رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى يوم واحد .. مصر بين "إبداع "الشباب و"تقدير" الأساتذة


إنها إحدى علامات التحضر وواحدة من خصائص أى دولة قوية أن تحتفى بمبدعيها شبابًا كانوا فى أول الطريق، أو شيوخًا أنجزوا قدرا كبيرًا من رسالتهم فاستحقوا التقدير بعد رحلة طويلة ممتدة عامرة بالعطاء والإنجاز.

تلك هى مصر التى أعلنت يوم الثلاثاء الماضى جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية والنيل على لسان د. نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة. وفى ذات اليوم تم التبشير بمواهب جديدة فى قطاعات إبداع متنوعة من خلال مسابقة «إبداع» التى تنظمها وزارة الشباب ويرعاها وزيرها النشيط د. أشرف صبحى.
لا أظن أن أمر الإعلان عن تكريم المبدعين الكبار كان مدبرًا أن يأتى متزامنًا مع جوائز الموهوبين الشباب فى يوم واحد، وهذا هو سر سعادتى الحقيقية. فمصر الحضارة تمضى فيها الأمور وفق آلية محددة بتوقيات سالفة، ولكنها الصدفة التى جمعت الحدثين فى يوم واحد، مما أسعدنى وكل الذين فطنوا لهذه المصادفة المبهجة.
وأستأذن قارئى العزيز أن أخصص ما بقى من مساحة المقال للحديث عن جوائز «إبداع». فللأساتذة الكثير من التلاميذ الذين سيكتبون عنهم ويحتفون بهم، أما هؤلاء الشباب الذين يقفون على منصة التتويج لأول مرة فنادرًا ما سنجد من يفرح لهم وبهم ويكتب مهنئًا، اللهم إلا أقاربهم أو المقربين لهم من رواد السوشيال ميديا. وهم فى ظنى أحق بالتشجيع وأهل للتحفيز دعمًا لموهبتهم التى ستثرى وجدان هذا الوطن فى قادم الأعوام والعقود. 
وللحق فإن لى تجربة مباشرة مع مهرجان «إبداع»، والذى بدأت أولى دوراته عام2012، ثم تشرف برعاية السيد الرئيس منذ 2017، وتضمن مؤخرًا مجالات علمية للتنافس مثل العلوم والذكاء الاصطناعى، علاوة على ما بدأ به من مجالات فنية وأدبية. وأذكر أننى تقدمت فى الموسم الثالث للمهرجان وتحديدًا عام 2015 باقتراح للدكتورة أمل جمال سليمان، وكيل وزارة الشباب حينها، بأن يتضمن المهرجان مسابقة لاكتشاف الموهوبين فى العمل الإذاعى والتليفزيونى. حينها طلبت منى وضع ورقة عمل متكاملة برؤية لتنفيذ المقترح. فأعددتها فى يومين وعدت إليها بما طلبت. ومن فورها قررت د. أمل البدء فى التنفيذ، وطلبت مقترحًا بأسماء لجنة التحكيم فتشكلت اللجنة من ثلاثة من كبار العاملين فى المجال جمعوا بين الممارسة المهنية أو التميز الأكاديمى.
وقد لا يتصور البعض مدى سعادتى الحقيقية حين يجمعنى لقاء عابر بواحد من الشباب الذين رأت لجنتنا فيهم موهبة حقيقية ونضجًا مبكرًا فمنحتهم ثقتها، فإذا بهم اليوم وقد حققوا أملهم ليصبحوا مراسلين لبعض قنوات «المتحدة» ويصيروا أسماء مبشرة فى مجال العمل التليفزيونى. وتلك هى مهمة مثل تلك المسابقات التى تبشر بالمواهب وتضعهم على أول طريق الاحتراف.
 أما مسابقة هذا العام وقد بلغت عامها الحادى عشر، فقد أثّرت فيها تراكمات كل تلك السنوات تأثيرًا إيجابيًا يشى به هذا النضج الكبير الذى ظهر به حفل الختام من حيث العروض الفنية المقدمة وحرفية المنظمين ونجاحهم فى خروج حفل الختام على الهواء مباشرة بدون أدنى خطأ تنظيمى. أما فقرة توزيع الجوائز، فقد نجح فريق بروتوكول الوزارة مع المنظمين فى إخراجها بدقة وفى أقل وقت ممكن على خشبة المسرح، مع منح كل الفائزين الحق فى الفرحة بإعلان أسمائهم صوتًا وصورة، بل وتمكينهم من التقاط الصورة التذكارية مع الوزير، وتلك هى اللقطة التى سيحتفظون بها فى ذاكرتهم مدى العمر، حتى وإن أبعدتهم ظروف الحياة عن ممارسة الهواية التى تميز فيها أى منهم.
أمر مبهر آخر هو إقبال عدد كبير من النجوم على حضور حفل الختام ومشاركتهم للشباب فرحتهم بالفوز. غير أننى أعتب على المنظمين- عتاب المحب الراغب فى مزيد من الإجادة – أنهم لم يوسعوا دائرة النجوم المدعوين للاحتفال. فمع تقديرنا لنجوم الفن الذين ازدان بهم مسرح جامعة القاهرة، إلا أن المشهد افتقد نجومًا آخرين فى مجالات الإبداع الأخرى التى كانت مجالا للتنافس الإبداعى بين الشباب.
ومع كثرة عدد دورات المسابقة كنت أتمنى أن يتغير أسماء أعضاء لجنة التحكيم من فترة لأخرى بحيث تختلف رؤى وقناعات بل ومعايير اختيار المحكمين للفائزين من عام لآخر، وبالتالى يحدث تجديد دورى فى مخرجات المسابقات من بين الشباب الفائز. وذلك هو المبرر الذى دفعنى شخصيًَا للترحيب بتغيير لجنة تحكيم مسابقة المراسل التليفزيونى التى كنت صاحب الاقتراح بأسماء أعضائها المؤسسين. 
مع شديد سعادتى بعودة الزميلة المتألقة ريهام إبراهيم لنشاطها الإعلامى كعضو لجنة تحكيم ومقدمة للحفل الختامى مع المتألقين د. محمد سعيد محفوظ وأحمد سالم إلا أننى كنت أتمنى أن يتم إشراك عدد من الشباب المتميز الفائز فى مسابقة المراسل لدورة سابقة فى تقديم بعض فقرات حفل الختام، فتلك مناسبة لا تتكرر كثيرًا للدفع بمواهب فائزة فى ذات المسابقة من باب الدعم والتحفيز وتقديمهم للجمهور وللقنوات لعل أحدهم ينال الفرصة التى ينتظرها.
ورغم تلك الهنات البسيطة، إلا أن هذا لا ينتقص أبدًا من قدر جهد كبير لا ينكره منصف بذلته باقتدار وزارة الشباب ومنسوبيها من الإدارة المركزية لتنمية الشباب برئاسة السيدة نجوى صلاح، ومعها علاء دسوقى مدير الإدارة العامة للبرامج الثقافية والفنية. غير أن رغبتنا فى استمرار نجاح هذا الجهد المتميز تدعونا لطرح أفكار قد يكون فى حال الأخذ بها سببًا فى مزيد من الإبداع فى قادم الأعوام. وأخيرًا كل التهانى القلبية لأبنائنا من المبدعين الشبان، وكل التقدير لكبار المبدعين من أعضاء لجنة التحكيم، وكل الشكر لوزارة الشباب لحرصها على استمرار المهرجان وزيادة مخصصاته عاما بعد آخر.