رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب واسعة أم هجوم مُركّز؟.. خيارات إسرائيل فى جنين

التصعيد الأخير في
التصعيد الأخير في جنين

شهد مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، أمس الإثنين، أنشطة عسكرية غير اعتيادية من الجانبين، الإسرائيلي الذي شن غارات جوية على الضفة لأول مرة منذ 2002، والفلسطيني الذي استخدم عبوة ناسفة فجرت ما بين 5 و7 مركبات عسكرية إسرائيلية كان تقل قوة سرية لتنفيذ مهام داخل المخيم.

في البداية، خطط الجيش الإسرائيلي لاقتحام جنين بهدف اعتقال أحد عناصر المقاومة الفلسطينية، بينما انتهى الحادث باستشهاد 5 فلسطينيين وإصابة أكثر من 60 آخرين، وإصابة 7 جنود إسرائيليين جراء تفجير المركبات التي كانوا يستقلونها.

انفجار عبوة ناسفة استهدفت مركبات إسرائيلية في جنين

تداعيات العملية وتفاصيلها لا يزال بحثها مستمرًا داخل المستويين الأمني والسياسي في إسرائيل وسط تفكير مكثف حول الآليات التي يجب اتخاذها عبر الخطوات المقبلة.

مخاوف إسرائيلية حول «جنين»

تركز إسرائيل عملياتها على جنين منذ نحو 14 شهرًا بهدف تفكيك خلايا حركات المقاومة الفلسطينية المتمركزة هناك دون الدخول في تصعيد عسكري ممتد داخل الضفة الغربية المحتلة.

وتحافظ إسرائيل- في الوقت ذاته- على تحييد قطاع غزة المحاصر من تلك المعادلة وعدم جره لمنطقة يبدأ فيها تصعيد من منطلق الرد على الاعتداءات الإسرائيلية داخل جنين.

وتخشى إسرائيل فقدان السيطرة بشكل كامل على الأوضاع داخل مخيم جنين، وكذلك أن تنتقل التجربة لمخيمات في ذلك المحيط وتمثل لها بؤرًا مصغرة من غزة داخل الضفة الغربية.

غارات جوية إسرائيلية في جنين

سيناريو «النفس الطويل»

يتعامل المستوى الأمني الإسرائيلي - حتى الآن - وفق خطة لا تستعجل تحصيل النتائج، بل تحقيقها بأقل الخسائر الممكنة في المقام الأول، ويضع احتمالًا لاندلاع عملية واسعة لكنه يتجنب وقوعها.

وتشير التقديرات إلى أن دخول حرب واسعة ضد الفسطينيين لن تأتي بثمار أكبر مما يتم تحقيقه على المدى القريب، بل إن سلبياتها ستكون أكثر من المتوقع.

وفي إطار تنفيذ تلك الخطة الحالية تكون العملية العسكرية محددة زمنيًا، لساعات على سبيل المثال، وتحقق خطوة كبرى في تحقيق هدف «تفكيك تكتلات المقاومة» في جنين وهو ما يستلزم عمليات مركزة في قوتها ميدانيًا، ومحكمة الأهداف في آن واحد.

اللجوء لحرب واسعة في الضفة

يميل بعض أعضاء المستوى السياسي في إسرائيل، تحديدًا من تيار «اليمين المتطرف»، للدفع نحو شن عملية واسعة ضد جنين، وهو ما يرفضه المستوى الأمني في الوقت الحالي لعدة أسباب، لا سيما قيادات الجيش الإسرائيلي، نظرًا لأنه يتيح فرصة أكبر لدخول حرب واسعة قد تتعدد جبهاتها عسكريًا بين الداخل الفلسطيني ولبنان وغزة، وهي حرب يجب تأخيرها لأكبر مدة ممكنة.

تبادل إطلاق النار داخل جنين

وأكد بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي، بحسب ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» حول أحد اجتماعات المستويين الأمني والسياسي، عن دعمه لشن عملية واسعة في الضفة الغربية واستبدال الأنشطة العسكرية الحالية ضد جنين.

الأمر ذاته ركز عليه إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، حيث دعا لشن عملية عسكرية واسعة النطاق داخل الضفة الغربية، خلال تصريحات أدلى بها من مستوطنة «عيلي» التي وقع بها حادث لإطلاق النار أسفر عن مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 2 آخرين.

ما موقف نتنياهو؟

يواجه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ضغطًا من أعضاء ائتلافه في الوقت الحالي، لكنه يحاول ألا يتسرع في التوجه لعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية قريبًا، خاصةً داخل جنين، وأن يميل لقرار المستوى العسكري بعدم التوجه لتصعيد شامل، ولكن تركيز العمليات الميدانية فقط على خلايا المقاومة الموجودة في المخيم.

وفي الوقت الحالي، يظهر أن هناك توافقًا بشكل ما بين يوآف جالانت وزير الجيش الإسرائيلي، ونتنياهو، حول القرارات التي يتخذها المستوى الأمني فيما يخص الأنشطة العسكرية الإسرائيلية.

ويتبنى جالانت استراتيجية «الهجمات المركزة غير طويلة المدى»، وهو ما أكده التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد غزة، والذي استمر لنحو 5 أيام.

بجانب الموقف المعقد حال شنت إسرائيل حربًا واسعة في الضفة، يضع نتنياهو وجالانت اعتبارات أخرى من بينها الضغط الدولي الذي ستواجهه تل أبيب حينها، واحتمالية وقوع عدد كبير من الضحايا، بالإضافة إلى التكلفة العسكرية أيضًا.