذاكرته واصفًا حاله عندما شد الرحال إلى مصر.

وتجاوز العدد الحالي للمهاجرين الدوليين الذين يعيشون في مصر 9 مليون لاجئ، إذ يُقدر عددهم 9012582 مهاجر من 133 دولة، وهو ما يعادل 8.7٪ من السكان المصريين، وفق تقرير منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة.

 

تخبط الأوضاع

"جئت إلى مصر حديثًا قبل بضعة شهور فقط، ومذ قدومي وحتى الآن أتخبط كثيرًا سواء في البحث عن سكن لائق لتأجيره وعمل يومي ثابت، إلا أنني فشلت طوال هذه الفترة في تنظيم أوضاعي وساءت الحال لدرجة أن أوشكت أموالي على النفاد"، علاء يقولها.

ويوضح “علاء”: "كنت أبحث عن أي طريقة لتجديد الإقامة داخل مصر حتى أستقر وأبدأ في تقنين أوضاعي لاستقدام أسرتي وإنقاذهم من مصير مجهول في سوريا، وهنا التقيت بأحد المحامين والذي أكد لي عن إمكانيته بتجديد إقامتي".

وأخبر المحامي “علاء” بأنه سيجدد له الإقامة ويوفر له الأوراق المطلوبة من عقد إيجار سنوي وإيصال كهرباء يستطيع من خلالهما تجديد الإقامة، وذلك مقابل الحصول على مبلغ مالي قدره 600 جنيهًا.

وقال "علاء" : "بالكاد جمعت هذا المبلغ الذي طلبه المحامي وبعد استلام الأوراق منه توجهت إلى مصلحة الجوازات والهجرة الجنسية بالعباسية، وكانت الصدمة هناك عندما أخبروني بأن عقد الإيجار مزور وغير سليم"، بحسب علاء.

"أدركت حينها أنه تم النصب"، هكذا علق علاء على ما حدث معه بعد محاولات عديدة للتواصل مع المحامي ولكنه أنكر فعلته ورفض استرجاع المبلغ.

وفى رحلة استغرقت أكثر من شهر، حققت «الدستور» فى عملية النصب على ضيوف مصر من اللاجئين العرب، وإيهامهم من قِبل شبكات السمسرة وتزوير الأوراق بقدرتهم على المساعدة فى استخلاص أوراق تجديد الإقامة للجنسيات العربية، كاشفة عن تورط عدد من المصريين وبعض العرب المقيمين بمصر فى عملية النصب على اللاجئين، مقابل الحصول على عمولات غير مشروعة.

وبعد التقصي وراء هؤلاء الأشخاص خلال طيلة الفترة الماضية، كشفت «الدستور» وجود شبكات من السماسرة، المحامين، وعدد من الجنسيات العربية المقيمة في مصر متورطين في تزوير عقود الإيجار وإيصالات الكهرباء استعدادًا لبيعها لصالح الجنسيات الأجنبية والعربية الباحثة عن الإقامة في مصر.

 

العمل بالمثل

وعن التداعيات الأمنية لسلوك طرق غير مشروعة لتجديد الإقامة في مصر، يقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، بعد تزايد عدد اللاجئين في مصر إلى معدلات غير مسبوقة فإنه يجب تقنين وتشديد الإجراءات على الإقامة داخل مصر للجنسيات الأجنبية والعربية؛ مرجعًا أسبابه إلى الحفاظ على الأمن القومي للبلاد.

"العمل بالمثل"، هو مبدأ دولي يُعمل به في كل دول العالم، هكذا يؤكد "نور الدين" لـ "الدستور"، على ضرورة تطبيق الدولة المصرية والجهات المعنية هذا المبدأ خلال الفترة الحالية لاسيما التي ازدادت فيها النزاعات والحروب الأهلية في العديد من البلدان المجاورة، إذ أن المصريين المهاجرين إلى أي دولة وإن كانت دولة عربية شقيقة فيتم التعامل بشكل رسمي وتطبيق كافة الإجراءات القانونية معهم كالتعامل مع الجنسيات الأجنية.

ويذكر "نور الدين" أن التهاون في إجراءات وشروط الإقامة يخلف العديد من القضايا الأمنية، حتى أنه تعامل مع العديد من القضايا في هذا الشأن خلال فترة عمله والتي وصفها بكونها الأكثر تعقيدًا على الإطلاق، لأنها تتسبب في وقوع عدد من الجرائم التي ترهب الأمن القومي.

