رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الضحكة حق".. مبادرة "الابتسامة للجميع" لعلاج الشفة الأرنبية تنقذ آلاف المرضى بالمجان

الشفة الأرنبية
الشفة الأرنبية

حرصًا على حقهم الفطري في أبسط طرق التعبير عن الفرح وهي "الابتسامة"، ومساعدتهم في ممارسة حياة سليمة، نفّذت نقابة الأطباء بقنا مبادرة جديدة تحت شعار "الابتسامة للجميع" لإجراء عمليات جراحية للأطفال المصابين بالشفة الأرنبية بالمجان بهدف القضاء على هذا التشوه. 

استطاعت المبادرة على مدار الفترة الماضية إنجاز العديد من أهدافها بإجراء عدد كبير من العمليات الجراحية لعلاج "الشفة الأرنبية".. في "الدستور" تواصلنا مع عدد من الأطباء المشاركين في مبادرة "الابتسامة للجميع"، وكذلك أمهات بعض الأطفال الذين أجريت لهم تلك الجراحات من خلالها. 

المدير الإقليمي لمؤسسة "ابتسامة" العالمية: خرجت 56 قافلة طبية محلية ودولية لعلاج الشفة الأرنبية

الدكتور محمد الشاذلي المدير الإقليمي لمؤسسة ابتسامة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط أوضح في حديثه "للدستور" أن مبادرة ابتسامتك للجميع انطلقت من خلال مؤسسة الابتسامة - مصر، وهي فرع مؤسسة الابتسامة العالمية في جمهورية مصر العربية، منوهاً بأنه قد أُسست المؤسسة في مصر لتدير وتنمي النشاط الأساسي للمؤسسة العالمية في توفير العلاج الطبي والجراحات التكميلية وجراحات الإصلاح المجانية للأطفال الذين يعانون من التشوهات الخلقية بالوجه ولتقديم التعليم الطبي المستمر للعاملين في هذا المجال الطبي، موضحًا أن ذلك يتم طبقًا للمعايير والنظم المتفق عليها من قبل مؤسسة عملية الابتسامة العالمية.

وتابع الشاذلي أن مؤسسة الابتسامة العالمية تحظى دوماً منذ إنشائها بدعم جامعة أسيوط، مشيرًا إلى أنها الوحيدة على مستوى مصر والرابعة على مستوى الدول الأفريقية والشرق الأوسط التي تهدف بصفة أساسية الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال الذين يعانون من العيوب الخلقية بالوجه وعلاجهم طبياً بواسطة فريق طبي متخصص متطوع من خلال القوافل الطبية المتنقلة ومن خلال مراكز المؤسسة الطبية فى جامعة أسيوط وحديثاً فى القاهرة.

وأضاف أنها تهدف أيضًا إلى تنفيذ ودعم الكثير من الأنشطة التعليمية التي تنعكس بصورة مباشرة على الهدف الرئيسي لخدمة هؤلاء الأطفال وأسرهم في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما أردف أن عملية الابتسامة تتم من خلال تنفيذ القوافل الطبية بفريق طبي تطوعي يتكون من 45 إلى 60 متخصصا يضم مجموعة متميزة من أطباء جراحين/ تخدير/ أطفال / أخصائيين أسنان وتقويم / ممرضين وممرضات عمليات وبعد العمليات/ أخصائيين تخاطب ونفسيين واجتماعيين/ أخصائيين تصوير وإحصاء طبي. 

ولفت المدير الإقليمي لمؤسسة ابتسامة إلى أنه قد خرجت 56 قافلة طبية محلية ودولية حتى الآن قدم خلالها العلاج الجراحي وعلاج الأسنان إلى أكثر من 5000 طفل، مشيرًا إلى أن مبادرة الابتسامة للجميع تهدف إلى تفعيل خطة استراتيجية لفترة 5 سنوات قادمة تشمل ضمنها التخطيط لتنفيذ قوافل طبية تطوعية لخدمة البلدان العربية والأفريقية، كما أكد أننا في مصر قد بدأنا فعليا بالتنفيذ بتقديم العلاج الجراحي إلى أطفال من بلدان شقيقة مثل السودان وليبيا واليمن.

كما أوضح أن المبادرة تشمل إجراء التحاليل وكشف اللياقة الطبية قبل العملية بالمجان، وكذلك العلاج أثناء وبعد العملية بالمجان. 

 

«تُعرف الشفة الأرنبية والشق في سقف الحلق بأنها مشاكل خلقية تحدث عندما تتشكل شفة الطفل أو سقف فمه بشكل غير صحيح أثناء الحمل» 

 

أحد الأطباء المشاركين: "السيستم" المنظم أكثر ما يميزها والأطفال تعلقوا بنا

قال الدكتور أحمد طه جراحة التجميل كلية جامعة الأزهر، إن المبادرة قدمت العديد من القوافل في عدد من المحافظات وعالجت آلاف من الحالات المصرية بالإضافة إلى أجانب، مشيرًا إلى أنه أهم ما يميز مبادرة "الابتسامة للجميع"، هو نظام العمل "السيستم" المتبع بها، والذي يبدأ من الإعلان عن قوافل العلاج وهو يتم من خلال استخدام وسائل واسعة الانتشار للوصول إلى الفئات المستحقة. 

