رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤتمر دول الجوار السودانى.. طموح وتفاؤل

من جديد تصبح القاهرة محط أنظار العواصم المؤثرة في الصراعات الدولية، مبادرة مهمة من القاهرة، واستجابة سريعة من دول الجوار السوداني، مؤتمر دول الجوار قد يكون فاصلًا في مسلسل الصراع السوداني، حيث التمثيل رفيع المستوى بحضور قادة دول الجوار إلى العاصمة المصرية لبحث الأزمة، ومحاولة اكتشاف ضوء في آخر النفق.
من السودان جاء الوفد السوداني برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، كما ضم الوفد وزير الخارجية السوداني على الصادق، وهو ما يؤشر إلى جدية السودان في التعامل مع مخرجات المؤتمر الذي رتبت له مصر بهدوء وإحساس بالمسئولية. 
في بداية الأزمة التي تدخل شهرها الرابع، حيث تفجرت في أبريل الماضي كانت كل العيون الراصدة تختصر الموقف المصري في الدعم الإنساني، واحتواء اللاجئين، وتقديم الإغاثة اللازمة للضحايا، حتى أن مصر فتحت حدودها على مصراعيها للأشقاء السودانيين.. كل هذا محمود ومطلوب وواجب، ولكن لم ترصد تلك العيون الدور السياسي الواجب على مصر من أجل نزع فتيل تلك الأزمة التي تتصاعد يومًا بعد يوم.
وها هو مؤتمر دول الجوار قد جاء ليؤكد أن ما يحدث في السودان سوف تنعكس آثاره على المحيط المجاور بشكل سلبي، ومن ثم كان لا بد من التعامل الجاد من أجل الاستقرار السياسي في العاصمة السودانية الخرطوم، وتحقيق الأمن اللازم للشعب السوداني.
الرئاسة المصرية ترى، وعلى لسان المستشار أحمد فهمى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أن المؤتمر يتجه نحو تأسيس آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة فى السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة.
إنهاء الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ليس ترفًا، ولكنه ضرورة، حفاظًا على دماء الأشقاء السودانيين، هذه القاعدة البسيطة والتعامل معها بجدية وتعقل هي الأساس الموضوعي لمؤتمر دول الجوار.
المعروف عن مدرسة الخارجية المصرية هو أنها إذا تحركت في أي أزمة فإنها تتحرك وفق رؤية شاملة لإنهاء تلك الأزمة، لذلك يمكن القول إن الدولة المصرية تمتلك حزمة من الحلول تحتاج الدعم والمساندة من دول الجوار لتصل تلك الحلول إلى وقف شامل ومستدام لإطلاق النار.
ليس هناك من شك أن تفاؤلًا كبيرًا يضعه المراقبون على بوابة مؤتمر دول الجوار، ومبعث هذا التفاؤل يأتي وقد تأسس على ثوابت متعددة، أول تلك الثوابت هو أن مخرجات مؤتمر دول الجوار سوف تستفيد من كل الجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلت خلال الفترة الماضية سواء من الاتحاد الإفريقي أو الجهود التي شهدناها في مدينة جدة السعودية بحضور أمريكي سعودي، تلك الجهود المتراكمة ومدى تفاعل طرفي الصراع السوداني معها سيكون في ذهن المؤتمر ليتجه نحو الواقعية السياسية المرنة بهدف إحباط الانزلاق نحو حرب أهلية سودانية يدفع ثمنها الجميع، بما فيها دول الجوار ذاتها. 
ما أسميه الواقعية السياسية المرنة يضع في الاعتبار حساسية الجيش السوداني تجاه التدخلات الخارجية، ورفضه القاطع وجود أي قوات أجنبية على أرضه، وأنه سوف يتعامل معها معاملة العدو، لذلك فإن الحفاظ على كرامة القرار السياسي السوداني يمكن التعامل معه كمحور أساسي عند طرح الحلول اللازمة.
ما حدث في الأشهر الأربعة الماضية على أرض السودان من تدمير للبنية الأساسية يفرض على الجميع أن يتوازي القرار السياسي النازع لفتيل الأزمة مع ضرورة قيام  دول الجوار بتدارك التداعيات الإنسانية للأزمة، ومطالبة الوكالات الإغاثية والدول المانحة بتوفير الدعم اللازم للسودان من أجل إعادة الإعمار.