اللواء محمد نور الدين

واختتم مساعد وزير الداخلية الأسبق، بضرورة تشديد الإجراءات القانونية لطالبي اللجوء والإقامة في مصر لجميع الجنسيات الأخرى، تجنبًا لوقوع الجرائم أو انتشار الأوبئة والأمراض وأخيرًا منعًا لتسول جنسيات وأشخاص بأفكار وتيارات إرهابية متطرفة؛ حرصًا على الأمن القومي العام للبلاد.

 

إقامة ورخصة قيادة داخل مصر - عرض مُغري

أجرت "الدستور" عدد من الاتفاقيات لتوثيق التلاعب في الحصول على الإقامة داخل الأراضي المصرية .

البداية كانت مع أحد الوسطاء -عربي الجنسية- والذي أعلن عن إمكانيته توفير جميع أنواع الإقامات لكل الجنسيات العربية التي ترغب في دخول الأراضي المصرية أو تجديد الإقامة.

أخبرنا الوسيط بأن إقامتنا داخل مصر أوشكت مدتها على الانتهاء، ومن ثم طلب أن يتأكد من هويتنا وجنسيتنا على أن نحضر له صورة عقد إيجار وإيصال كهرباء، وعندما علم بأننا من اليمن ونريد فقط تمديد الإقامة السياحية لمدة 6 أشهر ولكن ليس لدينا عقد إيجار أو إيصال كهرباء.

بعدما اطمئن الوسيط لهويتنا، قال أنه يتواصل مع محامي يقوم بإنجاز كل هذه الإجراءات مقابل عمولة يأخذها الطرفين وهما؛ المحامي وطالب الإقامة، كما أن عمله يتوغل أكثر في منطقتي فيصل والهرم معللًا ذلك بأنها منطقة تكتظ بالجنسيات العربية.

وأكد الوسيط أن عمله مضمون 100% ولا داعي للقلق من قانونية العقود والإيصالات فهي سليمة وبالختم ويتم توقيعها في الشهر العقاري، كما أنه ليس أول مرة يقوم بهذا العمل حتى أنه يقوم بتسليم عقد الإيجار وإيصال الكهرباء إلى المكان الذي يرغبه طالب الإقامة.

وعن تكلفة "العمولة" أخبرنا الوسيط أن عمولته تتكلف ٨٠٠ جنيهًا وذلك مقابل الحصول على عقد إيجار مدته عامين فضلًا عن الحصول على ورقة إثبات سكن مجانًا، ومن ثم استكمال إجراءات الإقامة في العباسية.

وقبيل إنهاء الاتفاق، سألنا الوسيط عن كيفية استخراج رخصة القيادة بمصر، وسرعان ما أكد أن لديه رخص قيادة دولية سارية أي لا تزال في فترة السماح، وهي قانونية ويمكن القيادة ها في جميع محافظات مصر.

وهنا انهينا الإتفاق مع الوسيط بعدما علمنا أن تكلفة الحصول على رخصة القيادة 2500 جنيهًا، على أن نتواصل معه مرة أخرى بعد تجهيز ملغ عمولة الإقامة ورخصة القيادة.

إرهاب المجتمع

العقوبة سارية على كل من شارك في الخروج على القانون، هكذا تؤكد سميرة هاشم، عضو اتحاد المحامين العرب وعضو لجنة الحقوق والحريات بالنقابة العامة للمحامين، موضحة أن العقوبة تُطبق وفق نص المادة 213 من قانون العقوبات.

عقوبة التحايل علي تجديد الإقامة تقع تحت عقوبة التزوير كما أن العقوبة تُطبق على المصري وغير المصري طالما وقعت علي الأرض المصرية، والتي تصل إلى السجن المشدد من 3 سنوات وحتي 10 سنوات لكل من ساعد في هذا الوهم قد يعاقب بالاعدام أو المؤبد، إذ يُصنف هذا الفعل بإرهاب المجتمع وأمنه القومي، بحسب هاشم.

وعن التصدي للخارجين على القانون ومن يقومون بأعمال التزوير ويتحايلون للحصول على الإقامة في مصر، تؤكد عضو اتحاد المحامين العرب في حديثها مع "الدستور"، أن التصدي لهم لن يتم من خلال إجراءات تسجيل الإقامة فقط إذ يجب أن يتم توحيد البيانات بين الدول وبعضها لتستطيع أجهزة الأمن الاستعلام والبحث الجنائي عن كل مقيم أو لاجئ أو متجنس.