وتابع أن ما يساعد في ذلك أيضًا هو امتلاك فريق عمل مؤسسة الابتسامة العالمية القائمة على المبادرة لقاعدة بيانات واسعة يجعل من السهل الوصول للحالات، مشيرًا إلى استخدامها الوسائل الرقمية الحديثة لتحقيق الدقة في التعامل مع العدد الهائل من المرضى الذي يصل إلى الآلاف على مستوى الجمهورية. 

وأضاف طه أنه يعمل داخل القوافل العلاجية عدد كبير من الأطباء على أعلى المستويات من الكفاءة وذوي سنوات طويلة من الخبرة، مشيرًا إلى أن هذه هي بعض شروط التي حددتها عند اختيار الأطباء المختصين لإجراء هذه العمليات الجراحية. 

واستكمل أن هذا المقدار العال من الكفاءة لدى الأطباء جعل نسبة الخطأ في إجراء عمليات الشفة الأرنبية داخل تلك القوافل تكاد تكون صفر، إذ أن جميعها تقريبًا قد نجحت، بل وحققت مستويات خيالية من النجاح، مشيرًا إلى أن كافة تلك العمليات تتم بشكل مجاني بالكامل للمرضى على الرغم من تكلفتها الضخمة التي تتحملها الدولة بالكامل بالتعاون مع مؤسسة الابتسامة العالمية. 

عمليات الشفة الأرنبية تحتاج إلى تعاون العديد من تخصصات الأطباء مع بعضهم البعض حسب الشاذلي وذلك مثل جراحي التجميل، وكذلك أطباء التخدير، وأيضًا أطباء الأنف والأذن مؤكدًا أن جميعهم يقومون بعملهم بحب وإخلاص بهدف علاج المرضى خاصة الأطفال منهم، والذين يعانون معاناة كبيرة بسبب هذا العيب الخلقي، كما يتعذب معهم ذويهم.

كما عبر استشاري جراحة التجميل عن شعوره بالسعادة الغامرة عند نجاحه في إجراء عملية لعلاج الشفة الأرنبية لأيًا من الأطفال المرضى موضحًا أنه يتعامل مع هؤلاء الأطفال، وكأنهم أبناؤه وهو ما يجعل الطفل منهم يتعلق به ويقبل على إجراء العملية دون انزعاج أو رهبة، خاصة أنه والفريق الطبي يقبل على توزيع العديد من الهدايا على هؤلاء الأطفال للرفع من معنوياتهم، وتقبلهم العلاج.

 

«وتتشكل الشفة الأرنبية في الفترة بين الأسبوعين الرابع والسابع من الحمل، ويمكن أن تكون الفتحة الموجودة في الشفة شقًا صغيرًا أو كبيرة تمر عبر الشفة إلى الأنف، كما يمكن أن تكون الشفة الأرنبية على أحد جانبي الشفة أو كلاهما أو في منتصف الشفة، وهو أمر نادر الحدوث، والأطفال الذين يعانون من الشفة الأرنبية قد يكونون مصابون أيضًا بالحنك المشقوق» 

 

أم سيف: المبادرة مدت شعاع الأمل لابني ولي

"سيف واحدًا من تلك الحالات التي عرفت معنى الابتسامة بفضل مبادرة الابتسامة للجميع"، والذي تقول أمه في حديثها لـ"الدستور" إنها فور ولادتها له ومشاهدتها وجهه ساورها شعورًا بالصدمة واختلطت مشاعرها بين الفرحة بقدومه وبين الحزن على تشوه وجهه بتشوه غريب لم تكن تعرف له اسمًا حينها كما لم تعرف عنه أي شئ. 

وتابعت أنها بعد لحظات من الصدمة جاءها الطبيب المعالج، وأخبرها أن ما يعانيه ابنها هو تشوه خلقي يسمى "الشفة الأرنبية"، منوهًا بضرورة التحرك لعلاجها وعدم الإهمال فيها لما قد يسببه من ضرر على طفلها قد يؤدي إلى الوفاة لا قدر الله خاصة أنه لا يستطيع الرضاعة بشكل طبيعي بسببه.

ووصف الطبيب المعالج لأم سيف أحد الأطباء المشاركين في قافلة "الابتسامة للجميع"، ووصاها بالمتابعة معه. 

بالفعل توصلت أم سيف إلى أحد أطباء قافلة المبادرة، وبدأت إجراءات العملية الجراحية التي أجريت لطفلها عند وصوله عمر الستة أشهر. 

لم تصدق والدة سيف نجاح العملية الباهر في أولى خطواتها، ورؤيتها لحالة طفلها وهي تتحسن أمام أعينها واستطاعته الرضاعة والشرب، بعد أن كان لا يتمكن منهما بسبب تلك الشفة الأرنبية. 

