رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تخفيف الأحمال وعدم مغادرة المنازل.. كيف تواجه دول العالم أعلى درجات حرارة؟

درجات الحرارة القاسية
درجات الحرارة القاسية

اجتاحت موجات الحر القاسية ثلاث قارات خلال الأيام الماضية، محطمة الأرقام القياسية في مدن حول نصف الكرة الشمالي بعد أقل من أسبوعين من تسجيل الأرض لما قال العلماء إنه من المحتمل أن يكون أكثر أيامها حرارة في التاريخ الحديث.

تذكير قاتل

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فقد سارع رجال الإطفاء في اليونان لإخماد حرائق الغابات، حيث زادت الظروف الجافة من خطر اندلاع المزيد من الحرائق في جميع أنحاء أوروبا.

وتابعت أن العاصمة الصينية بكين سجلت يوما آخر من درجة حراراة عالية للغاية، وقارن الناس في هانجتشو، وهي مدينة صينية أخرى، ظروف الاختناق بالساونا، ومن الشرق الأوسط إلى الجنوب الغربي الأمريكي  عمل سائقو التوصيل وعمال المطارات وطاقم البناء تحت سماء شديدة الحرائق. أولئك الذين استطاعوا البقاء في منازلهم فعلوا ذلك.

وأضافت أن درجات الحرارة، التي ابتليت بها أجزاء كبيرة من العالم دفعة واحدة، كانت بمثابة تذكير قاتل بأن تغير المناخ هو أزمة عالمية، مدفوعة بقوى من صنع الإنسان تتمثل في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والناجمة أساسًا عن حرق الوقود الأحفوري.

وأشارت إلى أن جون كيري، المبعوث الأمريكي الخاص لتغير المناخ، سعى إلى تنسيق بعض الاستجابة العالمية مع رئيس الوزراء الصيني في بكين، حيث اجتاحت موجة الحر مساحة كبيرة من الصين.

قال كيري للمسؤولين الصينيين: "إن العالم يتطلع إلينا حقًا من أجل تلك القيادة، لا سيما فيما يتعلق بقضية المناخ، فكما تعلمون، هو قضية عالمية، وليس قضية ثنائية، إنه تهديد للبشرية جمعاء".

ظاهرة النينو

يقول العلماء إن درجة حرارة الكوكب بلغت حوالي درجتين فهرنهايت منذ القرن التاسع عشر وسيستمر ارتفاعها أكثر إلى أن يتوقف البشر بشكل أساسي عن حرق الفحم والنفط والغاز، حيث تساهم درجات الحرارة الأكثر دفئًا في أحداث الطقس القاسية وتساعد على جعل فترات الحرارة الشديدة أكثر تواترًا وأطول وأكثر كثافة.

وأوضحت الصحيفة، أنه من العوامل التي تؤثر أيضًا على ظروف هذا العام عودة ظاهرة النينيو، وهو نمط مناخي دوري يمكن أن ينشأ في المحيط الهادئ، اعتمادًا على درجة حرارة سطح البحر وضغط الهواء فوقه، ويكون له تأثيرات واسعة النطاق على الطقس في جميع أنحاء العالم.

وأشارت إلى أن مدينة فينيكس بولاية أريزونا شهدت حرارة وحشية، حيث يقول خبراء الأرصاد، إن المستويات الخطرة من الحرارة ستستمر لفترة أطول، ما يحبس أكبر مدينة في الولاية في قيود شديدة الحرارة.

وتابعت أن موجة حرارة بحرية تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة خليج المكسيك، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المياه إلى 90 درجة فهرنهايت، لتُشكل خطرًا شديدًا وتهديد غير مسبوق على الشعاب المرجانية في فلوريدا.

وأفادت بأنه بالنسبة لمئات الملايين من الأفراد حول العالم كان من الصعب الهروب من الحر، ففي الولايات المتحدة، حطمت فينيكس رقمًا قياسيًا عمره ما يقرب من نصف قرن يوم الثلاثاء، حيث تجاوزت درجات الحرارة في اليوم التاسع عشر على التوالي في المدينة 110 درجة فهرنهايت (43.3 درجة مئوية)، وفي أماكن أخرى من البلاد، كان من المتوقع أن تسوء الأحوال الحارة والرطبة على طول ساحل الخليج وفي جميع أنحاء الجنوب الشرقي.