واختتمت عضو اتحاد المحامين العرب، أن الجهات الأمنية تقوم بعملها علي أكمل وجه في فحص الموافقات الأمنية وإجراءات إنهاء الإقامة في مصر؛ تجنبًا أن تُدس بعض العناصر المتطرفة الفكر أو ربما الإرهابية لاسيما في ظل الظروف المحيطة بالوطن العربي أجمع، فإن من يتحايل على القانون وخروجه عنه سيضر بالأمن القومي والاقتصادي، وهو ما سيؤثر علي الاقتصاد والأمن كما قد يؤثر علي علاقات الدول ببعضها البعض.

سميرة هاشم

خيبة أمل

"هل يوجد أسوأ من أشخاص يستغلون احتياجك وضعفك؟".. بهذا السؤال الاستنكاري بدأت منال كلاجي، سورية الجنسية، تروي ما حدث معها من واقعة نصب قاسية، تقول:" 21 عامًا من البحث والمحاولات عن نعمة أن أكون أمًا، فلم يرد الله الذرية لي ولزوجي، ولطالما تمنيتها..".

مع كل كلمة قالتها "منال" كانت تذرف بدل الدموع دمًا، مستطردة: " لم تكن سنة أو اثنين أو 10 حتى، كانت 21 سنة كفيلة بتصديق أحد الأشخاص المحتالين الذين استغلوا عجزي خاصةً مع تأكيده على أنه صاحب إحدى المستشفيات الكبرى في محافظة الجيزة بمصر والتي تجري عمليات التلقيح الاصطناعي وهي مضمونة 100%".

"ثمة أمل أيقظ قلبي مجددًا عندما حدثني هذا الطبيب -أو كما كنت أحسبه طبيبًا- وطلب الفحوصات الطبية مني وزوجي لدراسة الحالة، وكان رده أن احتمالية نجاح عملية التلقيح الاصطناعي تجاوز 90%، وهنا لم يكن هناك أية عوائق سوى إصدار الإقامة العلاجية في مصر، وحتى هذه أقنعني الطبيب أنه بمقدوره إنهاء جميع الإجراءات"، بحسب حديث "منال".

إيصال تحويل المبلغ

وتستكمل منال: "طلب هذا الشخص تحويل مبلغ أولي لإنهاء إجراءات الإقامة العلاجية، وبالفعل سافرت أنا وزوجي من حلب إلى دمشق لتحويل 150 دولار، على أن يتم تحويل نفس القيمة قبل السفر ماشرةً لتجهيز إجراءات العملية الجراحية".

"كانت لحظة إدراك أن هذا الشخص نصاب كوقع الصاعقة، صدمت أنا وزوجي عندما قمنا بتحويل كامل المبلغ وهو 300 دولار إلى هذا الشخص الذي اختفى وأغلق جميع وسائل التواصل معه بمجرد تحويل المبلغ، وكنت وقتها أنا وزوجي وصلنا بالمطار ولم يسعنا سوى الرجوع حيث أتينا.. كانت خيبة أمل قاسية". 

تجديد الإقامة مرتين بسعر مرة

البداية كانت مع أحد الوسطاء الذي طلبنا منه الحصول على الإقامة داخل مصر بعدما أكدنا له أننا من سوريا وأوشكت إقامتنا داخل الأراضي المصرية على الانتهاء، ومن ثم دار بيننا حديث عن أي نوع من الإقامة نحتاج وأي الأنواع أفضل.

قال الوسيط الذي رفض الإفصاح عن هويته أن هناك عدد من أنواع الإقامات المختلفة ومنها المؤقتة، السياحية، والدراسية وتلك الإقامات هي الأكثر شيوعًا.

في البداية طلب الوسيط أن نحصل على الإقامة المؤقتة والتي تقتضي بفترة سماح 7 أيام إقامة في مصر، على أن يبدأ هو في إنجاز إجراءات الإقامة الطويلة بعد الحصول على الإقامة المؤقتة.

عقود إيجار مزورة

وبمجرد الموافقة على هذا الاتفاق واختيار الإقامة السياحية التي تسمح بالمكوث في مصر مدة 6 أشهر فضلًا عن إجراءاتها البسيطة، وسؤال الوسيط عن تكلفة عقد الإيجار وإيصال الكهرباء، قال أنه يعمل كوسيط وسيوصلنا بأحد العاملين في مكتب محاماة للاتفاق على السعر.

