رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اختطاف إسرائيلية فى العراق.. قصة واحدة وروايات متعددة

مَن يتابعون إسرائيل ليسوا بحاجة إلى متابعة أفلام الإثارة والحركة، هؤلاء، وأنا منهم، يذهبون إلى النوم مع العمليات العسكرية ويستيقظون مع عمليات اغتيال واختطاف.. المساحات الورقية والإلكترونية لا تكفى لتفاصيل كل ما يحدث فى إسرائيل.. لكنى أحاول أن أقدم موجزًا أسبوعيًا.

قبل أيام تفجرت قضية غامضة، وغير مفهومة، القصة هى قصة واحدة، لكن الروايات حولها متعددة، والحديث عنها به العديد من المراوغات والمناورات، يمكن تلخيصها فى عبارة واحدة: تم اختطاف باحثة إسرائيلية روسية تدعى «إليزابيت تسوركوف» تعمل لدى مركز بحثى أمريكى فى العراق على يد إحدى ميليشيات كتائب حزب الله الشيعية «المقربة من إيران»، لا حاجة إلى شرح مدى التعقيد هنا.

قال بيان مكتب نتنياهو: إليزابيث تسوركوف ما زالت على قيد الحياة ونحن نحمّل العراق مسئولية سلامتها، بعد أن اختطفت فى بغداد فى مارس الماضى، بعد أن زارت البلاد «دخلت بجواز سفر روسى» عدة مرات كان آخرها فى ديسمبر الماضى قبل اختفائها.

ولدت إليزابيث تسوركوف فى سانت بطرسبرج، روسيا، لأبوين يهوديين هاجرا إلى إسرائيل عندما كانت فى الرابعة من عمرها، فى البداية كانوا يقيمون فى كيبوتس، ثم انتقلوا لاحقًا إلى مستوطنة كفار الداد فى غوش عتسيون بالقرب من الخليل، وحدث تحول فى آرائها السياسية أثناء خدمتها فى الجيش الإسرائيلى، حيث أصبحت تهاجم إسرائيل وسياستها، ولاحقًا بدأت الاهتمام بالشرق الأوسط.

هدف «تسوركوف» من الزيارة «المُعلن» هو أنها تعمل على رسالة الدكتوراه الخاصة بها فى جامعة برينستون فى الولايات المتحدة، وباحثة فى منتدى التفكير الإقليمى فى إسرائيل وفى معهد نيولاينز فى واشنطن. 

وهدف الاختطاف، كما يبدو، أن إيران تحاول، منذ يونيو الماضى، الضغط على إسرائيل، عبر قناة روسية للإفراج عن معتقل إيرانى يدعى يوسف شهبازى كانت إسرائيل قد اعتقلته على إثر محاولاته تنفيذ هجمات ضد الإسرائيليين فى قبرص. ولم تكشف إسرائيل عندما احتجزت شهبازى ما إذا كان ذلك قبل اختطاف تسوركوف.

وهناك من يرى أن سبب اختفائها أيديولوجى ويرتبط بالديناميكيات المحلية، حيث إن التنافس بين الشيعة فى العراق يلعب دورًا فى قصة اختطافها، فمن المحتمل أن تكون مجموعات مثل كتائب حزب الله شكت فى أن تسوركوف ربما تكون جاسوسة إسرائيلية تحاول تكوين علاقة مع الصدريين، وهو خصم رئيسى فى السياسة العراقية.

يزعم بعض التقارير أن تسوركوف اختطفت أثناء عودتها إلى المنزل بعد زيارة مقهى بالقرب من شقتها، وهناك رواية أخرى حسب موقع مقرب من الحرس الثورى الإيرانى، أن خلية مكونة من ثلاثة أعضاء من النساء اختطفتها فى صالة الألعاب الرياضية. وظروف اختفائها لا تزال غامضة. 

يقال إن جهاز المخابرات الوطنية العراقى «INIS» فى حالة تأهب لما كان يجرى، وقد أصدر تحذيرًا لكل من روسيا والولايات المتحدة لحث تسوركوف على مغادرة البلاد، وكما يبدو أن الجميع لم يستمع إلى التحذير، حتى تم اختطافها. قيل إن الروس لم يكونوا متقبلين للغاية للتنبيه العراقى. كان التفضيل الواضح هو تجنب أى تدخل. أما الرد الأمريكى فكان غير واضح.

فى أعقاب الإعلان عن الاختطاف، لا يزال هناك الكثير من الغموض: يقال إن روسيا تنكر أى معرفة بالقضية؛ إسرائيل تشير بأصبعها إلى كتائب حزب الله، ولا يوجد رد واضح من الولايات المتحدة رغم أنها تعمل فى مركز فكرى بواشنطن، وتكتب فى مجلة أمريكية، وطالبة بجامعة أمريكية.

محاولات الإفراج عنها لا تقل إثارة عن قصة اختطافها، إسرائيل نفت أنها تقدمت بطلب المساعدة من وزارة الخارجية الروسية، بينما ادعى تقرير لـ«المونيتور» أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يجرى مباحثات مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين للتفاوض مع إيران حول الإفراج عن «تسوركوف».