رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المواطنة والانتماء الوطنى

إن الهوية الوطنية هى الخصائص والسمات للأشخاص التى تُنمِّى روح الانتماء لديهم ودونها تفقد الأمة استقرارها وهويتها، كما أن مكونات الهوية الوطنية هى كل شىء مشترك بين أفراد مجموعة محددة تساعد فى بناء المجتمع منها (اللغة والدين والتاريخ والسلوكيات والقيم والعادات والتقاليد).

إن التنمية والعمل المشترك بين أبناء الشعب الواحد تجعل للهوية الوطنية غاية ومعنى، كما تعتبر التنمية حاضنة للتنوع وإدارته، وتعمل على نشر ثقافة قبول الآخر والتسامح، فالتنمية تساعد على مشاركة المواطن فى العمل وفى بناء المجتمع، ويحتاج المجتمع إلى تجارب تنموية حقيقية داخل البيئات المحلية لتعزيز الهوية والتسامح والمواطنة.

لنقرأ معا كلمات رائعة ومعبرة من مقدمة الدستور المصرى "فى مطلع التاريخ لاح فجر الضمير الإنسانى وتجلى فى قلوب أجدادنا العظام فاتحدت إرادتهم الخيّرة وأسسوا أول دولة مركزية، ضبطت ونظمت حياة المصريين على ضفاف النيل، وأبدعوا أروع آيات الحضارة وتطلعت قلوبهم إلى السماء قبل أن تعرف الأرض الأديان السماوية الثلاثة". وإذا انتقلنا لفقرة أخرى "نحن نؤمن بأننا قادرون على أن نستلهم الماضى وأن نستنهض الحاضر.

وأن نشق الطريق إلى المستقبل، قادرون على أن ننهض بالوطن وينهض بنا."ونستكمل القراءة: "نحن نؤمن بأن لكل مواطن الحق فى العيش على أرض هذا الوطن فى أمن وأمان وأن لكل مواطن حقا فى يومه وفى غده".

إن حماية وبناء الأوطان لا يمكن أن تكتمل إلا ببناء الإنسان وتنمية الموارد البشرية "رأس المال البشرى المعرفى" وتحقيق كل حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية. وإذا كانت مصر دولة شابة ثلثى عدد سكانها من الشباب فإننا نستطيع أن ننطلق للأمام وبأقصى سرعة معتمدين على الطاقات الشبابية المستنيرة عقلا والمدربة والمؤهلة فى كل المجالات الإنتاجية والثقافية والرياضية.

إن تربية النشء هى الأساس، والتى تبدأ منذ ولادة الطفل ودور الأسرة فى تربيته بغرس القيم والأخلاق والسلوكيات التى تقوم على الانتماء والتسامح والمواطنة وعدم التمييز وقبول الآخر فى فترة ما قبل المدرسة، ويتم استكمال ذلك فى مراحل التعليم المختلفة.

وإذا كانت الثقافة حقا بموجب الدستور الذى أجمع عليه الشعب المصرى فى 2014 بعد ثورتى يناير 2011 ويونيو 2013، حيث تنص المادة 48 من الدستور على التزام الدولة بإتاحة الثقافة لمختلف فئات الشعب دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى، كما تنص المادة 67 على حرية الإبداع الفنى والأدبى مع التزام الدولة بالنهوض بالفنون والآداب ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم"، فلا بد من وضع خطة ورؤية بين الوزارات المعنية (وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، ووزارة التعليم العالى، ووزارة الثقافة، ووزارة الشباب والرياضة، والمجلس الأعلى للإعلام، والهيئة العامة للاستعلامات، وهيئة تعليم الكبار) لمشروع قومى للثقافة المصرية ووضع استراتيجية جديدة للثقافة.

وذلك بالتعاون مع المجتمع المدنى والهيئات والمنظمات والجمعيات الثقافية.
ومن أجل إرساء وترسيخ قيم الانتماء والمواطنة لا بد أن تعمل الدولة بمشاركة منظمات المجتمع المدنى على:
إنشاء مفوضية عدم التمييز وتشريع القوانين التى تُجرِّم التمييز مع تفعيلها وتنفيذها.
وضع مناهج تعليمية تعتمد على نشر ثقافة المواطنة وتنمية الانتماء وإطلاق القدرات والمهارات والمواهب والاهتمام بالأنشطة الثقافية والفنية والرياضية والاهتمام بتنقية المناهج من المواد التى تحض على التطرف والتعصب، واعتماد مناهج تقوم على استخدام المنهج العلمى فى التفكير لاتقوم على الحفظ والتلقين والسمع والطاعة.
بث التوعية ونشر ثقافة التنويرعن طريق الندوات والمؤتمرات الأدبية والثقافية والفنية فى المدارس والجامعات ومراكز الشباب، ومراكز الهيئة العامة للاستعلامات، وقصور الثقافة.
اضطلاع الإعلام (المسموع والمرئى والمقروء) بدوره فى بث ثقافة تنويرية ومواجهة ثقافة التخلف والتطرف.
التوعية الدينية التى نصل منها إلى الأرضية المشتركة بين الأديان.
تحقيق العدالة الاجتماعية وإعلاء دولة المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص، دولة الحق والعدل والقانون.