بالتواصل مع المحامي قال: "عقد الإيجار لوحده بيكون مدته سنة تقدر تستخدمه مرتين في التجديد وبيكون لشخص واحد بيتكلف 900، ولو هنخلص العقد بكل اجراءات الاقامة بيبقي الاتنين مع بعض 2500، وطبعًا السعر دا بعيدًا عن رسوم الاقامة دي بتاعة حضرتك و بتسدديها بايدك عشان لو ف غرامات او حاجة بتكون بتاعة حضرتك".

وأوضح المحامي أن عقد الإيجار معاه فاتورة كهرباء بتاريخ حديث  تخص نفس العنوان اللي مكتوب في العقد، وبمجرد توقيع العقد في الشهر العقاري والانتهاء من إجراءات الجوازات يصبح لدي إقامة سياحية في مصر مدتها 6 أشهر".

إحدى أراضي النزاع 

إخطار

وفي السياق ذاته، أوضح المهندس خالد عاطف، خبير التقييم العقاري، أن هناك بعض الأشخاص التي تستغل الأزمات لتحقيق مكاسب غير مشروعة، كما هو الحال في وقائع التزوير والتحايل على القانون من خلال تحرير عقود إيجار وهمية؛ بهدف تسهيل أو إنهاء بعض الإجراءات القانونية كإصدار أو تجديد الإقامة، فإن هذا يُوقع الشخص تحت طائلة القانون .

ويوضح: "عقود الإيجار الوهمية تمثل إشكالية كبيرة في سوق العقارات وهي جريمة يعاقب عليها القانون، فمثلًا الشخص الذي يحرر عقد إيجار إحدى الوحدات السكنية مع المالك ومن ثم استلام إيصال كهرباء منه، من الممكن أن يستخدم هذه الأوراق في الحصول على الإقامة في مصر بأنواع مختلفة سواءً سياحية أو ستثمارية وذلك بعد توثيقها من الشهر العقاري".

المهندس خالد عاطف

واستكمل خبير التقييم العقاري، من الممكن أن ذلك الشخص يلغي إيجار الوحدة السكنية بعد الانتهاء من الهدف الذي حرر عقد الإيجار له – الحصول على الإقامة-، ومن الممكن أن يكون عقد الإيجار مزور من الأساس.

وفي ختام حديثه مع "الدستور"، أكد على أن كل تلك الوقائع الغير مشروعة يجرى التصدي لها من خلال بعض الإجراءات لتجنب المسألة القانونية وهي؛ توثيق "إثبات تاريخ التأجير" بالشهر العقاري وبذلك يصبح مستندًا رسميًا موقع عليه من الطرفين بختم النسر، وفي حال انتهاء مدة الإيجار إما الإخطار عن إخلاء الوحدة السكنية  أو تجديد مدة جديدة.

عملية نص مُحكمة

لم يكن علاء سير السوري الجنسية هو الوحيد الذي وقع ضحية في يد المتورطين في نصب وتزوير الإقامة بمصر، إذ يروى محمد أبو منى، يمني الجنسية، ما حدث معه خلال الشهور الأولى من عام 2023 أنه فشل في الحصول على الإقامة في مصر.

يقول أبو منى - هكذا يحب أن يُدعى-: " لم أستطع الحصول على الإقامة بمصر بسبب صعوبة الإجراءات فى جوازات العباسية، كما أني تعرضت إلى النصب من أحد المحامين الذي وهمني بتجديد الإقامة خلال يومين فقط".

"بالتزامن مع تصاعد الأزمة في الأراضي اليمنية نزحت إلى مصر، فهي تمثل نموذجًا للأمن والأمان في منطقة الشرق الأوسط، ولم يكن أمامي دولة أخرى من الدولة العربية الشقيقة سوى مصر"، وفق حديث أبو منى.

أكد أبو منى أنه بدأ يتواصل مع هذا المحامي بعدما أكد له على تقنين أوضاعه مقابل مبلغ مالي لم يتجاوز الـ 1000 جنيهًا فقط، قائلًا: " ضحيت بالمال مقابل حصولي على الإقامة وتقنين أوضاعي داخل مصر، ولم أكن أعرف أنه تزوير".

واختتم: " كانت عملية نصب مُحكمة، إذ أخبرني ضابط مكتب الإقامة في إدارة الجوازات وشؤون الهجرة بالعباسية أن هذا المحامي نصب عليَ، إذ أن عقد الإيجار مزور وأيضًا إيصال الكهرباء، والتالي رفض الضابط تجديد الإقامة له

 

عمولة قابلة للزيادة

لم تختلف تفاصيل الاتفاقية الأخيرة عن سابقيها، ولكن استنبطنا من لهجة السمسار الذي يُدعى بـ "أبو يامن" بأنه غير مصري الجنسية فقد رفض أيضًا الإفصاح عن أي معلومات عنه، وعند سؤاله عن بلده وجنسيته رفض الإجابة وعند تكرارنا السؤال مرة أخرى ولكن مع تحديد الدولة -"شكلك من سوريا"- لم يعلق السمسار.