تابعت بقولها إنه قد تلى إجراء هذه العملية إجراء عدد من جلسات الليزر في موضع العملية، لتحسين آثارها ثم أجريت لابنها عملية جراحية إضافية أخرى لتصحيح النطق عنده أيضًا، مشيرة إلى أن كل ذلك قد تم بالمجان دون دفع مقابل هذا جنيهًا واحدًا.

والدة سيف أكدت أن مبادرة "ابتسامتك للجميع" استطاعت أن تمد لها شعاع من الأمل في أن يصبح مظهر ابنها طبيعيًا، لا يعاني في المستقبل من تنمر من باقي أقرانه، أو صعوبة في ممارسة حياة طبيعية مثل باقي البشر، وهو الأمل الذي عاشت عليه منذ ولادته ومشاهدتها لحالته. 

  • أثبتت بعض الإحصاءات أن هناك حالة واحدة من بين 700 حالة تولد بهذه الإصابة الخلقية فى كل عام
  • تأتي الشفة الأرنبية فى المرتبة الرابعة من بين التشوهات الأكثر انتشارًا بين المواليد

 

المبادرة أعادت الابتسامة لوجهي طفلتا شيماء

نتيجة تناولها العديد من العقاقير أثناء الحمل، وتعرضها كذلك لعدد من الإشاعات الخطرة أثناؤه أصيب جنيني "شيماء" التوأم بتشوه خلقي واحد وهو "الشفة الأرنبية".

"رأيت المعاناة مع الشفة الأرنبية مع ابنتي الاثنتين مروة وصبا" تقولها شيماء موضحة أنه لولا مبادرة "الابتسامة للجميع" ما كانت قد ظهرت الابتسامة على وجه ابنتيها اللاتي فقدناها منذ الولادة، مما جعلتهم فقدتا معها القدرة على الرضاعة والشرب الطبيعيين أيضًا، كما تشوه وجهيهما بسبب تلك الشفة. 

بدأ الأمر باتصال هاتفي من مؤسسة الابتسامة العالمية-حسب شيماء لتحديد موعد للكشف عن حالة الابنتين، مؤكدة أنها علمت بعد ذلك أن المؤسسة لديها حصر بأعداد مرضى الشفة الأرنبية وكافة المعلومات عنهم ومن بينها أرقام الهواتف. 

وأضافت أنه بعد الكشف عنهما والتأكد من حاجتهما لعملية جراحية، تم تحديد موعد إجرائها لكل منهن، وبالفعل أجريت العمليات بنجاح باهر فاستطعن الرضاعة والشرب بشكل طبيعي. 

وتابعت أنه بعد عدة أشهر تلا هذه العمليات عمليات أخرى لتصحيح الكلام والإطالة من سقف الحلق لدى الابنتين، وكذلك تم الاستعانة بأطباء للتخاطب لضبط حركة النطق وتصحيحها، وبالفعل تحسن مظهرهما كثيرًا كما تحسن نطقهما للحروف- حسب شيماء. 

ولفتت والدة الطفلتين إلى أنه بين كل عملية أو إجراء طبي وأخر لابنتيها، كان أعضاء المبادرة هم من يقومون بالاتصال هاتفيًا بها لتحديد موعد الكشف والتذكرة به، وكذلك تحديد موعد القافلة ومكانها ويبادرون بذلك، ولا ينتظرون أن تأتي هي وتبحث عن الإجراء الطبي التالي اللازم. 

كما أكدت أن أعضاء المبادرة يقدمون العلاج لها بالمجان كذلك مثله مثل باقي العمليات التي أجروها لطلفلتيها وكافة الخطوات العلاجية التي قدموها، كما أشارت إلى أن الأمر لم ولن ينتهي عند ذلك الحد فقط بل ستظل أنه إلى الآن مازالت المتابعة مستمر بشكل دوري من قبل فريق المبادرة، وستستمر حتى أن يصل عمر طفلتيها إلى ١٨ عامًا- حسب ما أكد لها الأطباء. 

وأوضحت شيماء أن من أجمل ما يميز مبادرة "الابتسامة للجميع" هو المعاملة الخلوقة للفريق الطبي بالكامل فيها، واستقبالهم المُرحب بالمرضى وذويهم، وإجاباتهم على كافة أسئلتهم لكي يعرف ذوي الحالة كافة التفاصيل عنها، قبل وبعد إجراء أي خطوة علاجية.

وأنهت حديثها موضحة بقولها أنها كانت تخجل كثيرًا من الخروج بطفلتيها إلى الناس خشية أن يتعرضن للتنمر، ولكن اليوم تستطيع أن تخرج بهما دون أي حرج بعد أن أزالته هذه المبادرة المجانية التي وصفتها أنها بمثابة الرحمة التي سقطت على هؤلاء الأطفال لتنقذهم من تشوه يؤلمهم ويؤلم ذويهم.

 

«يُذكر أن قافلة مبادرة الابتسامة للجميع لم تكن الأولى بل سبق وأن خرجت العام الماضي قافلة أخرى شملت مواطني محافظة أسوان والمحافظات المجاورة بصعيد مصر، إضافة للاجئين والمهاجرين، وتم إجراء مئات من العمليات الناجحة»