إجراءات عاجلة

وأكدت الصحيفة، أن حرائق الغابات لا تزال مستمرة في كندا بعد أن دمرت 25 مليون فدان حتى الآن هذا العام، وهي مساحة تقارب مساحة ولاية كنتاكي الأمريكية، مع استمرارها منذ  أكثر من شهر في ذروة موسم الحرائق، ليتجاوز عام 2023 بالفعل الرقم القياسي السنوي لكندا، منذ عام 1989.

كما أدت الحرائق إلى إخلاء القرى في جنوب وغرب وشمال العاصمة اليونانية أثينا، ما أدى إلى حرق ما يقدر بـ 7400 فدان من الغابات في اليونان على الرغم من القصف الجوي بالمياه للسيطرة على الحرائق.

قال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس في بيان: "لدينا حرائق، وسنشهدها في المستقبل، وهذه إحدى عواقب أزمة المناخ التي نعيشها بشكل أكبر من أي وقت مضى". 

وأضافت الصحيفة، أنه من المتوقع أيضًا أن تقيد السلطات اليونانية، التي فتحت بعض الساحات مكيفة الهواء في أثينا لتقديم بعض الراحة للأفراد، في ذروة النهار كما فعلت في نهاية الأسبوع الماضي بعد انهيار أحد السائحين في الشارع.

وأشارت إلى أنه في العديد من المدن الأوروبية، تمت مطالبة الأفراد سواء مقيمين أو زوار بالبقاء في منازلهم خلال ساعات النهار، ففي روما، حيث تجاوزت درجات الحرارة 100 فهرنهايت (37.8 درجة مئوية) أمس الثلاثاء، حشد المسؤولون فريق عمل لتوزيع المياه ومساعدة الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد الحراري في مواقع مثل الكولوسيوم والأسواق الخارجية، بالمثل، سارعت السلطات اليابانية لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الحر، حيث شهد مهرجان في كيوتو أقيم يوم الاثنين الماضي، نقل تسعة أشخاص، تتراوح أعمارهم بين 8 و80 عامًا، إلى المستشفى حيث اقتربت درجات الحرارة من 100 درجة فهرنهايت، في مدينة تويوتا بمحافظة آيتشي، حيث بلغت درجة الحرارة أكثر من 102 درجة فهرنهايت، حث مجلس التعليم الإقليمي 415 مدرسة ابتدائية ومتوسطة على إلغاء دروس الصالة الرياضية والأنشطة الخارجية.

وفي الصين، حيث اجتاحت سلسلة من موجات الحر البلاد منذ أواخر يونيو، سجلت بكين ومدن أخرى يومًا بعد يوم ارتفاعًا في درجات الحرارة فوق 90 درجة، لتشهد البلاد أكبر موجة من انقطاع التيار الكهربائي في خطوة لتخفيف الأحمال.

وبالنسبة لملايين الأشخاص في جنوب وجنوب شرق آسيا، بدأت الحرارة الخانقة قبل فترة طويلة من الصيف، حيث سجلت الهند أحر فبراير في تاريخها، ثم واصلت درجات الحرارة العالية في أبريل، عندما توفي 11 شخصًا بضربة شمس في يوم واحد، ومرة أخرى في مايو ويونيو، أدت الأمطار الموسمية إلى تبريد درجات الحرارة في جميع أنحاء البلاد في الأسابيع الأخيرة فقط.

صيف حار في الشرق الأوسط

وأكدت الصحيفة، أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المعتادة على درجات الحرارة شهدت ظروف مناخية قاسية، فأصبح من الصعب مغادرة المنزل أو مقر العمل في دول الخليج العربي، حيث وصلت درجة الحرارة في بعض دول الخليج العربي وإيران إلى 66 درجة مئوية، وهي درجات حرارة لا يمكن للبشر تحملها في العادة.