في البداية اشترط السمسار "أبو يامن" أنه من وقت الاتفاق لحين الوصول إلى الأراضي المصرية فإنه قد تتغير أسعار العمولة التي سيحصل عليها مقابل إنهاء إجراءات الإقامة، وأكد أنه من الممكن أن يرتفع مبلغ العمولة المتفق عليه.

وعن تفاصيل الاتفاق، قال أنه يستطيع توفير أوراق الإقامة وإنهاء الإجراءات اللازمة ولكن الإقامة السياحية فقط، وعن حديثه عن الأوراق اللازمة علق: "انتي هتحتاجي عقد إيجار وإيصال كهرباء وصور شخصية، انتي بس أول ما توصلي على مصر ابعتيلي صورة من الباسبور وملكيش دعوة بأي حاجة".

لم يتوقف الاتفاق هنا فقط، ولكن توسعنا أكثر في الحديث عن كيفية إصدار رخصة القيادة في مصر، ولكن كان السمسار "أبو يامن" لديه حلول لكل شئ، وقال: "انتي بكل سهولة تقدري تسوقي في مصر، وأنا هقدر أجيلك رخصة قيادة دولية بتصدر من نادي الشرق الأوسط وتمكنك من السماح بالقيادة بكل سهولة في مصر".

وقبيل إنهاء الاتفاق، كشف السمسار "أبو يامن" عن مبلغ العمولة القابل للزيادة في حال ارتفاع الأسعار، وطلب مقابل الإقامة نحو 25 دولارًا، ومن 35 إلى 45 دولارًا مقابل عقد الإيجار وإيصال الكهرباء وإنهاء إجراءات الإقامة السياحية.

 

الهوية 

التأكد من الهوية، بهذه الكلمات بدأ العقيد حاتم صابر، خبير مكافحة الإرهاب الدولي وحرب المعلومات، حديثه مع "الدستور" عن استقبال مصر الأشقاء العرب، مؤكدًا أن الفترة الأخيرة وخاصةً بعد أزمة السودان استخدمت الدولة كافة أجهزتها وأدواتها للتأكد من هوية الجنسيات المختلفة التي تدخل الأراضي المصرية.

وذكر صابر في حديثه مع "الدستور" أنه في بداية اندلاع الاشتباكات في دولة السودان فتحت مصر المعابر الحدودية الدولية بينها وبين السودان لتقديم الإغاثة الإنسانية بشكل عاجل وكان ذلك لفترة محددة، ومن ثم كان هناك تقنين وضع دخول الأشقاء السودانيين وأيضًا تحديد الموافقات الأمنية لدخول كافة الجنسيات العربية.

تحرص الدولة المصرية على مد يد العون لجميع الأشقاء العرب وفي آن واحد لا بديل عن تشديد الإجراءات الأمنية على طالبي اللجوء ودخول مصر، وذلك بهدف الحفظ على الأمن القومي وتجنب الوقوع في أية أزمات أو مشكلات نتيجة اختلاف الأفكار والمعتقدات، بحسب خبير مكافحة الإرهاب الدولي وحرب المعلومات.

العقيد حاتم صابر

أجهزة الدولة لا تنام، يقولها خبير مكافحة الإرهاب الدولي وحرب المعلومات، مشيرًا إلى أن ما كان يحدث على السوشيال ميديا من تعليقات ومنشورات ضد الدولة تم التعامل معها، معلقًا: "غير مقبول أن أستضيف مواطن في بلدي وأجده ساخط على البلد وأهله ويتجاوز في حقه".

وأشار خبير مكافحة الإرهاب الدولي وحرب المعلومات، إلى أنه في حال التلاعب في تصاريح الإقامة فإنه يتم ترحيل الشخص في الحال بلا تهاون، فضلًا عن عقوبة الشخص المتواطئ معه وفق القانون.

 

بلغ عدد السودانين في مصر نحو 4 ملايين، والسوريون 1.5 مليون، واليمنيون نحو مليون والليبيون أيضًا مليون، وتشكل هذه الجنسيات الأربع 80٪ من المهاجرين الدوليين المقيمين حاليًا في البلاد، وفق تقرير منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة.